الرئيسية / نشاطات / ورشة في بروكسل عن الإعلام والأزمات… فلحة: الاستثمار في الاعلام يوازي الاستثمار في التربية والتعليم والأمن
%d8%ad%d8%b3%d8%a7%d9%86%d9%81%d9%84%d8%ad%d8%a9

ورشة في بروكسل عن الإعلام والأزمات… فلحة: الاستثمار في الاعلام يوازي الاستثمار في التربية والتعليم والأمن

عقدت في بروكسل ورشة عمل أوروبية – عربية عن الاعلام والازمات، بتنظيم من الاتحاد الاوروبي وجامعة الدول العربية.

فلحة
وألقى المدير العام لوزارة الاعلام الدكتور حسان فلحة، كلمة في الورشة قال فيها: “ان تغير وظيفة الاعلام ودوره أتاح مساحة اوسع واكبر في مواجهة الكوارث وتغطية الحوادث، ولا سيما مع تعاظم الاعلام الالكتروني والتواصل الاجتماعي، حتى أصبح يوازي الاعلام التقليدي وتأثيره، لا بل تجاوزه ليشمل الفئات العمرية كافة، وعلى مدار الساعة يعمل دون توقف، في حين ان الاعلام التقليدي يشهد تراجعا ملحوظا لمصلحة الاعلام الحديث، دون أن يعني ذلك إلغاء له.

أضاف: “من هنا تبرز إشكالية ربط الاعلام التقليدي بالاعلام الإلكتروني، مع ما يرافق ذلك من تغير بارز في دور الإعلام أثناء الأزمات والحوادث، وكل ذلك ناتج من الدفق الهائل للمعلومات وإمكان الوصول اليها بسرعة أكبر ووقت وجهد أقل، مع الأخذ في الاعتبار ان الاعلام التقليدي يتمتع بجدية أكثر، في مقابل عفوية الاعلام عبر التواصل الاجتماعي، لأن الأول حرفي وجدي، ومن يقوم به هم من المحترفين، أم الثاني فهو إعلام هاو، لذا يجب أن نسعى الى الاستفادة من دور الاعلام التقليدي والاعلام الحديث معا، في سياق مواجهة الأزمات والكوارث”.

وتابع فلحة: “إن الاعلام أصبح المصدر الاول للمعلومات، ولا سيما عند وقوع الاضرار الكبيرة التي تصيب وسائل الاتصالات العادية والمؤسسات والادارات، نتيجة ظروف طارئة واستثنائية، لأن الكم الكبير من المعلومات يقابله إرباك كبير ينتج من الحيرة والتردد واللامسؤولية احيانا، إذ إن اعلام التواصل الاجتماعي بشكل عام لا يعير الجدية أهمية كبرى مثل الاعلام التقليدي، بل يسعى الى السبق الصحافي او ما يسمى “الاكشن” او الاثارة”.

وأشار الى أن “الدول العربية شهدت تطورات وأحداثا لافتة انعكست في الاعلام الالكتروني، مما جعل السلطة أحيانا كثيرة عاجزة بواسطة اعلامها التقليدي عن مواجهة هذه المفاجآت التي أثبتت أنها ناتجة من اعلام بسيط وتشاركي وتفاعلي بواسطة التواصل الاجتماعي، مما غير في الحوادث وفي الازمات”.

ولفت فلحة الى أن “هناك فائضا من الحرية نتيجة هذا التطور التقني لم تتعوده هذه البلدان، وقد جعل أجهزتها عاجزة عن مواجهة التطورات والاحداث، وان هذا الاعلام دفع الى حرية أوسع تلامس احيانا في بعض الدول حد الفوضى. في المقابل، ان الاعلام الخارجي التقليدي أخذ حيزا من التأثير في سياق تطور الأحداث، وغالبا ما يكون هذا الاعلام الخارجي خارج سيطرة الانظمة والقوانين، وبالتالي تصبح المساءلة غاية في الصعوبة. وقد استطاع الاعلام الحديث، بجدارة، إسقاط عاملي الزمن والمكان، وأطاح الحدود، لا بل استطاع ان يطبق المادة 19 من شرعة حقوق الانسان التي اجازت حق الوصول الى المعلومات والمعرفة من دون عوائق جغرافية او مكانية ومن دون ان تعير الحدود أي اهمية”.

وأكد أنه “يجب التزام تطبيق الانظمة والقوانين من خلال الدولة والمجتمع المدني، وهو ما يسمى الاعراف والتقاليد والعادات، وعليه، فإن الاعلام العربي ولا سيما اعلام التواصل الاجتماعي واعلام السلطة والمجتمع المدني أصبح في بوتقة واحدة، بحيث لا يمكن ان يستغنى الاول عن الثاني ولا أحد هذين الاعلامين عن الآخر.
فقد أصبح الاعلام إعلاما تشاركيا وتفاعليا، وهو اعلام الجماعات والافراد في آن معا، وبات دوره اساسيا وكبيرا ولا يمكن إسقاطه او تجاوزه، مما يعني ان صياغة اتخاذ القرارات وصناعة الرأي العام لم تعد محصورة بفئة دون الاخرى، ولا سيما السلطة. من هنا، فإن هذه التداعيات والتطورات تسلط الضوء على ان الاعلام التقليدي اصبح اقل حضورا، ويتجه الى الضمور، ولا سيما الاعلام الورقي، لمصلحة الاعلام الجديد، والذي اصبح اعلاما متعدد المهام، مرئيا ومسموعا ومكتوبا ومقروءا في آن معا، وقد فرض هذا الاعلام تطورا في نمط الثقافة، ثقافة تلقي المعلومات والتفاعل معها، مما قوض طرقا ووسائل قديمة وقلب أنماطا في صياغة الاعلام وصياغة موارده، من صياغة ادبية وبلاغية الى صياغة قصيرة ورشيقة قابلة للحضور، كما هي قابلة للنسيان، بما يتناسب مع آليات كل التقنيات الحديثة، وهذا ما يجعلنا نفكر جيدا في التقارب او الفجوة البسيطة التي اصبحت بين المضمون والاسلوب، بما يعني ان المحتوى أصبح متشابها ومتشاركا”.

واعتبر أنه “في الازمات يصبح المواطن مراسلا طوعيا بشكل فعال وقوي، ويؤدي دورا يجعلنا في احيان كثيرة نتكل عليه، او يتكل عليه الاعلام، حتى بات يمكن الاستغناء عن ايفاد مندوب الى مكان الحدث. لذا أصبح للاعلام التطوعي اهمية ومساحة كبرى بتوجيه التطور التقني، بحيث يستطيع أي شخص ان يقوم بهذا الدور، إذا التطور التقني اثناء الازمات أتاح دورا يمكن ان يؤديه العاملون في المجتمع المدني الى جانب اجهزة الدولة والسلطة، وهذا دور اساسصي وكبير وجوهري، وهو أمر ينطبق ايضا على المنظمات الاهلية التي يمكن أن تؤدي هذا الدور الاعلامي والمعلوماتي، وتصبح جزءا اساسيا في مواجهة الازمات، ويتعزز هذا الامر من خلال مواجهة الاضرار التي تقع على المواطنين”.

ورأى أن “المطلوب تنظيم الحريات في أوقات الازمات دون المساس بالحرية العامة التي هي مقدسة ويجب الحفاظ عليها، ولكن في اطار المسؤولية التي يجب ان يتحملها الجميع في مواجهة الازمات كقطاع عام وقطاع خاص ومجتمع مدني ومنظمات اهلية ومؤسسات حكومية”.

وأكد أنه “في الازمات يبرز أحيانا إعلام تحريضي ومذهبي وطائفي وعنصري، ولا سيما في الازمات السياسية والامنية والعسكرية، مما يؤدي الى نشوب نزاعات ويهدد السلم والاستقرار والامن المحلي والوطني او الاقليمي والدولي، من هنا نلفت بعض وسائل الاعلام الاساسية، عند الازمات، ولا سيما الوسائل الدولية والاوروبية، الى أنها تعتمد معايير متعددة ومزدوجة في مقاربة الامور. ونرى أحيانا أن هذه الوسيلة تسلط الضوء على موضوع إنساني ما، وتسلطه أقل على موضوع إنساني آخر، وهذا ناتج من سياسات وسائل الاعلام، وهو أمر واقعي لكنه ليس إنسانيا، وبالتالي يجب ان نرفع منسوب الصدقية والامانة والدقة في نقل الاخبار”.

وختم فلحة: “الاستثمار في الاعلام أصبح ضروريا وأساسيا ويوازي الاستثمار في التربية والتعليم والامن، لجهة ان نتائج تكون من خلال نوعية الجودة في تربية الاجيال الصاعدة التي يجب ان تقرب بين الناس وتعزز مفهوم البشرية ودور الانسان وحقوقه”.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *