الرئيسية / صحف ومقالات / الجمهورية: إنتظار تسوية تكسر الأحلاف الطائفية .. ورياضة روحية تختبر النيّات
الجمهورية

الجمهورية: إنتظار تسوية تكسر الأحلاف الطائفية .. ورياضة روحية تختبر النيّات

اليوم يوم صلاة ورياضة روحية في بيت عنيا في مزار سيدة لبنان في حريصا على نيّة الاستحقاق الرئاسي برعاية البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي لعلها تستجاب وينخرط «المصلّون» من نواب مسيحيين في مسار عملي يُفضي إلى انتخاب الرئيس الجديد الذي تنشط الاتصالات في شأنه محلياً وعربياً ودولياً، في ظل حراك ديبلوماسي كان جديده زيارة الموفد القطري وزير الدولة في وزارة الخارجية محمد بن عبد العزيز الخليفي الذي استطلع آراء مَن التقاهم من مرجعيات واقطاب نيابية وسياسية حول الاستحقاق الرئاسي وتوابعه المتعلقة بتكوين السلطة الجديدة استعداداً للاجتماع الخماسي الثاني الذي سينعقد فور انتهاء أركانه الخمسة من استطلاعاتهم، وذلك تمهيداً لصَوغ مقاربة موحدة يأملون أن تَلقى التوافق وتفضي إلى الحل المنشود للازمة اللبنانية. فيما ستتجه الانظار غداً الى بكين حيث ستشهد لقاء بين وزيري الخارجية السعودية الامير فيصل بن فرحان والايرانية حسين امير عبداللهيان الذي ينتظر ان تطلق خلاله الخطوات العملية لتطبيع العلاقات بين السعودية وايران تنفيذاً للاتفاق الذي رَعته القيادة الصينية بين البلدين وترك انعكاسات ايجابية على لبنان والمنطقة عموماً.

في غرفة المراقبة يمكث لبنان في هذه الايام ليرى تطورات المنطقة على فالق التسوية السعودية ـ الايرانية مواكباً حراكاً خجولاً في اتجاهه وجولات استطلاع دشّنتها قطر لتقدير مدى استجابة لبنان الى حل يلتحق من خلاله بركب المنطقة…

وقد علمت «الجمهورية» من مصدر دبلوماسي رفيع انّ نصائح وصلت الى المعنيين بضرورة التحلي بمرونة تحتاجها المتغيرات في الاقليم، خصوصاً ان الامور ذاهبة الى الاعتدال وكسر الاصطفافات الطائفية حيث انّ مفهوم الاقليات والاكثريات ذاهِب الى الزوال وكل من سيتطرّف لن يجد له مكان عندما تسلك الدول الكبرى الطريق وتتطلع الى مصالحها، ومن يعتقد حالياً انّ حجمه «كبير» أو blown «منفوخ» لن يتمكن من تغيير المسار او التأثير به… وقال المصدر ان خرقاً يمكن ان يحصل مع بداية الصيف اذا أبدى المسؤولون نيات طيبة بالاستجابة الى الدعم الاقليمي تاركين الحسابات الشخصية جانباً. وكشف ان الملفات الكبرى بدأ النقاش بها والتي تحتاج الى التحاور حولها وفي مقدمها ماذا يمكن ان يفعل الرئيس (امن الدول العربية، الاستراتيجية الدفاعية والسلاح، النزوح، عمليات التهريب…) وغيرها من الملفات التي تعطي تطمينات وتؤسس لنهج جديد من التعاطي مع الدول العربية وخصوصا السعودية، بالاضافة الى إتمام الواجبات الداخلية من اصلاحات ومحاربة الفساد وتغيير النهج المتّبَع ورفض التوريط بأي سلوك يأتي بالضرر على دولة عربية وعلى نهج الاعتدال… كلها قضايا بدأ الحديث حولها لإسقاطها على الشخصية المناسبة، وهذا الامر أكدته مصادر متابعة للملف الرئاسي لـ«الجمهورية» مضيفة بعضاً من التفاؤل على مسار الامور ولو انها تسير ببطء.

الموفد القطري

في هذه الاجواء أنهى الموفد القطري الخليفي زيارته الاستكشافية للبنان، أمس، بعد استكمال جولته على القيادات اللبنانية المدرجة في جدول اعمالها. وأكدت مصادر مطلعة على مجريات مهمته في يومها الثاني لـ«الجمهورية» انه واصَل الاستماع إلى مقاربات الشخصيات السياسية التي التقاها لأزمة الشغور الرئاسي مُستمزجاً آراءها حول الاحتمالات الممكنة لإنهائها.

وعلم انّ الشخصيات الحليفة لرئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، والتي التقاها الخليفي، حرصت على تأكيد دعمها الصريح له وشرحت الحيثيات التي استندت اليها في تأييد انتخابه رئيساً للجمهورية.

وفيما لم يطرح الموفد القطري اي مبادرة سياسية لمعالجة مأزق الشغور، أبلغ بعض الذين اجتمعوا به الى «الجمهورية» انهم شعروا بأن زيارته رَمت الى استطلاع الواقع عن قرب لتبيان ما اذا كان هناك مجال لتفعيل الدور القطري في الملف اللبناني.

وقالت اوساط واكبت زيارة الخليفي لـ«الجمهورية» انه اراد تجميع «إفادات» القوى الداخلية قبل انعقاد «اللقاء الخماسي» المرتقَب قريباً (أميركا وفرنسا والسعودية ومصر وقطر)، وذلك حتى تكون لدى الدوحة إحاطة شاملة بالموقف.

وفي المقابل بثت قناة «MTV» أنّ رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، قال للموفد القطري خلال لقائه معه انّ «ما نقوله في الغرف المغلقة نفس الذي نقوله بالعلن». وأضاف: «لن نقبل برئيس مُمانع وموقفنا واضح من ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية وجرّبنا أسلوبهم بالحكم، وفرنجية استكمال لعهد الرئيس السابق ميشال عون ولن نسمح بابتزازنا».

وكان الخليفي قد جالَ في اليوم الاخير لزيارته على كل من جعجع ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ورئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد وفرنجية ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس «الحزب الديموقراطي اللبناني» الامير طلال ارسلان ووزير الاقتصاد امين سلام وقائد الجيش العماد جوزف عون. ونوّه الخليفي خلال لقائه قائد الجيش «بدور المؤسسة العسكرية في ظل الظروف الراهنة»، مشددًا على «ضرورة استمرار دعمها لتمكينها من تنفيذ مهماتها في حفظ أمن لبنان واستقراره».

بكركي وجهة للديبلوماسيين

في غضون ذلك وعشيّة خلوة بيت عنيا للنواب المسيحيين، تحوّلت بكركي مقصداً لمجموعة من الديبلوماسيين. فبعد اللقاء الطويل أمس الأول بين البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي والسفيرة الاميركية دوروثي شيا، التقى أمس طويلاً السفيرة الفرنسية في بيروت آن غريو التي جاءت مستطلعة كما بالنسبة إلى زميلتها اجواء التحضيرات للخلوة وما يمكن ان تفضي اليه.

وفي الوقت الذي اكتفت غريو بالقول بعد اللقاء: «عرضنا الجهود المبذولة للخروج من الازمة وذلك في اطار الحوار الدائم مع البطريرك، والذي تقدّر فرنسا دوره البنّاء للوصول الى مخرج للأزمة». قالت مصادر اطلعت على اجواء اللقاء لـ«الجمهورية» انه تناولَ، بالإضافة الى الرؤية الفرنسية للوضع في لبنان والمنطقة ونتائج لقاءات باريس وآخرها للمرشح الرئاسي سليمان فرنجية في الاليزيه، الحركة التي يقودها الموفد القطري في بيروت وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية الدكتور محمد بن عبد العزيز الخليفي في اعتباره احد شركاء «اللقاء الخماسي» الذي كان قد انعقد في باريس في 6 شباط الماضي، وكان الخليفي عينه رئيساً لوفد بلاده إليه والمكلف بالملف اللبناني.

الرياضة الروحية

وفي ظل عدم سماح الجهة الداعية للاعلاميين والتغطية المنظمة للقاء، تبدأ الصلاة والرياضة الروحية للنواب المسيحيين بدعوة من البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي عند التاسعة صباح اليوم، في بيت عنيا (مزار سيدة لبنان-حريصا)، ويتخللها كلمة إرشادية للبطريرك ثم قداس برئاسته عند الثانية عشرة ظهراً في كنيسة سيدة لورد في المزار ستُنقل وقائعه مباشرة على الهواء قبل ان يتناول الجميع طعام الغداء.

وعشيّة اللقاء استحال إحصاء النواب الحاضرين لتحفظ الجهات الداعية عن أسماء المعتذرين منه عن الحضور. إلا ان مراجع خاصة قالت انّ عدد النواب الغائبين بداعي السفر ومن اعتذروا عن المشاركة سيتجاوز عدد اصابع اليد الواحدة، ولن يصل الى عدد أصابع اليدين.

ميقاتي

في هذه الاثناء توقف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أمس عند التطورات الجارية على كل الصعدـ فقال خلال الإفطار السنوي لدار الايتام الاسلامية ان «أكثر ما يُقلِق هو الخطاب الطائفي المتفلّت الذي شهدنا أحد أبشع مظاهره في ما جرى قبل أيام، وكأن البعض لم يتعظ مما مرّ بوطننا، او عاد اليه الحنين لحقبات الانقسام الاليم. أعرف مدى الحزن والالم الذي يعتصر قلوبكم مما جرى، ومن ردود الفعل التي صدرت عن إخوان لنا في المواطنة على قرار لم يشكّل في جوهره اساءة لأحد ولم يستلزم كل هذا التجييش الطائفي البغيض». واضاف: «إننا اذ نقدّر كثيراً من الاصوات الحكيمة التي عبّرت عن رفضها وادانتها للتجييش البغيض، ندعو المرجعيات المعنية الى معالجة ذيول ما حصل ورأب الصدع. ولأكون صريحاً معكم أكثر، أقول انني أدرك تماماً عتبكم الضمني على ما جرى واستيعابنا بصدرنا ما حصل، ولكن كونوا على ثقة بأن ما قمنا به جَنّب وطننا مخاطر دفع اليها اصحاب السلوك الفتنوي الذي جرّ ويجّر الويلات على الوطن».

واذ أكد ميقاتي انّ «لبنان محكوم بالتوافقية الطائفية»، شدد على أنّ «أكبر إساءة تُوجّه الى السُنّة هي في تحويلهم الى مذهب في مواجهة مذاهب أخرى، فيما هم في الواقع أبناء دولة، ملتزمون خيارها، الدولة الحاضنة للجميع والعادلة مع الجميع». واذ رأى «أنّ البعض يريد الهروب من مسؤوليته عن عدم اجراء الانتخابات الرئاسية واقرار القوانين المطلوبة، بتحميلنا المسؤولية عما ارتكبته السياسات العقيمة على مدى كل السنوات الماضية»، أوضح «عندما قلت انّ صبري بدأ ينفد، كنتُ أشير بصراحة وأحذّر من أن البلد نفد مخزونه وبدأ يفقد قدرته على المقاومة والنهوض. عندما قلت اللهم انني بلّغت، كنت أحذّر من الخطر الداهم الذي فاق قدرة اللبنانيين على الصبر والتحمّل. حكومتنا تقوم بتسيير الاعمال وتصريفها ضمن الحدود الدنيا المتاحة دستورياً، وتقوم بدور الحافظ للكيان والمؤسسات، ولكن تمادي القوى السياسية في إهمال واجباتها الدستورية، يضع البلد أمام خطر الانحلال الكامل، وهو أمر لن نقبل بتحميلنا مسؤوليته نيابة عن الاخرين».

وقال ميقاتي: «إن الحل يبدأ اولاً بإعادة انتظام العمل الدستوري وانتخاب رئيس الجمهورية واقرار سلسلة التعيينات في المؤسسات الاساسية والحساسة للحفاظ على الحد الادنى من الاستقرار واقرار الاصلاحات المطلوبة». وختم: «لقد عقدنا العزم على مواصلة تحمّل المسؤولية لأننا على اقتناع بأنّ هذا الامر يحمي وطننا، ولكننا لن نقبل أن نكون انتحاريين أو ضحية مكائد الاشرارعديمي الضمير والمسؤولية».

وكان ميقاتي قد التقى امس السفيرة الأميركية دوروثي شيا وعرض معها الأوضاع والعلاقات بين البلدين. كذلك التقى المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يونا فرونتسكا التي وضعته في أجواء التقرير الذي صدر عن لبنان في مجلس الأمن الدولي. وشددت على «أهمية استقرار لبنان وانتخاب رئيس للجمهورية في أقرب وقت ممكن وتنفيذ الإصلاحات الكاملة». وركزت على «أهمية وجود قوات «اليونيفيل» العاملة في الجنوب وعلى احترام القرارات الدولية». ودعت الى «احترام الاستحقاقات الانتخابية ومن بينها استحقاق الانتخابات البلدية والاختيارية».

مجلس الوزراء

وفي الوقت الذي تعددت فيه الروايات في شأن جلسة لمجلس الوزراء المُزمع عقدها، قالت مصادر حكومية قريبة من رئيس الحكومة لـ»الجمهورية» انه يمكن ان تعقد غداً في حال انجزت وزارة المال الجداول الخاصة بالرواتب وملحقاتها والحوافز التي تمّ البَت بها في الاجتماع الاخير للجنة الوزارية الخاصة بالقطاع العام الاثنين الماضي، والذي خصّص لوضع المقترحات النهائية التي تكفلت وزارة المال بإنجازها بالصيغة النهائية.

الانتخابات البلدية

وعلى صعيد آخر أصدر وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال القاضي بسام مولوي، بيانًا، حول تقديم تصاريح الترشيح للانتخابات البلدية والاختيارية والرجوع عنها، في كل المحافظات والاقضية اللبنانية. ولفت إلى أنه تم تحديد مواعيد إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في كافة دوائر المحافظات والأقضية، حيث حدّد في دوائر محافظتي لبنان الشمالي وعكار الأحد الواقع فيه 7 أيار 2023، أما في دائرة محافظة جبل لبنان فيوم الأحد الواقع فيه 14 أيار، بينما في دوائر المحافظات بيروت والبقاع وبعلبك الهرمل في 21 أيار، على أن يكون الموعد في دوائر محافظتي لبنان الجنوبي والنبطية في 28 أيار.

عقوبات جديدة

ومن جهة ثانية، وفي الوقت الذي تجدّد الحديث منذ فترة عن صدور مزيد من العقوبات الاميركية بحق لبنانيين، وضعت وزارة الخزانة الأميركية الشقيقين اللبنانيين ريمون رحمة وتيدي رحمة وشركاتهما الثلاثة، ومنها ZR ENERGY، الشركة المتعاونة مع وزارة الطاقة في استيراد النفط والمازوت في اوقات سابقة، على لائحة العقوبات.

وقالت الوزارة إنّ «الشقيقين استخدما ثروتهما وسلطتهما ونفوذهما للانخراط في ممارسات فاسدة تساهم في انهيار النظام، وسيادة القانون في لبنان، وبالتالي تقويض العمليات الديمقراطية في لبنان على حساب الشعب اللبناني، في الوقت الذي يواجه اللبنانيون ضائقة اقتصادية كبيرة وأزمة طاقة حادة وخللًا سياسيًا غير مسبوق».

وبحسب الوزارة، فقد «استخدم الأخوان رحمة إمبراطوريتهما التجارية وعلاقاتهما السياسية لإثراء أنفسهما على حساب المواطنين». وأضافت أنّ «ريمون رحمة وشقيقه تيدي استخدما الشركات الخاضعة لسيطرتهما الموجودة داخل لبنان وخارجه للفوز بالعديد من العقود الحكومية من خلال عملية مناقصة عامة شديدة الغموض. في عام 2017، حصل الأخوان رحمة على عقد لاستيراد الوقود لاستخدامه من قبل شركة الكهرباء الوطنية اللبنانية المملوكة للدولة، كهرباء لبنان، ولاستيراد الوقود نيابة عن وزارة الطاقة والمياه اللبنانية في عملية مناقصة تم الإبلاغ عنها على نطاق واسع».

وقالت الوزارة: «استورد الأخوان رحمة وقودًا ملوّثًا، مما ألحق أضرارًا كبيرة بمحطات توليد الكهرباء اللبنانية، وقاما من خلال شركتهما ZR Energy DMCC التي تتخذ من الإمارات العربية المتحدة مقراً لها، بتسليم منتج الوقود من خلال مَزجه مع أنواع الوقود الأخرى». وتابعت: «بينما زاد الإخوان رحمة من ثروتهما عانى الشعب اللبناني وزاد تدهور البنى التحتية للبلاد، وتعطّلت محطات الطاقة في كافة أنحاء لبنان بشكل متزايد، وزاد الانقطاع اليومي للكهرباء».

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *