كتبت صحيفة “النهار” تقول: على رغم تعاظم الوهج والمخاوف في ان واحد حيال ما يمكن ان يشكل معالم مواجهة قضائية غير مسبوقة، عقب الاجراءات الصاعقة التي اتخذها المحقق العدلي القاضي طارق بيطار، لم يكن تطورا عابرا وهامشيا ان يكتوي اللبنانيون بارقام مخيفة هستيرية جديدة حلقت معها أسعار الدولار والمحروقات منذرة بمزيد من الانزلاقات الانهيارية. وسط أجواء محمومة سياسيا وقضائيا، اشتعل سعر الدولار امس متجاوزا كل السقوف ولامس الـ55 الف ليرة في قفزة مذهلة. وفي الموازاة، حلّقت أسعار المشتقات النفطية مع صدور جدول تركيب أسعار المشتقات النفطية، إذ ارتفع سعر صفيحة البنزين 50 ألف ليرة وصفيحة المازوت 51 ألفاً ولامسا سقف المليون ليرة.
وإذ يبدو واضحا ان ثمة يأسا مطبقا من وضع حد لهذه المعادلة الانهيارية التي لا احد يمكنه التكهن بحجم المزالق التي يغرق فيها لبنان تباعا وسط الفراغ الرئاسي وانسداد الأفق امام مسالك انتخاب وشيك لرئيس الجمهورية، تصاعدت امس المخاوف الى ذروتها من الأجواء المحمومة قضائيا التي نتجت عن قرار المحقق العدلي في قضية انفجار المرفأ القاضي طارق بيطار استئنافَ عمله، مستندا الى اجتهاد قانوني ومن ثم إصداره لائحة المستدعين المدعى عليهم للتحقيق شاملة مسؤولين سياسيين وامنيين وقضائيين من “العيار الثقيل”. وإذ ترددت أصداء الخطوة الثانية بقوة مضاعفة برزت معالم المواجهة الكبرِى الأساسية بين بيطار والنائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات بما يهدد بمزيد من التداعيات والمواجهات حول الاستدعاءات والتخليات والتحقيقات في قابل الأيام. وفي هذا الاطار، كشف لائحة المدعى عليهم الجدد في ملف المرفأ وهم اللواء طوني صليبا واللواء عباس ابرهيم ورئيس المجلس الاعلى للجمارك العميد اسعد الطفيلي وعضو المجلس الاعلى للجمارك غراسيا القزي والنائب العام التمييزي غسان عويدات والقضاة غسان خوري وكارلا شواح وجاد معلوف. وافيد ان استجواب المدعى عليهم حدده بيطار وفق الاتي : غازي زعيتر، نهاد المشنوق 6 شباط. حسان دياب 8 شباط. طوني صليبا، عباس ابراهيم 10 شباط. اسعد طفيلي، غراسيا قزي 13 شباط. جودت عويدات وكميل ضاهر15 شباط. جان قهوجي 17 شباط. غسان عويدات وغسان خوري 20 شباط. كارلا شواح وجاد معلوف 22 شباط.
رد عويدات
في المقابل، وبينما اكد قضاة محكمة التمييز ان قرارات بيطار منعدمة الوجود ولن تنفذ، رد النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي غسان عويدات بكتاب الى بيطار قال فيه “نؤكد أن يدكم مكفوفة بحكم القانون و لم يصدر لغايته اي قرار بقبول او برفض ردكم او نقل او عدم نقل الدعوى من امامكم.”
وفي تعليق لعويدات ذكر انه لم يبلغ بالقرار الذي إستأنف القاضي بيطار على أساسه النظر في ملف المرفأ. واشار الى انه سمع به عبر وسائل الإعلام “ما يعني ان قراره غير موجود بالنسبة الي”، مشيراً الى ان ما ورد لجهة إتجاهه للإدعاء على القاضي بيطار غير صحيح وانه انه لن ينفذ تبليغ الاشخاص المطلوب إستجوابهم لان اوراق التبليغ لم ترده وفق الاصول القانونية لتأخذ طريقها الى التنفيذ، ولا يمكن الى الآن تعميمها على الأجهزة الأمنية لهذه الغاية. واضاف “ان إعتبر (بيطار ) الرد غير موجود فانا “كمان اكون مش متنحي”. وفي ظل خطر الشرخ القضائي عقد اجتماع في مكتب وزير العدل هنري خوري في حضور رئيس مجلس القضاء الاعلى وعدد من القضاة للتباحث في قانونية قرارات بيطار. وبدا لافتا ان المديرية العامة لقوى الامن الداخلي عممت مساء امس على سائر القطع التابعة لها عدم تنفيذ أي اجراء يطلبه القاضي بيطار.
وعلى الصعيد الخارجي برز دعم أميركي سريع لخطوة بيطار اذ علّق المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس على استئناف المحقّق العدلي في انفجار مرفأ بيروت عمله، وتوجيه اتّهامات إلى كبار المسؤولين، قائلا “ندعم ونحثّ السّلطات اللّبنانيّة على استكمال تحقيق سريع وشفّاف في الانفجار المروّع في مرفأ بيروت”. وأضاف “ضحايا هذا الانفجار في آب 2020، يستحقّون العدالة ويجب محاسبة المسؤولين”..
صراخ نيابي!
وانعكست هذه الأجواء على الجلسة التي كانت مقرّرة لمناقشة قانون استقلالية القضاء في لجنة الإدارة والعدل اذ تحولت إلى حلبة للمبارزة الكلامية الحادة بين فريق يمثله “حزب الله” وحركة “امل” اتهم النواب الآخرين بتسييس القضاء، وافرقاء آخرين واجهوا هذه المواقف. وبدأ الاشكال عند انتقاد النائب حسين الحاج حسن للقاضي طارق بيطار، وانضم إليه آخرون مؤيدين كلامه، وارتفع صوت كل من النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر رداً على دفاع النائبة نجاة عون صليبا عن القاضي بيطار، واتهماه بانه مسيس وينفذ أجندات معينة.كما وجهت اتهامات للناشط وليم نون واثير ملف احداث الطيونة. وخرج زعيتر من القاعة غاضباً. ونتيجة النقاش الحاد الذي حصل، لم تتم مناقشة قانون “استقلالية القضاء”.
الاستحقاق الرئاسي
اما على الصعيد السياسي الداخلي فافادت معلومات مصادر قريبة من بكركي ان كلا من رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل ورئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية سيزوران تباعا بكركي اليوم وغدا تلبية لدعوة البطريرك الماروني الى الاجتماع به . وفي السياق الرئاسي أيضا استقبل امس رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في كليمنصو رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل في حضور رئيس اللقاء الديموقراطي النائب تيمور جنبلاط والنائب وائل أبو فاعور وتناول اللقاء الاستحقاق الرئاسي واخر التطورات السياسية .
وبرز رد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع على مواقف رئيس مجلس النواب نبيه بري من موضوع الحوار فلفت الى “الحوارات التي تجري من الجميع باتجاه الجميع وبشكل مباشر أو غير مباشر ولم يكن آخرها وأبرزها الحوارات التي أجراها رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط مرتين مع “حزب الله” ومرات عدة مع الرئيس بري، ولم تصل كل تلك الحوارات إلى أي نتيجة”. وقال “فات الرئيس بري أن هذه هي الطريقة التي يجري فيها الحوار في موضوع رئاسة الجمهوريّة. أما بالنسبة لمسألة أنه في حال ترك الجلسات مفتوحة فسيتحوّل المجلس إلى هيئة ناخبة ويفقد بذلك دوره التشريعي، فأذكر الرئيس بري أن هذا ما نص عليه الدستور في المادة 75 منه. وأما لجهة قول الرئيس بري ان المؤسف انّ خلافات الرافضين للحوار وتحديداً التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، تنعكس على البلد كله فنذكِّره بانه في الانتخابات الرئاسية السابقة كان على خلاف مع حليفه “حزب الله” ولم تتعطّل الانتخابات الرئاسية، ومن يعطِّل هذه الانتخابات هي الكتل التي تخرج من مجلس النواب ومن ضمنها كتلة “التنمية والتحرير”، فيما المطلوب بشكل واضح الالتزام بالآلية الدستورية والديموقراطية لناحية الدورات المفتوحة وصولا إلى انتخاب رئيس للجمهورية.”