أطلق رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، اليوم الوطني لحماية حوض الليطاني، بعنوان “الليطاني..شريان الحياة” في 23 تشرين الاول، في حفل نظمته اللجنة الوطنية لحماية حوض الليطاني، برعايته في قصر الأونيسكو، داعيا الى ان “ننهض جميعا بمسؤولياتنا الوطنية بعيدا عن الفئوية والمحاصصة والزواريب”.
حضر الحفل وزراء: البيئة محمد المشنوق، الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش، الاشغال العامة والنقل غازي زعيتر، والنواب علي فياض، محمد قباني، جمال الجراح، نبيل الجسر، مدير عام مجلس الجنوب هاشم حيدر، مدير عام الليطاني عادل حوماني، وسفراء وديبلوماسيون وفاعليات نقابية واقتصادية وبلدية واختيارية.
بداية، النشيد الوطني ثم عرض فيلم وثائقي عن حوض الليطاني وحجم التلوث.
وزير البيئة
وقال وزير البيئة محمد المشنوق: “ما من كلمات يمكنها التعبير عن واقع التلوث في نهر الليطاني بطريقة أفضل من الوثائقي الذي شاهدناه في بداية هذا اللقاء. فالليطاني هو منظومة متكاملة، وبالتالي فإن أي مشروع لحماية النهر لا يمكن أن يصمم بمعزل عن محيطه الحيوي، أي النشاطات البشرية على ضفاف النهر وروافده والحوض بشكل عام. من هنا برزت ضرورة اعداد خطة شاملة لمكافحة التلوث في هذا النهر، خطة تلحظ مصادر التلوث كافة والمشاريع التي ينبغي تنفيذها لوضع حد لهذا التلوث”.
اضاف: “هذا ما قامت به وزارة البيئة في عهد الحكومتين السابقتين بالتنسيق مع جميع الفرقاء المعنيين، وهذا هو بالذات دور هذه الوزارة. أما في عهد هذه الحكومة،
فاستكملنا عملية التخطيط من خلال وضع الإطار المؤسساتي المناسب لمواكبة التنفيذ، فكان قرار مجلس الوزراء رقم 32 تاريخ 9/5/2014 بتشكيل لجنة من الإدارات المعنية وأبرز البلديات لمتابعة التطبيق من خلال اجتماعات شهرية للجنة وتقارير دورية إلى مجلس الوزراء، وهذا ما تقوم به اللجنة منذ حينه وحتى تاريخه”.
واعلن “اننا من خلال مواكبتنا لعمل اللجنة، التي حضرنا عددا من اجتماعاتها، لمسنا عن قرب تعاون جميع المعنيين من مؤسسات رسمية وهيئات محلية وأهلية”، وقال: “إن دل هذا الأمر على شيء فعلى أمرين:
1- أهمية مبدأ التعاون الذي أقره قانون حماية البيئة في العام 2002، التعاون بين القطاعين العام والخاص، والتعاون في ما بين أجهزة القطاع العام.
2- وجود فسحة أمل لتلاقي جميع الفرقاء، ففي زمن تسوده الانقسامات، نجد أن موضوع حماية الليطاني موضوع جامع على الصعد كافة”.
اضاف: “دعونا إذا نستغل فرصة الإجماع هذه لنؤكد الثوابت البيئية الوطنية الآتية:
1- التزام الجميع بمبدأ “استرجاع النهر” river restauration من خلال متابعة تطبيق خارطة الطريق لمكافحة تلوث بحيرة القرعون ونهر الليطاني بكل تفاصيلها، الإنشائية منها وغير الإنشائية structural and non structural. فمكافحة التلوث لا تكون فقط من خلال بناء شبكات الصرف الصحي ومعامل المعالجة والمطامر الصحية، انما أيضا، وهذا الأهم، من خلال العناية الحقيقية بموضوع التشغيل والصيانة لجهة مصادر التمويل وآلية التنفيذ، في بلد يعاني بشدة من موضوع الصيانة والمتابعة.
2- إعطاء جرعة الدعم اللازمة للجنة الحوض التي شكلت في أيار 2014، وتطوير إمكانياتها لتفعيل أدائها لمهامها، خصوصا ما يتعلق بدمج العلم بالحوكمة integrating science and governance، وبالتالي مواكبة الاتجاهات العالمية في هذا المجال، وما يستوجبه ذلك من تكثيف الأبحاث بالتنسيق مع القطاع الاكاديمي research and development.
3- التشدد في الرقابة البيئية ومنع التعديات، والصرامة في تطبيق القوانين والانظمة المرعية، بالتعاون مع المحامين العامين البيئيين وقضاة التحقيق في شؤون البيئة الذين تم تكليفهم استنادا إلى القانون 251/2014، والضابطة البيئية لدى بدء العمل بها تطبيقا للمرسوم 3989/2016. واستكمال التشدد الرقابي هذا بتكثيف التثقيف البيئي على جميع المستويات”.
وتابع: “بهذه الثوابت، وبها فقط، يمكن الحديث عن “أيام أفضل” لنهر الليطاني. أما “الأيام الجميلة” فتطل بعد سنوات عديدة من الكد وحسن الإدارة والشفافية والتعاون بين الأطراف المعنية كافة (الإدارات المركزية، البلديات، المجتمع المدني، القطاع الأكاديمي، الشركات الخاصة، والإعلام…). لماذا سنوات؟ لأن استقطاب التمويل يستلزم وقتا، والتنفيذ يستغرق وقتا أطول خاصة في بلد جرت فيه العادة إلى “المزايدة” في استغلال الدولة، بطرق إما غير قانونية، أو قانونية وغير شرعية. من هنا إصرارنا على حسن الإدارة والشفافية وصولا إلى الأيام الجميلة المرجوة وهنا دور البلديات في المراقبة”.
وقال: “قد تكون هذه المعركة أصعب من غيرها لأن “العدو” هو كل واحد منا: المواطن أو الصناعي أو المزارع الذي يحاول استخدام الاملاك العامة للتخلص من نفاياته؛ المواطن الذي يسعى بكل جهده لإبعاد موقع أي معمل معالجة أو مطمر من منزله، المهندس أو المالك الذي يطمح بزيادة عامل الاستثمار في عقاره، وصاحب المقلع الذي لا يأبه بالشروط البيئية التي وضعت لعمله…وغيرها من الامثلة التي لا تحصى ولا تعد والتي تؤثر جميعها على نهر الليطاني، وبالتالي على اللبنانيين بشكل مباشر أو غير مباشر”.
اضاف: “صحيح أننا أعداء بيئتنا، انما دعونا لا ننسى أننا المتضررون الاول من هذه السلوكيات. لذلك علينا، أفرادا ومؤسسات، أن ننمي الحس البيئي في كل واحد منا فتتحول أعمالنا اليومية إلى أعمال أكثر استدامة، فبذلك نستعيد صحة نهر الليطاني وأنهرنا كافة، ونحسن نوعية حياتنا”.
وختم: “أخيرا، لا بد من كلمة شكر لمنظمي هذا اللقاء وللمشاركين فيه، ولدولة رئيس مجلس النواب على اهتمامه الخاص بهذا الموضوع تحت عنوان تشريع الضرورة، ولدولة رئيس مجلس الوزراء على دعمه لهذه المسألة الحيوية منذ تشكيل حكومة المصلحة الوطنية. كم يذكرني ذلك بالقول الشهير للمرحوم الرئيس صائب سلام أنه يقتضي توفر “مجنون” لإنجاح كل قضية، المجنون الذي يكرس كل وقته ويتابع بشغف، والذي يثابر دون أن يرهق، والذي يتجرأ على قول كلمة “لا” بوجه الفاسدين. فاذا كانت هذه صفات المجنون، نعتز أن نقول إننا جميعا مجانين في هذه الصالة، مجانين في سبيل الليطاني ولبنان”.
سلام
ثم تحدث الرئيس سلام فقال: “لا بد لي بداية، من أن أحيي جهود اللجنة الوطنية لحماية حوض الليطاني، وأن أشكر كل الجهات المحلية والدولية الشريكة التي تتعاون لإنقاذ هذا النهر، الذي لا يشكل فقط شريان حياة لحوضه، الذي يمثل 20 في المئة من مساحة لبنان، بل ثروة قومية يعم خيرها كل خريطة الوطن، وجميع ناسه”.
اضاف: “من هذا المنطلق أقول، إن جميع اللبنانيين معنيون بإنقاذ الليطاني وحوضه، وبالحملة الوطنية لحمايته. إن الوضع الكارثي الذي يعانيه النهر اليوم، يستدعي استنفارنا جميعا لمنعه من الموت… قبل فوات الأوان”.
وتابع: “لا حاجة بي إلى تعداد وجوه أهمية نهر الليطاني، إجتماعيا وإقتصاديا وبيئيا. ولقد أدركت حكومتنا منذ اليوم الأول، ضرورة اتخاذ ما يلزم من إجراءات لحماية الليطاني، بدليل أن واحدا من أول قراراتها كان تشكيل لجنة من كل الوزارات المعنية والإدارات الرسمية الأخرى، اضافة إلى أبرز البلديات، لمتابعة تطبيق خريطة الطريق لمكافحة تلوث بحيرة القرعون والحوض الأعلى للنهر. وتلت هذه الخطوة سلسلة قرارات ومراسيم تتعلق بهبات وقروض، من أجل تنفيذ المشاريع الملحة، واستكمال الإطار المؤسساتي لتفعيل تطبيق القوانين والأنظمة البيئية. غير إني لا أذيع سرا إذا قلت، إن ذلك لم يكن كافيا وان المطلوب كان أكثر بكثير، بدليل الحالة الكارثية التي وصل اليها النهر وحوضه، والتي دفعتنا الى التحرك مؤخرا وتشكيل لجنة وزارية جديدة لمتابعة هذا الملف”.
وأكد سلام “ان الوضع الكارثي الذي بلغه نهر الليطاني، هو تعبير صارخ عن استضعاف الدولة وضمور هيبتها، في تجاوز متماد للقوانين الناظمة لحياة الناس، ونشوء علاقة مع البيئة المحيطة، والثروة الطبيعية الوطنية.. أشبه بالعلاقات في ظل شريعة الغاب.
لقد باتت الحكومة مصبا لنهر جارف من المشاكل.. تتدفق عليها العرقلة من كل حدب وصوب.. فكيف للحلول أن تنبع منها؟”.
وقال: “لقد قامت على ضفاف الدولة ولا تزال، مجموعة ملوثات لسلطتها.. وفي مجراها نشأت عوائق عديدة. أما السد الذي يفترض أن يكونه القانون، لينظم المسار ويعطي كل ذي حق حقه، فهو عرضة للتآكل والإنهيار بفعل التجاوزات.. والمصالح المنفلتة من أي قيود أو ضوابط”.
وشدد على “ان الخطوة الأولى نحو تصحيح هذا الوضع، أقولها تكرارا، هي إعادة الإنتظام إلى المؤسسات الدستورية، بانتخاب رئيس للجمهورية”. وقال: “وإذا كان طموحنا جميعا هو معالجة هذه الاختلالات البنيوية المزمنة في عمل السلطة في لبنان، فإن انتخاب رئيس للجمهورية هو المدخل لإزالة كل العراقيل، ولقيام المؤسسات بالمهام المطلوبة منها، على غرار حماية الليطاني”.
اضاف: “تعرفون جميعا أن مشاريع حماية النهر جاهزة، وقد أشبعت درسا وتمحيصا. المطلوب اليوم إقرار القوانين اللازمة ومشاريع القروض للشروع في العمل، وهذا يستلزم، أيضا وأيضا، انتظاما في عمل المؤسسات وفي مقدمها مجلس النواب، الذي تعطل الأزمة السياسية المستمرة دوره التشريعي والرقابي”.
وتابع: “لا بد لي هنا من توجيه تحية تقدير إلى دولة رئيس مجلس النواب نبيه بري، حامل هم الليطاني وأهله من منبعه البقاعي إلى مصبه الجنوبي، وحامل الهم الوطني عموما، والمدرك أهمية الإسراع في إنجاز الورشة التشريعية لإطلاق ومواكبة ورشة التنفيذ العملية. ونأمل أن تدرك كل القوى السياسية ضرورة الإنتهاء من هذا الشق الأساسي في مسار حماية حوض الليطاني”.
وختم: “مرة أخرى، تحية إلى جميع العاملين على هذا الملف الوطني الحيوي، والحريصين على حماية الثروة المائية اللبنانية”.