الرئيسية / صحف ومقالات / الجمهورية: المملكة: الاستحقاقات.. الحوار السويسري يتعثر.. وأصدقاء يحذّرون من تضييع الوقت
الجمهورية

الجمهورية: المملكة: الاستحقاقات.. الحوار السويسري يتعثر.. وأصدقاء يحذّرون من تضييع الوقت

لم يبق من الروزنامة الرئاسية سوى 13 يوماً من عمر ولاية الرئيس ميشال عون، لينتقل بعدها لبنان اعتباراً من منتصف ليل الثلاثاء 31 تشرين الاول الجاري، من مرحلة رئاسية حفلت بأحداث وصدامات على كل الجبهات الداخلية، إلى مرحلة جديدة ليس معلوماً ما ينتظر خلالها.
عملياً بلغت الولاية الرئاسية نهايتها، واكثر الحقائق وضوحاً هي انّ باب القصر الجمهوري سيقفل حتى اشعار آخر، وسيغادره الرئيس عون من دون مراسم تسليم وتسلّم بين السلف والخلف، وعلى نحو يتكرّر معه مشهد مغادرة الرئيس اميل لحود دون ان يسلّم خلفه، وكذلك الحال بالنسبة إلى الرئيس ميشال سليمان.

تبعاً لذلك، صار الفراغ الرئاسي الحتمي على بعد 13 يوماً، وليس في الأفق الداخلي ما يؤشر إلى احتمال ولو ضئيل جداً، لتداركه قبل وقوعه. وتكفي نظرة بسيطة الى أداء بعض المكونات السياسية ومقارباتها للاستحقاق الرئاسي، لليقين بأنّها متهمة إلى ان يثبت العكس، بتعمّد الإطاحة بهذا الاستحقاق.

الخميس، موعد لجلسة انتخابية جديدة، محكومة بالفشل المسبق. فالمشهد الذي خبره مجلس النواب في الجلسة الاولى آخر ايلول الماضي، وما تلاها، سيتكرّر بكل تفاصيله؛ مجموعات سياسية ونيابية نخرتها الشعبوية والشخصانية، وتناقضات وأجندات مكشوفة ومستورة، تغنّي على لياليها السياسية، وتعزف مواويلها الترشيحية من خلفية استفزازية تطيح كل الاحتمالات الايجابية، جوهرها الهروب من التوافق على رئيس، وخنق طريق الاستحقاق الرئاسي بأسباب تعطيلية اضافية وبوصفات توتيرية تخفي في طيانها جنوحاً فاضحاً نحو السقوط في الفراغ.

مقولة الشيء وعكسه!
الجلي الواضح في هذا المشهد، انّ البلد مرمي في حلبة دجل وتكاذب سياسي، أخضعت البلد لمقولة “الشيء وعكسه”، يستعجلون الاستحقاق قولاً، ويعطّلونه فعلاً. والملف الحكومي على النغمة ذاتها، حيث انّهم يُظهرون استماتة في الاعلام على تأليف حكومة حاجة البلد اليها اكثر من ضرورية وملحّة، ويخوّفون من الفراغ الحكومي ومن دخول البلد في سجال دستوري عقيم في زمن الفراغ الرئاسي الحتمي، حول صلاحيات حكومة تصريف الاعمال في تولّي صلاحيات رئيس الجمهورية، ولكنهم في المقابل جعلوا من ملف التأليف ملهاة ولادة للشروط التعطيلية، ومحبطة لجهود الوسطاء الرامية إلى انتشال الحكومة من قبضة المعطلين.

وفي جديد هذا الملف، كما يكشف احد الوسطاء لـ”الجمهورية”: “اقتربنا من خط النهاية، وبتنا نسابق الوقت، هناك محاولة جارية لاستيلاد حكومة، لا اقول انّ الامور مقفلة بالكامل، بل الامل ما زال موجوداً في حكومة ربع الساعة الاخير، حيث انني لا اعتقد انّ ولاية رئيس الجمهورية ستنتهي من دون تشكيل حكومة”.

ورداً على سؤال تجنّب الوسيط المذكور تحديد الجهة المعطّلة تأليف الحكومة، وقال: “التعقيدات كبيرة، وأهمها العقدة ماثلة بين حكومة بتعديل ببعض وزرائها وحكومة بتعديل واسع يشمل نحو ربع وزراء الحكومة، والمساعي جارية لفك هذه العقدة، وثمة اجتماعات ومشاورات حصلت في الساعات الماضية، وستحصل اليوم وغداً، لعلها تؤدي الى اختراق. وكما قلت رهاننا موجود على حكومة ربع الساعة الاخير، وخصوصاً انّ ثمة نصائح من الاصدقاء وكذلك من الاشقاء، بأن تتشكّل حكومة كاملة المواصفات والصلاحيات، تواكب توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل الذي قد يتمّ في مقر قيادة قوات “اليونيفيل” في الناقورة قبل نهاية الشهر الجاري، وربما خلال الاسبوع المقبل”.

صرخة روحية
إلى ذلك، استغرب مرجع روحي كبير ما سمّاه “انعدام المسؤولية الوطنية لدى السياسيين، وإمعانهم في تعميق الأزمة وتجاهلهم المخزي لمعاناة الشعب اللبناني”.

وأبدى المرجع عبر “الجمهورية”، قلقه البالغ على الوضع في لبنان ومستقبل هذا البلد، وقال: “امام ما يحصل، فإنّ مسار بلدنا في الآتي من الأيام، مجهولة وجهته. واللبنانيون مخنوقون وخائفون مما يُخبأ لهم بعد من مخاطر ومنزلقات. وقد رفعنا الصوت، واطلقنا الصرخات في وجه السياسيين واكّدنا عليهم ان يتحلّوا بالمسؤولية الوطنية، ويترفعوا عن صغائرهم رأفة بهذا الشعب المسكين”.

ودعا المرجع عينه السياسيين إلى الكفّ عن مخالفة الدستور وعن تصديع الهيكل السياسي والاجتماعي للبنان، وقال: “نسمع تباكياً من هنا وهناك على الدستور لا يمت الى الحقيقة بصلة، ونقول لهؤلاء هذا الامر مرفوض، فلا يجوز ابداً الإمعان في مخالفة الدستور، الذي يوجب عليكم التوافق على تشكيل حكومة لم يبق احد في الدنيا الّا واكّد لهم انّ لبنان بحاجة الى حكومة تتخذ القرارات والخطوات الآيلة الى معالجة الأزمة، ويوجب عليكم ايضاً انتخاب رئيس للجمهورية ضمن المهلة الدستورية. وكما نرفض الفراغ الحكومي، نرفض ايضاً الفراغ في سدّة الرئاسة الاولى، فالرئاسة ليست ملكاً لهذا الحزب او ذاك، هي لجميع اللبنانيين، ومن هنا لا يكون مقبولاً ابداً أي تعريض مقام الرئاسة لأي اهانة او انتقاص من هيبتها وجرّها الى الفراغ”.

وكشف المرجع “اننا ندين بالشكر لأصدقاء لبنان لوقوفهم الى جانبه، وتأكيدهم على مرجعياته السياسية إعادة تنظيم بيتهم الداخلي عبر تشكيل حكومة، وكذلك عبر انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وكانت واضحة الرسالة التي نقلتها وزيرة الخارجية الفرنسية بإسم فرنسا والدول الصديقة للبنان، واكّدت فيها على اللبنانيين ان يسارعوا الى اتمام استحقاقاتهم، والبدء بالعلاجات المطلوبة لأزمته، والّا فإنّ الانهيار سيكون وشيكاً. وقد نُقل الينا شخصياً كلام مباشر من هؤلاء الاصدقاء يعكس الحرص على بلدنا، ويحذّر من انّ لبنان لم يعد يملك ترف تضييع الوقت”.

حراك البخاري
في هذه الأجواء، برز حراك السفير السعودي في لبنان وليد البخاري في اتجاه القصر الجمهوري ولقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وكذلك في اتجاه عين التينة ولقائه رئيس المجلس النيابي نبيه بري. ويتزامن هذا الحراك مع تأكيد الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز على ضرورة تنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية هيكلية شاملة في لبنان تقود إلى تجاوز أزمته. مشيراً الى أهمية بسط سلطة حكومته على كل الأراضي اللبنانية لضبط أمنه والتصدّي لعمليات تهريب المخدرات والأنشطة الإرهابية”.

وجدّد بخاري بعد لقائه الرئيس عون التأكيد على “حرص المملكة على وحدة لبنان وشعبه وعمقه العربي انطلاقاً من المبادئ الوطنية الميثاقية التي وردت في اتفاق الطائف الذي شكّل قاعدة أساسية حمت لبنان وأمّنت الاستقرار فيه، كما اكّد أهمية إنجاز الاستحقاقات الدستورية في مواعيدها”. ولفت إلى انّ الرئيس عون اكّد حرصه على تفعيل العلاقات بين لبنان والمملكة العربية السعودية لما فيه مصلحة الشعبين الشقيقين.

باسيل في عين التينة
وكانت لافتة امس، زيارة رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل الى عين التينة، ولقاؤه رئيس مجلس النواب نبيه بري على رأس وفد من “تكتل لبنان القوي”، حيث سلّم رئيس المجلس ورقة التيار للأولويات الرئاسية.

وقال باسيل بعد اللقاء: “من غير الممكن ان نتفق على انتخاب رئيس للجمهورية في ظلّ عدم التوافق لا الثلثين ولا النصف مع أي مجموعة نيابية. فمن الضروري ان نتكلم مع بعض. لا اعتقد انّ أحداً يتوهّم انّه من الممكن ان نصل الى نتيجة ونتجنّب الفراغ من دون الحوار”.

اضاف: “انا سعيد اننا وجدنا لدى الرئيس بري كل التفهم والاستعداد والايجابية اللازمة للقيام بهذا الحوار. وأعتقد انّ لديه دوراً في هذا المجال. فالرغبة في التحاور موجودة، ليس فقط على المرحلة انما ايضاً على الاسماء”.

وتابع: “بغض النظر، اعتقد انّ هذا الامر طبيعي. كيف “بدنا ننتخب رئيس للجمهورية وما منحكي مع بعضنا”. هذا لا يلغي الخلافات السياسية وكل واحد عنده موقفه، نحن محكومون، في ظل نظامنا بالتوافق اذا لم يكن هناك إجماع انما توافق حدّ ادنى يؤمّن الثلثين ويؤمّن النصاب والـ 65 صوتاً. هذا ممر الزامي. ومن كان حريصاً على عدم دخول البلد في هذا الوضع الصعب والاستثنائي، ولأنّه إستثنائي قدّمنا التنازل الأكبر “ولازم الآخر يشدّ على حالو ويحكي مع البقية ونعمل حوار وان شاء الله منوصل لنتيجة”.

الحوار السويسري
من جهة ثانية، برزت عراقيل داخلية امام ما أُعلن عن توجّه لدى الدولة السويسرية في عقد حوار لبناني على اراضيها، وأشيع بأنّ الغاية منه الوصول الى مخارج وحلول لأزمته الصعبة. وفي هذا الاطار جاءت الدعوة الى عشاء في السفارة السويسرية في بيروت يحضره ممثلون عن المكونات السياسية.

الّا انّ هذه الدعوة اصطدمت برفض بعض المكونات المشاركة فيه، وصدور مواقف اعتراضية أبدت خشيتها من ان يكون هذا الحوار مقدّمة لإحداث تغييرات على مستوى تركيبة البلد، تنعكس بتأثيراتها المباشرة على اتفاق الطائف.

وقد سارعت السفارة السويسرية في بيروت، تبعاً لذلك إلى إلغاء العشاء، وقالت في بيان امس “إنّ سويسرا تعمل بنشاطٍ في لبنان منذ سنوات عديدة، بما في ذلك في مجال منع نشوب النزاعات وتعزيز السلام”، مشيرة إلى أنّه “خلال الشهرين الماضيين، وبالتعاون مع منظمة مركز الحوار الانساني التي تتخذ سويسرا مقراً لها، تواصلت سويسرا مع جميع الجهات الفاعلة السياسية اللبنانية والاقليمية والدولية للتحضير لمناقشات تشاورية وليس مؤتمر حوار”.

وأضاف البيان: “من التقاليد السويسرية بذل مساعٍ حميدة عندما يُطلب منها ذلك، تأتي هذه المناقشات المزمع عقدها نتيجة مشاورات سابقة مع جميع الأطياف السياسية اللبنانية والاقليمية والدولية، في ظل احترام تام لاتفاق الطائف والدستور اللبناني”.

وأشارت السفارة في بيانها إلى أنّ “العشاء غير الرسمي الذي كان من المفترض أن يُقام هذا الثلاثاء في منزل السفيرة السويسرية، يهدفُ إلى تعزيز تبادل الافكار بين مختلف الجهات الفاعلة السياسية اللبنانية”، وأردفت: “الأسماء المتداولة في وسائل الاعلام لا تشمل أسماء المدعوين فعلياً، مع هذا، فقد جرى تأجيل العشاء إلى موعدٍ لاحق”.

اضرار بالكيان
وفي السياق، نُقل عن مراجع سنّية رفضها القاطع اي مسّ باتفاق الطائف، معتبرة انّ هذا الامر من شأنه أن يلحق الأذى البالغ بالكيان اللبناني، مع تشديدها على انّ الطائف يبقى خشبة الخلاص للبنان، وهذا يوجب التقيّد بأحكام الدستور المنبثق عنه والتعجيل في تأليف حكومة وانتخاب رئيس جديد للجمهورية.

وكانت لافتة في هذا السياق تغريدة السفير السعودي وليد البخاري قبل يومين التي قال فيها: “وثيقةُ الوفاقِ الوطنيِّ عقدٌ مُلزمٌ لإرساءِ ركائزِ الكيانِ اللبنانيِّ التعدديِّ، والبديلُ عنهُ لن يكونَ ميثاقًا آخر بل تفكيك لعقدِ العيشِ المُشتركِ، وزوالِ الوطنِ الموحَّد، واستبدالهُ بكيانات لا تُشبهُ لُبنانَ الرسالةَ”.

وكان لافتاً ايضاً، بيان وزع امس، منسوب إلى “تجمع ابناء العشائر العربية في لبنان”، جاء فيه: “تتناقل وسائل الإعلام معلومات حول التحضير لمؤتمر لبناني في جني?، لم ينفها أحد من الجهات المعنية، مما يعني أنّها معلومات صحيحة، وعليه، يهمّ العشائر العربية ان تعلن دعمها المطلق لأي لقاء أو مؤتمر يُعقد في أي مكان، إذا كان سيؤدي إلى الحوار والتلاقي بين كل المكونات اللبنانية، وإلى إنقاذ لبنان من جهنم التي يتلوى فيها اليوم، ويحقق المصالحة الوطنية التي كرّسها اتفاق الطائف والقائمة على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، وعلى حفظ التوازنات الوطنية والسلم الأهلي والعيش المشترك”.

واعتبرت “أنّ مثل هذه الدعوات، مشبوهة المصدر والجهة التي تقف خلفها، عدا عن أهدافها المبهمة وكأنّها أمر دُبّر في ليل..، ولا تعدو كونها دعوات فتنوية تعتقد بأنّ الطائفة السنّية المؤسسة للبنان الوطن والمؤسسات والشرعية العربية والدولية مستضعفة في هذه المرحلة، ويمكن إقصاؤها عن المسرح السياسي، وهذا تفكير أثبت فشله في الماضي ولن يُكتب له النجاح في المستقبل”. كما رأت “انّ هذا المؤتمر المشبوه هو محاولة جديدة لإحياء الحلف الثلاثي الذي قام في العام 1985، وأقصى الطائفة السنّية الأكبر عن المشهد الوطني للاستفراد بالبلد”.

وفي السياق الاعتراضي، قال رئيس “الحزب الديموقراطي اللبناني” طلال أرسلان انّ “دعوة السفارة السويسرية وُلدت ميّتة ولن تنجح هكذا مساعٍ منقوصة الرؤية والأهداف، نحن نعيش أزمة فقدان الثقة بالمؤسسات الرسمية والمالية كافة في البلد، ويجب البحث عن ولادة جديدة للبنان على قواعد واضحة ومتطورة تُحاكي تطلعات الشباب وطموحاتهم”.

الراعي لتعاون الجميع
إلى ذلك، وجّه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في عظة القاها في كاتدرائية القديس يوسف المارونية – الظاهر في القاهرة، تحية تقدير لرئيس الجمهورية لمثابرته في عملية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، ولحرصه على وحدة القرار مع كل من رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء.

وقال الراعي: “نرجو أن يعبّر الترسيم القانوني الى حيّز التنفيذ، وان تنبسط وحدة القرار هذه الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل 31 تشرين الأول الحالي، ويتطّلع اللبنانيون واصدقاء لبنان الى انتخاب رئيس يعمل على شدّ أواصر وحدة الشعب اللبناني، ويلتزم مع الحكومة والمجلس النيابي في إجراء الإصلاحات المطلوبة، والنهوض الاقتصادي والمالي والمعيشي. وعلى هذه النية نصلي معكم الليلة”.

ودعا الراعي الى “تعاون كل الاطراف، ولكن ليس على حساب السيادة، فهذا التعاون مسؤولية ايجابية مشتركة ينبغي الّا تبلغ حدّ الفيتو والتعطيل”، وقال: “خيار الرئيس هو قرار جماعي يعطي الشعور لكل مواطن انّ الرئيس هو رئيسه. لذا، لا يحق لأي طرف لبناني ان يُنكر على أي طرف لبناني آخر حقّه في أن تكون له كلمة في اختيار رئيس للجمهورية. فالرئيس الماروني، بحسب الميثاق الوطني المتجدد في اتفاق الطائف، هو رئيس كل اللبنانيين، وبالتالي يجب اختياره في إطار الأصول الديمقراطية والثوابت الوطنية”.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *