الرئيسية / صحف ومقالات / الجمهورية: الاستحقاق الرئاسي: “ضياع”
الجمهورية

الجمهورية: الاستحقاق الرئاسي: “ضياع”

رئاسياً، وعلى مسافة اقل من اسبوعين من بدء نفاد مهلة الستين يوما لانتخاب رئيس الجمهورية بين اول ايلول وآخر تشرين الاول المقبلين، يبدو ان الضياع الكامل هو سيد الاستحقاق الرئاسي، فالرؤية منعدمة امام كل الاطراف، وكل التوقعات والتقديرات تتقاطَع عند تأكيد فرضية الفراغ الرئاسي ما بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في 31 تشرين الاول المقبل. حيث لا تبدر حتى الآن اية مؤشرات حول اتفاق مسبق على الرئيس الجديد.

وعلى الرغم من انعدام الرؤية، الذي عمّمَ حالاً من التخبط لدى غالبية القوى الداخلية امام هذا الاستحقاق، واكد حقيقة انها لا تملك قدرة التحكم في هذا الاستحقاق وتوجيهه في الاتجاه الذي تريده. الّا انها، وتغطية على ذلك، دخلت في معارك هوائية توهِم من خلالها نفسها والآخرين معها بأنها هي المقررة في لعبة الانتخابات الرئاسية، وان اصوات كتلتها النيابية هي المرجحة، وتشكل جسر العبور الالزامي لأي مرشح الى القصر الجمهوري. على ما هو حاصل بين بعض الكتل النيابية الكبرى، او محاولة تجميع نواب من هنا وهناك، ضمن كتلة مستجدة تقدّم ككتلة وازنة ومقررة في الانتخابات الرئاسية.

وقالت مصادر سياسية لـ”الجمهورية”: انّ المناخ الرئاسي مُلبّد وغارق في علامات استفهام تبحث عن أمرين، الاول عن المرشحين الجديين، من بين الاسماء المتداولة لرئاسة الجمهورية، او من خارجها. والامر الثاني عمّا اذا كان الفراغ الرئاسي امرا واقعا ام انّ طارئاً ما، في لحظة ما، يصدر عن موقع ما، بناء على إيحاء ما، من مكان ما خارج لبنان، يوجِب انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل انتهاء ولاية ميشال عون. وهذا الامر جعلَ الجو السياسي العام مُربكاً بالكامل، والاحزاب والكتل الكبرى، وتحديدا المسيحية تلعب في الوقت الضائع، وتحاول ان تحجز لها مكانا ودورا في الاستحقاق.

ويكشف مرجع مسؤول لـ”الجمهورية” انّ الاستحقاق الرئاسي بات البند الاول في اللقاءات والمشاورات الجارية في الغرف الداخلية والخارجية، حيث تتم مقاربته بلغات متعددة الجنسيات: الأميركية، الفرنسية، البابوية، الألمانية.. ولا ننسى العربية.. وحتى الآن كل كلام عن إمكان انتخاب رئيس خلال ايلول وتشرين هو كلام فارغ. وتبعاً للجو القائم، وللخريطة النيابية المبعثرة التي يصعب جمعها على مرشح معين في الوقت الراهن، فأنا من أنصار مقولة ان لا رئيس للبنان قبل انتهاء ولاية عون. وأجزم ان لا شيء حالياً ايجابياً على المستوى الرئاسي، وليس على السطح اللبناني، والسياسي تحديداً، ما يؤشّر إلى أفق مفتوح. وبالتالي انا على يقين أننا نقترب شيئاً فشيئاً من الوقوع في الفراغ في الموقع الأول في الدولة”.

وفي رأي المرجع المذكور انّ الاهم للبنان في هذه المرحلة هو إتمام الطبخة الرئاسية بأي شكل من الاشكال، لأنّ من دون ذلك محاذير كبرى على البلد، والغريب ان بعض القوى في الداخل تتعاطى مع هذا الامر بخفّة صادمة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:

اولاً، إجراء الانتخابات الرئاسية، أقل ضرراً من تأخيرها، ويجنّب لبنان الوقوع في فوضى دستورية واشتباك في التفسيرات وما اذا كان في مقدور حكومة تصريف اعمال من ان توكِل اليها صلاحيات رئيس الجمهورية فيما لو خرج عون من بعبدا قبل انتخاب الخلف.

ثانياً، وضع لبنان بات هشاً، سياسياً وأمنياً واقتصادياً ومعيشياً ومؤسساتياً، وقد تنحدر الأمور في أية لحظة إلى ما لا تُحمد عقباه على لبنان بحيث انه من الضروري جداً لا بل من المُلحّ والواجب على كل القوى الداخلية ان يُعطى هذا البلد سريعاً جرعة إيجابية ومعنوية زائدة، وهذه الجرعة لا تتوفّر إلا بإتمام الانتخابات الرئاسية، التي تشكل بدورها المفتاح لإعادة إطلاق عجلات الدولة ومؤسساتها المعطلة.

ثالثاً، انّ البعثات الديبلوماسية على اختلافها تتقاطَع على نصيحة تُسدى الى اللبنانيين من الاصدقاء الخارجيين، مفادها انّ انتخاب رئيس الجمهورية في لبنان يشكل مصلحة للبنان ولكل مكوناته من دون استثناء. وهذا الامر يوجب توافق القوى الداخلية على حسم هذا الاستحقاق.

رابعاً، على اللبنانيين تجنيب بلدهم الوقوع في المحظور الخطير، حيث ان ثمة فرصة مُتاحة لتمرير انتخاب رئيس للبنان في هذه المرحلة. وإن تمّ تفويت هذه الفرصة، فما يُخشى منه هو أن يفتح الفراغ في سدة الرئاسة اللبنانية على امور مختبئة تضع لبنان امام مخاطر مصيرية.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *