الرئيسية / صحف ومقالات / الشرق: الحريري يترك لبنان بدمعة والسبب: “النفوذ الإيراني”
الشرق

الشرق: الحريري يترك لبنان بدمعة والسبب: “النفوذ الإيراني”

بدموع جالد لعدم سكبها وكلمات وجدانية نابعة من القلب، اعلن رئيس اكبر كتلة برلمانية سنية ورئيس تيار المستقبل وزعيم السنّة في لبنان انسحاب تيار الاعتدال السني من الحياة السياسية اللبنانية. صحيح ان القرار لم يحمل جديدا فالتوقعات والتسريبات استبقت الموقف، لكن اطلالة الرئيس سعد الحريري واعلان عزوفه عن الترشح وتعليق العمل في الحياة السياسية عَزفت بقوة على وتر اللبنانيين العاطفي وحركت مشاعرهم الجياشة لا سيما باستذكار والده واستحضار عباراته ومسيرته وحلمه للبنان.
هذا في الشق الانساني، اما في السياسة فألف سؤال وسؤال يرتسم حول الخطوة ومفاعيلها. لكن الاكيد ان ما بعد 24 كانون الثاني 2022 لن يكون كما قبله في تاريخ لبنان السياسي وتداعياته لا بدّ ستتجلى بداية بوضوح في الاستحقاق الانتخابي، بحيث ستتجه الانظار الى مصير اصوات الكتلة السنية الاكبر خصوصا ان الحريري لم يحصر قراره بالشخصي بل اعلن عدم تقدم المستقبل باي ترشيحات كتيار، بما قد يخلف ذلك على مستوى الغالبية النيابية وامكان فرض محور ايران سيطرته الكاملة على البرلمان.

الحريري
فقد اعلن الرئيس الحريري في مؤتمر صحافي عقده في بيت الوسط، تعليق عمله بالحياة السياسية، داعيا تيار المستقبل لاتخاذ الخطوة نفسها، وعدم الترشح للانتخابات النيابية وعدم التقدم بأي ترشيحات من تيار المستقبل أو باسم التيار، لاقتناعه بأن لا مجال لأي فرصة إيجابية للبنان، في ظل النفوذ الايراني والتخبط الدولي، والانقسام الوطني واستعار الطائفية واهتراء الدولة.

جلسة معيشية
قبل المحطة الحريرية، اتجهت الانظار الى قصر بعبدا حيث عقدت اولى جلسات مجلس الوزراء بعد فكّ الثنائي الشيعي اسره. وفي وقت سيطرت اجواء من الهدوء والايجابية على المناقشات، تركّز البحث على الشؤون المعيشية واليومية كما اشترط حزب الله وحركة امل.

مقررات
وعليه، أقر مجلس الوزراء مشروع مرسوم يرمي الى اعطاء مساعدة اجتماعية موقتة للعاملين في القطاع العام ، ووافقت الحكومة على مشروع مرسوم يرمي الى إعطاء تعويض نقل شهري مقطوع، بقيمة مليون و200 الف ليرة للعسكريين في الجيش وقوى الامن الداخلي والامن العام وامن الدولة والضابطة الجمركية وشرطة مجلس النواب… ومدّدت الحكومة العمل في الملاكات الموقتة وبمفعول قرارات وعقود الموظفين الموقتين والمتعاقدين بمختلف تسمياتها.

جلسات يومية
وقال وزير التربية والتعليم العالي ووزير الاعلام بالوكالة عباس الحلبي بعد الجلسة “تَقرَّر عقد جلسات متتالية للحكومة في السراي الحكومي، بدءا من التاسعة من صباح الغد(اليوم) إلى حين الإنتهاء من الموازنة، على ان تكون الجلسة الاخيرة بشأن الموازنة في القصر الجمهوري في بعبدا”. ودعا الحلبي جميع الأساتذة والعاملين والمتعاقدين في التعليم المهني والرسمي إلى العودة إلى المدارس بدءاً من صباح غد والقيام بكلّ ما يلزم للتعويض، مشيرا الى ان “المجلس أقرّ المنحة الاجتماعيّة ومضاعفة كلفة الساعة للمتعاقدين”.

عون
في مستهلّ الجلسة، رحّب رئيس الجمهورية بالوزراء بعد طول انقطاع تجمد خلالها عمل السلطة التنفيذية ممثلة بمجلس الوزراء، وان استمر عمل الوزراء افرادياً او عبر اللجان الوزارية. وقال “إن انقطاع جلسات مجلس الوزراء اثّر سلباً على انتظام عمل السلطة الإجرائية وزاد في تراكم الانعكاسات السلبية على الوضع العام في البلاد”. وأشار إلى أنني “سبق ان اكدت على احترام مبدأ فصل السلطات، وما حصل في الأشهر الماضية لم يكن وفقاً لهذه القاعدة الدستورية ما انعكس على الكثير من المطالب الحياتية للمواطنين”. وأكد عون ان عندما تكون الحكومة غير مستقيلة، لا يمكن لرئيسي الجمهورية والحكومة اصدار موافقات استثنائية.

ميقاتي
بدوره، قال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في مستهل الجلسة: “املي ان تكون جلساتنا مثمرة ونتعاون فيها بروح المسؤولية بعيدا من اي خلافات، وان ننطلق من ان الناس لم تعد تتحمل المناكفات وملّت الخلافات وتريد عملا منتجا وتعاونا بين الجميع لانتشالها مما هي فيه من ازمات ومخاطر.” اضاف “يسعدني ان نعاود جلسات مجلس الوزراء بعد انقطاع وان تستأنف حكومة “معا للانقاذ” مهامها بجدية وفاعلية لان التحديات الحاضرة والداهمة لم تعد تسمح بأي تأخير، ماليا واجتماعيا واقتصاديا”.

لا ضرائب
على صعيد الموازنة، وبينما استأنف لبنان مفاوضاته مع وفد صندوق النقد الدولي امس عبر تطبيق زوم، أكد وزير المال يوسف الخليل بعد جلسة مجلس الوزراء، أن “لا ضرائب جديدة، والدولار الجمركي هو دولار “صيرفة”. ولفت إلى أن “كل الكلام الذي أشيع غير صحيح بالنسبة إلى العجز، ولا صحة لرقم 30 في المئة بما أن العجز يُحتسب من إجمالي الناتج المحلي لا من مجمل النفقات”. وقال: لم نتفق بعد على سعر الصرف الذي يجب اعتماده، وبالنسبة إلى تعويضات النقل للعسكريّين فستحدد قيمتها غداً.

الورقة قيد الدرس
وسط هذه الاجواء، بقيت الورقة الكويتية لاعادة بناء الجسور بين لبنان والدول الخليجية، في الواجهة. وفيما رفض حزب الله التعليق على مضمونها واشارت مصادره لـ”المركزية” الى ان الحزب قد يصدر بيانا رسميا في شأنها، أعلن وزير الخارجية عبدالله بوحبيب بدء البحث بالورقة الكويتية.  وأشار بعد جلسة الحكومة الى ان “الورقة ستكون جاهزة قبل يوم السبت”. ومن المتوقع ان يحمل بو حبيب الجواب على الرسالة الى الكويت التي يزورها في 29 الجاري ليتسلم منها رئاسة مجلس وزراء خارجية الجامعة العربية.

الخارجية تدين
وكانت وزارة الخارجية والمغتربين دانت اليوم (امس) الاعتداء الصاروخي الذي تعرضت له امارة ابو ظبي والذي تمكنت الدفاعات الجوية من اعتراضه وتدميره، واكدت تضامنها مع دولة الامارات العربية المتحدة الشقيقة قيادةً وشعبًا في وجه اي اعتداء يطاول سيادتها وامنها واستقرارها وسلامة اراضيها.

الحريري يستودع الله هذا الوطن الحبيب: باقون بخدمة أهلنا وشعبنا ووطننا
وقرارنا هو تعليق أي دور أو مسؤولية مباشرة في السلطة والنيابة والسياسة

حسم الرئيس سعد الحريري الجدل في شأن توجهاته الانتخابية واعلن امس من بيت الوسط في كلمة القاها عند الرابعة والربع من بعد الظهر، تعليق عمله بالحياة السياسية، داعيا تيار المستقبل لاتخاذ الخطوة نفسها، وعدم الترشح للانتخابات النيابية وعدم التقدم بأي ترشيحات من تيار المستقبل أو باسم التيار، لاقتناعه بأن لا مجال لأي فرصة إيجابية للبنان، في ظل النفوذ الايراني والتخبط الدولي، والانقسام الوطني واستعار الطائفية واهتراء الدولة.
وأكد الرئيس الحريري البقاء “بخدمة اهلنا وشعبنا ووطننا، لكن قرارنا هو تعليق اي دور أو مسؤولية مباشرة في السلطة والنيابة والسياسة بمعناها التقليدي، وسنبقى من موقعنا كمواطنين متمسكين بمشروع رفيق الحريري لمنع الحرب الأهلية والعمل من اجل حياة افضل لجميع اللبنانيين. ونحن باقون بخدمة لبنان واللبنانيين، وبيوتنا ستبقى مفتوحة للارادات الطيبة ولأهلنا وأحبتنا من كل لبنان”.
موقف الرئيس الحريري جاء في كلمة وجهها إلى اللبنانيين عصر امس من “بيت الوسط”، في حضور أعضاء كتلة “المستقبل” النيابية وهيئة الرئاسة في تيار “المستقبل” ونقيب الصحافة عوني الكعكي وإعلاميين.
وفي ما يلي نص الكلمة:
“بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وقع الخيار علي لمواصلة مشروعه السياسي… لمواصلة مشروع رفيق الحريري، وليس لكي تبقى عائلة الحريري في السياسة، بغض النظر عن المشروع والمبادئ والظروف.
ومشروع رفيق الحريري يمكن اختصاره بفكرتين: أولا: منع الحرب الاهلية في لبنان، وثانيا: حياة افضل للبنانيين. نجحت في الاولى، ولم يكتب لي النجاح الكافي في الثانية.
لا شك ان منع الحرب الاهلية فرض علي تسويات، من احتواء تداعيات 7 ايار إلى اتفاق الدوحة الى زيارة دمشق إلى انتخاب ميشال عون إلى قانون الانتخابات، وغيرها.
هذه التسويات، التي اتت على حسابي، قد تكون السبب في عدم اكتمال النجاح للوصول لحياة افضل للبنانيين. والتاريخ سيحكم.
لكن الاساس، ان الهدف كان وسيبقى دائما تخطي العقبات للوصول إلى لبنان منيع في وجه الحرب الاهلية، ويوفر حياة افضل لكل اللبنانيين.
هذا كان سبب كل خطوة اتخذتها، كما كان سبب خسارتي لثروتي الشخصية وبعض صداقاتي الخارجية والكثير من تحالفاتي الوطنية وبعض الرفاق وحتى الاخوة.
قد اكون قادرا على تحمل كل هذا، لكن ما لا يمكنني تحمله هو ان يكون عدد من اللبنانيين الذين لا ارى من موجب لبقائي في السياسة سوى لخدمتهم، باتوا يعتبرونني احد اركان السلطة التي تسببت بالكارثة والمانعة لأي تمثيل سياسي جديد من شأنه ان ينتج حلولا لبلدنا وشعبنا.
من باب تحمل المسؤولية، كنت الوحيد الذي استجاب لثورة 17 تشرين 2019 فقدمت استقالة حكومتي. وكنت الوحيد الذي حاول بعد كارثة 4 آب في بيروت تغيير طريقة العمل عبر حكومة من الاختصاصيين. واللبنانيون يعرفون في الحالتين ما كانت النتيجة، وهم يتكبدون من لحمهم الحي كلفة الانكار.
ومن باب تحمل المسؤولية أيضا، ولأنني مقتنع ان لا مجال لأي فرصة إيجابية للبنان في ظل النفوذ الايراني والتخبط الدولي، والانقسام الوطني واستعار الطائفية واهتراء الدولة، اعلن التالي:
أولا، تعليق عملي بالحياة السياسية ودعوة عائلتي في تيار المستقبل لاتخاذ الخطوة نفسها.
ثانيا:  عدم الترشح للانتخابات النيابية وعدم التقدم بأي ترشيحات من تيار المستقبل أو باسم التيار.
لأحبتي ابناء وبنات مدرسة رفيق الحريري أقول:
نحن باقون بخدمة اهلنا وشعبنا ووطننا، لكن قرارنا هو تعليق اي دور أو مسؤولية مباشرة في السلطة والنيابة والسياسة بمعناها التقليدي، وسنبقى من موقعنا كمواطنين متمسكين بمشروع رفيق الحريري لمنع الحرب الأهلية والعمل من اجل حياة افضل لجميع اللبنانيين.
نحن باقون بخدمة لبنان واللبنانيين، وبيوتنا ستبقى مفتوحة للارادات الطيبة ولأهلنا وأحبتنا من كل لبنان.
لا انسى فضلكم، ومحبتكم وتعاونكم في أصعب الاوقات. لا أنسى فضل بيروت الغالية وأهلها وشهدائها ومساجدها وكنائسها وروحها التي لا مثيل لروعتها في العالم، وطرابلس الفيحاء وصلابتها وصبرها ووفائها العظيم، وعكار الابية والسلام على اهلها وعشائرها وبلداتها، وجنائن الضنية وشواطئ المنية وروابي زغرتا والكورة والبترون وزهر القلمون، والبقاع بشرقه وشماله وغربه واوسطه، والجبل بكل قممه من المختارة وبكركي التي اضاءت الشموع والقلوب لرفيق الحريري، والاقليم، ومربض طفولتنا وعرين العمة واطيب الناس في صيدا، والجنوب وأهل الوفاء في العرقوب وحاصبيا وراشيا.
والشكر من صميم قلبي لاحبائي ورفاق ورفيقات دربي في تيار المستقبل، ولدار الفتوى وسيدها والعمائم البيضاء تحت قبتها.
أخيرا، قد يكون افضل الكلام في هذه اللحظة ما قاله رفيق الحريري في بيان عزوفه قبل 17 عاما: “أستودع الله سبحانه وتعالى هذا البلد الحبيب لبنان وشعبه الطيب. واعبر من كل جوارحي عن شكري وامتناني لكل الذين تعاونوا معي خلال الفترة الماضية”.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *