الرئيسية / صحف ومقالات / النهار: العاصفة الخليجية تحاصر الحكومة بين انقساماتها
النهار

النهار: العاصفة الخليجية تحاصر الحكومة بين انقساماتها

كتبت “النهار” تقول:غداة عودة رئيس الحكومة #نجيب ميقاتي من غلاسكو وإطلاقه موقفاً بارزاً سعياً إلى حل يحتوي عاصفة الازمة المتصاعدة بين لبنان وال#دول الخليجية، بدا واضحاً ان تداعيات الانسداد في معالجة هذه الازمة ارتدت على البيت الحكومي وباتت تتهدد الحكومة بمزيد من الشلل والعلاقات بين شركائها بمزيد من التباينات والانقسامات. ذلك ان المواقف التي أعلنها ميقاتي أول من أمس من السرايا وكان محورها دفعه نحو استقالة طوعية لوزير الاعلام جورج قرداحي والتي رفضت فوراً على لسان قرداحي نفسه و”حزب الله” أدت إلى إعادة الوضع الحكومي برمته إلى نقطة الصفر، أي إلى ما قبل لقاءات غلاسكو بحيث كان تعطيل جلسات مجلس الوزراء بسبب مسألة مطالبة الثنائي الشيعي بتنحية المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت، وبعدها بسبب احداث الطيونة، قد شلّ الحكومة فجاءت مسألة التداعيات السعودية والخليجية لتصريحات قرداحي لتفاقم الشلل الحكومي. والجديد الذي اثاره صدّ طروحات ميقاتي في الساعات الأخيرة، ان شبح ازمة استعصاء الحل او التسوية، تضخم وصار الأولية الأشدّ الحاحاً لتجنب انزلاق البلاد نحو متاهات جديدة ومحدثة من تجارب التعطيل تحت وطأة احتمالين كلاهما سلبي: الأول تسليم رئيس الحكومة او بالأحرى الاستسلام لواقع يحول الحكومة التي بالكاد أقلعت عندما شلتها مقاطعة الثنائي الشيعي إلى حكومة تصريف اعمال إذا ارتضى التعايش طويلا مع معادلة شل مجلس الوزراء والحؤول دون انعقاده الا بالرضوخ لشروط رافضي طروحاته الشركاء الحكوميين. والثاني تصاعد الانقسامات إلى حدود تفتق تداعيات جديدة داخل الصف الحكومي ربما تؤدي إلى استقالتها كلا. ومع ان تبين الخط البياني للمأزق الحكومي يحتاج إلى أيام في ظل معرفة الاتجاهات الحاسمة للقوى المعنية والمنضوية داخل الحكومة، فان المعطيات التي أمكن تلمسها أمس من دوائر الرئاسات الثلاث والقوى السياسية الأخرى بدت متشائمة للغاية حيال إمكانات التوصل إلى مخرج قريب. ولعلّ المفارقة الناشئة عن هذه المعطيات هي في تأكيدها ان لبنان الرسمي بات يتخبط في تداعيات مؤذية لمسار تصعيدي مزدوج خارجي مع انعكاسات العاصفة الخليجية وداخلي مع انعكاسات الازمة الحكومية الناشئة.

وإذ لم يُسجّل أمس اي تحرك علني ولا اي بوادر حلحلة في اي من الملفات، بدا “حزب الله” على تشدده وتصلّبه خصوصا في ما يخص اطاحة المحقق العدلي في انفجار المرفأ طارق البيطار والتمسك بوزير الاعلام جورج قرداحي.

وفي انتظار ما سيعلنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله من هذه القضايا، حيث أعلن امس انه سيتحدث في “يوم شهيد حزب الله”، عصر الخميس المقبل، ووسط صمت مستمر يلتزمه رئيس مجلس النواب نبيه بري ونوابه ازاء الازمة الخليجية، نقل عن مصادر قريبة من عين التينة ان الرئيس بري قدم مبادرة تلقفها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وسوّقها الا ان ابواب بعبدا اوصدت في وجهها، فما جدوى اطلاق مبادرات جديدة ما دام مصيرها الحتمي على هذا النحو.

 

لودريان مجددا

وعلى الصعيد الخارجي مضت فرنسا في إطلاق مؤشرات حيال اهتمامها بمتابعة الوضع في لبنان، اذ أكدت وزارة الخارجية الفرنسية أمس أنها على “اتصال وثيق بجميع الأطراف المعنيين بالنزاع المستجد بين الدول العربية ولبنان”. ودعا وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في تصريح نشره موقع الخارجية الفرنسية، “جميع الأطراف وكذلك المسؤولين اللبنانيين، إلى تعزيز التهدئة والحوار لصالح الشعب اللبناني واستقرار لبنان”، مشددا على أنه “أمر حاسم للمنطقة”. واعتبر لودريان أن “فصل لبنان عن الأزمات الإقليمية له أهمية أساسية”. وقال: “يجب أن يكون لبنان قادراً على الاعتماد على جميع شركائه الإقليميين لدعمه على طريق تطبيق الإصلاحات”.

إلى ذلك، تبلغ الرئيس ميقاتي أمس من المنسقة الخاصة للأمم المتحدة لشؤون لبنان يوانا فرونتسكا، التي زارت بكركي ايضا، “كل الدعم لحكومته وتشجيعها على المضي بالاصلاحات المطلوبة”. واوضحت فرونتسكا إن “الهدف من هذه اللقاءات التشاورية هو الإطلاع على مجرى التطورات السياسية في لبنان ووضع تقويم موضوعي، كما تطرقنا إلى مجمل الأوضاع العامة في لبنان، وشرح لنا دولة الرئيس أين نحن من هذه الأوضاع، فأبدينا كل الدعم لعمل الحكومة مشجعين على المضي في الإصلاحات المطلوبة، كما أطلعتُ دولة الرئيس على معطى إيجابي يتمثل بتنظيم لقاء تحت عنوان “المنصة الإنتخابية” يوم الإثنين المقبل في الثامن من الجاري برعاية وزارة الداخلية والبلديات وبمشاركة السفراء المعتمدين في لبنان بهدف التركيز على مجريات الإنتخابات المقررة في آذار المقبل ودعم لبنان على هذا الصعيد، فنحن نعتقد أن إجراء الإنتخابات ضمن المهل الدستورية هو قرار يخص اللبنانيين وأن منظمة الأمم المتحدة ستقف داعمة لهم”.

يشار إلى ان رئاسة الجمهورية أعلنت أمس رسميا ان قانون تعديل قانون الانتخاب بات نافذاً حكماً بعد رفض رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إصداره وعدم توقيعه لعدم أخذ مجلس النواب بملاحظاته حول المخالفات الدستورية والقانونية التي شابته. وقد صدر في ملحق العدد 43 من الجريدة الرسمية القانون النافذ حكماً الرقم 8 الصادر بتاريخ 3/11/2021 القاضي بتعديل بعض مواد القانون الرقم 44 تاريخ 17/6/2017 المتعلق بانتخاب اعضاء مجلس النواب. ولم يقترن تعديل القانون بتوقيع رئيس الجمهورية ميشال عون الذي سبق ان ردّه إلى مجلس النواب طالباً إعادة النظر فيه لوجود مخالفات دستورية وقانونية فيه تم ادراجها بالتفصيل في الكتاب الذي ارسله الرئيس عون إلى مجلس النواب قبل اسبوعين.

 

شكوك وبلبلة

في غضون ذلك ارتسمت ظلال من الشكوك المتجددة حول ملف التحقيق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت اذ سادت بلبلة في العدلية حول كف يد القاضي طارق البيطار موقتا، وآلية تعيين القاضي حبيب مزهر رئيس الغرفة الرقم 12 في محكمة الاستئناف المدنية، وضمّ ملفي القاضيين البيطار ونسيب ايليا في ملف واحد.

وأشارت معطيات قضائية إلى انه عندما تقدم وكلاء الدفاع عن الوزير السابق يوسف فنيانوس، بطلب رد القاضي البيطار، اعتبر رئيس الغرفة رقم 12 في محكمة الاستئناف المدنية، بأنه سبق ان اعطى رأيًا مسبقًا في قضية مشابهة، وبالتالي، لن يتمكن البتّ بهذه الدعوى، ويومها اتى الجواب من الرئيس الاول لمحكمة الاستئناف القاضي حبيب رزق الله بأن الدعوَيين المقدمتين من الوزيرين علي حسن خليل وغازي زعيتر منفصلتان ومستقلتان، لذا يمكن للقاضي ايليا ان يبت بدعوى الوزير فنيانوس. وأشارت هذه المعطيات إلى ان القاضي نسيب ايليا كلف يومها وكلاء الدفاع عن الوزير فنيانوس لمناقشة الصلاحية النوعيّة، حيث اعتبرت هذه المحكمة انها غير مختصّة لرد محقق عدلي، ولكن خلافا لما طلبه ايليا، لم يأت جواب من وكلاء الدفاع عن الوزير فنيانوس، خلافا لما قاله وكيل الوزير فنيانوس المحامي طوني فرنجية بأنه ناقش وقدّم مذكرة. واكدت المعطيات نفسها انه خلال انتظار القاضي ايليا الرد من قبل وكلاء فنيانوس، كانوا قد تقدّموا بطلب كف يد القاضي ايليا، وهنا السؤال، طالما ان الرد فقط متعلق بالقاضي ايليا فمن قرر ضم الملفين، ملف البيطار مع ملف ايليا.

ولاحقا، أكدت محكمة الاستئناف المدنية لنقابة المحامين انها كلفت القاضي حبيب مزهر للنظر في قضية رد القاضي نسيب ايليا حصراً لا القاضي طارق بيطار.

وغرّد عضو “تكتل الجمهورية القوية” النائب جورج عقيص وكتب: “ان ما يجري في العدلية اليوم سيترك جروحاً عميقة في الجسم القضائي. مزيج من التعسف باستعمال الحق، والتحدي والتهديد والشخصنة. ضحايا ما يجري: شهداء انفجار المرفأ الذين يعاد قتلهم اليوم عمداً والعدالة او جنين العدالة الذي يجهض في رحم الامل ببناء وطن جديد”.

 

الموقوفون من جانب واحد

ووسط هذه الأجواء لوحظ ان ملفي موقوفي عين الرمانة وخلدة بدأا يشكلان حالة أهلية – امنية اعتراضية تنذر بتداعيات وتضع القضاء امام محك خطير لجهة اتهامه بالانحياز وعدم التعرض اطلاقا لقوى “الامر الواقع” في مقابل الاقتصاص من جهات مناوئة. فغداة الاعتصامات التي نفذها أهالي موقوفي عين الرمانة احتجاجا على اقتصار التوقيفات عليهم ومعاملتهم بطرق مخالفة للقوانين وحقوق الانسان، نفذ أمس عرب خلدة اعتصاما قطعوا خلاله الطريق عند أوتوستراد خلدة، طريق المطار والشويفات وسط انتشار أمني كثيف، احتجاجاً على قرار قاضي التحقيق العسكري الأول بالإنابة فادي صوان، حيث اعتبروا أنّ “المحكمة العسكرية تفتري على الشبّان في أحداث خلدة”، موضحين أنّه لم يتمّ حتّى الساعة توقيف أيّ أحد من المعتدين على المنطقة التابعين لـ”حزب الله”. وأشاروا في بيان إلى أن “أهالي الموقوفين يعبّرون عن استيائهم الشديد من الافتراءات التي تقوم به المحكمة العسكرية حيث لا يزال واحد وعشرون شاباً من خلدة معتقلين لديها ولم يلق القبض حتّى الساعة على أيّ من عناصر “حزب الله” المسلحة التي اعتدت على خلدة وروعت النساء والأطفال والشيوخ وهؤلاء معروفون بالأسماء والعناوين عند الأجهزة الأمنية المتابعة”.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *