كتبت صحيفة “الأنباء” الالكترونية تقول: فيما الغلاء الزاحف إلى جيوب الفقراء لتنظيفها والسطو على ما تبقى من مدخراتهم على أبواب الشتاء الواعد بالمزيد من الازمات الخانقة وآخرها أزمة مادتي المازوت والغاز المنزلي المفقودتين أصلاً، انشغلت الأوساط السياسية والأمنية بالحريق الذي اندلع في احد خزانات منشآت النفط في الزهراني والذي تمكنت فرق الاطفاء والدفاع المدني من السيطرة عليه قبل ظهر امس ومنع ألسنة اللهب من التحول إلى كارثة جديدة.
وفيما التحقيقات جارية لمعرفة مسببات هذا الحريق الذي يطرح أكثر من سؤال في هذه الظروف التي يعيش فيها لبنان أزمة محروقات حادة، قللت مصادر الدفاع المدني في اتصال بجريدة “الانباء” الالكترونية من إمكانية أن يكون الحادث مفتعلا، ورَجَّحت الفرضية التي تحدث عنها وزير الطاقة وليد فياض، الذي انتقل الى الزهراني بطلب من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وهي أن الحريق ناتج عن عطل تقني، وعلى الارجح بسبب الاختلال الذي حصل في خزان التفريغ، الأمر الذي غالباً ما يحصل نتيجة الالتواء أثناء عملية التفريغ، مشيرة الى انه “بانتظار الانتهاء من التحقيق، تبقى فرضية الخطأ التقني تتقدم على فرضية الحريق المتعمد”.
على خط آخر، يعقد مجلس الوزراء بعد ظهر اليوم اجتماعه الثالث في القصر الجمهوري بحضور رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة نجيب ميقاتي وعلى جدول أعماله بند واحد يتعلق برؤية كل وزير في الحكومة حول أمور وزارته والحلول المقترحة لمعالجة الازمات التي هي من اختصاصه.
مصدر حكومي علّق على هذا الموضوع بالقول انها فكرة جيدة تفرض على كل وزير أن يضع لائحة للمشاريع التي ينوي تنفيذها بحسب الأولويات، وسيتم التركيز على تنفيذ المشاريع التي تخرج لبنان من أزماته وهي كثيرة وملحة ومتشعبة.
المصدر الحكومي توقع أن يطرح رئيس الحكومة من خارج جدول الاعمال موضوع الاتصالات التي أجراها مع صندوق النقد الدولي وانطلاق المفاوضات معه للتعجيل في المساعدات وبالأخص في موضوع الكهرباء، كما سيضع وزير الطاقة الحكومة في أجواء الاتصالات التي أجراها في كل من مصر والأردن بشأن استجرار النفط والغاز من هذين البلدين ورؤيته لكيفية التسريع بتنفيذ هذا المشروع.
توازياً، وبعد أن ردت محكمة الاستئناف طلب كف يد المحقق العدلي طارق البيطار عن التحقيق في ملف تفجير المرفأ للمرة الثانية في أقل من شهر، يبدو ان هذه القضية تتجه الى التصعيد بعد رفض المسطّر بحقهم مذكرات جلب الحضور الى المحكمة والاستماع الى افاداتهم.
في هذا السياق تقدم النائبان غازي زعيتر وعلي حسن خليل بدعوى ضد القاضي البيطار. وقد أشار رئيس مؤسسة JUSTICIA الحقوقية المحامي بول مرقص عبر “الأنباء الالكترونية” الى أن المادة /123/ أ.م.م. تنصّ في فقرتها الأخيرة على ما يلي:
“يقدم عرض التنحي أو طلب الرد في ما يتعلق بقضاة محكمة التمييز إلى هذه المحكمة فتنظر فيه غرفة من غرفها يعينها الرئيس الأول لمحكمة التمييز”،
وبالتالي كون المحقق العدلي ليس من عداد قضاة محكمة التمييز بل هو تابع لمحكمة جزائية استثنائية من نوع خاص، هي المجلس العدلي، المنصوص عنها في المواد 355 لغاية المادة 367 أصول محاكمات جزائية كما كان قضى اجتهاد محكمة الاستئناف رقم 2021/64 بخصوص دعوى الرد الذي تقدم بها النائب نهاد المشنوق أمامها مؤخراً، وقبلها عام 2007، لذلك يعتبر القرار الذي صدر عن محكمة التمييز المدنية في تاريخ 2021/10/11 مماثلا لجهة عدم اختصاصها نوعياً للنظر بطلب الرد هذا”.
كما وكان ملفتاً بحسب المرجع القانوني عدم تبليغه للمحقق العدلي طارق البيطار، تفاديًا لهدر الوقت ووقف إجراءات التحقيق.
وبهذا تكون المحاولات القانونية والقضائية أمام المدعى عليهم للإطاحة بالقاضي البيطار، قد تعذرت، ولا يبقى سوى تحرك مجلس النواب بعد 19 تشرين الأول من العام الحالي مع تعذر فتح دورة استثنائية فورية لمجلس النواب، واذ ذاك يضيف الدكتور مرقص تفعّل الحصانات وتصبح القضية في ملعب المجلس النيابي مع بدء عقده الثاني حينما ستسعى كتل نيابية إلى ربط صلاحيته، مع ما قد يثيره ذلك من تنازع اختصاص بينه وبين المحقق العدلي الذي يكون قد سار في إجراءاته قبل عودة المجلس إلى الانعقاد.
وتوقف الدكتور مرقص عند كيف ان المحكمة لم تبلغ المحقق العدلي بطلب الرد تجنباً لتوقفه عن متابعة إجراءاته دون طائل طالما هي اعتبرت أنها لن تضع يدها على الملف لكون القاضي البيطار ليس من عداد القضاة الذين تنظر بردّهم.
وبحسب المرجع القانوني، فإن الأنظار شاخصة الى المسرح النيابي حيث السعي اما لفتح دورة استثنائية فورا او انتظار 19 من الشهر الجاري في مسعى لوضع مجلس النواب يده على الملف عبر الاحالة الى التحقيق البرلماني والمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وهما مخرجان يراهما متعذران لوقف عمل المحقق العدلي القانون.
فهل يلتهب الشارع في ظل تنازع الاختصاصين القضائي والنيابي خصوصا مع امكان ذهاب القاضي البيطار إلى إصدار مذكرات توقيف غيابية؟ هذا ما يخشاه مرقص.