الرئيسية / صحف ومقالات / النهار: جسر للنفط الإيراني… “حزب الله” يختزل الدولة!
النهار

النهار: جسر للنفط الإيراني… “حزب الله” يختزل الدولة!

لم يعد ثمّة شكّ في ان المسار الحارق لأزمة المحروقات الذي تقدم بأشواط المسار المتعثر لتأليف الحكومة، بات يظلل العمق الحقيقي لواقع تعطيل تشكيل الحكومة خصوصاً مع الدلالات الإضافية التي أبرزتها كلمة الأمين العام لـ”حزب الله ” السيد حسن نصرالله مساء امس والتي كشفت الاتجاه الى إقامة “جسر ملاحي” بحري لاستقدام سفن المحروقات الإيرانية، كما ذهب ابعد الى الكشف عن امتلاك حزبه شركات للتنقيب عن النفط والغاز في البحر. والحال ان المواقف الجديدة التي اعلنها نصرالله اكتسبت دلالات بالغة السلبية حيال الدولة كلاً لجهة ظهور الحزب منافساً أساسياً لها في استيراد المحروقات، ولو نفى الحزب ذلك، من دون أي اذن او موافقة رسمية، بل إمعان في توريط لبنان في مسار صراع دولي – أقليمي ومسار عقوبات أميركية، فضلاً عما يمكن ان يتركه هذا النمط الطالع الجديد من تعميق للانقسامات الداخلية وانعكاسات إضافية باتت شبه حتمية على عملية تشكيل الحكومة. وأثارت مواقف نصرالله الذي شنّ حملة شعواء على الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية تساؤلات محرجة جديدة لجهة معنى حملة الانتقادات التي شنها اول من امس رئيس الجمهورية ميشال عون على كل من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وحكومة تصريف الاعمال ومجلس النواب لانهم لم يستجيبوا مطالبه في ملف رفع الدعم عن المحروقات فيما استمر في تجاهل اتخاذ أي موقف من الاتجاهات الخطيرة لحليفه السيد نصرالله على رغم ما تشكله من استحقاقات داهمة قد تنزلق اليها البلاد برمتها خارجياً وداخلياً.

وكشفت أوساط مطّلعة ان مسألة بواخر المحروقات الإيرانية تثير محاذير كبيرة لجهة امكان تعريض “حزب الله” لبنان لعقوبات دولية نتيجة خضوع النفط الإيراني للعقوبات، بما يعكس ملامح إلحاق محور “الممانعة” للبنان بوضع فنزويلا بعد الانهيار التدريجي المرتبط بغياب الإصلاحات الاقتصادية والتضخم الذي يصعد أدراجه بما يشبه بداية الأزمة التي عرفها النموذج الفنزويلي. في ظل ذلك، بات سياسيون مطلعون يستبعدون ولادة الحكومة في القريب العاجل بعد الرسائل التصعيدية الواضحة التي وجّهها تباعاً الأمين العام لـ “حزب الله”، بما يؤكّد أن المشكلة أبعد من الحدود الداخلية أو من المطالبة بحقائب معيّنة أو بعدد من الوزارات كحصر الموضوع بمسألة “الثلث المعطّل”. وثمة من يشير بوضوح إلى ارتباط عرقلة الحكومة بمقاربة “حزب الله” الذي يمتلك مشروعاً واضحاً يريد تطبيقه في لبنان، من دون إغفال كميّة المعاني والدلالات التي تحملها رسالة بواخر الوقود الإيرانية التي تعني صراحةً نيّة في السيطرة على المحرّك الأساسي للاقتصاد اللبناني وربطه بواقع إيران المرتبط بالعقوبات، بما يعني مزيداً من التدهور، بدلاً من الاحتكام إلى سلوك بداية طريق الانقاذ عبر التفاوض حول برنامج إصلاحي مع صندوق النقد الدولي الذي يعتبر الجهة العلمية الوحيدة التي يمكنها رعاية المشروع الإصلاحي في البلاد.

التعقيدات الحكومية
في أي حال، فإن المعطيات المتوافرة عن عملية تشكيل الحكومة لا توحي بان الأيام الأخيرة شهدت أي خرق جدي وكاف لتوقع ولادة قريبة للحكومة حتى ان بعضهم عاد يتحدث عن توازن سلبي بين احتمالات التأليف والاعتذار. فحتى مساء امس لم يكن ثمة موعد محدد جديد للقاء جديد بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي. وأشارت المعلومات المتوافرة الى عدم تحقيق أي تقدم من خلال زيارات وتحركات المستشارين في الأيام الأخيرة حيال عقبات حقائب الداخلية والعدل والطاقة والشؤون الاجتماعية. وذكر بعض المعلومات ان قرابة عشر حقائب او اكثر بقليل كان حصل التوافق عليها بين الرئيسين، لكن ذلك لا يعتبر ثابتاً قبل معرفة مصير بتّ الحقائب الأساسية الأخرى التي حالت دون استكمال التوافق على مجمل التشكيلة.
في غضون ذلك هاجم السيد نصر الله في كلمته امس ما وصفه بـ “تدخلات السفارة الاميركية سواء مع الشركات والبلديات وبعض جمعيات المجتمع المدني”. كما اتهم “الدور السعودي بالسعي الى خلق فتنة طائفية لكنهم فشلوا”. واتهم البعض بـ “الجهل والتهويل لجهة التلويح بالعقوبات الدولية”، لافتا الى رفعها عن إيران مؤخراً “وهي تختلف عن العقوبات الاميركية”. وذكر أنه “بحسب معلوماته، أن السفارة الاميركية فوجئت بالاعلان عن استقدام سفينة النفط واعتبرته غير جدي”. وأعلن أن “السفينة الثانية ستبحر بعد أيام، وستلحق السفينة الأولى التي صارت في عرض البحر”، مؤكدا “مواصلة هذا المسار طالما أن البلد محتاج، وبهدف تخفيف معاناة الناس”.
وشدد على أن “النفط الذي نأتي به هو لكل اللبنانيين، والمستشفيات والأفران، وأننا لسنا بديلاً من الدولة، ولسنا بديلا من الشركات التي تستورد المحروقات ولسنا في مجال التنافس مع أحد” موضحا أنه سيعلن عن آلية عمل السفينة وسبل تفريغها قريبا. وتوقف عند اتصال السفيرة الاميركية برئيس الجمهورية يوم أعلن استقدام سفينة النفط، وما اخبرته يومها بالسعي لاستجرار الغاز من مصر عبر الاردن وسوريا، وأيضا الكهرباء من الاردن عبر سوريا، معلنا ترحيبه “بكل خطوة تحصل لتخفف عن معاناة الناس” وقال : “نحن انتصرنا، وكلام السفيرة الاميركية يدينها، لأن اميركا كانت تمنع الكهرباء عن لبنان، رغم سعي مصر والاردن الى ذلك قبل سنوات”.
كلام نصرالله عن المحروقات اعقب الاجراء الذي اتخذ في اجتماع بعبدا السبت والذي سيبدأ على أساسه تنفيذ التسعيرة الجديدة للمحروقات على إساس احتساب الدولار “النفطي ” بـ 8000 ليرة بكلفة دعم استثنائي تتحمله الدولة حتى نهاية أيلول ويقدر بـ 225 مليون دولار. وستشكل الأيام الطالعة اختباراً لمدى جدوى هذا الاجراء الموقت الذي يثير محاذير كثيرة اكثر مما يحمل إيجابيات ولو انه ربما يخفف ظاهرة ازدحام الطوابير عند المحطات.

الراعي
وفي موقف جديد عالي النبرة حيال المسؤولين ، لفت البطريرك الماروني الكاردينال مار #بشارة بطرس الراعي امس الى انه ” بعد سنة وشهر بات واضحًا للجميع – رغم الوعود الفارغة – أن المسؤولين في لبنان لا يريدون حكومة، تاركين الشعب يتدبّر امره بيده. وهو يفعل ذلك ولو بالاذلال، ويحافظ على ما لم يحافظوا هم عليه. وإذا سألتهم: لماذا؟ فلا يعرفون! ولذا، يتبادلون التهم ليلًا ونهارًا”. وقال :”ان كلمة الله تصرخ بكم، أيها المسؤولون: أوْقِفوا التلاعبَ بمشاعرِ الشعبِ وتعذيبه. أوْقِفوا العبث بمصيرِ الوطنِ والدولة، واستنزافَ تشكيلةٍ وزاريّةٍ بعد تشكيلة، واختلاقَ شروطٍ جديدةٍ كلّما حُلَّت شروطٌ قديمة. ضعوا حدًّا لنهجِ التعطيلِ والسلبيّةِ ودربِ الانتحار. اننا نُدين التزامكم تصفيةَ الدولةِ اللبنانيّةِ بنظامِها وميثاقِها ودورِها التاريخيِّ ورسالتِها الإنسانيّةِ والحضاريّة. لقد بات واضحًا أنّكم جُزءٌ من الانقلابِ على الشرعيّةِ والدولة، وأنّكم لا تريدون لبنانَ الذي بناه الآباءُ والأجدادُ أرضَ لقاءٍ وحوار، وأنّكم لا تريدون حكومةً مركزيّةً بل تَتقصَّدون دفعَ الشعبِ عَنوةً ورغمًا عنه إلى إدارةِ شؤونِه بنفسِه، وإلى خِيارات يَنأى عنها منذ خمسين سنة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *