الرئيسية / صحف ومقالات / النهار: فضيحة السرايا: ردّ ناريّ لغريو على دياب
النهار

النهار: فضيحة السرايا: ردّ ناريّ لغريو على دياب

اذا كانت معظم القوى السياسية رصدت ما يمكن أن تؤدي اليه المشاورات السياسية المتجددة حول ملف ازمة #تشكيل الحكومة، وتابعت كذلك زيارة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري #الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني لبيروت امس، وما اذا كانت تندرج في اطار بذل الجهود الصديقة للبنان لحلحلة ازمته الحكومية المستعصية، فان ذلك بدا عاملاً إضافياً لتظهير المهزلة بل الفضيحة الديبلوماسية والمعنوية التي توالت فصولها في الساعات الماضية عبر رمي تبعات الانهيار اللبناني على المجتمع الدولي.

ذلك ان هذا الفصل الباهت والمفتعل من تداعيات المشهد السياسي الداخلي بدأ أولا مع الاتهام الذي وجهه الأمين العام لـ”حزب الله” السيد #حسن نصرالله الى الولايات المتحدة وسفارتها في بيروت، بممارسة سياسة الحصار على لبنان، رامياً كرة الانهيار بالكامل عند الاميركيين ومتجاهلا دوره الساحق مع حليفه العهد وتياره في تعطيل تشكيل الحكومة حتى الساعة. واذا كانت أدبيات “حزب الله” لا تفاجئ المراقبين باتهامه الاميركيين في كل شاردة وواردة، فان المفاجأة جاءت امس من رئيس حكومة تصريف الاعمال #حسان دياب الذي استدعى السفراء ليدق أجراس الإنذار حيال الانهيار والانفجار الاجتماعي، ويحمل بدوره ممثلي المجتمع تبعات ما اعتبره إدارة ظهر العالم للبنان، متجاهلا الإدانة العالمية للسلطة التي يجسدها، كما متجاهلا وجود ممثلي دول عدة تمد لبنان بالدعم المتواصل.

وقد يكون أسوأ ما تعرض له دياب كما لبنان الرسمي والحكومي جراء هذا الانزلاق، ان هذا الموقف استدعى رداً سريعاً وحاداً وغير مسبوق في العلاقات الديبلوماسية المباشرة وعالي السقف من السفيرة الفرنسية #آن غريو التي بادرت الى إلقاء كلمة فورية نارية قالت فيها ان هذا الاجتماع محزن ويأتي متأخراً، وان الازمة اللبنانية هي نتاج سوء ادارة و#فساد استمرا عقوداً، وليست نتاج حصار خارجي، والمسؤولية تقع على الطبقة السياسية وليس على الدول. فأنتم تحاصرون أنفسكم بعدم تشكيل حكومة، مذكرة بالدعم الذي تقدمه باريس وشركاؤها للبنان وتشديد فرنسا والشركاء على تشكيل الحكومة لتكون محاوراً للخارج لمساعدة لبنان وشرحت ما قامت وتقوم به فرنسا عبر مؤتمرات الدعم للبنان ولم تنتظر. وعرضت تفصيلا ارقام الدعم المالي للبنان. وأكدت ان الحكومة المستقيلة قادرة حتى في وضع تصريف الاعمال ان تفاوض الهيئات المالية الدولية لمعالجة التدهور الخطير الذي وصل اليه الوضع في لبنان.

وفيما كانت السفيرة غريو تتابع إلقاء كلمتها قطع البث المباشر من السرايا الامر الذي حال دون معرفة ما إضافته السفيرة الفرنسية من ملاحظات قاسية مع بقية السفراء.

وقد اعتبر دياب في كلمته ان “الصورة أصبحت واضحة: لبنان واللبنانيون على شفير الكارثة و لكن، أؤكد لكم أن الخطر الذي يهدد اللبنانيين لن يقتصر عليهم. عندما يحصل الارتطام الكبير، سيتردد صدى تداعياته خارج جغرافيا لبنان إلى المدى القريب والبعيد، في البر والبحر. لن يستطيع أحد عزل نفسه عن خطر انهيار لبنان. إن الاستقرار في لبنان هو نقطة ارتكاز الاستقرار في المنطقة. ومع وجود نحو مليون ونصف مليون نازح سوري ومئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين، سيكون من الصعب التكهّن بنتائج انهيار الاستقرار في لبنان”. وقال “إن هذه الوقائع تدفعنا للتأكيد أن العالم لا يستطيع أن يعاقب اللبنانيين أو أن يدير ظهره للبنان، لأن الاستمرار في هذه السياسة سيؤدي حتماً إلى انعكاسات خطيرة فتخرج الأمور عن السيطرة بحيث يسود التشدّد في العصبيات.” وحذر من ان “ربط مساعدة لبنان بتشكيل الحكومة أصبح يشكل خطراً على حياة اللبنانيين وعلى الكيان اللبناني، لأن الضغوط التي تُمارس والحصار المطبق على لبنان لا يؤثر على الفاسدين، بل يدفع الشعب اللبناني وحده ثمناً باهظاً يهدد حياته ومستقبله كما يهدد لبنان كنموذج ورسالة في العالم.. وإن الاستمرار بحصار ومعاقبة اللبنانيين، سيدفع حكماً لتغيير في التوجهات التاريخية لهذا البلد، وسيكتسب هذا التغيير مشروعية وطنية تتجاوز أي بعد سياسي”.

المؤتمر الثالث

وفي السياق، افادت مراسلة “النهار” في باريس رندة تقي الدين انه على رغم التعطيل القائم في لبنان لخريطة الطريق الفرنسية التي وافق عليها رؤساء الكتل النيابية والاحزاب في لبنان خلال زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى بيروت، شرح مسؤول رفيع لـ”النهار” ما قالته السفيرة الفرنسية آن غريو في لبنان من ان الرئيس الفرنسي سيترأس قبل نهاية تموز الجاري مؤتمر دعم للشعب اللبناني سيحاول جمع #المساعدات وهو مؤتمر عبر الفيديو سيكون المؤتمر الثالث لدعم الشعب اللبناني، وتعمل فرنسا على التحضير له،. ويزور لبنان في هذا الاطار المسؤول عن المساعدات الاقتصادية الفرنسي #بيار دوكان للنظر في الحاجات الملحة للشعب اللبناني. واهمية هذا المؤتمر انه سيعقد قبل ايام قليلة من الذكرى الاليمة لانفجار المرفأ في بيروت وزيارة ماكرون الى لبنان والتعطيل الذي تبعها واستمر سنة منذ زيارته وهو ما زال وحده يحاول التعبئة من اجل الشعب اللبناني.

وعلى الصعيد الداخلي حمل رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع بعنف على موقف دياب وقال مخاطبا إياه ” دعني أسألك كرئيس حكومة تصريف الأعمال: هل قمت بما يمليه عليك ضميرك وواجبك الدستوري والأخلاقي؟ إذا كنت تصف أمام الدول الصديقة للبنان الوضع الحالي بالخطير، ألم يكن الأجدى بك ان تعمل انت بهذا التوصيف وتساعد نفسك وشعبك قبل ان تطلب منهم المساعدة؟… هل تعلم دولة الرئيس انه منذ استلامك رئاسة الحكومة عندما كانت حكومة كاملة الأوصاف وحتى اللحظة أهدرت على الشعب اللبناني مليارات من الدولارات في سياسة دعم عشوائية لم يصل منها إلى المواطن، في أحسن الحالات، سوى 20% مما صرف هدراً وفساداً وتهريباً؟ “.

وفي سياق متصل علم ان السفير الفرنسي المكلف بتنسيق المساعدات الدولية للبنان بيار دوكان يصل اليوم الى بيروت على رأس وفد اقتصادي فرنسي وستكون له لقاءات مع عدد من المسؤولين.

جولة الوزير القطري

في غضون ذلك جال وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني امس على بعبدا وعين التينة وبيت الوسط واليرزة، وعلى رغم ان زيارته لبيروت تتصل أيضا بجانب اجتماعي خاص، فقد علم انه لم ينقل مبادرة محددة بل شدد في مواقفه على معرفة أسباب عرقلة تشكيل الحكومة حتى الان، واكد دعم قطر للحلول التوافقية بين اللبنانيين للذهاب سريعاً نحو تشكيل حكومة انقاذية، كما اكد الرغبة القطرية في مساعدة لبنان.

والتقى الوزير القطري رئيس الجمهورية ميشال عون نائب ونقل اليه تحيات أمير الدولة واستعداد بلاده للمساعدة على حل الأزمات التي يعاني منها لبنان على الصعد كافة. ثم زار رئيس مجلس النواب نبيه #بري وبعده الرئيس المكلف سعد #الحريري. كما التقى قائد الجيش العماد جوزف عون.

ولاحقاً، أفادت وكالة الانباء القطرية ان دولة قطر أعلنت عن دعم الجيش اللبناني بـ 70 طنا من المواد الغذائية شهرياً لمدة عام، وذلك خلال الزيارة التي يقوم بها الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني إلى الجمهورية اللبنانية. وقالت ان هذا الإعلان يأتي في إطار مساعي دولة قطر الثابتة للمساعدة في حلحلة الأزمة السياسية في لبنان، والتزامها الثابت بدعم الجمهورية اللبنانية والوقوف إلى جانب الشعب اللبناني الشقيق، بالإضافة إلى إيمانها الراسخ بأهمية وضرورة العمل العربي المشترك.

الازمة تراوح

اما على الصعيد الحكومي فلم تبرز معطيات جديدة حول طبيعة الاتصالات الجارية علما ان معلومات تحدثت عن لقاء آخر سيعقد بين الرئيسين بري والحريري في الساعات المقبلة لبلورة الاتجاهات المقبلة. وأفادت المعلومات ان الحريري لا يبدو في وارد تقديم تشكيلة جديدة الى رئيس الجمهورية كما تردد على نطاق واسع وان المشاورات بينه وبين بري ورؤساء الحكومات السابقين ومع كتلته مستمرة ولم تفض الى قرارات نهائية حيال أي اتجاه. كما أفادت المعلومات ان أي بحث جدي لم يحصل حول أسماء قد يوافق عليها الحريري في حال اعتذاره عن تشكيل الحكومة بما يعني ان خيار الاعتذار لم يتخذ.

وعلى صعيد المواقف جدد “تكتل لبنان القوي” دعوته امس “الرئيس المكلف سعد الحريري الى الاسراع في تأليف الحكومة برئاسته رحمة بالبلد وناسه”، واكد “إستعداد التكتل تقديم كل دعم ممكن للحكومة العتيدة في الاصلاحات التي تنوي القيام بها”.

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *