الرئيسية / صحف ومقالات /  النهار:ماذا وراء القرار الفرنسي لتمويل طارئ؟
النهار

 النهار:ماذا وراء القرار الفرنسي لتمويل طارئ؟

مع دولار بسعر حارق عاد يلهب القلق والغضب كما الفوضى عقب تجاوز سعره في السوق السوداء ال15 الف ليرة ،ومع فوضى سوق المحروقات المتفلتة على يد كارتيلات الشركات وتفلت الرقابة وتفشي التهريب الى سوريا ، ومع تفاقم اخطر الازمات التي تضرب المستشفيات والصيدليات وكل القطاع الطبي والاستشفائي بأسوأ مصير، لم يعد ثمة هامش أخير للشك في ان الانهيار الكبير يهرول سريعا وربما اسرع بكثير مما يتوهم عميان السلطة الممعنين في اغراق رؤوسهم في رمال التجاهل القاتل. ولم يكن الاعلان الأخير للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عن الاتجاه الى انشاء ألية #تمويل طارئة للخدمات الأساسية في لبنان سوى انذار مبكّر بالغ الجدية حيال ما يمكن ان يتربص بلبنان من اخطار.

وفي هذا السياق أفادت الزميلة رندة تقي الدين من باريس ان فرنسا تدرس حاليا مع عدد من شركائها الدوليين انشاء آلية  مالية معروفة بـ currency board  من اجل حماية النظام اللبناني لضمان تسديد المشتريات الأساسية ولدعم الشعب اللبناني في حال انهار كل شيء في لبنان وعدم تشكيل حكومة. وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اكد ذلك في مؤتمره الصحافي عشية قمة السبعة في بريطانيا دون شرح الآلية  المالية التي  تدرسها فرنسا. وأوضح مسؤول فرنسي ل”النهار” ان الآلية هي currency board أي آلية لتثبيت  سعر العملة الوطنية بالنسبة لعملة اجنبية تكون اغلبيتها بالدولار الاميركي من خلال ضبط اصدار الكتلة النقدية على أساس عدم اصدار نقد محلي دون وجود مقابل بالعملة الأجنبية  ، ومن خلال هذه الآلية ضمان استخدام النقد الأجنبي المتوفر لتسديد الاحتياجات اللبنانية الأساسية ولدعم الشعب اللبناني  تحت رقابة مالية دولية وكل ذلك اذا تعذر تشكيل الحكومة. ولكن الامر مازال في طور الدرس ومن السابق لاوانه الدخول في تفاصيله طالما لا انهيار لكل شيء بعد. وفيما الرئاسة  الفرنسية مستمرة في العمل لدفع تشكيل الحكومة قال المسوؤل ان فرنسا ما زالت تأمل في حصول يقظة من الأطراف المعنيين لتشكيل حكومة. وكان ماكرون اكد في مؤتمره الصحافي انه مستمر في الدفاع عن خريطة الطريق التي رسمها للسياسيين في لبنان وان اللبنانيين ينتظرون تشكيل حكومة وان فرنسا مستمرة في اقصى الضغط كي يتم تشكيل حكومة من شخصيات بإمكانها ان تنفذ الإصلاحات .

ولاحظ المسؤول الفرنسي ان “حزب الله” لا يبدو مهتما بان تكون هناك حكومة في لبنان فضغوطه ليست قوية كما لو كان يريد ان تشكل الحكومة وفي الوقت نفسه فان المفاوضات التي يجريها الخليلان مع جبران باسيل تعني انه اذا تم تشكيل الحكومة فهذا لا يزعج الحزب أي انه غير مهتم بالضغط بقوة لتشكيل حكومة كما انه لن ينزعج اذا تم تشكيلها. وكان ماكرون أشار في مؤتمره الصحافي الى “حزب الله” قائلا  “ان ايران تمثل تهديدا للمنطقة بقدراتها الباليستية وأيضا بقدرتها على زعزعة الاستقرار في دول المنطقة عبر حلفائها او وكلائها او منظماتها خارج سلطة  الدولة أي الميليشيات التي تمولها في سوريا والعراق وعبر “حزب الله” التي تموله والذي لديه وجهان احدهما سياسي بتمثيله في مجلس النواب وكونه محاورا سياسيا معترفا به بالحياة السياسية والوجه الآخر هو الحركة الإرهابية التي تزعزع استقرار البلد بشكل كبير.”

 فوضى الازمات

اما على الصعيد الداخلي فلم يتبدل مشهد الفوضى والإذلال الذي طبع بيروت والمناطق لليوم الثالث وسط تفاقم ازمة البنزين وامتداد طوابير السيارات في معظم شوارع العاصمة والضواحي والمدن والبلدات اللبنانية. وادى الارتفاع الناري في سعر صرف الدولار الى رفع منسوب التوتر الشعبي الامر الذي ترجم في عودة قطع الطرق في مختلف المناطق من بيروت الى الشمال والبقاع ومن ثم ليلا إلى وسط بيروت واوتوستراد جونية ما اضطر القوى الامنية الى التدخل لاعادة فتحها.

وفي أزمات القطاعات نظمت “مجموعة القمصان البيض” التي تضم تحالف أطباء وصيادلة وأطباء الأسنان وممرضين ومخبريين، اعتصاما في الباحة الداخلية لمبنى وزارة الصحة، ووجهت نداء عاجلا إلى منظمة الصحة العالمية “للتدخل مباشرة لتسلم زمام الأمور في لبنان وإرسال لجنة لتقصي الحقائق للتحقيق ومنع الدمار المتزايد الذي لا يمكن وقفه من قبل الدولة الفاشلة، إنما من خلال التعاون مع الجيش اللبناني والصليب الأحمر والمراكز الطبية الخاصة والمستشفيات الجامعية”.

ومع تفاقم ازمة إنقطاع الحليب والأدوية من الصيدليات وإلتزاماً بقرار تجمع أصحاب الصيدليات في لبنان الذي دعا إلى إضراب يومي الجمعة والسبت بالتنسيق مع نقابة صيادلة لبنان احتجاجاً على “ما آلت اليه اوضاع الدواء، ولاطلاق صرخة بان الامن الصحي اصبح مهددا بشكل جدي”، أقفل عدد كبير من الصيدليات في لبنان فيما ابقت قلة قليلة ابوابها مفتوحة في بعض المناطق.

واما في ما يتعلق بأزمة البنزين وبعدما اعلن وزير الطاقة ريمون غجر وجود 66 مليون ليتر بنزين في خزانات الشركات المستوردة و109 مليون ليتر مازوت اضافة الى الكميات المتوافرة لدى محطات التوزيع وغير المحددة بما يكفي السوق لمدة تتراوح بين 10 ايام واسبوعين، جاءت الحلقة الأخرى من الفضيحة على لسان

المديرة العامة لمنشآتالنفط اورور  فغالي. اذ أوضحت أن “البضائع تسلّم يومياً للأسواق من دون وصول كميات جديدة”، لافتةً إلى أن “المشكلة لا تكمن في أن الكميات غير كافية لا بل أن التهريب من قبل مافيات بعض الموزعين وأصحاب المحطّات يجعل من الكميات في السوق المحلّي أقلّ من حاجته”، كاشفةً أن “30 إلى 35% من البنزين المسلّم في السوق يهرّب إلى سوريا ليحقق المهرّبون أرباحاً”. وشدّدت على أن “الحلّ المطلوب هو وقف سياسة الدعم على المستوى الحكومي كي يسير مصرف لبنان بالقرار، إذ طالما استمرينا بها ندعم ونواصل التهريب عبر الحدود السورية في حين تستنفد أموال الشعب وتوضع بتصرّف المافيات وتذهب إلى سوريا”.

وعلى مشارف حلول الذكرى السنوية الأولى لانفجار مرفأ بيروت في 4 آب  2020، ابلغ رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وفدا من أهالي ضحايا الانفجار موافقته الاستثنائية على مشروع مرسوم يقضي باعتبار يوم ٤ آب يوم حداد وطني.

الحريري وأزمة التأليف

على صعيد ازمة تأليف الحكومة طبع المشهد السياسي شلل كامل لم تبرز معه أي حركة لليوم الثالث تواليا بعد اصطدام التحركات الأخيرة بعودة التوتر الحاد بين قصر بعبدا وبيت الوسط.  في هذا السياق تفيد معطيات “النهار” ان كلّ التقديرات السياسية التي تشير إلى توجّه لدى الرئيس المكلّف سعد الحريري للاعتذار هي سابقة لأوانها، ولا تعبّر عن حقيقة التوجّهات على جدول أعمال الحريري الذي سيستمرّ في دراسة كلّ الخيارات المتاحة في ظلّ عدم تحقيق أي تقدّم في الملف الحكوميّ، وفي مقدّمها الاستمرار في التكليف الذي يشكّل حتى الساعة العنوان الأوّل في توجّهات “بيت الوسط”. ويتشبّث الحريري بحسب هذه المعطيات بمسألتين رئيسيّتين في هذه المرحلة. المسألة الأولى تتمثل في تمسّكه بضرورة التوصل إلى تأليف حكومة وفق الأصول الدستورية بالتوافق مع رئيس الجمهورية. وتكمن المسألة الثانية في اتفاق كان عقده مع رئيس مجلس النواب نبيه بري حول عناوين مبادرته. وتشير مصادر “بيت الوسط” إلى أن بري كان يفترض أن يتلقى أجوبة من رئيس الجمهورية حول مبادرته، لكن يبدو أن الأخير فوّض صلاحياته لرئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل. وقد طرح بري مقترح تشكيل حكومة من 24 وزيراً على قاعدة 3 ثمانات من دون إعطاء ثلث معطّل لأحد. وتوافق مع الحريري على عنوانين اثنين: زيادة عدد الوزراء إلى 24 من جهة، وإعادة توزيع الحقائب من جهة ثانية. ويتمسّك الحريري بتسمية كلّ الوزراء في الحكومة، بما في ذلك الاسماء المحسوبة على رئيس الجمهورية، والتي يريد أن يختارها بالتشاور معه.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *