الرئيسية / صحف ومقالات / نداء الوطن : شروط الحريري “تعجيزية” و”حزب الله” يريد تشكيلة “تكنوسياسية‎”‎ المبادرة “تبخّرت” والمداورة “سقطت‎”‎
نداء الوطن

نداء الوطن : شروط الحريري “تعجيزية” و”حزب الله” يريد تشكيلة “تكنوسياسية‎”‎ المبادرة “تبخّرت” والمداورة “سقطت‎”‎

تبعثرت الأوراق وتشقلبت الأولويات وتبدّلت المعطيات، فما كان قبل الانتخابات الأميركية ‏على المستوى الإقليمي لن يكون كما بعده، والحسابات الداخلية قبل العقوبات على جبران ‏باسيل ليست كما بعدها… حتى المبادرة الفرنسية ترى مصادر سياسية مطلعة أنّها “تبخرت ‏عملياً” وأصبح الفرنسي ينتظر ما ستؤول إليه الأمور في أميركا بعد الإنتخابات كي يشكل مع ‏الإدارة الجديدة فريقاً ثنائياً لمقاربة الملف اللبناني، مؤكدةً لـ”نداء الوطن” أنّ كل ما يُحكى عن ‏أنّ هناك رعاية دولية وخصوصاً فرنسية لتشكيل هذه الحكومة هو “محض أوهام”، وقد تجسد ‏ذلك في الإتصال الأخير بين الرئيسين إيمانويل ماكرون وميشال عون، وسط إشارة المصادر ‏نفسها إلى أنّ السفير بيار دوكين بات “الصلة الفرنسية شبه الوحيدة المتبقية مع المبادرة ‏الفرنسية‎”.

وكما تبخرت المبادرة، كذلك سقطت المداورة في الحقائب السيادية الأربع، حسبما نقلت ‏مصادر مواكبة، مشيرةً إلى أنّ “القديم سيعود إلى قدمه” في توزيع حقائب المالية والداخلية ‏والطاقة والدفاع، بعدما أجهض تمسك الثنائي الشيعي بحقيبة المال محاولة اعتماد مداورة ‏شاملة في حزمة هذه الحقائب، ثم ما لبث مبدأ “المعاملة بالمثل” أن طغى على مطالب الأفرقاء ‏الآخرين واصطدم مسعى “تطييف” المداورة، لا سيما في الداخلية والخارجية، بعقبات متشعبة ‏ومتشابكة، سرعان ما أفضت إلى إعادة تثبيت الحقائب السيادية وفق الخارطة الطائفية القديمة‎.

المصادر تختصر حقيقة ما يدور في كواليس تشكيل الحكومة بالقول: “الرئيس المكلف سعد ‏الحريري يتصرف على أنه لا بديل عنه في رئاسة الحكومة، وبالتالي على رئيس الجمهورية ‏الإذعان لمطالبه في حال أراد أن يكمل ما تبقى من عهده بشيء من الإستقرار السياسي، وإلا ‏فإن البديل فراغ حكومي وسياسي يضع البلاد عموماً، والعهد خصوصاً، أمام تحديات خطيرة ‏على مختلف المستويات، الإقتصادية والمعيشية والمالية والأمنية وسواها، كما أن الحريري ‏يستقوي من ناحية أخرى بأنه هو رئيس الحكومة الوحيد القادر على فتح أبواب الإتصالات ‏والعلاقات مع الخارج مستعيناً برصيد أبيه، خاصة مع الرئاسة الفرنسية التي لا بد من اللجوء ‏إليها كمعبر إلزامي لإستقدام إهتمام دولي وإقليمي بلبنان ينتشله من الحضيض‎”.

ورأت أنّ الحريري عمد إلى فرض “شروط تعجيزية” على رئيس الجمهورية، أهمها: ‏‏”المطالبة بالمشاركة في الحصة المسيحية من الحكومة التي سبق وحصر عددها بـ18 وزيراً ‏لاستبعاد أي تمثيل للنائب طلال أرسلان وآخرين في الطائفة الدرزية، بهدف إكتساب دعم ‏رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط المطلق له”. أما في ما خصّ الحصة المسيحية ‏التي تبلغ 9 وزراء، فطالب الحريري “بحقه في تسمية وزير مسيحي للحزب القومي وآخر ‏للطاشناق، وبرغبته إعطاء حقيبتين لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية، ما يُبقي 5 حقائب ‏لعون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، كما طالب الحريري بالمشاركة في تسمية ‏وزير الخارجية لأنه يريد شخصية في هذه الحقيبة تتناغم معه لإعادة إحياء علاقات لبنان ‏الخارجية، وأيضاً المشاركة في تسمية وزير الطاقة لأنه مصمم على إنهاء هذا النزيف المالي ‏الهائل في موضوع الكهرباء، لذلك يريد شخصية مرنة وخبيرة يكون قادراً على التفاهم معها ‏لإنجاز هذا الملف بسرعة، الأمر الذي يعني أن عون وباسيل سيُسمح لهما بتسمية 3 وزراء ‏يمثلونهما مباشرة ودون شراكة”، مع إشارة المصادر إلى ان الرئيس المكلف “يدير معركة ‏تشكيل الحكومة بأعصاب باردة بحيث كان لافتاً أنه خلال لقاءاته مع عون لم يبد أي إستعجال ‏لإنجاز التشكيل‎”.

وتوازياً، لوحظ أنّ “حزب الله” يقف متفرجاً وتاركاً الأمور لعون والحريري كي يتفاهما على ‏تفاصيل التشكيل، فيما عينه على البرنامج الإقتصادي والمالي الذي على أساسه سيقود ‏الحريري حكومته. وإذ تتحدث المعطيات المتصلة بموقف الحزب عن أنه تأكد من خلال ‏إتصالاته المباشرة مع الجانب الفرنسي أنّ المبادرة الفرنسية لم تعد موجودة، كشفت أوساط ‏مطلعة أنّ مقربين من “حزب الله” شددوا خلال الساعات الأخيرة على أنّ “الصيغة ‏الاختصاصية” التي تم اعتمادها لتأليف الحكومة لم تعد تحاكي ضرورات المرحلة، وأبدوا في ‏المقابل ميلاً واضحاً نحو العودة إلى “الصيغة التكنوسياسية”، باعتبارها تتماشى مع ‏المستجدات والتحديات‎.

وعليه، توقعت الأوساط أن تشهد الأيام المقبلة دخولاً جدياً من “حزب الله” على خط التأليف، ‏انطلاقاً من الكلمة المرتقبة لأمينه العام السيد حسن نصرالله بعد غد الأربعاء، بحيث سيرتكز ‏حراك الحزب باتجاه الملف الحكومي على ركيزتين أساسيتين، الأولى تتمحور حول إعادة ‏التموضع إلى جانب المطالب الوزارية لرئيس “التيار الوطني الحر” بعد العقوبات الأميركية ‏التي فُرضت عليه، والركيزة الثانية تتصل بتظهير تصور “حزب الله” الداعي إلى إعادة إحياء ‏الطابع السياسي للحكومة العتيدة، بشكيل يلحظ التوازنات السياسية والطائفية في عملية تأليفها، ‏والإقلاع عن تكبيل عملية التأليف بقيود ومعايير مستحدثة، على أن يُترك لكل مكوّن تسمية ‏وزرائه الاختصاصيين حسبما يراه مناسباً، وفقاً للحقائب التي يتولاها في التشكيلة المرتقبة‎.‎

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *