الرئيسية / صحف ومقالات / النهار: الحكومة “هدية” السنة الخامسة للعهد المنهك؟
flag-big

النهار: الحكومة “هدية” السنة الخامسة للعهد المنهك؟

“أجواء التقدم والتأني” التي تحدث عنها بيان القصر الجمهوري مساء امس عقب الاجتماع الرابع “العملاني” بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري عكس الى حد ما فرملة للاندفاعات الحارة والتقديرات المستعجلة ولادة الحكومة، بما أوحى ان ثمة بعد ما يستدعي التأني والتريث في فكفكة العقد المتبقية في طريق استكمال تأليف الحكومة. والواقع ان حمى التقديرات والتوقعات ذهبت في الساعات الأخيرة الى ربط العد العكسي للولادة الحكومية العتيدة بموعد الذكرى الرابعة لانتخاب رئيس الجمهورية في 31 تشرين الأول 2016  والتي تصادف بعد غد السبت.

وتحدث بعض الأوساط السياسية عن دفع قوي في اتجاه تذليل ما تبقى من عقبات لكي تأتي الولادة الحكومية متزامنة مع بداية السنة الخامسة من العهد المنهك والمتعب بأثقال الازمات والانهيارات المتعاقبة والتي تراكمت بشكل دراماتيكي مذهل في السنتين الأخيرتين خصوصا علّ هذا التزامن يشكل هدية مشتركة للعهد كما للحكومة العتيدة ومن شأنها ان تشكل وعدا عمليا مقنعا للبنانيين بإمكان فرملة التدهور المخيف على كل المستويات والبدء مجددا بالنهوض اقله في المجالات الأكثر الحاحا للمواطنين. ومع ان أي جزم بموعد ولادة الحكومة بدا مساء امس ضربا من التسرع غير المأمون النتائج لكن ذلك لم يحجب المناخات التي تقترب من انهاء عملية التشكيل في غضون أيام والتي تعكسها الألية السريعة للقاءات التي تعقد على نحو شبه يومي بين الرئيسين عون والحريري وسط ملامح ارتياح واسعة لدى رئيس الجمهورية لهذه الآلية التي يتبعها الرئيس المكلف كما علمت “النهار” باعتبار انها تثبت الجدية الكبيرة لدى الحريري والحرص على عدم إضاعة أي ساعة لانجاز تشكيل الحكومة والشروع في برمجة مهماتها العاجلة. واستبق الحريري استقباله في الثامنة مساء امس الوفد الروسي الذي يزور لبنان لدعوته الى مؤتمر لاعادة النازحين السوريين تنظمه روسيا الشهر المقبل في دمشق، فعقد عصرا اجتماعا جديدا مع الرئيس عون في قصر بعبدا وأفاد  المكتب الإعلامي في رئاسة الجمهورية بان عون “استكمل مع الرئيس المكلف درس الملف الحكومي في أجواء من التقدم والتأني”.

وفي المعلومات التي توافرت لـ”النهار” عن مستجدات نتائج الاتصالات والمشاورات الجارية على مسار التأليف، ان حجم التشكيلة الحكومية قد تعدل مجددا ورست التشكيلة على 18 وزيرا بما يشكل تسوية وسطية بين ما كان يرغب فيه الحريري أي 14 وزيرا وما كان يرغب فيه عون أي 20 وزيرا . وجرى التوافق على توزيع الوزراء طائفيا ومناصفة كالآتي : السنة 4 وزراء والشيعة 4 وزراء والدروز وزير واحد. الموارنة 4 وزراء والأرثوذكس 3 وزراء والكاثوليك وزير واحد والأرمن وزير واحد. وتقول مصادر متابعة لمسار التأليف والاتصالات والمشاورات الجارية انه اذا لم تطرأ مفاجآت سلبية خارج الإطار الذي تسير فيه الجهود فان ولادة الحكومة متوقعة في نهاية الأسبوع الحالي والا في اول الأسبوع المقبل، أي الاثنين المقبل على ابعد تقدير، باعتبار ان البحث بلغ نقاطا متقدمة وثمة كلام عن ان الحريري حمل معه امس الى بعبدا مسودة تشكيلة حكومية من 18 وزيرا.

وليلا اصدر المكتب الإعلامي للرئيس الحريري بيانا أوضح فيه ان ما تتناقله وسائل الاعلام والمواقع الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي في شأن مسار تشكيل الحكومة غير دقيق ولا يمت الحقيقة بصلة، مشيرا الى ان موضوع تأليف الحكومة يتم بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف “وهما الوحيدان المطلعان على ملف التشكيل وهما ملتزمان عدم تسريب او بث أي اخبار تتعلق بهذا الملف قبل وصول الأمور الى خواتيمها”. وشدد على ان “الأجواء الوحيدة والحقيقية التي يعكسها رئيس الجمهورية والرئيس المكلف هي أجواء التقدم في عملية تشكيل الحكومة في ظل مناخات من التفاهم والإيجابية “.

وكشف رئيس مجلس النواب نبيه بري امس ان “الحكومة العتيدة قد تبصر النور في غضون أربعة او خمسة أيام اذا بقيت الأجواء الإيجابية تسير على النحو القائم حاليا”. كما ان “كتلة الوفاء للمقاومة” أعلنت انها “تشارك غالبية اللبنانيين تطلعاتهم نحو تأليف حكومة بأسرع وقت والتي تتطلب تعاونا كاملا وشاملا وترفعا صادقا عن الأنانيات والمصالح”.

 

الجولة الثانية

في غضون ذلك وليس بعيدا من الارتباط المرجح بين مسار تأليف الحكومة ومسار المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية للبنان مع إسرائيل عقدت امس الجولة الثانية من مفاوضات ترسيم الحدود اللبنانية الإسرائيلية البحرية في الناقورة برعاية الأمم المتحدة ومشاركة الوساطة الأميركية. وبدأت امس المفاوضات الجدية في العمق بعدما اقتصرت الجولة الأولى على الشكليات. واعد الوفد اللبناني العدة الكاملة استعداداً لهذه الجولة التقنية، وحمل معه خرائط ووثائق تظهر نقاط الخلاف. ودام الاجتماع بين الوفدين نحو 3 ساعات، الأمر الذي اعتبره بعض المراقبين أنه يدل على جدية النقاش الذي حصل بين الطرفين، خصوصاً وأن الجولة الثانية بعكس الجولة الأولى، هي تقنية بامتياز وتتناول نقاطاً دقيقة وخلافية، وبمجرد تحديد اليوم الخميس موعداً لجلسة ثالثة، يعني أن الغاية هي تسريع الإنجاز الذي يفترض أن يحصل في مهلة أقصاها نهاية العام الجاري. وعلى هامش الجولة الثانية قام عناصر ينتمون الى “حزب الله ” بمنع المراسلين والصحافيين ومن بينهم مراسل ومصور “النهار” ومراسلي محطات تلفزيونية من التغطية الصحافية قرب موقع المفاوضات رغم ان الوفود الصحافية حصلت على تراخيص مسبقة من الجيش اللبناني.

وفي ملف المفاوضات اكد الرئيس بري ان المفاوضات التي يجريها لبنان في الناقورة “هي حصرا من أجل تثبيت حقوق لبنان في الاستثمار في ثروته كاملة من دون زيادة او نقصان ” وشدد على انه “ليس واردا لا من قريب ولا من بعيد القبول بان تفضي مفاوضات الترسيم الى تطبيع مع العدو الإسرائيلي الذي يتم التفاوض معه وفقا لآليات واضحة هي مندرجات تفاهم نيسان وبطريقة غير مباشرة تحت علم الأمم المتحدة “.

 

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *