الرئيسية / صحف ومقالات / النهار:يوم ردود على ماكرون ونتنياهو وجلسة العفو مهددة
flag-big

النهار:يوم ردود على ماكرون ونتنياهو وجلسة العفو مهددة

اذا كانت أجواء الأسف الجماعية في لبنان على خسارة احد اكبر أصدقائه العرب امير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح قد طغت في جانب منها امس على المشهد السياسي المازوم نظرا الى المكانة الكبيرة للأمير الراحل والخدمات الجليلة التي قدمها تاريخيا للبنان، فان هذا الحدث زاد ضمنا المخاوف من تداعيات تفريط السلطة وقوى معروفة بالقليل النادر المتبقي من صداقات خارجية  للبنان. ولعل ما يجعل ازدياد المخاوف من اتساع عزلة لبنان وإبعاده عن صداقاته  امرا مشروعا هو بروز معالم الردود المنسقة على نحو لافت في توقيت يرجح ان يكون أيضا منسقا على المؤتمر الصحافي للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وتحديدا من الثنائي الشيعي وكذلك من “التيار الوطني الحر”. فعلى رغم اختلاف النبرة بين ردي كل من “حركة امل” والأمين العام لـ”حزب الله ” السيد حسن نصرالله على الجوانب الموجعة في مواقف ماكرون التي تناولت مسؤولية الثنائي في تعطيل المبادرة الفرنسية والتسبب باعتذار الرئيس المكلف مصطفى اديب، ورد رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، لم يكن ممكنا تجاهل توقيت تزامن الردود دفعة واحدة لرسم معالم موقف يشبه الى حد بعيد اصطفاف قوى 8 آذار وراء شرط الثنائي تسمية الوزراء الشيعة الذي أدى الأسبوع الماضي الى اعتذار اديب. واذا كان رد باسيل اتسم بمرونة الى حدود وصف مواقف ماكرون بالموضوعية رغم رده عليه في ما يتصل بتعميم تهمة الفساد على القوى السياسية، فان ذلك لم يحجب البعد الذي اريد له ان يرتسم من خلال تظهير وإبراز موقف سلبي لفريق سياسي ضد مضي مسار المبادرة الفرنسية كما كان على الأقل بدليل عدم القطع مع المبادرة كليا من جانب الثنائي الشيعي.

ولكن التعقيدات التي نشأت أساسا امام المرحلة التي ستلي اعتذار مصطفى اديب تفاقمت بدليل ان الجمود الذي يحكم المشهد السياسي منذ اعتذار اديب لم يطرأ أي عامل من شأنه ان يكسره الى حدود انعدام التحركات السياسية تماما في قصر بعبدا ومقار المسؤولين وانقطاع كل جسور المشاورات واللقاءات كأن البلاد لا تعيش مجددا هاجس الفراغ فيما لو طال الاستحقاق الحكومي عالقا ومددت مرحلة تصريف الاعمال التي لن تؤدي سوى الى ازدياد مقلق بل مخيف في شتى أنواع الازمات التي تضرب لبنان.

وقد بدا هذا الخواء السياسي مرشحا للاستمرار الى فترة غير قصيرة في ظل التبريرات التي أعطيت له اذ ذكرت معلومات ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يجري اتصالات ويسعى الى عدم تكرار التجربة السابقة بتسمية شخص لا يتمكن من استكمال عملية تشكيل الحكومة. وأشارت المعلومات الى ان عون سيتشاور مع رئيس مجلس النواب نبيه بري تحديدا ليبنى على الشيء مقتضاه باعتبار ان عون يسعى الى تحقيق توافق قبل الدعوة الى الاستشارات النيابية الملزمة .

وتزامن ذلك مع انطلاق مجموعة الردود على ماكرون بدءا بالمكتب السياسي لحركة “امل” الذي “استغرب ما ورد من اتهامات وتحميل المسؤوليات خصوصا للثنائي الوطني بعيدا من الحقائق ووقائع النقاشات مع الرئيس المكلف”. كما رفض “في أي شكل الكلام الاتهامي المعمم على الأطراف لجهة الاستفادة وقبض الأموال “ واصفا هذا الكلام بانه سقطة سياسية لمطلقه “.

اما باسيل فاعتبر في رده على ماكرون انه “ منذ الطائف هناك أناس في لبنان يقبضون وأناس لا يقبضون ونحن لا نزال نرفع التحدي في وجه الجميع .. وحديث ماكرون بناء وواقعي وموضوعي ما عدا تعميم مسؤولية الفشل على الجميع فهذه لا تقطع معنا “.

نصرالله

اما السيد نصرالله فرد في كلمته مساء امس على ماكرون معتبرا ان الرئيس الفرنسي الذي اتهمنا بتخويف العالم هو نفسه من مارس عملية التخويف على رؤساء الأحزاب من اجل تمرير حكومة أمر واقع”. وقال “نحن لا نحتاج الى أموال الدولة ورواتبها وميزانيتها ويجب ان نكون داخل الحكومة لحماية ظهر المقاومة حتى لا تتكرر حكومة 5 أيار 2008 “. وحمل بشدة على رؤساء الحكومات السابقين معتبرا ان “المعروض كان تسليم البلد اليهم والا العقوبات وان يسموا وحدهم كل الوزراء ويوزعوا الحقائب ويصادروا عملية تأليف الحكومة والطريقة التي جرت فيها الأمور غير مقبولة في لبنان أيا يكن راعيها او داعمها وعلى الفرنسيين ان ينتبهوا ان اهم صلاحية لرئيس الجمهورية كانت ستصادر”. وقال “أقول للرئيس الفرنسي اذا كنت تريد معرفة من افشل المرحلة الأولى من مبادرتك ففتش عن الاميركيين الذين فرضوا عقوبات ويهددون بفرضها وفتش عن خطاب الملك سلمان في الأمم المتحدة “. واستدرك “اننا رحبنا بدور ماكرون لمساعدة لبنان لا ليكون مدعيا وواليا وحاكما ووصيا عليه وما زلنا نؤيد المبادرة الفرنسية لكن يجب إعادة النظر في الخطاب لا ما مس فيها قبل يومين هي الكرامة الوطنية “.

اما الجانب البارز الاخر في كلمة نصرالله فتمثل في رده على الاتهامات التي وجهها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الى “حزب الله “ بإقامة مستودعات صواريخ في مكان قريب من محطة غاز في محلة الجناح في الضاحية الجنوبية واعلن ان العلاقات الإعلامية في الحزب ستدعو وسائل الاعلام الى الدخول الى المكان لكشف كذب نتنياهو على الهواء مباشرة واكد “اننا لا نضع صواريخنا لا في مرفأ بيروت ولا قرب محطة غاز” . وبالفعل نظمت العلاقات الإعلامية في الحزب برئاسة المسؤول الإعلامي في الحزب محمد عفيف ليلا جولة لعدد كبير من الإعلاميين والصحافيين في منطقة سكنية في الجناح حيث حصل تجمع امام منشأة صناعية وقال عفيف ان الجولة تهدف الى الرد الفوري على ادعاءات ومزاعم وأكاذيب نتنياهو ولاسقاط تحريضه للشعب اللبناني على المقاومة . وجال الإعلاميون في المنشأة .

الجلسة والعفو

وسط هذه الأجواء واجهت الجلسة التشريعية لمجلس النواب المقررة اليوم وغدا احتمال فرطها بفقدان النصاب او بتعطيل المشاريع الأساسية المدرجة على جدول اعمالها بسبب مشروع قانون العفو الذي استعيد الانقسام الحاد حوله عشية الجلسة . وقد بادر “تكتل الجمهورية القوية” أولا الى اعلان مقاطعته الجلسة “لعدم وجود بنود تتصف بالضرورة فيما يرى التكتل ان الأهمية القصوى في الوقت الحاضر ليست للتلهي باجتراح تشريعات هي كثيرة عندنا ولم يطبق منها شيء وانما للدفع نحو انتخابات نيابية مبكرة او تشكيل حكومة انقاذ مختلفة عن سابقاتها “. كما ان” تكتل لبنان القوي” اعتبر بدوره ان إعطاء قانون العفو الأولوية في ما هو موضع خلاف “امر لا يجوز “ واعلن انه يعتبر قانون العفو غير مغطى ميثاقيا “ والإصرار على اقراره بهذه الطريقة سيعرض الجلسة والقوانين لخطر الانقسام الحاد وسيضطرنا الى التغيب عنها او الانسحاب منها “. وفي المقابل أعلنت رئيسة كتلة المستقبل النائبة بهية الحريري ان الكتلة لن تسير بمسودة قانون العفو كونها لا تحقق مطلب الكتلة برفع المظلومية والإجحاف اللذين لحقا بعدد من الموقوفين. ومعلوم ان القانون المطروح يلقى تأييد الثنائي الشيعي وكتل أخرى .

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *