الرئيسية / صحف ومقالات / الشرق الأوسط : تأخير الاستشارات النيابية في لبنان يثير مخاوف من ‏‏”تعويم” حكومة دياب
الشرق الاوسط

الشرق الأوسط : تأخير الاستشارات النيابية في لبنان يثير مخاوف من ‏‏”تعويم” حكومة دياب

بعد اعتذار رئيس الحكومة المكلّف مصطفى أديب عن تشكيل الحكومة ودخول ‏لبنان في مرحلة الجمود السياسي إثر منح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ‏الأفرقاء اللبنانيين مهلة تصل إلى 6 أسابيع، بدأ الحديث عن تعويم حكومة ‏تصريف الأعمال رغم الصلاحيات الضيقة التي يحددها الدستور‎.
ورغم تأكيد مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية، أنه لا تعويم لحكومة حسان ‏دياب المستقيلة، التي تقوم بعملها وفق المقتضى المطلوب وبما ينص عليه ‏الدستور، تبدي بعض الأطراف تخوفها من أن يتم تعويمها بما يتلاءم مع مصلحة ‏الأفرقاء الذين يتمثلون فيها إلى مرحلة ما بعد الانتخابات الأميركية وتشكيل ‏حكومة جديدة في لبنان، في ضوء غياب أي مؤشرات لدعوة قريبة للاستشارات ‏النيابية لتسمية رئيس جديد للحكومة‎.

وتقول المصادر المقربة من رئاسة الجمهورية لـ”الشرق الأوسط”، “إن الواقع ‏القانوني والدستوري يجعل الحكومة في مرحلة تصريف الأعمال الذي يمكن ‏توسيعه أو تضييقه، وحتى الآن فإن الأمور تسير كما يتطلب الوضع، ولا سيما ‏في القضايا الملحة مثل مواجهة وباء كورونا وتداعيات انفجار المرفأ، وبالتالي ‏متابعة الأمور اليومية بالشكل الذي تتم متابعته من قبل الحكومة التي لا هي تغفل ‏عن عملها كي يتم تفعيلها، ولا هي تتجاوز الدستور كي تتم فرملتها‎”.

وتضيف المصادر “عندما يكون هناك أمر استثنائي يحتاج إلى موافقة من مجلس ‏الوزراء يتم العمل عليها وفق ما يعرف بالموافقة الاستثنائية بين دياب وعون ‏على أن يعرض لاحقاً على مجلس الوزراء بعد تشكيل الحكومة‎”.‎

وأمام الجمود السياسي منذ اعتذار أديب، يبدي النائب في تيار “المستقبل” محمد ‏الحجار خشيته من أن يتم تعويم حكومة حسان دياب في ظل المماطلة في الدعوة ‏للاستشارات النيابية. ويقول لـ”الشرق الأوسط”، “الأداء الذي نراه من هذا ‏الفريق يمكن أن يذهب إلى أي خيار يؤمّن مصالحه، وهو الذي اعتاد العمل وفق ‏مصلحته الخاصة وليس مصلحة لبنان”. ويؤكد أن “تعويم هذه الحكومة التي ‏أثبتت فشلها على كل المستويات، الاقتصادية والمالية والعلاقات مع المجتمع ‏الدولي والدول العربية يعني نحراً إضافياً للبلد، وهذا ما نخشاه‎”.

ومع إشارته إلى غياب أي معطيات تظهر إمكانية الدعوة للاستشارات النيابية في ‏المدى المنظور، يقول الحجار “دستورياً لا يحق لهم التوسّع في صلاحيات هذه ‏الحكومة، وإذا سجلت أي محاولات في هذا الإطار فسنكون لهم كمعارضة في ‏المرصاد في البرلمان، رغم معرفتنا بأن الأغلبية لهم، إضافة إلى أن الشعب ‏اللبناني لا يمكن أن يرضى ببقاء الوضع على ما هو عليه، والتحركات الشعبية ‏التي شاهدناها في أكتوبر (تشرين الأول) ستعود إلى الشارع‎”.

لكن من الناحية الدستورية، يشير رئيس منظمة “جوستيسيا” الدكتور بول ‏مرقص إلى أن المفهوم الضيق لتصريف الأعمال يتسع كلما طالت فترة تشكيل ‏الحكومة، خصوصاً في ظل الوضع الذي يعيشه لبنان والمعرّض للمزيد من ‏التأزم‎.

ويوضح مرقص لـ”الشرق الأوسط”، أنه “بعد اتفاق الطائف أدخلت تعديلات ‏على الدستور وتحديدا في المادة 64 الفقرة 2 التي تنص على أن الحكومة بعد ‏استقالتها أو اعتبارها مستقيلة لا تمارس صلاحياتها إلا بالمعنى الضيق لتصريف ‏الأعمال، وبالتالي لا يحق لمجلس الوزراء الاجتماع أو ترتيب أي أعباء يمكن ‏تأجيلها بانتظار الحكومة القادمة فيما خلا الضرورات التي لا تحتمل الانتظار‎”.

ويضيف “طالما أن الوضع الحالي في لبنان هو استثنائي على أكثر من صعيد، ‏فإن الحكومة المستقيلة يمكن لها أن تتصدى لموضوعات ضرورية لا تحتمل ‏الانتظار وأن المفهوم الضيق لتصريف الأعمال يتسع كلما طالت فترة تشكيل ‏الحكومة وتأزمت الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية في البلاد”. ويذكّر ‏مرقص بسوابق حصلت “ولو مع الدستور القديم حين اجتمعت الحكومة في ‏بداية الحرب اللبنانية وأقرت الموازنة وزادت آنذاك عديد ملاك القضاة مع ‏الفارق في التشبيه بين الحالتين؛ إذ إن مفهوم تصريف الأعمال آنذاك لم يكن ‏ضيقاً إلى هذه الحدود، إنما العبرة تكمن في أن الضرورات تبيح المحظورات‎”.

ويؤكد مرقص أن الوضع القائم والاستثنائي في لبنان يحتم على المسؤولين ‏الإسراع في تشكيل حكومة جديدة، وإلا ستتوسع الحكومة في تصريف أعمالها ‏وتخرج بالتالي عن الإطار الضيق لتصريف الأعمال‎.‎

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *