الرئيسية / صحف ومقالات / الشرق الأوسط:الصراع على «المال» يتحول إلى سجال بين رجال الدين في لبنان..الراعي يدعم أديب في «المداورة» وقبلان يحذره من «اللعب بالتوازنات»
الشرق الاوسط

الشرق الأوسط:الصراع على «المال» يتحول إلى سجال بين رجال الدين في لبنان..الراعي يدعم أديب في «المداورة» وقبلان يحذره من «اللعب بالتوازنات»

توسّعت مطالبة «الثنائي الشيعي»، المتمثل بـ«حركة أمل» و«حزب الله»، بالاحتفاظ بحقيبة «المالية» في الحكومة اللبنانية العتيدة، والرفض لها، من الأروقة السياسية إلى الأروقة الدينية، إذ سأل البطريرك الماروني بشارة الراعي: «بأي صفة تطالب طائفة بوزارة معينة كأنها ملك لها؟»، وهو ما دفع المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان للرد قائلاً: «لن نقبل بإلغاء طائفة بأمها وأبيها بعصا أميركية وجزرة فرنسية».

وعقدت مطالبة «الثنائي الشيعي» بالاحتفاظ بحقيبة المال، جهود تشكيل الحكومة اللبنانية وسط إصرار الرئيس المكلف بتشكيلها مصطفى أديب على المداورة في الحقائب الوزارية، ما دفع «الثنائي الشيعي» إلى وضع «فيتو» على أن تشمل المداورة حقيبة المال التي ينظر إليها الشيعة على أنها توفر مشاركتهم في السلطة التنفيذية عبر توقيع وزير المال إلى جانب توقيعي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة على المراسيم والقرارات التي تتطلب إنفاقاً مالياً من الدولة.

وسأل الراعي في قداس ترأسه أمس (الأحد): «بأي صفة تطالب طائفة بوزارة معينة كأنها ملك لها، وتعطل تأليف الحكومة، حتى الحصول على مبتغاها، وهي بذلك تتسبب بشلل سياسي، وأضرار اقتصادية ومالية ومعيشية؟». وأضاف: «أين أضحى اتفاق القوى السياسية المثلث من أجل الإصلاح: حكومة إنقاذ مصغرة، وزراء اختصاصيون مستقلون ذوو خبرة سياسية، المداورة في الحقائب؟».

وقال الراعي: «إذا عدنا إلى المادة 95 من الدستور الذي عدله (اتفاق الطائف)، نقرأ صريحاً في الفقرة باء: تكون وظائف الفئة الأولى – ومن بينها الوزارات – مناصفة بين المسيحيين والمسلمين دون تخصيص أي منها لأي طائفة مع التقيد بمبدأي الاختصاص والكفاءة. فهل عدلت هذه المادة في غفلة، أم تفرض فرضاً بقوة ما أو استقواء؟».

 

وأكد الراعي أن «هذا غير مقبول في نظامنا اللبناني الديموقراطي التنوعي»، سائلاً: «أي علم دستوري يجيز احتكار حقيبة وزارية؟». وقال: «نحن نرفض التخصيص والاحتكار، رفضاً دستورياً، لا طائفياً، ورفضنا ليس موجهاً ضد طائفة معينة، بل ضد بدعة تنقض مفهوم المساواة بين الوزارات، وبين الطوائف، وتمسّ بالشراكة الوطنية ببعدها الميثاقي والوحدوي بهدف تثبيت هيمنة فئة مستقوية على دولة فاقدة القرار الوطني والسيادة».

ودعا الراعي رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب إلى «التقيّد بالدستور، ويمضي في تأليف حكومة ينتظرها الشعب والعالم». وقال: «لا داعي للخضوع لشروط ولا للتأخير ولا للاعتذار. إن تحمل المسؤولية في الظرف المصيري هو الموقف الوطني الشجاع. فمن أيدوك فعلوا ذلك لتؤلف حكومة لا لتعتذر. ورغم كل الشوائب، لا يزال النظام اللبناني ديمقراطياً برلمانياً، ويتضمن آليات التكليف والتشكيل ومنح الثقة أو عدم منحها. فألف ودع اللعبة البرلمانية تأخذ مجراها. وأنت ولست وحدك».

وتابع الراعي: «بالنسبة إلينا، لسنا مستعدين أن نعيد النظر بوجودنا ونظامنا كلما عمدنا إلى تأليف حكومة. ولسنا مستعدين أن نقبل بتنازلات على حساب الخصوصية اللبنانية والميثاق والديموقراطية. ولسنا مستعدين أن نبحث بتعديل النظام قبل أن تدخل كل المكونات في كنف الشرعية، وتتخلى عن مشاريعها الخاصة». وأضاف: «لا تعديل في الدولة في ظل الدويلات أو الجمهوريات، حسب تعبير رئيس الجمهورية. فأي فائدة من تعديل النظام في ظل هيمنة السلاح المتفلت غير الشرعي أكان يحمله لبنانيون أو غير لبنانيين».

ورأى الراعي أن «إعادة النظر في النظام اللبناني وتوزيع الصلاحيات والأدوار يتمان إذا كان لا بد منهما – بعد تثبيت حياد لبنان بأبعاده الثلاثة: بتحييده عن الأحلاف والنزاعات والحروب الإقليمية والدولية؛ بتمكين الدولة من ممارسة سيادتها على كامل أراضيها بقواتها المسلحة دون سواها، والدفاع عن نفسها بوجه كل اعتداء خارجي، ومن ممارسة سياستها الخارجية؛ بانصراف لبنان إلى القيام بدوره الخاص ورسالته في قلب الأسرة العربية، لجهة حقوق الشعوب، وأولاها حقوق الشعب الفلسطيني، وعودة اللاجئين والنازحين إلى أوطانهم، ولجهة التقارب والتلاقي والحوار والاستقرار».

في المقابل، أكد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، بأن «الحكومة ليست ملكاً لشخص والبلد ليس حكراً على أحد، والنظام السياسي حتماً فاشل، والتطوير حتماً ضروري، وزمن العشرين انتهى، وما نطالب به سببه صيغتكم الطائفية التي أسس لها من مضى بصيغته الطائفية، والتي ما زلتم مصرين عليها». وقال: «أنتم بالخيار بين دولة مدنية للجميع أو دولة طوائف تتقاسم الدولة والناس؛ والشجاع الشجاع من يمشي بخيار الدولة المدنية بصيغة المواطن لا الطوائف. وما دامت الحصص على الطائفة، فإننا نحكم بيننا وبينكم بمبدأ المعاملة بالمثل، ولن نقبل بإلغاء طائفة بأمها وأبيها، بخلفية عصا أميركية وجزرة فرنسية».

وقال قبلان: «لن نسير أبداً في لعبة القتل الدولية أو الإقليمية أو المحلية، ولن نسمح لهذا البلد أن يكون ضحية أحقاد أو فخوخ. على أن السلاح الذي ترميه طيلة هذه الأيام هو الذي حرر هذا البلد وأمن سيادته وأعاده إلى الخريطة، وما زال يفعل ذلك ضماناً للبنان واللبنانيين»، في إشارة إلى سلاح «حزب الله».

ووجه كلامه إلى الرئيس المكلف: «البلد والمنطقة جمر تحت الرماد، ولذلك لا تلعبوا بالتوازنات، ولا تزيدوا أزمات هذا البلد لهيباً، لأن ما يجري في لبنان سببه حرب العالم في المنطقة، فيما واشنطن تخوض حرب أمركة لبنان وتهويده، وبهذا السياق تحارب لبنان وتعمل على تفخيخه من الداخل على قاعدة المال مقابل الاستسلام». وقال قبلان: «خيارنا هو لا استسلام حتى لو اجتمع العالم على حصارنا ما دام موقفنا يرتكز على صميم مصلحة لبنان بكل طوائفه ومناطقه ومفهوم سيادته الحر والآمن».

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *