الرئيسية / صحف ومقالات / الجمهورية : إستقالة حتي تدين الحكومة.. و”كورونا” يفضحها.. ‏والخارج يحسم: لا نثق بها
الجمهورية

الجمهورية : إستقالة حتي تدين الحكومة.. و”كورونا” يفضحها.. ‏والخارج يحسم: لا نثق بها

كتبت صحيفة ” الجمهورية ” تقول : كل المؤشرات تتّفق على تصنيف شهر آب الجاري، بالكارثي على مستوى وباء كورونا وحجم ‏الاصابات المتزايدة بطريقة مخيفة في لبنان، الى حد أنها ستكون بالآلاف، تبعاً لعدد ‏الحالات التي زادت عن 1000 مصاب خلال 5 أيام‎.‎

أمام هذه الصورة السوداوية، قدّمت السلطة أقصى ما لديها، وظهرت في حال إرباك كامل ‏بإجراءاتها التي ثبت قصورها في احتواء انتشار الفيروس الذي اتّسع بشكل رهيب وبات ‏يهدد بالتسلل الى كل الزوايا اللبنانية. واذا كان افتقاد السلطة لكابح هذا الانتشار قد ساهم ‏في اتّساع رقعته، الّا انّ العامل الذي فتح الابواب والنوافذ امام هذا الوباء لينتشر، هو ‏استهتار الشريحة الكبرى من اللبنانيين، ومساعدة فيروس كورونا على الفتك بالجسم ‏اللبناني بشكل عام. وما يثير الرعب والخوف الشديدين هو انّ جريمة الاستهتار ما زالت ‏متمادية، ويمكن لَحظها في كل المناطق من دون استثناء‎.‎
‎ ‎
بالتأكيد انّ لاستمرار هذه الجريمة المتمادية عواقبه الوخيمة على كل البلد وأهله، صحيح انّ ‏السلطة عاجزة وليست على قدر المسؤولية، وتتمتّع بكلّ صفات الضعف والتخبّط ‏واللامبالاة وغيرها من الصفات السيئة. وكل تلك الصفات لا يختلف عليها اثنان، لكنّ ‏الصحيح أيضاً هو أنّ المواطن اللبناني هو عدو نفسه وأهله ومجتمعه ووطنه، وآن له أن ‏يرتفع قليلاً، ولو لمرة واحدة، الى مستوى مواطن مسؤول، ويدرك أنّه باستهتاره وتعاليه ‏المُفجع على الوباء، يساهم في التفشي الوبائي، أي الانهيار الذي لا قيامة منه. وحينما ‏يحصل هذا الانهيار لن ينفع الندم، ولن يجد من يمدّ له اليد التي تخفف عنه الوجع والحسرة‎.‎
‎ ‎
وما يؤسف انّ مع رقعة المستهترين التي يتزايد اتساعها منذ بدء تفشي فيروس كورونا في ‏شباط الماضي، من الطبيعي توقّع عشرات وربما مئات من المصابين يومياً، وربما اكثر، ‏وبالتأكيد أنّ كلّ اجراءات السلطة، التي اتخذتها طيلة الفترة الماضية، ثبت ان لا قيمة لها، ‏وتفتقد قدرة كبح انتشار الفيروس، وإلزام المواطن بما سمّتها اجراءات وقائية. ولكن، لأن لا ‏بديل عنها حالياً، ولكونها في موقع المسؤولية والقرار، فعليها مسؤولية مضاعفة، الأولى ‏لناحية اعادة النظر في قراراتها السابقة وتطوير التعبئة العامة الى حالة طوارىء صحية ‏لكبح الانتشار المريع للفيروس ومَنع استحضار النموذج الايطالي او النموذج الاسباني الى ‏لبنان، على ان يكون الشرط الأساس فيها هو إلزام المواطن، ولو بطريقة رادعة وصارمة ‏في قسوتها، بوقف الاستهتار القاتل الذي يرتكبه بحق نفسه وكل اللبنانيين‎.‎
‎ ‎
إجراءات مشددة
وحيال ذلك، أفيد بأنّ لجنة متابعة ملف كورونا سترفع توصية الى مجلس الوزراء تقترح فيها ‏التشدد في تطبيق الاجراءات الوقائية على كل الاراضي اللبنانية بما في ذلك المطار، على ‏ان تتضمن الاجراءات فرض منع التجول خلال فترة إقفال البلد بين الخميس 6 آب والاثنين ‏‏10 آب‎.‎
‎ ‎
الحكومة تتأرجح
سياسياً، ثقب جديد يصيب المركب الحكومي، أحدثته استقالة وزير الخارجية ناصيف حتي. ‏والتي قدمها قبل ظهر أمس الى رئيس الحكومة حسان دياب في لقاء قصير بينهما في ‏السرايا الحكومية استمر لدقائق قليلة. تلاه اجتماعات تشاور في القصر الجمهوري في بعبدا ‏بين رئيسي الجمهورية والحكومة. وأفضَت الى قبول استقالة الوزير حتي، وتعيين السفير ‏شربل وهبه وزيراً للخارجية‎.‎
‎ ‎
حتي
وأوضح حتي في بيان استقالته “انني لم ولن أساوم على مبادئي وقناعاتي وضميري من ‏أجل أي مركز أو سلطة‎”.‎
وقال: “لبنان اليوم ليس لبنان الذي أحببناه وأردناه منارة ونموذجاً، لبنان اليوم ينزلق للتحوّل ‏إلى دولة فاشلة. وإنني أُسائل نفسي كما الكثيرين كم تلكّأنا في حماية هذا الوطن العزيز ‏وفي حماية وصيانة أمنه المجتمعي. إنني، وبعد التفكير ومصارحة الذات، ولتعذّر أداء ‏مهامي في هذه الظروف التاريخية المصيرية ونظراً لغياب رؤية للبنان الذي أؤمن به وطناً ‏حراً مستقلاً فاعلاً ومُشعاً في بيئته العربية وفي العالم، وفي غياب إرادة فاعلة في تحقيق ‏الإصلاح الهيكلي الشامل المطلوب الذي يطالب به مجتمعنا الوطني ويدعونا المجتمع ‏الدولي للقيام به، قررتُ الإستقالة من مهامي كوزير للخارجية والمغتربين، متمنياً للحكومة ‏وللقيّمين على إدارة الدولة التوفيق وإعادة النظر في العديد من السياسات والممارسات ‏من أجل إيلاء المواطن والوطن الاولوية على كافة الاعتبارات والتباينات والانقسامات ‏والخصوصيات‎.‎

ولفت الى انه شارك في الحكومة “من منطلق العمل عند رب عمل واحد إسمه لبنان، ‏فوجدتُ في بلدي أرباب عمل ومصالح متناقضة، إن لم يجتمعوا حول مصلحة الشعب ‏اللبناني وإنقاذه، فإنّ المركب لا سمح الله سيغرق بالجميع‎”.‎
‎ ‎
ماذا بعد الاستقالة؟
لا شك في انّ استقالة حتي أضافت عنصراً إرباكياً للواقع الحكومي المتفسّخ في كل ‏مفاصله، والذي تطوف في أجوائه مجموعة من الاسئلة: ماذا تعني الاستقالة في هذا ‏التوقيت بالذات؟ هل هي المسمار الأول في نعش الحكومة؟ هل انّ الاستقالة تشكل ‏سقوط اوّل حبّة من العنقود الحكومي، كمقدمة لسقوط حبات اخرى تمهّد لفرط هذا ‏العنقود بالكامل؟
مصادر سياسية مطلعة على اجواء وخلفيات الاستقالة، أوردت، عبر “الجمهورية”، ‏الملاحظات والخلاصات الآتية‎:‎

أولاً، هي ألقت جمرة حارقة في يد الحاضنة السياسية للحكومة، باعتبار الاستقالة دليلاً دامغاً ‏من داخل البيت الحكومي على فشل الصيغة التي فرضتها على البلد في إدارته‎.‎

ثانياً، هي ضربة معنوية قاسية، توجّه الى الحكومة الغارقة أصلاً في كمّ هائل من الازمات‎.‎

ثالثاً، هي ضربة للفريق السياسي، الذي سمّى الوزير حتي لتولي وزارة الخارجية، أي رئيس ‏الجمهورية العماد ميشال عون ومن خلفه “التيار الوطني الحر‎”.‎

رابعاً، هي شهادة من داخل الحكومة على الحكومة؛ شهادة إدانة للسلطة الحاكمة، فضّل ان ‏يخرج منها، او بالأحرى ان يهجرها، كونها أصبحت عبئاً على نفسها كما على لبنان؛ لعدم ‏وجود رغبة جدية بالاصلاح، ووجود مجموعة من ارباب العمل ومصالح متناقضة. فضلاً عن ‏انها فشلت مالياً، فشلت كورونيّاً، وأطاحت بأدائها كل ثقة بها من الداخل، وفشلت في انتزاع ‏الثقة العربية والدولية بها، بل العكس، أقفلت بأدائها كل أبواب الخارج أمامها، وتخبّطت الى ‏حد الفضيحة في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي الذي يتجاهلها بالكامل، ولم تستجب ‏للحد الادنى من المطالبات الاصلاحية المتكررة لها، والتي اكد الصندوق انه بلا إصلاحات لن ‏يكون هناك اتفاق تعاون بين الصندوق ولبنان على الاطلاق‎.‎

خامساً، هي خطوة اتخذها ناصيف حتي منذ مدة، وحسم أمره بالاقدام عليها بعدما وجد انّ ‏الامور تراوح في المكان الذي لا يريده، فقرر الاستقالة انتصاراً لكرامته ورفضه لتجاوزه ‏وتهميش دوره وموقعيته على رأس الوزارة، وقد عبّر عن رفض تجاوزه في زيارة اللواء ‏عباس ابراهيم كموفد رئاسي الى الكويت حاملاً رسالة من الرئيس ميشال عون الى أمير ‏الكويت الشيخ صباح الاحمد الصباح. والاعتراض ليس على اللواء ابراهيم إنما على تجاوز ‏دوره كوزير للخارجية معني بالمهمات الخارجية. وفكرة الاستقالة وردت لديه في تلك ‏الواقعة‎.‎

سادساً، انّ الوزير حتي، وعندما اختير على رأس وزارة الخارجية، كان واضحاً في تأكيده على ‏حياديته وعدم تبعيّته لأي طرف، وانه سيعطي منصبه الوزاري من رصيده الشخصي في ‏عالم الديبلوماسية، فهو صاحب تاريخ طويل في العمل الديبلوماسي، توّج بتعيينه رئيساً ‏لبعثة جامعة الدول العربية في فرنسا في العام 2000 ولسنوات طويلة، وليس ان يأخذ ‏منصبه الوزاري منه رصيده الشخصي الديبلوماسي. الّا ان تجربة الاشهر القليلة في الوزارة ‏فاضت به، ومن هنا جاء رفضه للمنحى الذي تُدار فيه الأمور، ولتسيير الوزراء بـ”الريموت ‏كونترول” عن بعد، وإدارة الوزارات برسائل الـ‎(SMS)‎، او “الواتساب” من خارج الحكومة، ‏من قبل مَن بات يسمّى “وزير الوزارات”، وهو ليس عضواً في الحكومة! وفحواها نفّذ ولا ‏تعترض، وتوجيهات يعتبرها موجِّهها “ملزمة” على شاكلة: يجب ان تفعل كذا، ويجب ألّا ‏تفعل كذا، ممنوع تعيين فلان، ممنوع المَس بفلان محسوب على العهد السابق في وزارة ‏الخارجية، وصولاً الى حد حظر القيام بأيّ إجراء داخل الوزارة وحتى خارجها إلّا بالتشاور مع ‏‏”صاحب الواتساب‎”.‎
‎ ‎
إتصالات
الى ذلك، علمت “الجمهورية” انّ الساعات التي تلت الإعلان عن نيّة الوزير حتي تقديم ‏استقالته، شهدت سلسلة اتصالات رئاسية ووزارية بِه لِثَنيه عن استقالته. ولكن من دون ان ‏تتمكن من ثَنيه عن الاقدام على هذه الضربة المعنوية القاسية للحكومة‎.‎
واذا كانت اوساط السرايا الحكومية لا تخفي استياءها من استقالة حتي، في توقيت حساس ‏سياسياً واقتصادياً ومالياً، الّا انّ مصادر حكومية اكدت لـ”الجمهورية” انه مع إصرار الوزير ‏حتي على استقالته وقراره بالخروج من الحكومة، كان لا بد من ان نحترم قراره. وبالتالي، ‏يمكن القول انّ الاستقالة طويت عند حدودها الضيقة، ولن تكون اي تأثيرات سلبية على ‏استمرارية الحكومة. خلافاً لجوقة المنتقدين التي تحرّكت بطريقة لافتة للاستثمار على ‏استقالة حتي، واعتمادها منصة للهجوم على الحكومة‎.‎
وحول ما أعلنه حتي عن المصالح المتناقضة وعدم وجود رغبة بالاصلاح، قالت المصادر ‏الحكومية انّ ما أعلنه الوزير المستقيل مُجاف للحقيقة والواقع، وهو شخصياً يدرك حجم ما ‏حققته الحكومة، ولَمس التوجّه الجدي لدى رئيس الحكومة في سلوك المنحى الاصلاحي ‏من بداية انطلاقة الحكومة‎.‎

وعمّا اذا كانت لاستقالته أبعاد خارجية حملته على اتخاذ هذه الخطوة، وخصوصاً انها جاءت ‏على مسافة ايام من زيارة وزير الخارجية الفرنسية الى بيروت والاشكال السياسي الذي ‏حصل معه، قالت المصادر الحكومية: نكتفي هنا بالقول انّ استقالة وزير الخارجية جاءت، ‏كما هو واضح، في توقيت مصلحي‎.‎
‎ ‎
كوبيتش
ولفتت في هذا السياق تغريدة للمنسق الخاص للامين العام للامم المتحدة في لبنان يان ‏كوبيتش، قال فيها: “تعدّ استقالة وزير الخارجية رسالة بحد ذاتها، فهل تُسهم تلك الصرخة ‏التي تنبع من إحباط عميق في وضع لبنان على سكة الاصلاح؟ وهل تساعد على اتخاذ ‏تدابير لرعاية اللبنانيين الذين ينزلقون يوماً بعد يوم في هوة الفقر واليأس”؟
‎ ‎
السلطة ليست موثوقة
من جهة ثانية، علمت “الجمهورية” انّ ذيول الاشتباك الحكومي مع وزير الخارجية الفرنسية ‏لودريان لم تنته فصولاً بعد. وفي هذا السياق، أبلغ ديبلوماسيون أوروبيون جهات لبنانية‎:‎
انّ هناك خطأ كبيراً جداً ارتكبه رئيس الحكومة حسان دياب، حينما حاول تظهير الوزير ‏لودريان في موقف الجاهل، فقد كان في إمكانه ان يتجنّب الوقوع في هذا الخطأ، ومحاولة ‏أخذ زيارة لودريان الى بيروت كفتحة يمكن الاستثمار عليها لمساعدة لبنان على الانفتاح ‏على الخارج‎.‎

يجب ألّا ننسى انّ الفرنسيين، ولودريان تحديداً، هو صاحب فكرة إعطاء حكومة حسان دياب ‏فرصة لتقوم بإصلاحات وإجراءات انقاذية للأزمة في لبنان، علماً انّ كل العالم تقريباً لم يثق ‏بهذه الحكومة، ومع ذلك أصرّ الفرنسيون على اعطاء الفرصة، ولحق بالموقف الفرنسي ‏العديد، ان لم يكن كل دول الاتحاد الاوروبي. ويجب الّا ننسى انّ لودريان تعرّض للاهانة، ‏وطبيعي جداً عندما ينكفىء الفرنسيون أن ينكفىء معهم سائر دول اوروبا التي شاركت ‏باريس في البداية بإعطاء الفرصة لحكومة دياب، والواضح انها فَوّتتها‎.‎

هناك مثل فرنسي يقول ما مفاده “أسوأ أنواع الطَرش، هو عندما يرفض المرء أن يسمع”. ‏وهذا هو حال حكومة حسان دياب، فكل العالم كان وما يزال يصرخ في أذن الحكومة ‏ويحذّرها من أنّ لبنان على وشك السقوط النهائي ويطالبها بإجراء إصلاحات انقاذية، ومع ‏ذلك ترفض ان تسمع، بل بالعكس تستمر في انتهاج مسالك بعيدة عن الاصلاح، لذلك لا ثقة ‏بالحكومة ولا يمكن التعويل عليها، العالم يريد ان يساعد لبنان، الّا انّ حكومته لا تريد ان ‏تسمع. ومن هنا نكرر ان لا مجال لأي مساعدات خارجية للبنان ما لم تقم حكومته بإصلاحات ‏حقيقية. وكل ما تقوم به الحكومة منذ تشكيلها ليس اكثر من تضييع للوقت‎.‎
‎ ‎
لبنان… وقع
الى ذلك، أبدت مصادر ديبلوماسية اوروبية تشاؤمها حيال مستقبل الوضع في لبنان. ‏وقالت لـ”الجمهورية”: لبنان وقع، وفي ظل السياسة التي تتّبعها حكومته لا أمل بقيامة له‎.‎
وجددت المصادر التأكيد على ان “لا سبيل امام لبنان الّا الاصلاحات، فهي الباب والنافذة ‏التي ستدخل منها المساعدات إليه، وهي المعبر الالزامي للوصول الى تعاون مع صندوق ‏النقد الدولي‎”.‎
‎ ‎
إضاعة الفرص
علمت “الجمهورية” انّ سفراء وديبلوماسيين أوروبيين وجّهوا انتقادات قاسية للسلطة في ‏لبنان، وأبلغوا نواباً في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب ما مفاده “انّ اللبنانيين ‏ملوك في إضاعة الفرص‎”.‎

وكشفت مصادر في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب لـ”الجمهورية” انها ‏‏”سمعت مواقف حادة من قبل بعض السفراء الديبلوماسيين الاوروبيين تعكس بشكل ‏واضح انّ الدول الاوروبية نفضت يدها من الحكومة‎”.‎

وبحسب المصادر فإنّ السفراء والديبلوماسيين عبروا عن استغراب شديد لِما سَمّوه إصرار ‏الحكومة على أداء مجاف للاصلاحات، وتصميمها على سلوك منحى يؤدي الى عزلتها ‏وابتعاد أصدقاء لبنان عنه‎.‎

وكشفت المصادر انه في معرض حديثهم عن الخيبة من الحكومة، لفت السفراء ‏والديبلوماسيون الى محطات خذلت فيها الحكومة لبنان والعالم‎:‎

الاولى: تلقّفنا بإيجابية بالغة قرار الحكومة في ما خَص سلعاتا، لكننا أصبنا بخيبة بعد التراجع ‏عن هذا القرار. بإقامة 3 معامل للكهرباء لفتح باب سرقة الاموال، فيما لبنان لا يحتاج الّا ‏لمعمل واحد على الاكثر‎.‎

الثانية، تلقّفنا بإيجابية بالغة إعلان رئيس الحكومة في بداية التعيينات انها لا تُشبهه لوجود ‏محاصصة فيها، لكنه عاد وفاجأنا بانغماسه فيها وشارك في المحاصصة ناسفاً كل ما قاله‎.‎

الثالثة، في الوقت الذي نادى فيه العالم كله باستقلالية القضاء في لبنان، أمعن الفريق ‏الحاكم في لبنان في التأكيد على رفضه بلوغ هذه الاستقلالية. وتجلّى ذلك في تعطيل ‏تشكيلات قضائية من خلفية إبقاء التدخلات السياسية في القضاء‎.‎
‎ ‎
واشنطن: حذّرناكم
في السياق ذاته، نقلت شخصيات لبنانية عن ديبلوماسيين أميركيين عدم ثقتهم في تَمكّن ‏حكومة حسان دياب من تحقيق أي إنجاز يساعد في خروج لبنان من أزمته‎.‎
وبحسب ما نقلته تلك الشخصيات عن الديبلوماسيين الاميركيين فإنّ “موقف واشنطن ‏سبق واكدت عليه مراراً بأنّ على الحكومة اللبنانية ان تجري إصلاحات جدية، وتسعى بكل ‏جدية الى مكافحة الفساد، لكنها حتى الآن لم تقدّم ما يؤكد عزمها الجدي للسير في هذا ‏الاتجاه‎”.‎

ولفت الديبلوماسيون انتباه الشخصيات اللبنانية الى “انّ تحذيرات واشنطن ليست وليدة ‏هذه الفترة، بل هي مُمتدة الى سنوات سابقة، والعديد من المسؤولين الاميركيين، في ‏الادارة الاميركية، وفي الكونغرس وفي وزارة الخزانة الاميركية أبلغوا الى نواب وشخصيات ‏لبنانية زاروا واشنطن في نيسان من العام 2019، كلاماً صريحاً وجاداً بأنّ لبنان يسير في ‏اتجاه انهيار ووضع صعب جداً، وانّ على اللبنانيين ان يعلموا انهم مُقبلون على اوضاع ‏شديدة التأزم والتعقيد اقتصادياً ومالياً وسيصلون حتماً الى الانهيار، إن لم يبادروا الى ‏خطوات سريعة وتنفيذ إصلاحات جدية، وإن لم يسارعوا الى مكافحة الفساد ووقف ‏السرقات، ولكن كل هذه التحذيرات لم تلق الاستجابة المطلوبة. وكل ذلك يُضاف الى تحكّم ‏‏”حزب الله” بالحكومة، والسيطرة على قرارها‎.‎
‎ ‎
التسيّب
الى ذلك، سألت “الجمهورية” مرجعاً سياسياً كبيراً رأيه في تطورات الوضع اللبناني، فقال: ‏نحن في القعر، العالم يحثّنا ولا نسمع، لكن على الحكومة ان تعلم انّ الجمرة لا تحرق الّا ‏مكانها، والجمرة في يدنا، واللبنانيون هم من يحترقون، وهم من يتوجّعون، وهم من يعانون، ‏وهم من “يَتبهدلون” كل يوم. والحكومة طرشاء بكماء خرساء، هذا التسيّب القائم لا يمكن ‏ان يستمر، فإمّا ان تبادر الحكومة الى الانجاز الجدي والاصلاح الحقيقي، وامّا ان تغادر ‏وتُفسح الطريق لتشكيل حكومة جديدة، لعلها تحمل الخلاص معها للبنان‎”.‎
‎ ‎
رفع الدعم؟
مالياً، قرر مصرف لبنان إلغاء مفاعيل التعميم الذي سبق وأصدره، والذي يمنع بموجبه على ‏شركات تحويل الاموال دفع التحويلات الى أصحابها بالدولار، وفرض دفعها بالليرة على ‏سعر دولار المنصّة. ومع التراجع عن هذا القرار، سيفقد مصرف لبنان الدولارات التي كان ‏يجمعها من هذه الشركات، لاستخدامها في دعم السلة الغذائية. وهذا يعني انّ المركزي ‏سيكون مضطرّاً الى استخدام الاحتياطي لديه لتمويل أي دعم يقرره‎.‎

وفي ظل قرار دعم سلّة غذائية فضفاضة، بالاضافة الى دعم المحروقات والطحين والدواء، ‏سيضطرّ المركزي الى استخدام كميات كبيرة من الاحتياطي لديه. فهل سيقرر مصرف لبنان ‏في الايام المقبلة وقف عمليات الدعم تدريجاً لحماية الاحتياطي، الذي يعود الى ما تبقّى ‏من ودائع الناس؟

الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف سمير حمود طالبَ بوقف كل انواع الدعم. ‏وقال لـ”الجمهورية”: “لا يمكن لعمليات الدعم ان تستمرّ ولا بدّ ان تتوقف، أوّلاً لأنها ‏تستنزف احتياطي مصرف لبنان، أي اموال المصارف واموال المودعين. وثانياً لأنها تستخدم ‏اموال بعض الناس لإطعام جميع الناس”. كما اشار الى انّ اي احتياطي نقدي مُتبقٍ، ولو انه ‏يستطيع تأمين الدعم لمدة عام او اثنين، لا يجوز استنزافه لدعم استيراد السلع الغذائية او ‏غيرها‎.‎

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *