الرئيسية / صحف ومقالات / الجمهورية:الحكومة تتّجه شرقاً.. وعون متمسّك بتدقيق حسابات «المركزي»
الجمهورية

الجمهورية:الحكومة تتّجه شرقاً.. وعون متمسّك بتدقيق حسابات «المركزي»

في ختام يوم من المواقف الممتزجة بالاشاعات عن استقالة متوقعة للحكومة، بَدا المشهد المالي والسياسي أمس قاتماً جداً، وأسوأ ما في هذا المشهد هو الشعور بغياب الحلول والمخارج، كما شعور المواطن اللبناني بأنه متروك لقدره ومصيره، ويتفرّج على البلد يغرق أمامه وهو يغرق معه في ظل حكومة عاجزة ومُستسلمة ومكابرة، فلا خطوات حتى اللحظة تعطي الأمل بالإنقاذ، بل هناك مزيد من الشيء نفسه، أي الدوران في حلقة مفرغة من الاجتماعات غير المنتجة والمواقف المستفزّة التي لا تطعم خبزاً ولا تروي من الظمأ.

وحيال الفشل الداخلي باجتراح الحلول التي تُبعد الانهيار الشامل عن البلد وتضعه على سكة الحلول المَرجوّة وتعيد الثقة للشعب بحاضره ومستقبله، هناك في المقابل تشدد دولي لم يألفه لبنان في تاريخه، حيث تعوّد على العطف الخارجي والتساهل مع شؤونه وإبقاء «حنفية» الدعم مفتوحة رغم المآخذ، هذا الدعم الذي توقف منذ مؤتمر «سيدر» وأصبح مشروطاً ومربوطاً بإصلاحات لا تُقدم عليها السلطة حفاظاً على مكاسب لن يبقى منها شيء في حال، لا سمح الله، دخل لبنان في الفوضى.

فالمواطن اللبناني يستفيق على سعر الدولار وانقراض المواد الاستهلاكية التي أصبحت أسعارها جنونية، وينام على هَم الكهرباء والمولدات والمازوت، ويبحث عن لقمة عيش تُجنِّبه العوز وتحفظ كرامته مع ارتفاع عدّاد العاطلين عن العمل يومياً ونزول الناس إلى الشوارع للتعبير عن يأس وغضب، لعلّ هناك من يسمع صراخهم واستغاثاتهم للتخلُّص من هذا الوضع المأسوي الذي لم يتصوروا يوماً أنهم سيعيشونه ويصلون إليه.

وفي كل هذا المشهد المتدحرج نزولاً نحو الهاوية والقعر، لم يبق من أمل سوى الصلاة والتضرّع من أجل أن يَرأف الله بشعبه وينوِّر عقول المسؤولين للقيام بأيّ شيء يُجنّب لبنان السقوط، ولكن كيف يمكن ان يرأف بمَن بيده القرار ولا يعمل ولا يبادر لإخراج لبنان من أزمته؟

غَزت البلاد أمس موجة من المواقف والاشاعات التي تحدثت عن استقالة للحكومة باتت وشيكة، في ظل انعقاد جلسة طويلة لمجلس الوزراء في السرايا الحكومية بدأت قبل الظهر وانتهت عصراً، وتخللها موقف لرئيس الحكومة حسان دياب أكد فيه ثباتها وانّ «حرق الدواليب لن يحرق الحكومة»، فيما كان الرئيس سعد الحريري يُدردش مع صحافيين مؤكداً انّ له شروطه للعودة الى رئاسة الحكومة، وذلك بُعَيد استقباله نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي الذي ناشَد دياب تسهيل الأمر لإيجاد حكومة بديلة تساعد على ايجاد الحلول، ومعتبراً الحريري «المدخل الرئيسي في صناعة لَمّ الشمل اللبناني». وفيما كان رئيس المجلس النيابي نبيه بري مجتمعاً لساعة ونصف ساعة مع رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، الذي لم يُدل بأيّ تصريح.

 

لا استقالة حكومية

وأكدت مصادر وزارية لـ»الجمهورية» انّ دياب ليس في وارد الاستقالة لأنه يرفض ان يهرب من المسؤولية الى المجهول، كذلك أوضحت انّ التعديل الوزاري ليس مطروحاً الآن. واشارت الى انّ دياب «يمكن أن يستقيل في حالة واحدة فقط، وهي ان يجري توافق داخلي خارجي على الحكومة الجديدة واسم رئيسها»، مشددة على «أنّ المطلوب من اي رئيس آخر للحكومة أن يأتي من المجتمع الدولي بمليارات الدولارات الى لبنان ويفكّ الحصار عنه، فإذا وُجد من هو قادر على فِعل ذلك، فإنّ دياب لن يتأخر في التضحية والاستقالة من أجل مصلحة لبنان، امّا ان يُراد منه الرحيل على قاعدة قم لأجلس مكانك، فهو امر لا يستطيع قبوله».

 

الى ذلك، وعلى سِعر صرف الدولار بـ10 آلاف ليرة، صرف رئيس الحكومة حسان دياب مواقفه السياسية في جلسة مجلس الوزراء، وعلى نار حامية وضع تنفيذ «الخطة ب» للمواجهة، فأخرج من جيبه ورقتين:

 

الورقة الاولى، توجّه شرقاً واستدعى السفير الصيني الى السرايا للاجتماع معه مباشرة في حضور وزراء الطاقة والصناعة والاشغال والبيئة والسياحة مُستدرجاً مساعدات ومشاريع في البنى التحتية وفي قطاعات الكهرباء والنقل والسياحة والنفق من مرفأ بيروت الى رياق في البقاع والنفايات. وقد تم الاتفاق، بحسب معلومات «الجمهورية»، على البدء فوراً بوضع الاتفاقيات موضع التنفيذ، وطلب من الوزراء الاجتماع، كلّ على حدة، مع السفير الصيني لإعداد اتفاقيات، وستفتتح هذه الاجتماعات اليوم في وزارة الطاقة بين غجر والسفير الصيني لمعرفة ما يمكن أن تقدمه الصين رسميّاً ومن دولة الى دولة في مجال الكهرباء، علماً انّ السفير الصيني أبلغ الى دياب انّ بلاده لا تقدم مساعدات مالية إنما استثمارية ومشاريع.

 

أما الورقة الثانية فسحبها دياب من العراق، حيث أعلن عن زيارة محادثات عمل الى بيروت اليوم يقوم بها وزراء النفط والزراعة والصناعة العراقيين، ويلتقون المسؤولين اللبنانيين للاتفاق على مجالات تعاون بين البلدين.

 

شرق وغرب

وكشفت مصادر السرايا الحكومية لـ»الجمهورية» أنّ رئيس الحكومة قرر البحث عن خيارات تخفف الاعباء الاجتماعية عن اللبنانيين، وتؤمّن الحدّ الأدنى من مقومات الاستقرار الاجتماعي في ظل ادارة الظهر التي تمارَس في حق لبنان من قبل بعض الدول الغربية والعربية. ولفتت الى انّ دياب لا يسلك هذا المسار على قاعدة شرق وغرب إنما يفتح الافق الاقتصادي أمام الجميع ويكسر حصرية الارتباط السائد مع المجتمع الغربي، علماً أنّ هذا المجتمع لا يزال موجوداً أصلاً وعندما يحضر لبنان سيرحّب بأيّ مساعدة يقدمها في المجالات التي تبقى خارج الاستثمار.

 

وعلمت «الجمهورية» انّ السفير الصيني أبدى استعداد بلاده لتنفيذ 3 مشاريع في مجال الكهرباء وسكة الحديد التي تربط الشمال بالجنوب وبيروت بالبقاع، والنفق الذي يربط بيروت برياق على طريقة الـ bot. وأكد لرئيس الحكومة انّ الفرق الصينية تستطيع حفر 26 كيلومتر يومياً في هذا النفق، كذلك يمكن للصين ان تساعد في مجال النفايات وفتح البلد امام السيّاح الصينيين، وهم معروفون انهم الانشط في العالم وينفقون الاموال على السياحة التي تدخل ضمن ثقافتهم وسلوك حياتهم سنوياً.

 

وعلمت «الجمهورية» أيضاً انّ البحث تقدّم في مجال عقد اتفاقية «من دولة الى دولة» لاستيراد النفط العراقي.

 

تصور كامل

وخلال جلسة مجلس الوزراء أكد حاكم مصرف لبنان أنه سيقدّم في الإجتماع المالي الذي سيعقد السادسة مساء اليوم في السرايا الحكومية تصوراً كاملاً وآلية لمعالجة موضوع ارتفاع الدولار، وهو قال لمجلس الوزراء انّ الصعوبة تكمن في انّ السوق السوداء مجهولة ولا يستطيع السيطرة عليها إنما حجمها صغير لا يتجاوز الـ 10 في المئة.

 

وسأل رئيس جمعية المصارف سليم صفير عدداً من الوزراء عن سبب عدم قيام المصارف بالعمليات التي يقوم بها الصرّافون لجهة تأمين الدولار للمواطنين، فلم يجب أحد عن هذا السؤال.

 

وعلى صعيد آخر، أبلغ أحد الوزراء الى «الجمهورية» أنه «تحدّى زملاءه خلال جلسة مجلس الوزراء ان يكونوا قد فهموا شيئاً على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي حضر الجلسة»، واضاف: «انّ سلامة يأخذنا الى البحر من المحيط الأطلسي الى المحيط الهندي، ثم يعيدنا عطشانين في نهاية المطاف».

 

وعلم انّ وزير الداخلية العميد محمد فهمي اقترح خلال الجلسة إعادة النظر في قرار وزير الاقتصاد راوول نعمة رَفع سعر ربطة الخبز الى 2000 ليرة، على أن يتم اعتماد سعر 1500 ليرة للربطة في الفرن و1750 في المحال التجارية والسوبرماركت. وتقرر تأجيل البت في هذه المسألة الى الجلسة المقبلة بسبب غياب وزير الاقتصاد.

 

كذلك، طلبت وزيرة الإعلام منال عبد الصمد من فهمي الاعتذار من الاعلاميين عقب الاعتداء الذي تعرّضوا له في المطار خلال تغطيتهم إعادة افتتاحه، فأجابها «انّ للباس العسكري هيبته وكرامته، ويرفض أيّ مساس بمعنويات من يرتديه».

 

لحظة الاصطدام

وكان دياب قد أعلن في مستهلّ جلسة مجلس الوزراء التي عقدت أمس في السرايا الحكومية، التي شارك فيها سلامة وصفير، أنّنا «في لحظة الاصطدام، لكن، وبكل أسف، هناك جهات محلية وخارجية عملت وتعمل حتى يكون الاصطدام مدوياً، وتكون النتيجة حصول تحطّم كبير وخسائر ضخمة». وتابع: «هناك جهات في الداخل لا تهتم لمستقبل البلد، ولا يهمّها إلّا دفتر حسابات المصالح الشخصية المغلفة بحسابات سياسية وطائفية. هذه الجهات إمّا هي أدوات خارجية لإدخال لبنان في صراعات المنطقة وتحويله إلى ورقة تفاوض، أو هي تستدرج الخارج وتشجّعه على الإمساك بالبلد للتفاوض عليه على طاولة المصالح الدولية والإقليمية».

 

وقال دياب: «يلعبون لعبة رفع سعر الدولار الأميركي، والمضاربة على الليرة اللبنانية، ويحاولون تعطيل إجراءات الحكومة لمعالجة ارتفاع سعر الدولار. لعبة الدولار أصبحت مكشوفة ومفضوحة. يطالبوننا بإجراءات مالية، ويهرّبون الأموال إلى الخارج ويمنعون التحويلات إلى البلد، ويعطّلون فتح الاعتمادات للفيول والمازوت والدواء والطحين، ليقطعوا الكهرباء عن اللبنانيين ويجوّعونهم ويتركونهم يموتون من دون أدوية. وفوق ذلك، يتحدثون عن حرصهم على لبنان ومساعدة الشعب اللبناني».

 

وكشف: «سكتنا كثيراً عن ممارسات ديبلوماسية فيها خروقات كبيرة للأعراف الدولية، والديبلوماسية، حرصاً على علاقات الأخوة والانتماء والهوية والصداقات، لكنّ هذا السلوك تجاوزَ كل مألوف بالعلاقات الأخوية أو الديبلوماسية. والأخطر من ذلك أنّ بعض الممارسات أصبحت فاقعة في التدخل بشؤون لبنان، وحصلت اجتماعات سرية وعلنية، ورسائل بالحبر السري ورسائل بالشيفرة ورسائل بالـ»واتس آب»، ومخططات، وأمر عمليات بقطع الطرقات وافتعال المشاكل».

 

وفي حين أشار الى أنّ «الجائعين الفعليين ليسوا بالضرورة هم من يقطعون الطرق»، لفتَ الى أنّ «قطع الطرق هو ضد الناس، وليس ضد الحكومة. قطع الطرقات سياسي بامتياز، وهو بقرار صادر عن غرفة عمليات مفضوحة الهوية والإدارة». واكد انّ «الحكومة ليست معطلة، ولن يمنعها قطع الطرقات من تأمين الحد الأدنى من مقومات الحياة للبنانيين».

 

الحريري

وفي هذه الاثناء أعلن الرئيس سعد الحريري انّ «الفراغ مدمّر للبنان والفرصة للانقاذ قائمة، والحلّ بتغيير الآلية ‏والمحاصصة وبناء البلد على أسس جديدة». وقال في دردشة مع إعلاميين في «بيت الوسط»: «لديّ شروط للعودة إلى رئاسة الحكومة ونقطة على السطر، والبلد يحتاج لطريقة مختلفة بالعمل كلياً، واذا لم نخرج من المحاصصة وغيرها فلن يتغيّر اي شيء». وأضاف: «لدينا أزمة اقتصادية والمطلوب إجراء إصلاح، وسمعتُ ما قاله الرئيس دياب الذي لم يتحدث عن الكهرباء والإصلاح، هو فقط يهاجم السلك الديبلوماسي الذي نحن بحاجة إليه من أجل مساعدة لبنان. هذه الأزمة ضربت الاقتصاد، إلّا أنّ صندوق النقد يريد أن يساعد، لكن أين الإصلاحات؟ وأنا اليوم مصدوم من كلام الرئيس دياب عن المؤامرة، وعلى الحكومة أن تساعد نفسها». وأشار الى انّ «النأي بالنفس لم يتم احترامه في حكومتي، واستمرّ فريق بانتقاد دول الخليج التي نطلب منها المساعدة».

 

وعن الاتجاه شرقاً قال: «البعض يظن انّ الصين ستأتي بالاموال وتضعها من دون اصلاحات، ليس لدى ايّ حكومة مشكلات مع الصين او غيرها، المطلوب خلق بيئة مؤاتية للاستثمار قبل كل شيء والمباشرة بالاصلاحات». وأكّد أنه «لن يغطّي أحداً قريباً منّي لترؤس أي حكومة». وقال: «مش حابِب أعمل رئيس حكومة ولا عم فكّر إعمل رئيس حكومة، ولم أتحدّث مع الفرزلي في هذا الموضوع».

 

وكان الحريري قد التقى الفرزلي الذي دعا الى «التفكير بوسائل الخلاص، أو أقلّه وضع البلد على طريق الخلاص»، معتبراً انّ «المدخل الرئيسي لذلك هو الاتصال بالزعامات السياسية الممثلة للمكوّنات بشكل حقيقي وصحيح في المجتمع اللبناني». وقال: «كلنا متّفق ويَتّفق على أنّ دولة الرئيس سعد الحريري هو من المداخل الرئيسية، لا بل المدخل الرئيسي، في صناعة لَم الشمل اللبناني». وأضاف: «إنّ إعادة النظر بالتركيبة الحكومية باتت أمراً ملزماً»، وناشَد دياب «تسهيل الأمر لإيجاد حكومة بديلة تساعد على إيجاد الحلول في المجتمع اللبناني».

 

«القوات»

وفي المواقف قالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ»الجمهورية» ان «الوضع لم يعد يطاق، والخشية من الانهيار الشامل تتوالى فصولاً، والسلطة لا تحرِّك ساكناً، وتكتفي باجتماعات حكومية وفرعية لا تنتهي ومن دون نتيجة، ومواقف مكررة ومملة وخشبية، والأسوأ انها تتفرّج على البلد يتهاوى من دون ان تفعل اي شيء لمنعه من الانهيار».

 

ورأت المصادر «انّ المشكلة ليست محصورة بالحكومة، بل تتعلق بشكل أساسي بالفريق الذي أنتجَ هذه الحكومة ويقف خلفها، والتغيير المنشود كمعبر للإنقاذ لا يجب ان يقتصر على الحكومة، إنما يجب ان يشمل كل السلطة، وإلّا ايّ حكومة جديدة ستكون مكبّلة وعديمة الفعالية، فيقتصر التغيير على الشكل، فيما عجلة الانهيار لن تتوقف».

 

وزني

وعلى صعيد المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، قال وزير المال غازي وزني لـ»الجمهورية»: انّ المفاوضات مع صندوق النقد الدولي on hold علّقت في انتظار بدء لبنان تنفيذ الاصلاحات بأسرع وقت ممكن، والتوافق على مقاربة الارقام بشكل موحّد. ولكن الى حين استئناف جولات المفاوضات سأبقى في تشاور وتواصل مستمر مع الصندوق»، لافتاً الى «انّ ما يُعمل عليه اليوم هو تحديد الخسائر وحجمها بكل القطاعات». واضاف: «علينا الخروج بمقاربة موحدة متّفق عليها مع كافة القوى السياسية وبالتنسيق بين الحكومة ومجلس النواب، لأنّ الوقت لم يعد يسمح بالمماطلة ويجب ان نتفق بأسرع ما يمكن».

 

حواط

وقال وزير الاتصالات طلال حواط لـ»الجمهورية»: «وقّعتُ مع وزير المال على آلية القرار الرقم 36 الذي ينص على كيفية نقل المال من شركتي الخلوي او اي مال عام الى وزارة المال. ووضعتُ مع وزير المال الآلية وقدّمناها مع مشروع قانون الى مجلس النوّاب، والتي بموجبها يبقى لدينا رأس المال التشغيلي مع المعاشات التي تبقى في الشركات والقيمة الرأسمالية تذهب إلى وزارة المال».

 

أمّا بالنسبة الى محطّات الإرسال، فأشار حواط إلى «اننا أمّنا لها المازوت أمس الأوّل بكمية تكفيها لنحو أسبوعين، إلى حين وصول الباخرة الثانية، وقد تكلّمتُ مع وزير الطاقة لكي يزوّدنا كمية من المازوت لنوزّعها على كلّ من «أوجيرو» و»تاتش» و»ألفا».

 

مشهدية الجوع

معيشياً، يوماً بعد يوم، تتظهّر أكثر فأكثر مشهدية الجوع الذي يتحدث عنه كثيرون، وآخرهم ما أوردته وكالة «رويترز» في تقرير لها من بيروت حول هذا الموضوع. (تفاصيل ص10)

 

الوضع المالي

على المستوى المالي، لفت امس التحرّك الذي بدأته المصارف اللبنانية في محاولة لتوحيد الأرقام في خطة الانقاذ، بعد تراجع حظوظ الخطة الحكومية في الصمود، وترجيح صدور قرار بالانتقال الى خطة بديلة للتفاوض في شأنها مع صندوق النقد الدولي.

 

وفي السياق، زار وفد جمعية المصارف السفير السعودي في لبنان وليد بخاري، في مقر إقامته في اليرزة، «بهدف وضعه في صورة الوضع الاقتصادي الذي يمرّ به لبنان، وللتأكيد أنّ لبنان لن ينسى خير السعودية»، وفق ما أعلنه رئيس جمعية المصارف سليم صفير بعد اللقاء.

 

الى ذلك، لفت صفير الى انّ الحديث في مجلس الوزراء تطرّق الى كيفية ضبط سعر الصرف، على ان يؤمّن الدولار عبر المصارف بدعم من مصرف لبنان.

 

وأثار هذا الكلام تساؤلات حول وجود آلية جديدة لدفع الدولار الى المواطنين المستحقين، في المرحلة المقبلة.

 

التدقيق المحاسبي

ولم يتناول مجلس الوزراء موضوع التدقيق الحسابي والجنائي في حسابات مصرف لبنان، وتقرر ان يبحث فيه خلال جلسة الثلاثاء المقبل في القصر الجمهوري. واكدت مصادر وزارية مطلعة على موقف بعبدا، انّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يتمسك بتنفيذ قرار مجلس الوزراء المتخذ في 26 آذار الماضي، والقاضي بإجراء عملية تدقيق محاسبية مركّزة Forensic audit في مصرف لبنان، لتبيان الاسباب الفعلية التي آلت بالوضعين المالي والنقدي الى الحالة الراهنة، اضافة الى تبيان الارقام الدقيقة لموازنة المصرف المركزي وحساب الربح والخسارة ومستوى الاحتياطي المتوافر بالعملات الاجنبية.

 

وقالت هذه المصادر «انّ إصرار عون على اجراء التدقيق لا تراجع عنه، بصرف النظر عن المواقف التي ظهرت في مجلس الوزراء الثلاثاء الماضي، والتي دلّ بعضها الى محاولة لصرف النظر عن اجراء هذا التدقيق الذي لا بد منه لجلاء الغموض الذي يسود موجودات مصرف لبنان».

 

ولفتت المصادر نفسها الى انّ القول إنّ شركة «كرول»، التي كان يفترض ان تباشر عملية التدقيق، هي شركة مرتبطة بالعدو الاسرائيلي، وبالتالي أوقف وزير المال التعامل معها، لا يعكس الواقع الحقيقي بدليل انّ السبب الاساسي لوقف التدقيق المركّز (او التشريحي) كما قال وزير المال نفسه، هو «رفض الجهات السياسية التي يمثلها الوزير» اعتماد مبدأ التدقيق المركّز Forensic audit والاكتفاء فقط بالتدقيق المحاسبي Accounting audit، وذلك خلافاً لقرار مجلس الوزراء المتخذ منذ ثلاثة اشهر وبضعة ايام.

 

ولاحظت هذه المصادر انّ إصرار وزير المال على رفض توقيع العقد مع «كرول»، واعلان استعداده للتوقيع على العقدين مع شركتي KPMG و Oliver Wyman يؤكد مرة جديدة انّ المطلوب هو عدم الغوص في التدقيق المركّز الذي يلقي الضوء على الحسابات ويحدد سبل تفاصيلها والجهات المعنية بها، على عكس التحقيق المحاسبي الذي يكتفي بمقارنة الارقام مع الاعتمادات فقط.

 

وقالت المصادر نفسها انه «لا يمكن القبول بصرف النظر عن التدقيق المركّز لأنه يندرج في اطار الاصلاحات المطلوبة للانطلاق بخطة التعافي المالي، علماً انّ الاصلاحات التي أقرّت سابقاً لم يتحقق منها شيء، على رغم إلحاح المجتمع الدولي ومجموعة الدعم الدولية للبنان بضرورة إنجاز مثل هذه الاصلاحات لتتمكن الدول الاعضاء في المجموعة من مساعدة لبنان.

 

وأشارت هذه المصادر الى انّ ثمة اقتراحات ومشاريع قوانين اصلاحية موجودة في مجلس النواب ولم يبتّ بها، على رغم المراجعات المتكررة في شأنها، مثل قانون الجمارك والشيخوخة والمشتريات العمومية وقانون المنافسة وغيرها، ما يطرح التساؤلات عن الجهة التي تدفع الى تأجيل البَت في هذه الاقتراحات ومشاريع القوانين، ما يؤشّر الى وجود حلقة متصلة بين تأخير الاصلاحات على المستويين الحكومي والنيابي.

 

وتساءلت المصادر: لمصلحة مَن تمّت عرقلة الاصلاحات؟ وتنفيذاً لأي مخطط وضعت العراقيل في وجهها؟ وقالت: «الاكيد انّ رئيس الجمهورية لم يكن ولن يكون حجر عثرة في درب الاصلاحات المطلوبة، لأنه كان دائماً المبادر الى طرح كثير منها والتجاوب مع طروحات يقدمها آخرون، لأنّ المهم بالنسبة اليه هو تحقيق التغيير والاصلاح الذي كان دائماً عنواناً لعمله السياسي قبل ان ينتخب رئيساً للجمهورية وبعده».

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *