الرئيسية / صحف ومقالات / الجمهورية : الحكومة.. مفاوضة الدائنين..والمعارضة: أين الخطة؟
الجمهورية

الجمهورية : الحكومة.. مفاوضة الدائنين..والمعارضة: أين الخطة؟

كتبت صحيفة “الجمهورية ” تقول : مع إعلان رئيس الحكومة حسان دياب تعليق دفع سندات “اليوروبوند”، التي تستحق اعتبارًا ‏اليوم، يدخل لبنان في مرحلة جديدة، عنوانها الأول ترقّب كيفية تلقف الدائنين لهذا الإجراء ‏اللبناني، علمًا انّ رئيس الحكومة قد الغى مواعيده اليوم، ليتفرّغ لبدء المفاوضات بين وزارة ‏المال وحاملي سندات. امّا العنوان الثاني للمرحلة الجديدة، فهو الشروع في عملية إنقاذية ‏طويلة الأمد،على حدّ ما جاء في الوعد الحكومي الجديد، الذي اقترن مع قرار التعليق‎.
جاء هذا الاعلان، بتغطية رئاسية واضحة تجلّت في الاجتماع الذي سبق انعقاد جلسة مجلس ‏الوزراء امس الاول السبت، وحضره رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس ‏النواب نبيه بري ورئيس الحكومة، وتخلّله بحسب الأجواء التي تسرّبت عن هذا الاجتماع، ‏عرض شامل للمأزق الذي دخله البلد، ومسبباته، وكيفيه الانتقال الى المرحلة العلاجية ‏المطلوبة، وكذلك توجيه لوم شديد بشكل مباشر لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس ‏جمعية المصارف سليم صفير، على الدور السلبي في إدارة المالية، وكذلك على دور ‏المصارف تحديدًا ما يتصل بودائع المواطنين‎.‎
‎ ‎
تقرير دولي
‎ ‎
يأتي ذلك في وقت، برز فيه مضمون تقرير مالي دولي ورد فيه ، “انّ الاقتصاد اللبناني ‏تحوّل الى اقتصاد نقدي‎ (cash economy)‎، خلافاً للاقتصادات العالمية الطبيعية، كنتيجة ‏للتصدّع المالي الكبير للدولة اللبنانية والقطاع المصرفي‎”.‎
‎ ‎
و علمت “الجمهورية”، انّ التقرير شرح بشكل مسهب عن وظيفة البنك المركزي، في اي ‏دولة في العالم، وجاء فيه، “انّ وظيفة البنك المركزي هي ضخ السيولة في البلد. وفي حالة ‏لبنان، لم يعد في استطاعة المصرف المركزي اداء هذه المهمة – الواجب، وضخ السيولة إلّا ‏بالليرة اللبنانية، وبالتالي من هو الوحيد القادر على ضخ سيولة بالدولار في لبنان؟‎”.‎
‎ ‎
ويجيب التقرير: انّ “حزب الله” هو الوحيد القادر على ضخ السيولة النقدية بالدولار ‏الاميركي، لأنّه يتمتع بمجموعة مداخيل تبدأ من المساعدات المالية الإيرانية المباشرة ولا ‏تنتهي بالحديد والادوية والسلع التي يأتي بها من ايران‎.‎
‎ ‎
وبالتالي، “حزب الله” هو الذي يسعّر سعر صرف الدولار في الاسواق اللبنانية وليس ‏‏”مصرف لبنان”، كما انّه يتحكّم بالأسواق اين يبيع وكيف ولماذا. وبالتالي يصبح الامين العام ‏لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله هو الحاكم الفعلي لمصرف لبنان‎.‎
‎ ‎
ويعدّد التقرير نتائج هذا الواقع، وابرزها‎:‎
‎ ‎
‎1 – ‎من مصلحة “حزب الله”، ان تبقى المصارف متعثرة وعاجزة كما هي الآن‎.‎
‎ ‎
‎2 – ‎يتمّ تنظيف اموال الحزب النقدية في كل النظام المالي والمصرفي‎.‎
‎ ‎
‎3 – ‎يتعرّض التجار اللبنانيون من كل الطوائف، حتى الشيعة غير المنتمين الى “حزب الله” ‏الى الخسارة او الإقفال، وفي المقابل تُستبدل بعض السلع ببضائع ايرانية‎.‎
‎ ‎
‎4 – ‎يسوّق الحزب الادوية الإيرانية من خلال اعطاء وزارة الصحة الاولوية لها‎.‎
‎ ‎
‎5 – ‎لا يدفع الحزب رسوماً للدولة ولا ضريبة على القيمة المضافة‎ (TVA) ‎على اعماله ‏التجارية والنقدية‎.‎
‎ ‎
ويختم التقرير: هكذا يتحايل “حزب الله” على العقوبات الاميركية المفروضة عليه وعلى ‏طهران، بعدما اصبح كل الاقتصاد اقتصاداً نقدياً، حتى اذا تمّ الدفع بواسطة شيك مصرفي ‏فإنّه يقتطع منه نسبة 35 في المئة. هكذا يقُتل الاقتصاد اللبناني واصبح “حزب الله” هو ‏الاقتصاد‎.‎
‎ ‎
وعطفاً على هذا الواقع، يمكن تفسير إخفاق المصرف المركزي في ضبط سوق الصيارفة ‏عند حدود الـ2000 ليرة للدولار، لأنّ “حزب الله” هو الذي يفرض سعر الصرف حالياً. ‏وبالتالي، يرى مرجع اقتصادي، انّ تعميم المركزي الى الصيارفة بالتزام حدود شراء الدولار ‏بفارق 30 في المئة عن السعر الرسمي وضمن هوامش الربح الطبيعية، لن يفيد بشيء بل ‏بالعكس فإنّه سيؤذي الصرّافين المرخّصين ويعطّل أعمالهم، فيما سيُطلق يد الصرافين ‏المحميين او غير المرخصين في مناطق لا يستطيع مصرف لبنان تطبيق القانون فيها‎.‎
‎ ‎
وسأل المرجع: “هل يستطيع البنك المركزي ضبط أعمال الصرافين في الضاحية أو الجنوب ‏او البقاع؟‎”.‎
‎ ‎
سوق النقد
‎ ‎
وكان الاسبوع الماضي قد اقفل على إرباك في سوق الصرف، بعد تعميم مصرف لبنان ‏حول التزام سعر صرف الدولار بنحو 2000 ليرة، وعلى هذا الإرباك يُفترض ان يفتح اليوم ‏سوق الصيرفة، في ظلّ اجواء تؤكّد تعمّد بعض الصيارفة “احتكار” الدولار، وعدم بيعه ‏بالسعر المحدّد من قِبل مصرف لبنان، وهو الامر الذي عزّز سوق البيع من تحت الطاولة، ‏وبسعر يتجاوز الـ2300 ليرة للدولار الواحد‎.‎
‎ ‎
ماذا بعد؟
‎ ‎
رغم انّ اعلان رئيس الحكومة “تعليق دفع” اليوروبوند، بدا وكأنّه جرأة استثنائية تحاكي نبض ‏الناس والشارع، إلّا أنّ ذلك لا يخفي هول الأزمة وعمق المأساة، وصعوبة ما سيواجهه ‏اللبنانيون ما بعد 7 آذار‎.‎
‎ ‎
وفي السياق، كشف الخبير المصرفي مروان مخايل، “ان لا داعي للقلق كثيرًا من خفض ‏تصنيف لبنان الائتماني الى درجة التعثّر (الافلاس)، من قِبل مؤسسات التصنيف بسبب ‏اعلان تعليق دفع الديون‎”.‎
‎ ‎
وقال لـ”الجمهورية”: “لبنان أصلاً في وضع متعثر، منذ لجوء المصارف الى فرض قيود ‏مصرفية على الودائع‎ capital control. ‎كما ليس في إمكاننا اصدار سندات “يوروبوند” ‏جديدة او الذهاب الى الاسواق المالية العالمية. لذا، فإنّ التعثّر لن يؤثر علينا. عدا عن انّ ‏المصارف المراسلة تتشدّد أصلاً في التعامل مع المصارف اللبنانية، فهي لم تعد تعترف او ‏تقبل بالكفالات المصرفية‎ (Lettre de Garantie) ‎الصادرة عنها، حتى بات يُستعاض عنها ‏بالنقدي‎”.‎
‎ ‎
وأوضح مخايل، انّ الخطوة التي تلي اعلان تعليق سداد المستحقات تتمثل ببدء التفاوض ‏مع المقرضين، وخلال التفاوض على الدولة ان تقدّم خطتها المالية والاقتصادية لتظهر ‏للمقرضين انّها تعمل على وضع الديون على نحو مستدام بالنسبة الى الناتج المحلي‎.‎
‎ ‎
المفاوضات مع الدائنين
‎ ‎
وكانت وكالة “رويترز” قد ذكرت نقلاً عن مصدر مطلع، أنّ من المتوقع بدء مفاوضات ‏إعادة هيكلة الدين بشكل رسمي بين لبنان وحَمَلة السندات في غضون أسبوعين. وأكّد أنّ ‏المصارف اللبنانية، وهي حائز كبير على الدين السيادي، مستعدة لإجراء محادثات مع ‏الدائنين الأجانب، في ظل سعي الحكومة لإعادة هيكلة الدين‎.‎
‎ ‎
أضاف المصدر: “لا يوجد جدول زمني بعد لإعادة الهيكلة، ومن المتوقع أن تبدأ المحادثات ‏مع الدائنين الأجانب ببطء”. وكشف انّ جمعية مصارف لبنان كلّفت “هوليهان لوكي” ‏كمستشار مالي للمساعدة في العملية‎.‎
‎ ‎
وكان وزير الاقتصاد راوول نعمة أكّد في تصريح، أنّ المفاوضات الرامية الى إعادة هيكلة ‏الديون بالعملات الأجنبية لن تستغرق أكثر من 9 أشهر إذا خلصت النوايا. وأشار، انّ ‏‏”الحكومة تنتظر الآن موقف حاملي سندات اليوروبوند”، متوقعاً أن يكون موقفهم ‏‏”إيجابيًا‎”.‎
‎ ‎
وعن إمكانية مقاضاة لبنان في الخارج قال، إنّ من الممكن أن يُقدم الدائنون على رفع ‏دعاوى بحق مصرف لبنان المركزي، لكنهم لن يربحوها‎.‎
‎ ‎
كوبيتش يغرّد
‎ ‎
وقد لفتت في هذا الإطار، تغريدة للمنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش ‏عبر حسابه على “تويتر” قال فيها: “الكلام الصريح لرئيس الوزراء حسان دياب حول فشل ‏النموذج الإقتصادي السابق يفتح المجال أمام الخروج من الأزمة. أشجّع الدائنين على العمل ‏مع الحكومة لتفادي التخلّف عن السداد غير المنظّم بعد تعليق دفع سندات اليوروبوند التي ‏تستحق في 9 آذار التي تمليها حالة البلاد الحرجة‎”.‎
‎ ‎
السراي
‎ ‎
وبإعلان قرار تعليق دفع السندات، على ما تقول مصادر السراي الحكومي لـ”الجمهورية”، ‏اطلق رئيس الحكومة جرس العمل الحكومي الحثيث في المرحلة المقبلة ، سعيًا للتخفيف ‏من وطأة التداعيات المحتملة‎.‎
‎ ‎
وفي هذا السياق، تضيف المصادر، انّ الحكومة ستتحرّك وفي آن معاً، على محورين، الاول ‏مع الدائنين، عبر الدخول فورًا في مفاوضات معهم، وعلى قاعدة انّ لبنان لا يتهرّب من ‏التزاماته، بل انّ ظروفًا قاسية يمرّ بها حتّمت اللجوء الى هذا القرار، ويُؤمل ان تؤدي هذه ‏المفاوضات الى ما نرجوه على هذا الصعيد، والأصداء التي ترد من الدائنين ليست سلبية‎.‎
‎ ‎
اما المحور الثاني، تقول المصادر، فهو داخلي، عبر جعل الحكومة في هذه الفترة خلية عمل ‏متواصل، تنتج منها خطوات سريعة، ومن خلال جلسات مكثفة لمجلس الوزراء، تنتهي الى ‏قرارات حاسمة في المجالات كافة‎.‎
‎ ‎
جلستان
‎ ‎
الى ذلك، وفي الآليات الحكومية التي تلي تجميد لبنان دفع سندات اليوروربوند، ينعقد ‏مجلس الوزراء مجددًا يوم غد الثلثاء، في جلسة من دون جدول اعمال، وهي مخصّصة ‏لاستكمال البحث في القضايا المالية والنقدية وازمة اليوروبوند والبرنامج الذي تنوي اللجوء ‏اليه لتدارك الخطوة والتخفيف من انعكاساتها السلبية، في إطار البحث عن خطوات ‏اقتصادية وادارية ومالية تشكّل خطة متكاملة لمواجهة الوضع الجديد الناشئ عمّا تقرّر ‏ومفاعيله، بما فيها شكل ومضمون المفاوضات التي من المفترض ان تبدأ بين وزارة المال ‏وحاملي سندات الخزينة‎.‎
‎ ‎
والى جلسة الثلثاء، من المقرّر ان تُنجز التحضيرات الجارية بين الأمانة العامة لمجلس الوزراء ‏والمديرية العامة لرئاسة الجمهورية لإعداد جدول اعمال جلسة مجلس الوزراء العادية يوم ‏الخميس المقبل، والتي ستُوجّه الدعوة اليها غداً الثلاثاء‎.‎
‎ ‎
تقييم
‎ ‎
في التقييم الداخلي لمضمون ما اعلنه الرئيس دياب، فقد قاربه الفريق السياسي الذي ‏يغطي الحكومة بإيجابية، مع التأكيد على اهمية الدور المنوط بالحكومة في المرحلة ‏المقبلة، ومع الدعوة الى منحها الفرصة للعمل والإنتاج، وتغليب المنطق العلاجي على اي ‏منطق سياسي، يُبقي الأزمة الاقتصادية والمالية التي يعيشها لبنان في دائرة التجاذب ‏والاستثمار المصلحي، ما قد يضيف اليها مزيدًا من التعقيدات والمعطلات لأي مسعى او ‏توجّه للمعالجة والإنقاذ‎.‎
‎ ‎
بري
‎ ‎
وعكس رئيس المجلس النيابي نبيه بري، أمام زواره، تقييماً ايجابياً لما أعلنه رئيس الحكومة، ‏ووصفه بالجيد، مع انه كان في الامكان ان يتوسّع اكثر في موضوع الكهرباء والسرعة في ‏معالجته‎.‎
‎ ‎
وأكد بري انه “لو تمّ اتخاذ خطوات واجراءات وقائية قبل الآن لما كنّا قد وصلنا الى ما ‏وصلنا اليه، علماً اننا لطالما نادَينا بذلك، في مناسبات عديدة، وعلى طاولة الحوار تحديداً. ‏وفي اي حال، فإنّ ما هو ملحّ اليوم هو ان يترجم ما أعلنه رئيس الحكومة بخطوات سريعة، ‏وضمن مهلة لا تتعدى شهراً أو شهراً ونصف. وإن لم يحصل ذلك، فستكون له انعكاسات ‏سلبية على الحكومة وعلى البلد بشكل عام، لذلك المطلوب الآن اجراءات واصلاحات عاجلة ‏تحصّن البلد اقتصادياً ومالياً، ويجب ان تلمسها الناس‎”.‎
‎ ‎
جابر
‎ ‎
وقال النائب ياسين جابر لـ”الجمهورية”: ما قاله رئيس الحكومة جيد، ومضمون كلمته ‏طموح ويرتكز على مجموعة نوايا. وبالتالي، فإنّ المرحلة المقبلة هي مرحلة دقيقة بلا شك، ‏تتطلب الشروع بالعمل بكل جدية، والاهم هو الالتزام بالوعود وتطبيقها، ويمكننا القول انّ ‏مرحلة الوعود يجب ان تنتهي، لتبدأ مرحلة تنفيذها‎.‎
‎ ‎
اضاف جابر: بالتأكيد انّ البلد يتطلب خطة إنقاذ متكاملة، وهو أمر لا يتم بكبسة زر بل ‏يتطلب وقتاً، لكن يمكن الشروع بخطوات علاجية للكثير من الامور الملحّة، فقد سمعنا رئيس ‏الحكومة يقول انّ الحكومة ستعمل وستعمل وستعمل، والمطلوب ان نسمع من الآن ‏فصاعداً انّ الحكومة عملت وعملت وعملت. ومن هذه الخطوات ان يُسارع مجلس الوزراء ‏الى الاعلان جدياً بالانتقال من الديزل الى الغاز في معامل الكهرباء، فهذا الامر يوفر اكثر ‏من 350 مليون دولار، وكذلك الى تعيين نواب حاكم مصرف لبنان، ومجلس ادارة الكهرباء، ‏وإجراء كل التعيينات في المراكز الشاغرة في الادارات بكل شفافية بحيث يعيّن اشخاصاً ‏مميزين ومستقلين‎.‎
‎ ‎
واشار جابر الى انّ ما سمعناه عن تفاوض مع الفرنسيين والالمان في ما خصّ الكهرباء أمر ‏جيد ومشجّع، وبالتالي يجب حسم هذا الموضوع نهائياً ووضعه على سكة المعالجة‎.‎
‎ ‎
وأكد “أن المهمة الانقاذية امام الحكومة كبيرة، وشرط النجاح فيها هو اتّباع الخطوات ‏السليمة التي ستقود الوضع حتماً الى بر الأمان‎”.‎
‎ ‎
‎”‎حزب الله‎”‎
‎ ‎
وفي السياق ذاته يندرج موقف “حزب الله”، حيث اكدت مصادر قريبة منه لـ”الجمهورية” ‏انّ رئيس الحكومة عبّر عن توجّه الحكومة، وما نأمله هو أن تبدأ الخطوات العلاجية بالظهور ‏في اسرع وقت ممكن‎.‎
‎ ‎
‎”‎الاشتراكي‎”‎
‎ ‎
بدوره، قال النائب عن الحزب التقدمي الاشتراكي بلال عبدالله لـ”الجمهورية” إنّه “في ‏الإطار العام، نعتبر أنّ على هذه الحكومة أن تُعطى فرصة، ونحن في موقع المعارضة ‏الإيجابية البنّاءة. وليس من مصلحة أي أحد أن تفشل هذه الحكومة لأنّ البلد يذهب إلى ‏الفوضى والإنهيار الكامل، لكن في الوقت نفسه، من الواضح أنّ هنالك توجّهات لعزل لبنان ‏أكثر وأكثر‎.‎
‎ ‎
وفي ما يخصّ موضوع الـ”يوروبوندز”، أوضح عبدالله أنّه “حتّى وإن لم نكن من معارضي ‏إعادة الهيكلة والجدولة، إلّا أنّ عدم الدفع من دون الإتّفاق مع الجهات المُدينة على صيغة ‏معيّنة، هو بمثابة وضع أنفسنا في موقع مواجهة مع الخارج بأكمله‎”.‎
‎ ‎
واشار الى أنّ “ما سمعناه من رئيس الحكومة عن الخطّة وما ستفعله الحكومة يضعنا في ‏انتظار هذه الخطّة، إلّا أنّ السؤال الأساسي هو “من أين ستأتي الأموال؟ فنحن باعتراف كلّ ‏الإقتصاديين والمُتعاطين في الشأن المالي على مختلف توجّهاتهم، في حاجةٍ إلى بعض ‏المليارات لنخرج من الأزمة، وهي أموال غير موجودة، كما أنّ احتياطاتنا التي كانت توظّف ‏للمحروقات والأدوية وغيرها، بدأت تُستنزف‎”.‎
‎ ‎
وأضاف: “نحن، الحزب الإشتراكي، لدينا حساسية تجاه مؤسسات صندوق النقد الدولي ‏والبنك الدولي ولسنا مغرومين بها، ولكن إن لم يكن هنالك خيار آخر، فما العمل؟”، لافتاً ‏إلى أنّ “الخطوة الوحيدة التي يمكننا اتخاذها في حال طلبت الحكومة دعم صندوق النقد ‏الدولي وتدخّله، أن تفاوض على تخفيف حدّة الإجراءات المطلوبة، لأنّ شروط صندوق النقد ‏الدولي قاسية عادةً، فما يمكننا القيام به هو تخفيف تأثيرها على الشرائح الفقيرة وذوي ‏الدخل المحدود، فالأمن الإجتماعي للناس أهمّ بكثير، خصوصاً أنّ هنالك انتفاضة في ‏الشارع وستكون هنالك انتفاضة من نوع آخر‎”.‎
‎ ‎
واعتبر عبدالله أنّ “المشكلة تكمن في الخيارات السياسية، فكلّ مناشداتنا ودعواتنا لترك ‏البلد في منطق الحياد الإيجابي ونأي بالنفس حقيقي عن الصراعات الدولية، لم تتحقّق، ‏وعلينا أن نبدأ من هذه النقطة”، مشيراً إلى أنّ “البيان الوزاري الحكومي تضمّن بند النأي ‏بالنفس، فلنرَ كيف سيُمارَس”، لافتاً إلى أنّه “وفي كلّ الأحوال، يتخطّى موضوع “كورونا” ‏والموضوع المالي كل الخلافات والتناقضات الداخلية‎”.‎
‎ ‎
تقييم سلبي
‎ ‎
وخلافاً لأجواء الموالاة، فقد كان صدى ما أعلنه دياب شديد السلبية في اوساط المعارضة ‏بشكل عام، وعلى وجه الخصوص لدى تيار “المستقبل”، حيث اكدت أوساطه ‏لـ”الجمهورية” انّ الموقف الرسمي ممّا جاء على لسان رئيس الحكومة سيتم الاعلان عنه ‏خلال اجتماع كتلة تيار المستقبل غداً‎.‎
‎ ‎
سقطة
‎ ‎
في السياق ذاته، سجّل مرجع معارض جملة مآخذ على ما أعلنه رئيس الحكومة، معتبراً ذلك ‏سقطة، تجاهَل فيها الواقع وجَهّل فيها الشركاء الاساسيين والمتسبّبين الفعليين بهذه ‏الأزمة. ودلّت هذه السقطة على انّ الحكومة مقبوض عليها من داخلها‎:‎
‎ ‎
اولاً، ان الكلمة التي ألقاها رئيس الحكومة لم تكن بحجم المأزق الذي يعيشه البلد‎.‎
‎ ‎
ثانياً، خلو كلمته من اي اشارة الى الاصلاح، حتى انها لم ترد نهائيّاً في متن هذه الكلمة‎.‎
‎ ‎
ثالثاً، من جهة يتحدث دياب عن الانقسام السياسي ويدعو لأن تتم مؤازرة الحكومة ‏والتضامن معها، لكنه من جهة ثانية يقدم خطاباً سياسياً هجوميا على القوى السياسية، ‏ويلقي السؤولية عليها بأنها هي التي سببت هذه الازمة خلال السنوات الثلاثين الماضية. ‏وهنا هو مُطالب بالجواب عن سؤال هل انّ الذين يدعمون حكومته اليوم، ويشكلون جزءاً ‏أساسياً فيها حالياً، ألم يكونوا شركاء في تلك الحقبة؟ ألم يكن التيار الوطني الحر شريكاً في ‏هذه الحقبة منذ العام 2005 الى اليوم؟ وهل يستطيع ان يحدد حجم الفاتورة التعطيلية التي ‏تسبّب بها في محطات كثيرة؟ وما هو معيار النزاهة لديه حينما يؤشّر الى فريق سياسي ‏ويتجاهل كل الآخرين، وخصوصاً بعض شركائه في الحكومة؟
‎ ‎
رابعاً، أعلن رئيس الحكومة تعليق دفع السندات، وأشار بالسلب الى المصارف، ولكن أين ‏هي خطته الانقاذية؟ واذا كانت جاهزة فلماذا لم يعلنها؟ والى متى يخبئها؟ واذا لم تكن ‏جاهزة فلماذا تأخّر بها؟ وهل ثمة مجال لتضييع الوقت بعد؟
‎ ‎
‎”‎القوات‎”‎
‎ ‎
وقالت مصادر “القوات اللبنانية” لـ”الجمهورية”: بالتأكيد انّ “القوات” وسائر الشعب ‏اللبناني ينتظر ان يترافَق تعليق التزامات لبنان بسداد سندات اليوروبوندز مع خطة عملية ‏لكيفية مواجهة المرحلة المقبلة، إن كان من خلال التنسيق مع صندوق النقد الدولي، او من ‏خلال جدولة الدين او هيكلته مع الدائنين. وبالتالي، كل هذا الامر لم يظهر في كلمة رئيس ‏الحكومة باستثناء كلام عام لا يصبّ في خانة مواجهة الازمة الحالية الكبرى‎.‎
‎ ‎
أضافت: لذلك، ما حصل يشكّل خيبة إضافية من خلال أداء حكومي لا يعكس تطلعات ‏اللبنانيين في هذه المرحلة، لأنّ المطلوب الى جانب الاجتماعات والمشاورات التي تحصل، ‏أن تكون هناك خطة وأن يكون هناك قرار. فلغاية هذه اللحظة، من الواضح جداً انه لا يوجد ‏قرار، وايضاً لا توجد خطة، علماً انّ أي خطة ينبغي ان تكون متكاملة تأخذ في الاعتبار الواقع ‏المزري الذي وصلنا اليه، وكيفية مواجهته‎.‎
‎ ‎
وبالتالي، لا مجال إلّا بوضع خطة مرفقة بجدول زمني واضح المعالم، لحلّ مجموعة من ‏الامور تعيد الثقة الى اللبنانيين وتعيد ثقة المجتمع الدولي بلبنان، حيث من الواضح انّ ‏المجتمع الدولي لا يريد مساعدة لبنان ما لم يُبادر لبنان الى مساعدة نفسه، ومن أجل ان ‏يساعد لبنان نفسه يجب ان يضع لائحة بالاصلاحات المطلوبة التي تبدأ بالكهرباء، ولا تنتهي ‏بإقفال المعابر غير الشرعية، وما بينهما إشراك القطاع الخاص مع القطاع العام ومحاولة حل ‏كل هذه المسائل وكل هذه الملفات‎.‎
‎ ‎
وأشارت المصادر الى انه في حال استمرّت سياسة التلكؤ على ما هي عليه، فمن الواضح ‏انّ الامور ستذهب الى مزيد من الانهيارات، فقد تحوّلت الدولة في لبنان الى دولة فاشلة، ‏ولا يمكن ان ننقذ هذا الوضع الّا من خلال خطة واضحة بجدول زمني واضح خلال أشهر ‏قليلة نستطيع من خلالها ان نسترد ثقة المجتمع الدولي بلبنان وان نسترد ثقة الناس بالدولة ‏في لبنان، وما لم يحصل ذلك، فنحن في أزمة كبرى ومن انهيار الى انهيار، ومن ورطة الى ‏ورطة. لذلك، المفاجأة الكبرى انّ تعليق السداد لم يترافق مع خطة واضحة المعالم ‏للانطلاق منها نحو معالجة الازمة بالطرق العلمية المطلوبة‎.‎
‎ ‎
‎”‎الكتائب‎”‎
‎ ‎
وأشار مصدر “حزب الكتائب” لـ”الجمهورية” إلى أنّ “مؤتمراً صحافيّاً سينعقد في ‏الساعات المقبلة تعليقاً على قرار الحكومة، وتغريدة النائب سامي الجميّل بعد كلمة دياب ‏هي الموقف الذي نعتمده ونعبّر عنه”. حيث قال فيها: “لا إعلان عن إجراءات قانونية، لا ‏إعلان عن إصلاحات عملية وفورية، لا إعلان عن خطوات اقتصادية واجتماعية إنقاذية، لا ‏إعلان عن تدابير احتوائية لنتائج قرار التعثر، كل ما سمعناه هو إعلان إفلاس الدولة وفضح ‏حقيقة الاحتياطي الصافي بالعملات الأجنبية في مصرف لبنان‎”.‎

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *