الرئيسية / صحف ومقالات / الجمهورية : مجلس وزراء غداً “إقتصادي ومالي”..
الجمهورية

الجمهورية : مجلس وزراء غداً “إقتصادي ومالي”..

كتبت صحيفة “الجمهورية ” تقول : أمّا وقد نالت الحكومة الثقة بأكثرية 63 صوتاً من أصل 84 نائباً حضروا ‏الجلسة، وحجبها 20 نائباً عنها وامتنع نائب واحد عن التصويت، فمن ‏اليوم سيكون الهم والغم الوضع الاقتصادي والمالي المتدهور بحثاً ‏عن وسائل لمعالجته لتجنيب البلاد خطر الانهيار، الذي قال رئيس ‏الحكومة حسان دياب انه “ليس وهماً”. ولهذه الغاية، تقرر أمس ‏انعقاد اول جلسة لمجلس الوزراء غداً في القصر الجمهوري بجدول ‏اعمال يتضمن بنداً وحيداً هو “الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي”، ‏ويتوقع ان يتصدّر البحث مصير استحقاق سندات “اليوروبوند” البالغ ‏‏1,2 مليار دولار في آذار المقبل، والذي يتجاذبه موقفان أحدهما يدعو ‏الى تسديده رغم ما يمكن ان يترتّب عليه من آثار سلبية على احتياط ‏لبنان من العملات الصعبة وودائع عامة اللبنانيين في المصارف، وبين ‏داع الى تأجيله وإعادة جدولة الدين العام في انتظار المعالجة ‏الاقتصادية والمالية المعوّل عليها لاحقاً لتحقيق الانفراج المطلوب.‏

وفي انتظار ما سيقرره مجلس الوزراء في شأن هذا الاستحقاق المالي، ‏تساءَل مرجع اقتصادي ومالي كبير “هل قررت الحكومة، لأسباب ‏بعضها معلوم ولكن غير مفهوم أو مُبرّر، وبعضها غير معلوم، ولكنه ‏موضع شبهة وتساؤل، أن تستخدم مال المودعين، ومال الفقراء لسداد ‏استحقاق باتَ في غالبيته في أيدي مضاربين وصيّادي فرَص قدموا ‏الى لبنان واشتروا سندات الدين بأسعار بخسة بغية تحقيق أرباح ‏خيالية في فترة زمنية وجيزة؟.‏
‏ ‏
وقال هذا المرجع لـ”الجمهورية” انّ “هذا السؤال مطروح اليوم، ‏بسبب ميل الحكومة نحو ترجيح كفّة دفع استحقاق سندات اليوروبوند ‏في 9 آذار المقبل، وقيمتها نحو مليار و200 مليون دولار. ويبدو انّ هذا ‏الاتجاه يدعمه حتى الآن طرفان أساسيان في الحكومة: رئيسها حسّان ‏دياب من منطلق شخصي، إذ يعتبر انه لا يريد أن يُسجّل عليه انه بدأ ‏ولايته الحكومية بقرار التخلّف عن الدفع، وتكون هذه المرة الاولى ‏التي يتخلّف فيها لبنان عن دفع استحقاق دين. والطرف الثاني وزير ‏المال غازي وزني، الذي يعتقد انّه من الافضل أن ندفع استحقاق آذار، ‏ومن ثم نبدأ مفاوضات على إعادة هيكلة الدين العام.‏
‏ ‏
توزّع السندات
ولفت المرجع الى انه “قبل فترة، كان هناك طرح آخر، يقضي بدفع ‏الاستحقاق في موعده الى الاجانب الذين يحملون قسماً من سندات ‏هذا الاصدار، على أن يُصار الى تأجيل دفع القسم الذي يحمله ‏لبنانيون، وفي غالبيتهم من المصارف. لكنّ هذا الاقتراح فقدَ قيمته ‏لسببين: أولاً، لأنّ مؤسسات التصنيف حذّرت من خطوة مماثلة ‏وأعلنت انها ستعتبرها بمثابة تعثّر انتقائي، وثانياً لأنّ نسَب الحصص ‏في ملكية هذا الاصدار انقلبت رأساً على عقب. إذ أقدم مضاربون ‏أجانب على شراء قسم من هذه السندات بسعر تَراوح بين 70 و80 ‏سنتاً للسند. وهناك مصارف باعت هذه السندات بسبب حاجتها الى ‏السيولة. وبعد عمليات البيع أصبحت ملكية سندات إصدار آذار ‏كالآتي: اللبنانيون يحملون ما قيمته 400 مليون دولار، والاجانب باتوا ‏يحملون سندات بنحو 800 مليون دولار. بما يعني انّ ثلثي حجم ‏الاصدار بات ملكاً لأجانب. كذلك أقدمَ المضاربون على شراء سندات ‏استحقاق نيسان وحزيران 2020 بأسعار بخسة تراوحت بين 40 و50 ‏سنتاً للسند، من دون أن تُعرف الكمية التي اشتراها هؤلاء.‏
‏ ‏
خيار ثالث
ورأى المرجع نفسه “أنّ هذا الوضع صَعَّب مهمة الحكومة لجهة ‏اعتماد خيار الدفع للاجانب وتأجيل الدفع للبنانيين. وصار النقاش ‏محصوراً في أمرين: ندفع أو لا ندفع. لكن في عالم المال، لا وجود ‏لمعادلة أبيض أو أسود فقط، هناك مساحة دائماً للون الرمادي، أي ‏للحلول الوسط. واذا كانت الحكومة ترى انّ أضراراً كبيرة ستلحق بها ‏سواء دفعت أو امتنعت عن الدفع، ففي مقدورها أن تذهب الى خيار ‏ثالث يقضي باعتماد ما يُعرف بالـmoratorium‏. وينصّ هذا الخيار على ‏تجميد الدفع، وليس الامتناع أو التخلّف، والبدء في مفاوضات مع ‏حملة الأسهم برعاية جهات دولية موثوقة، وبإشراف استشاريين ‏اختصاصيين، للوصول الى اتفاق حول اعادة جدولة الدين. وللعلم، هذا ‏الخيار تعتمده حالياً الارجنتين، وقد جَمّدت دفع مستحقات دين بقيمة ‏‏100 مليار دولار، وهي تفاوض المُقرضين على إعادة الجدولة. ‏وبالتالي، تستطيع الحكومة اللبنانية اعتماد هذه الطريقة القانونية ‏لتجميد دفع مستحقات إصدار آذار، من دون أن تكون قد تخلّفت عن ‏الدفع، وتحمّلت تداعيات خطوة من هذا النوع.‏
‏ ‏
مؤشرات إيجابية
وفي كل الحالات، فقد ظهرت مؤشرات ايجابية في الفترة الأخيرة في ‏شأن التعاون مع الجهات الدولية. وقد باشَر وزير المال غازي وزني ‏مفاوضات ذات طابع تقني مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ‏في حضور ممثلين لبنك ‏Lazard، وهو مصرف عالمي متخصّص في ‏ملفات جدولة الديون، وساهم في مفاوضات إعادة جدولة ديون ‏اليونان. وهذا البنك يحضر المفاوضات كمستشار عن الدولة اللبنانية. ‏ولا شك في انّ هذه المفاوضات ما كانت لتبدأ لو لم يوافق “حزب ‏الله” عليها. وبالتالي، يمكن الاستنتاج انّ الحزب أعطى موافقة مبدئية ‏على جَس نبض صندوق النقد للاطلاع على شروطه في حال قرّر لبنان ‏طلب المساعدة المالية من الصندوق.‏
‏ ‏
وفي انتظار ما ستُسفر عنه نتائج هذه المفاوضات التقنية، من ‏الضروري ألا تُقدم الحكومة على اتخاذ قرار بدفع استحقاق آذار، أو أن ‏تعلن الامتناع عن الدفع، لأنّ الدولة والمواطنين سيتضررون كثيراً في ‏الحالتين، وبالتالي من الضروري الذهاب الى تجميد الدفع ‏‏(‏moratorium‏) والبدء فوراً في مفاوضات إعادة هيكلة وجدولة الدين ‏العام.‏
‏ ‏
وكان رئيس الحكومة حسان دياب قد أعطى اشارة في اتجاه تجميد ‏دفع استحقاق آذار من سندات “اليوروبوند”، وذلك من خلال رَدّه على ‏مداخلات النواب في جلسة مناقشة البيان الوزاري للحكومة التي ‏انتهت بنيل الحكومة الثقة بأكثرية 63 صوتاً، إذ قال: “نريد الحفاظ ‏على المال العام، والموجودات من العملات الأجنبية، وأموال ‏المودعين، خصوصاً في مصرف لبنان المركزي، من أجل خدمة أولويات ‏الناس من المواد الغذائية والأدوية والمواد الطبية والقمح ‏والمحروقات، وقد أبلغنا الى حاكم مصرف لبنان هذه الثوابت. لم ‏ننتظر الثقة لمعالجة هذا الموضوع، وندرس كل الاحتمالات المتعلقة ‏باستحقاقات سندات اليوروبوند على لبنان لهذه السنة”. وأشار إلى أنّ ‏‏”خطر السقوط ليس وهماً، ونحن نريد انتشال البلد، ولا نستطيع ‏القيام بذلك اذا كان الواقفون خلفنا يتهيّبون الفرصة لدفعنا الى ‏الهاوية”.‏

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *