الرئيسية / سياسة / “الجمهورية”: ولادة الحكومة تصطدم بشروط سياسية ‏تعوقها.. والحريري يغادر و”المستقبل” ‏يُصعِّد
الجمهورية

“الجمهورية”: ولادة الحكومة تصطدم بشروط سياسية ‏تعوقها.. والحريري يغادر و”المستقبل” ‏يُصعِّد

كتبت صحيفة “الجمهورية ” تقول : خسر المتفائلون، في الفريق السياسي الراعي لتكليف الدكتور حسان دياب ‏تشكيل الحكومة الجديدة، رهانهم على ولادة هذه الحكومة قبل نهاية السنة ‏الحالية، وتحديداً اليوم الاثنين، وفق الرغبة الرئاسية التي كانت شديدة ‏الاستعجال لتقديم الحكومة بمثابة هدية رأس السنة للبنانيين، الّا انّ هؤلاء ‏المتفائلين عادوا ودخلوا في رهان آخر على توليدها في مهلة أقصاها نهاية ‏الاسبوع الجاري.‏
بناء على الموعد الأول لولادة الحكومة، ليس في الامكان الجزم مسبقاً بإمكان ‏كسب هؤلاء المتفائلين رهانهم او خسارته. فهذا ما ستحدده حركة المشاورات ‏المكثفة التي سيجريها الرئيس المكلف مع بعض أطراف الفريق الذي كلّفه، ‏لتذليل ما تبقى من عقبات تعوق هذه الولادة.‏
‏ ‏
‏ ‏
غرفة الولادة
‏ ‏
وبحسب مشاركين في حركة الاتصالات الجارية، فإنّ المسار العام للتأليف ما ‏زال ضمن الخط المرسوم له، وقد حقق حتى الآن تقدماً جديّاً قد يُفضي الى ‏ولادة حكومية في مهلة زمنية هي الأقصر قياساً مع الفترات الزمنية الطويلة ‏التي كان يستغرقها تأليف الحكومات السابقة، فعمر التكليف لم يتم ‏الأسبوعين بعد، ومع ذلك بلغت مشاورات التأليف خلال هذه الفترة مراحلها ‏النهائية.‏
‏ ‏
وبالتالي، يمكن القول انّ حكومة حسان دياب في غرفة الولادة، وانّ الجنين ‏الحكومي بلغ محطة انتظار تلقّيه الأمر بالخروج الى النور، ولن يطول الوقت ‏كثيراً حتى يحصل ذلك. ويتقاطع هذا التفاؤل مع أجواء مثلها في محيط رئاسة ‏الجمهورية كما في محيط الرئيس المكلف.‏
‏‏ ‏
إهتزاز
‏ ‏
الّا انّ هذا التفاؤل، وربطاً بمشاورات اليومين الماضيين، تؤكد مصادر مطلعة ‏على حركة الاتصالات لـ”الجمهورية” انه ما زال عرضة للاهتزاز، من مصادر ‏متعددة:‏
‏ ‏
‏- “الأول، التمثيل السني، ما زال محكوماً بالتشنج، عبر التحرّكات الاعتراضية ‏المنظمة والمتواصلة أمام منزل الرئيس المكلف والتي شهدت تصاعداً ‏ملحوظاً في اليومين الاخيرين، إضافة الى التصعيد السياسي من قبل تيار ‏المستقبل في مواجهة الرئيس المكلف، وذلك بالتزامن مع تحضيرات بُدئ بها ‏في الساعات الماضية. وتردد في هذا الاطار انّ اتصالات جرت او ستجري مع ‏اعضاء في المجلس الاسلامي الشرعي الاعلى لإصدار موقف يغطي ‏الاعتراضات على الرئيس المكلف، والسنية على وجه الخصوص.‏
واذا كانت مشاورات الرئيس المكلف قد سَعت في الايام الاخيرة لتجاوز هذا ‏التمثيل، وقوبل باعتذارات متتالية ومن قبل العديد من الشخصيات السنية ‏التي اقترحها للتوزير، فإنّ مصادر واسعة الاطلاع اكدت لـ”الجمهورية” انّ ‏مشاورات الرئيس المكلف على هذا الصعيد، حققت تقدماً ملموساً، حيث ‏يمكن القول انه اقترب كثيراً من تجاوز عقدة التمثيل السني في الحكومة، إذ ‏انه حسم تمثيل وزير سني عن اللقاء التشاوري (وزارة الاتصالات). أمّا بالنسبة ‏الى الوزيرين الآخرين فباتَ الامر شبه محلول ليتولى أحدهما وزارة الداخلية ‏والثاني وزارة التربية والثقافة والتعليم العالي بعد دمجهما.‏
‏‏ ‏
تمثيل “التيار”‏
‏ ‏
‏- الثاني، تمثيل “التيار الوطني الحر”، فالامور لم تحسم نهائياً بعد، ولاسيما ‏على مستوى الحقائب، مع الاشارة الى انّ الاجتماع الذي عقده الرئيس ‏المكلف مع رئيس التيار الوزير جبران باسيل لم يتم التوصّل فيه الى ايجابيات ‏ملموسة. وبحسب المصادر انّ عدم التفاهم على هذا الخط، هو السبب ‏الاساس في تأخّر ولادة الحكومة التي كان التحضير جار لإعلان مراسيمها ‏اليوم الاثنين.‏
وفي هذا السياق، اكدت مصادر “التيار الوطني الحر” لـ”الجمهورية” انّ ‏التوجّه محدد بالنسبة إلينا بالوصول الى حكومة في اسرع وقت ممكن، وكنّا ‏قد حددنا موقفنا لناحية شكلها ونوعية الوزراء الذين ستضمهم، والتيار ماض ‏في سياسة التسهيل الى أبعد الحدود.‏
‏ ‏
ورداً على سؤال حول ما يتردد عن تَصلّب يُبديه التيار في عملية التأليف، وانه ‏يحاول أن يُملي موقفه على التشكيل، وان يفرض بعض الامور على الرئيس ‏المكلف، قالت المصادر: التواصل قائم مع الرئيس المكلف، ولكن مع الأسف ‏هناك من يتعمّد التشويش على موقف التيار، وهذا يندرج ضمن سياسة ‏الافتراء التي يعتمدها البعض. في اي حال، لسنا نحن من يشكل الحكومة، بل ‏هذا امر يقوم به الرئيس المكلف بالتشاور مع رئيس الجمهورية وفق ما يحدده ‏الدستور، وبالتالي كل ما يقال ويشاع لا علاقة لنا به.‏
‏‏ ‏
دمج الوزارات
‏ ‏
‏- الثالث، دمج الوزارات، حيث أدى هذا التوجه الى شيء من الارباك في ‏المشاورات الجارية، لجهة عدم التوافق نهائياً حتى الآن على ايّ من الوزارات ‏التي ستدمج مع بعضها البعض، خصوصاً انّ أطرافاً طرحت دمج وزارات لا ‏علاقة لها ببعضها البعض، واللافت انّ هذا الطرح جاء بطريقة استئثارية ‏لناحية طرح دمج “وزارات تتسِم بالطابع الخدماتي” على ان تكون من حصته، ‏مقابل دمج وزارات اخرى وصفت بالخفيفة والثانوية على ان تكون من حصة ‏الآخرين. فالأمر متوقف هنا، ليخضع لجولة اتصالات وشيكة.‏
‏‏ ‏
التمثيل السياسي
‏ ‏
‏- الرابع، التمثيل السياسي والحزبي، اذ يتجاذبه توجّهان، الأول يعبر عنه الرئيس ‏المكلف بإصراره على تشكيل حكومة جديدة اختصاصية بالكامل، بحيث لا ‏تضم ايّاً من وزراء حكومة تصريف الاعمال الحالية، وعلى وجه الخصوص من ‏يحملون البطاقات الحزبية. امّا التوجّه الثاني فتعبّر عنه بعض القوى ‏السياسية التي سَمّت دياب، وتوافق من جهة على حكومة بنسبة كبيرة من ‏الاختصاصيين، الّا انها في المقابل تصرّ على إشراك بعض الوجوه الحزبية ‏التي كانت مشارِكة في السابقة مبررةً انّ هؤلاء يعتبرون اختصاصيين في ‏مجالاتهم، ويعدون من صنف الحمائم وليسوا من صنف الصقور او الاسماء ‏التي يمكن ان تكون مستفزّة لأي طرف.‏

وعلم في هذا المجال انّ المباحثات التي جرت بين الرئيس المكلف والمعاون ‏السياسي لرئيس مجلس النواب الوزير علي حسن خليل والمعاون السياسي ‏للامين العام لـ”حزب الله” الحاج حسين خليل، أفضَت الى حسم نهائي للحصّة ‏الرباعيّة الشيعيّة في الحكومة، (المال والصحة والزراعة والشباب والرياضة)، ‏كما انّ التوافق قد تم على بعض الاسماء التي طرحها الخليلان، فيما بقيت ‏اسماء اخرى قيد البحث لحسم مع الرئيس المكلف الذي يفضّل حكومة جديدة ‏بكل اعضائها، ليس فيها حزبيون او وزراء شاركوا في حكومة سعد الحريري ‏المستقيلة.‏
‏ ‏
وقالت المصادر لـ”الجمهورية” انّ الاتصالات استؤنِفت امس بين هذا ‏الفريق، وستستكمل بزخم اليوم، على مستوى الثنائي الشيعي والرئيس ‏المكلف، وما بين دياب و”التيار الوطني الحر”، وما بين الثنائي الشيعي ‏و”التيار الوطني الحر”، علماً انّ اتصالات جرت بين الثنائي والتيار في ‏الساعات الاخيرة، الّا انها لم تفضِ الى ايجابيات. وربطاً بذلك اكدت مصادر ‏الرئيس نبيه بري لـ”الجمهورية”: بالنسبة إلينا لا توجد اي مشكلة حول التأليف، ‏الامور ماشية ومحلولة ومسهّلة.‏
‏ ‏
وفيما لفتت الاوساط المحيطة بالرئيس المكلف الى “انّ التأليف قبل نهاية ‏العام كان ممكناً لو تَجاوب الجميع مع الطروحات التي قدمها”، عُلم انّ اللقاء ‏الذي جمعه والوزير يوسف فنيانوس، موفداً من رئيس تيار المردة سليمان ‏فرنجية، كان مفيداً، وهو أرسى مخرجاً يرضي تيار المردة.‏
‏‏ ‏
الى بعبدا
‏ ‏
ومع اكتمال اتصالات الرئيس المكلف، ينتظر أن يقوم بزيارة جديدة الى ‏القصر الجمهوري للقاء الرئيس عون. وقالت مصادر مطلعة على أجواء بعبدا ‏لـ”الجمهورية”: انّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ينتظر عودة الرئيس ‏المكلف اليه في الساعات المقبلة، من اجل تقويم نتائج الإتصالات التي ‏اجراها مع الثنائي الشيعي وقيادات حزبية مختلفة.‏
‏ ‏
ولفتت المصادر الى انّ التفاهم على هيكلية الحكومة الجديدة لا يكفي ‏للاعلان عنها كاملة، فهناك بعض الإتصالات الجارية لحسم بعض الأسماء في ‏التركيبة الجديدة بعدما دُعي البعض الى استبعاد وزراء سابقين منها من دون ‏جدوى، حسب ما تبلغت المراجع المعنية في بداية عطلة نهاية الاسبوع، ‏وحتى الآن ليس في الامكان الحديث عن تقدم في المشاورات الجارية حول ‏هذا الشأن.‏
‏ ‏
لا استفزاز
‏ ‏
وفي السياق نفسه، تحدثت المصادر عن مسألتين أخريين لم تحسما نهائياً ‏بعد، الأولى التمثيل النسائي في الحكومة، اذ انّ أطرافاً معنية بالمشاورات ‏تحدثت عن انّ الرئيس المكلف، إضافة الى إصراره على حكومة من 18 وزيراً، ‏يصرّ في الوقت نفسه على شراكة نسائية مهمة في الحكومة وهو أمر يبدو ‏متعذراً. والثانية، نوعية الوزراء بحيث لا تضمّ الحكومة شخصيات مستفزّة لأي ‏طرف، وعلى وجه الخصوص سعد الحريري وتيار المستقبل ووليد جنبلاط ‏والحزب التقدمي الاشتراكي وقاعدته الدرزية.‏
‏ ‏
وفيما تؤكد أوساط الرئيس المكلف سعيه الى التواصل والانفتاح على كل ‏الاطراف، وتصميمه على توزير شخصيات اختصاصية كفوءة لا تستفزّ احداً، ‏وتعبّر عن كل اللبنانيين وتحاكي الحراك الشعبي، نَفت أوساط عين التينة ما ‏تردّد عن طلب حمله النائب السابق مروان حمادة من جنبلاط الى الرئيس بري ‏للتدخّل لعدم توزير أسماء معينة ومستفزة لجنبلاط، وقالت لـ”الجمهورية”: ‏صحيح انّ الرئيس بري استقبل حمادة، وفي الحديث معه أبلغ بري اليه انه ‏مستعد للدخول في مساعي بذل الجهود اذا كان القصد منها اشتراك الحزب ‏التقدمي الاشتراكي في الحكومة، لكن كل ما يقال غير ذلك ليس صحيحاً على ‏الاطلاق”.‏
‏‏ ‏
الحريري
‏ ‏
في هذه الاجواء، غادر رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري الى ‏باريس، وأكدت مصادر تيار المستقبل لـ”الجمهورية” انها “زيارة خاصة ‏لقضاء إجازة عائلية قصيرة لمناسبة الأعياد”.‏
‏ ‏
وفي سياق آخر، لفتت المصادر الى “أنّ الأمور في ما خَص الحكومة الجديدة ‏معقّدة و”سوبر صعبة”، فلا حكومة من دون موافقة السنّة”.‏
‏ ‏
وأكّدت أنّ “الطريق مسدود أمام الرئيس المكلّف، فالجهة التي سمّته ‏معروفة، وأي حكومة سيشكلها ستكون حكومة ضدّ إرادة معظم الشعب ‏اللبناني، لأنّها ضدّ إرادة 80% من السنة، و80% من الدروز، و40% من ‏المسيحيين”.‏
‏ ‏
وشددت على أنّ “الحريري كان يؤيّد نواف سلام لتولّي رئاسة الحكومة، إلّا أنّ ‏امتناع “كتلة المستقبل” عن تسميته كان لسبب وحيد وهو عدم إعطاء دياب ‏الشرعية، وكتلة “القوّات اللبنانية” تلقّفت الموقف، في حين أخطأ النائب ‏السابق وليد جنبلاط في فهمها”.‏
‏ ‏
وردّاً عمّا اذا كانت الميثاقية تعطى لدى التأليف لا التكليف، قالت المصادر: ‏‏”لا يمكن لأيّ كان أن يسمّى لترؤس الحكومة وطائفته ليست معه”. وذكّرت ‏بأنّ “الحريري طالب بتأجيل الاستشارات لأنه لا يود أن يكون رئيساً بأصوات 17 ‏نائباً مسيحياً فقط، في حين أنه كان يملك أصوات أكثرية السنّة كما أصوات ‏الثنائي الشيعي… فكيف يقبل دياب بترؤس حكومة بأصوت 6 نوّاب سنّة ‏فقط؟”. وختمت بالقول: “لا يمكننا معاداة المجتمع الدولي والعالم العربي ‏والخليجي… أنقذوا لبنان قبل أن يصبح سوريا 2”.‏

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *