الرئيسية / سياسة / “النهار”: لهذه الأسباب اتُخذ القرار الحاسم بفتح الطرق
flag-big

“النهار”: لهذه الأسباب اتُخذ القرار الحاسم بفتح الطرق

كتبت صحيفة ” النهار ” تقول : في اليوم الـ 20 لانتفاضة الغضب الشعبية، فتحت الطرق بشكل حاسم بقرار نفّذه الجيش اللبناني، بمؤازرة عدد من ‏الأجهزة الأمنية، منها الأمن العام (مع بعض الاستثناءات البسيطة). البعض اعتبر القرار إساءة الى “ثورة” الناس ‏واستعمالاً للعنف ضد المتظاهرين المسالمين وانقلاباً عليهم في محاولة من السلطة لاستعادة زمام المبادرة. ومنهم من ‏رأى أن الأمر يحمي “الثورة” التي دخلت في دهاليز بعض المشاغبين الذين استغلوا الوضع وعمدوا الى اقفال الطرق ‏والاعتداء على الآمنين، وفرض الخوات، وتعطيل الاشغال، والحؤول دون وصول المواطنين الى مراكز عملهم ‏ودراستهم‎.‎
‎ ‎
واتخذ الجيش خطوات حاسمة أمس، بحيث لم تكتف القوى الأمنية بفتح الطرق، بل عملت على ازالة الخيم ومراكز ‏التجمعات على جانبي الطرق، والعمل على تكسير بعضها‎.‎
‎ ‎
وشرح مصدر وزاري لـ”النهار” أن القرار اتخذ بعد مجموعة من الصدامات حصلت نهار الاثنين، وأدت الى وقوع ‏إصابات بين المواطنين. “وحتى المؤيدون للحراك رفضوا الاستمرار في إقفال الطرق، ومنعهم من بلوغ مراكز ‏أعمالهم، لأن الوضع الاقتصادي لم يعد يحتمل، وتأخر الأعمال اضطر عدداً كبيراً من الشركات الى دفع نصف راتب ‏ما ولّد نقمة عارمة‎”.‎
‎ ‎
وأضاف: “اتخذ الجيش قرار عدم التصادم مع ناسه منذ اليوم الأول للحراك. وقوبل بتهم وشكوك في أدائه. لكن الجيش ‏الذي تعامل برفق وروية، أدرك جيداً الخطر الذي صار محدقاً بالحراك، وتخوّف من الصدامات والاشتباكات التي ‏يمكن أن تجر الى ما لا تحمد عقباه، ما أشاع أجواء حرب أهلية لن يقبل الجيش أن تستعاد‎”.‎
وعن عملية إزالة الخيم وتكسير بعضها قال المصدر الوزاري لـ”النهار” إن التفاوض مع المحتجين منذ أيام قضى بفتح ‏الطرق والاستمرار في الاعتصامات على جنبات الطرق، لكن خيم الاعتصام تحولت مراكز تجمعات للانقضاض ليلاً ‏على الطرق وحرق الاطارات والعمل على تعطيل حركة السير، ما أوجب ازالتها نتيجة عدم التزام أهل الحراك الاتفاق ‏معهم‎”.‎
‎ ‎
وكان أكيداً أن إقفال الطرق إضافة الى التسبب بشلل الحركة الاقتصادية، والتربوية، والمالية، منع الوزراء والنواب ‏وكل المسؤولين من القيام بالأعمال الضرورية لتسيير مرافق الدولة، وأوجد لديهم حالة غير مسبوقة‎.‎
‎ ‎
فقد كان متوقعاً منذ أيام ألّا يجرؤ النواب على التوجه الى ساحة النجمة أمس الثلثاء للمشاركة في جلسة انتخابية ‏لاستكمال هيئة مكتب المجلس، لذا أرجأ الرئيس نبيه بري الموعد الى 12 تشرين الثاني الجاري مؤكداً أنه “مع الحراك ‏المدني ومع مطالبه ولكنني ضد قطع الطرق…”. حتى مراسم جنازة الوزير السابق ميشال اده لم تُقَم في كاتدرائية مار ‏جرجس المارونية في وسط بيروت، وهي التي أعاد إعمارها مع آخرين بعد الحرب، وشيّد لها برجها الجديد، لأن ‏الرسميين تجنبوا المرور في ساحتي رياض الصلح والشهداء، أو بالأحرى لم يجرؤوا على ذلك خوفاً من المشاركين في ‏الاعتصامات، والاستشارات النيابية المنتظرة والمتأخرة، رفعت ذريعة الطرق غير الآمنة لوصول النواب الى قصر ‏بعبدا‎.‎
‎ ‎
هكذا تجمعت الذرائع للقرار الحاسم، وفي معلومات “النهار” أن المعطيات التي دفعت الى القرار كثيرة أبرزها الآتي‎:‎
‎ ‎
‎- ‎أولاً: واقع التصادم بين الناس والذي نقلته “النهار” عن مصدر وزاري، وقد توالت التحذيرات من التصادم الدموي ‏في غير منطقة‎.‎
‎ ‎
‎- ‎ثانياً: الضغط الذي مورس على قيادة الجيش وقد أدى اللقاء الأخير بين الرئيس ميشال عون وقائد الجيش جوزف ‏عون الى تقريب وجهات النظر والاتفاق على خطوات تحظى برضى معظم الأطراف السياسيين لعدم تعريض ‏المؤسسة العسكرية للامتحان‎.‎
‎ ‎
‎- ‎ثالثاً: توافر غطاء سياسي للخطوة من كل طرف على حدة خوفاً من استغلال الحراك لتحقيق مآرب أخرى، خصوصاً ‏مع تقارير عن تحرك جهات ارهابية في لبنان وأخرى قادمة من سوريا. هذه التقارير لم يتم التحقيق من صحتها، وما ‏اذا كانت للاستغلال السياسي أو لقمع الحراك‎.‎
‎ ‎
‎- ‎رابعاً: رسالة تحذير من “حزب الله” الى الجهات المعنية من أن الاستمرار في اقفال طريق الجنوب في الناعمة ‏وخلدة وغيرها، كما طريق الشفروليه عند مداخل الضاحية، سيدفع الحزب الى اتخاذ الاجراءات الكفيلة بفتحها. وهذا ‏التحذير الذي تكرر قبل أيام، أخذ على محمل الجد، ولا مصلحة للسلطة في السماح به، لأنه سيضرب هيبة الدولة أو ما ‏تبقى منها‎.‎
‎ ‎
خامساً: نقل عن رئيس الجمهورية ابلاغه المسؤولين الأمنيين الذين التقاهم وخصوصاً قائد الجيش والمدير العام للأمن ‏العام انه لن يدعو الى استشارات تحت ضغط اقفال الشوارع والطرق‎.‎
‎ ‎
سادساً: اطمئنان القوى السياسية الى عدم وجود نية لدى المجتمع لقلب النظام بل اصلاحه، أي استمراره وفق قواعد ‏عمل جديدة، وهو ما عبر عنه أكثر من مسؤول دولي وآخرهم المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش ‏الذي التقى أمس الوزير جبران باسيل وفي البيان الصادر عن الاجتماع أن “الجانبين اتفقا على وجوب المحافظة على ‏الاستقرار والعمل ضمن المؤسسات والدستور لإحداث التغييرات الاصلاحية اللازمة بالاستماع الى صوت الناس ‏وتلبية مطالبهم من دون المس بالانتظام العام‎”.‎
‎ ‎
أدوات جديدة
‎ ‎
لكن الانتفاضة لم تنته عند هذا الحد، وان كانت اداة اقفال الطرق وسيلة ناجعة للتضييق على السلطة، فمجموعات ‏الحراك تستعد لشهر أدوات جديدة، تدريجاً، في وجه أهل الحكم. وأكد ناشطون ان نصب الحواجز على الأوتوسترادات ‏الرئيسية سيبقى ورقة قوية في جعبتهم متى اقتضى الامر. ويبحث هؤلاء في خياراتهم للاستمرار في انتفاضتهم، ‏بشكل فعّال “يؤلم” السلطة، لا الناس الذين في معظمهم يؤيدون الحراك. وأبرز ما يتم تداوله في هذه المرحلة، هو ‏تصويب تحرّكاتهم إلى مكامن الهدر والفساد في الدولة وإلى المرافق العامة لشلّها تماماً، وهذا ما بدأ تنفيذه في عدد من ‏المناطق أمس، حيث تجمعوا مانعين الموظفين من دخول أماكن عملهم. وتحركت مجموعة ليل أمس في اتجاه الزيتونة ‏باي باعتبار الارض من الاملاك البحرية المصادرة والتي هي ملك للناس‎.‎
‎ ‎
هذا التوجّه الجديد سيتزامن مع دعوات ستتكاثر إلى العصيان المدني، خصوصاً اذا ما استمرت المماطلة في عملية ‏تشكيل الحكومة الجديدة او اذا كانت طبيعة الحكومة التي ستؤلف لا تلتقي والشروط التي وضعها الثوار، اذ يكثر ‏الحديث عن وجوه نافرة باقية في التركيبة الجديدة وعن صيغ تُدخل الاحزاب والتكنوقراط، معا، الى مجلس الوزراء ‏العتيد‎.‎
‎ ‎
الحكومة
‎ ‎
حكومياً، علمت “النهار” ان ما أشاعته اعلامياً مساء أمس مصادر قريبة من الوزير جبران باسيل عن طرحه على ‏الرئيس سعد الحريري ان يرشح أو يسمي شخصية لرئاسة الحكومة ليس صحيحاً وانه يندرج في اطار محاولة ‏لتصوير باسيل كأنه يتولى دور تأليف الحكومات. وفي حين رفضت الاوساط القريبة من الرئيس الحريري التعليق ‏على كل ما جرى ترويجه في هذا الإطار، اكتفت بالقول لـ”النهار” ان للرئيس الحريري شروطه المعروفة لتأليف ‏الحكومة وأبرزها إن تكون حكومة قادرة على العمل والإنتاج الجدي والا تكون فيها وجوه استفزازية وان تراعي ‏الحراك الشعبي. واكدت ان الرئيس الحريري هو الذي طرح مواصفات الحكومة من منطلق انه اذا لم تشأ القوى ‏السياسية الآخذ بها فلتعمل على شيء آخر ولن تكون مشكلة لديه لانه لا يريد حكومة تتعرض للعرقلة واذا لم يكن ذلك ‏متوافراً فلتطرح القوى السياسية بديلاً انقاذياً على ان لا يكون زيادة مشكلة‎.‎
‎ ‎
في المقابل، أبلغت مصادر قريبة من الوزير باسيل “النهار” ان رئيس “التيار الوطني الحر” وافق على حكومة ‏تكنوقراط من اختصاصيين تطرح أسماؤهم على الحراك المدني وتحظى الحكومة بثقة كل الشعب وبدعمه للانقاذ ‏الاقتصادي‎.‎
‎ ‎
وقالت مصادر سياسية مطلعة إن لقاء الحريري – باسيل أعاد فتح خطوط التواصل بينهما وهو لقاء يستدعي متابعة‎.‎
‎ ‎
وأشارت المصادر إلى ان رئيس الجمهورية لا يزال يواصل مشاوراته بعيداً من الأعلام من أجل تحضير الأجواء ‏لتسهيل الملف الحكومي. ولاحظت انه كما ان التأليف لا يخضع لمهل دستورية فكذلك التكليف لا يخضع لهذه المهل. ‏وقد نشطت الاتصالات على خط بعبدا – عين التينة – “بيت الوسط‎”.‎
‎ ‎
بري
‎ ‎
وقال رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زواره إن الأولوية يجب أن تنصب للتعجيل في تشكيل الحكومة. وشدد على ‏ان الوضع في البلد لا يحتمل أي ترف أو خسارة للوقت. وأكد أن أمام البرلمان مهمة كبرى الاسبوع المقبل بعد انتخابه ‏اللجان في عقد جلسة تشريعية تتناول مواضيعها ملفات ركز عليها الحراك. وأعلن عن “ثورة تشريعية” عبر جلسة ‏تشريعية لاقرار مجموعة من المشاريع واقتراحات القوانين الاصلاحية، في مقدمها قانون مكافحة الفساد وإنشاء محكمة ‏خاصة للجرائم المالية والعفو العام وقانون ضمان الشيخوخة‎.‎
‎ ‎
تصنيف جديد
‎ ‎
مالياً، اعلنت وكالة “موديز” للتصنيف الإئتماني، خفض تصنيف لبنان من‎ Caa1 ‎الى‎ Caa2 ‎مع نظرة مستقبلية ‏سلبية، وخفض الحد الأقصى لسندات الودائع بالعملات الأجنبية الطويلة الأجل في لبنان إلى‎ Caa1 ‎و‎ Caa3 ‎على ‏التوالي، كما خفض سقف السندات والودائع الطويلة الأجل بالعملة المحلية إلى‎ B2‎، بينما تبقى السندات والودائع ‏القصيرة الأجل بالعملات الأجنبية غير أولية‎.‎
‎ ‎
وأوضحت الوكالة في بيان أن “تراجع التصنيف الى‎ Caa2 ‎يعكس الاحتمال المتزايد لإعادة جدولة الديون أو ممارسة ‏إدارة المسؤولية الأخرى التي قد تشكل تقصيرًا بموجب تعريف‎ Moody’s ‎منذ فتح المراجعة لخفض تصنيف‎ Caa1 ‎في بداية تشرين الأول”، مشيرة الى أن “الاحتجاجات الاجتماعية الواسعة النطاق واستقالة الحكومة وفقدان ثقة ‏المستثمرين، أدت إلى تقويض نموذج التمويل التقليدي للبنان على أساس تدفقات رأس المال ونمو الودائع المصرفية، ‏مما يهدد استمرارية ربط الاستقرار واستقرار الاقتصاد الكلي‎”.‎
‎ ‎
ولفتت الى أن “فترة المراجعة ستسمح للوكالة بتقويم احتمال سيناريو إعادة هيكلة الديون الذي قد يؤدي إلى خسائر ‏للمستثمرين من القطاع الخاص أكبر مما يتماشى مع تصنيف‎ Caa2?‎، متوقعة “إكمال المراجعة في غضون ثلاثة ‏أشهر‎”.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *