الرئيسية / سياسة / “الجمهورية”: ‎الإحتمالات الصعبة تقترب.. “الإشتراكي” يُهاجم و”الديموقراطي” ‏يتوعَّد
الجمهورية

“الجمهورية”: ‎الإحتمالات الصعبة تقترب.. “الإشتراكي” يُهاجم و”الديموقراطي” ‏يتوعَّد

كتبت صحيفة “الجمهورية ” تقول : يستطيع أطراف الأزمة الراهنة، بكل الوانهم الرسمية والسياسية ‏والحزبية، أن يناموا ملء جفونهم، بعدما حققوا مرادهم في إضافة ‏المزيد من الاورام الخبيثة في جسم البلد، وتزنيره بشرك معقّد من ‏المواد المتفجّرة والعبوات الناسفة للاستقرار الداخلي، وامتهنوا ‏بجدارة عالية إشعال الاشتباكات السياسية في ما بينهم، تحت أي ‏عنوان، ليحوّلوا البلد الى ملعب فوق الجمر، يأسرون فيه كل ‏اللبنانيين، يتقاذفون كرة نار ملتهبة، في ما تبدو انّها مباراة تصفية ‏حساب بين اطراف الأزمة، على حساب البلد واهله، وفي وقت يشتد ‏فيه حبل الأزمة الاقتصادية على أعناق كل اللبنانيين‎.‎

هذه الصورة المحتقنة، التي رسمتها تداعيات حادثة قبرشمون، تضع الاستقرارين ‏السياسي والاقتصادي، ومعهما الاستقرار الامني على المحك. خصوصا انّ البلد ‏يقترب من الدخول في مدار الاحتمالات الصعبة، وفتيل التوتر يبدو انّه صار ممدوداً ‏على طول خطوط التماس السياسية والقضائية والامنية، بالتوازي مع التجفيف ‏الكامل لنبع المبادرات الرامية الى حلّ هذه الأزمة، والتي تولاّها رئيس المجلس ‏النيابي نبيه بري، الذي اعاد امس تأكيد اصراره على انّه قد اطفأ محرّكاته نهائياً ‏في هذا الاتجاه‎.‎هذا في وقت تبقى الحكومة الضحية الاولى لهذه الأزمة، والتعطيل الذي عصف بها ‏منذ ما يزيد على الشهر، يبدو أنّه سيستمر الى اجل غير مسمّى، ما يعني انّ لا ‏جلسات لمجلس الوزراء في المدى المنظور‎.‎

كان اللافت امس، المؤتمر الصحافي الذي عقده الحزب التقدمي الاشتراكي، ‏وعرض فيه الوزير وائل ابو فاعور ملابسات حادثة قبرشمون وارتداداتها السياسية ‏والقضائية والامنية، وقدّم خلاله ما يشبه اضبارة اتهام في اتجاه رئيس التيار ‏الوطني الحر الوزير جبران باسيل، من دون ان يوفّر رئيس الجمهورية العماد ميشال ‏عون، وتبعه رئيس الحزب النائب السابق وليد جنبلاط بتغريدة اعلن فيها الصمود ‏امام ما سمّاه “الارهاب المنظّم‎”.‎

وخلال المؤتمر، حمّل ابو فاعور باسيل “المسؤولية المعنوية والسياسية والقانونية ‏عن الحادثة”، واعتبر انّ “ادّعاء الكمين سخيف ولم يكن هناك محاولة اغتيال”، ‏وطالب الحزب الديموقراطي والوزير صالح الغريب بتقديم اعتذار، الّا انّ الوزير الغريب ‏اكتفى بالقول لـ”الجمهورية”: “صحيح لقد طلبوا اعتذاري، فأنا اعتذر منهم لانّهم ‏لم يستطيعوا قتلي‎”.‎

ما ورد في هذا المؤتمر احدث اهتزازاً في الساحة الداخلية، تبدّى في الردود ‏الاعتراضية على المؤتمر، والتي بدا انّها تمهّد لردّ اعنف في وقت قريب في مؤتمر ‏صحافي مماثل على حد ما توّعد به الحزب اللبناني الديموقراطي برئاسة النائب ‏طلال ارسلان‎.‎

بعبدا
وفيما آثر القصر الجمهوري عدم الرد مباشرة على ما قاله ابو فاعور، اكتفت مصادر ‏وزارية مقرّبة من رئيس الجمهورية بالقول لـ”الجمهورية”: “ان الملف بات في ‏عهدة القضاء بعد فشل سلسلة المبادرات التي أُطلقت في اكثر من محطة على ‏مدى اكثر من خمسة اسابيع. وطالما انّ القضاء وضع يده على كل ما حصل ‏وبوشرت التحقيقات مع الموقوفين وشهود العيان فلنتركه ليقول كلمته حتى ‏النهاية الحتمية‎”.‎
بدوره، غاب الوزير جبران باسيل عن الردّ على اتهام ابو فاعور له، فيما جاء موقف ‏تكتل لبنان القوي على لسان النائب ابراهيم كنعان، الذي اعتبر أنّ “المؤتمرات ‏الصحافية والسجالات والتجاذبات لن تغيّر الوقائع الموجودة عند القضاء‎”.‎
ودعا السلطة القضائية الى “عدم الاكتراث لأي تجاذب سياسي وان تلتفت فقط ‏لإحقاق العدالة‎”.‎

وفيما لفت موقف كتلة تيار المستقبل التي استنكرت “التشكيك بنتائج التحقيقات ‏التي يتولاها فرع المعلومات” وحذّرت من “الذهاب بعيداً في هذا المنحى، ومن ‏ا?ية خطوات مدروسة تتعمّد وضع الجهود الجارية لتحقيق المصالحة ا?مام طريق ‏مسدود”، سأل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي: “هل بتنا ‏في دولة مزارع وطوائف ونافذين، يسير القضاء بحسب الاهواء واذا اعجبنا الحكم ‏نرضى به وان لم يعجبنا نرفضه‎”.‎

التعطيل مستمر
حكومياً، لا جديد على هذا الصعيد. وفي بيت الوسط يسود صمت حيال التطورات ‏الاخيرة، بانتطار عودة الرئيس سعد الحريري من عطلته الخارجية المرتقبة اليوم. ‏فيما تحدثت معلومات عن اتصالات اجراها الحريري في الساعات الماضية من اجل ‏ملاحقة التطورات، لكن لا مؤشرات الى امكان توجيه الدعوة الى جلسة لمجلس ‏الوزراء في المدى القريب، في ظلّ ما يعتبرها فريق رئيس الحكومة، الشروط التي ‏لا يمكن القبول بها بأي شكل من الأشكال واياً كانت الكلفة المترتبة عليها‎.‎

الحسيني
الى ذلك، إعتبر النائب مصطفى الحسيني، أنّ “كل ما يجري اليوم، هو إنحراف ‏عن الدستور والقانون، والانحراف الأخطر هو التمادي في التطاول على القضاء‎”.‎
وقال الحسيني لـ”الجمهورية”: “لو أنّ الامور سارت من الاساس في الشكل ‏الصحيح قضائياً، فما كانت هناك مشكلة”، وسأل: “لماذا الاعتراض على المحكمة ‏العسكرية؟ فالمحكمة العسكرية تعطي نتائج مهمة جداً، وسريعة جداً، وحين ‏تثبت نظرية المؤامرة يمكننا حينها التوجّه الى المجلس العدلي‎”.‎
وختم قائلا: “عودوا الى الدستور و”قدّسوه” واحترموا القضاء بالحد الأدنى، فما ‏يحصل في لبنان لا يشبه لبنان ولا دستوره ولا نظامه‎”.‎

حنكش
ودعا النائب الياس حنكش الى “ترك القضاء يأخذ مجراه بعيداً من التدخل ‏السياسي، لأنه بات واضحاً للعيان أنّ الهدف هو لي ذراع جنبلاط‎”.‎
واذ اكّد انّ التسوية الرئاسية قد فشلت، ودعا الى انتخابات مبكرة، قال ‏لـ”الجمهورية”: “نحن أمام حكومة أضداد، تصل بنا الى شفير الحرب الأهلية حين ‏يختلفون، وتعود الى شهر العسل وتصبح حكومة مصالح مع كل موعد للتعيينات ‏والمحاصصة‎”
.‎
‎”‎الكتائب” و”القوات‎”‎
الى ذلك، وفيما اكّد حزب الكتائب سقوط التسوية الرئاسية، ودعا الجميع إلى ‏الاعتراف بفشلها والاسراع في تحمّل المسؤولية والإنضمام إلى المعارضة البنّاءة ‏لتعزيز البديل الجدّي لإنقاذ البلاد، أسفت مصادر “القوات اللبنانية” “لسقوط ‏المبادرة تلو الأخرى في حادثة قبرشمون، ولهذا التعقيد السياسي والتسخين ‏المتواصل، فيما كان يُفترض منذ اللحظة الأولى، فصل المسار القضائي عن المسار ‏الحكومي، بحيث أنّ التعطيل يجب ان يكون ضمن الخطوط الحمراء، فالتعطيل ‏ممنوع، والانتظام يجب أن يكون قائماً‎”.‎

واعتبرت المصادر، انّ “ما يحصل هو جريمة كبرى بحق لبنان”. وقالت ‏لـ”الجمهورية”: “من المؤسف أن تذهب الأمور باتجاه تعطيل العمل الحكومي بها ‏الشكل، وأخذ البلاد الى مواجهة سياسية وطنية ليست في أوانها، في لحظة ‏مالية إقتصادية حرجة للغاية، وفق ما يؤكّد الخبراء وأصحاب الاختصاص الاقتصاديين، ‏في حين كان يُفترض في هذه المرحلة أن تكون جلسات الحكومة شبه يومية، من ‏أجل ترجمة موازنة 2019 في مؤتمر “سيدر”، والانطلاق بوضع موازنة 2020، حيث ‏أنّ الاوضاع لا تحتمل المماطلة فكيف بالحري التعطيل؟‎”.‎

وعن إتهام القوات بدفع الرئيس الحريري لاتخاذ هذا الموقف أو ذاك، قالت المصادر: ‏‏”هذا الكلام مردود، لأنّ أحداً من الأفرقاء قادر على دفع الحريري في الاتجاه الذي ‏يريده، فالحريري هو رئيس حكومة كل لبنان، وهو يدرك مسؤولياته الوطنية جيداً‎”.‎

وحمّلت المصادر “رئيس التيار الوطني الحرّ الوزير جبران باسيل مسؤولية ما آلت ‏اليه الأمور، ومسؤولية الجو السياسي الملبّد والذي أدّى الى خسائر وطنية ‏وإقتصادية وسياسية‎”.‎

خبراء يحذّرون
في هذا الوقت، وضعت مجموعة من الخبراء الاقتصاديين تقريراً حول حراجة الوضع ‏الاقتصادي، تضمّن في مستهله، اشارة الى الارباك في السوق المالي جرّاء ‏التطورات السياسية والامنية الاخيرة، وتأكيداً بأنّ الملف الاقتصادي في هذه ‏المرحلة ينبغي ان يعلو فوق كل الاولويات الاخرى لدى كل الطبقة السياسية، ‏والعمل بجدّية على ايجاد حلول في أسرع وقت‎.‎

ويلحظ التقرير، أن تأخّر انعقاد مجلس الوزراء واستمرار الخلافات والتشنجات ‏السياسية، امر لا يساعد على التقدّم نحو الحلول، بل يُفقد المواطن اللبناني ‏ثقته بالطبقة السياسية، ويؤكّد عدم جدّيتها في التعامل مع الازمة الاقتصادية ‏وهموم المواطنين الاساسية، والاخطر من ذلك انه يُفقد ثقة المراقبين والهيئات ‏الدولية والاسواق المالية والمستثمرين بلبنان، خصوصاً انّ امام لبنان اختبار صعب ‏مع موعد التصنيف المُرتقب له بعد اقل من اسبوعين‎.‎

واشار التقرير الى تراجع اسعار السندات اللبنانية في الأسواق العالمية وارتفاع ‏كلفة التأمين على الدين اللبناني في الاسواق، وهذا مؤشر الى انّ الاسواق ‏المالية تتعامل بتشكيك مع الوضع اللبناني، وانّها غير واثقة بقدرة لبنان على تنفيذ ‏اصلاحات ومعالجات‎.‎

وخلص التقرير الى اقتراح المسارعة في انعقاد الحكومة ووضع خطة انقاذية فورية ‏تتضمن كل الاصلاحات الاقتصادية والمالية والبنيوية التي باتت مطلوبة بإلحاح، ‏وتشكيل خلية عمل اقتصادية تتواصل مع الاسواق المالية والمؤسسات الدولية ‏والمستثمرين المحليين والعالميين لشرح هذه الخطة، بالتوازي مع الشروع في ‏تنفيذها فوراً ومن دون ابطاء. فاستمرار الوضع على ما هو عليه يدفعنا الى افتراض ‏صعب، وهو ان ما بعد التصنيف المرتقب للبنان غير ما قبله‎

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *