الرئيسية / سياسة / “‎الجمهورية”: الموازنة يتنازعها “الخفض” و”البدائل”… ومساعٍ لوقف ‏الإضرابات
الجمهورية

“‎الجمهورية”: الموازنة يتنازعها “الخفض” و”البدائل”… ومساعٍ لوقف ‏الإضرابات

كتبت صحيفة “الجمهورية ” تقول : أسبوع حكومي آخر لدرس مشروع الموازنة العامة لسنة 2019 ‏مشحون بمزيد من الاضرابات والحركات الاعتراضية، يُؤمل أن ينتهي ‏بإحالة هذا المشروع الى مجلس النواب لتدرسه لجانه المختصة ثم ‏تقرّه هيئته العمومية قبل نهاية الشهر الجاري، حيث تنتهي مهلة ‏الإنفاق المالي وفق القاعدة الاثني عشرية. وستستمر جلسات ‏مجلس الوزراء الحالية متزامنة مع اتصالات ومساع لوقف التحركات في ‏مختلف القطاعات العمالية ومصرف لبنان وغيره رفضاً لأيّ خفض او ‏اقتطاع من الرواتب بغية خفض العجز في الموازنة استجابة لمتطلبات ‏مؤتمر “سيدر”، في وقت تخوّف المراقبون من تفاقم هذه التحركات ‏في حال فشل الحكومة في إيجاد البديل من الموارد لتحقيق هذا ‏الخفض الذي قد يُطاول رواتب الموظفين الحاليين والمتقاعدين في ‏مختلف القطاعات‎.‎

يستأنف مجلس الوزراء اليوم جلساته المخصصة لدرس الموازنة، وسط أجواء ‏توحي بتوجّه الى تسريع النقاش، توصّلاً الى إقرارها وإحالتها الى المجلس ‏النيابي خلال فترة لا تتعدى الاسبوع الجاري، أللهم إلّا اذا شكلت البنود الاشكالية ‏المتعلقة بخفض الرواتب للمدنيين والعسكريين عائقاً يحول دون ذلك‎.‎

وفيما بات التسريع في إقرار الموازنة ضرورة بالنسبة الى بعض السياسيين، ‏خشية ما يعتبرونه السقوط في المحظور إذا شابَها مزيد من التأخير، فإنها في رأي ‏الخبراء الاقتصاديين تبقى أشبه بحقنة مسكنة مؤقتة، يفترض ان تقترن بسَعي ‏الحكومة جدياً لإيجاد العلاج الشافي من المرض الاقتصادي المُستعصي، والطريق ‏الى ذلك يتأمّن عبر إعداد الرؤية الحقيقية لسبل معالجة الازمة‎.‎

وإذ يلفت الخبراء الى خلو الموازنة مما يمكن تسميتها “إصلاحات نوعية” او ‏‏”إصلاحات جدية”، الا انها تضمّنت ما يمكن اعتباره إيجابية، اذ انّ إيجابيتها هنا ‏بالنسبة الى الخارج والمجتمع الدولي ومؤتمر “سيدر” انها تحقّق هدف خفض ‏العجز في المالية العامة من 11,5% الى 8,8%، وهو أمر يعكس جدية الحكومة ‏إزاء خفض العجز، فضلاً عن انّ هذه الحكومة أعطت اشارة ايجابية منذ فترة قصيرة ‏بإقرارها خطة الكهرباء‎.‎

وفي رأي الخبراء “انّ هذه الموازنة، على تواضعها، تؤسس الى ان تحقق موازنة ‏‏2020 عجزاً دون الـ 7% من الناتج المحلي لأنه في 2020 تكون نتائج خطة الكهرباء ‏بدأت تظهر، ولكن هذا يتحقق اذا صَفت النيّات، وتمّت ترجمة خطة الكهرباء بصورة ‏سليمة، ونحن اعتدنا في لبنان على انّ العبرة تبقى دائماً في التنفيذ، وليس في ‏الكلام او الحبر على الورق‎”.‎

وفي الوقت الذي عبّرت مراجع سياسية وحكومية عن مخاوفها من تداعيات إضراب ‏موظفي مصرف لبنان المفتوح، كشفت مصادر مطّلعة لـ”الجمهورية” عن اتصالات ‏مكثفة يجريها بعض المراجع لوقف هذا الإضراب وتلافي تردداته السلبية على ‏مستوى حركة الأموال والمعاملات المصرفية في لبنان إبتداء من اليوم‎.‎

وقالت هذه المصادر انّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون شجّع المساعي ‏الجارية في هذا الاتجاه لضمان عودة الحركة الطبيعية الى سوق القطع وغرفة ‏المقاصّة للشيكات المتبادلة واستمرار الحركة الطبيعية في سوق الصرافة في ‏لبنان، ومنعاً لتقلّص حجم النقد اللبناني والأجنبي في السوق والمصارف‎.‎

ولفتت المصادر الى انّ لقاءات عون المالية والنقدية الأسبوع الماضي مع كلّ من ‏حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف جوزف طربية تناولت ‏مختلف وجوه التعاون بين المصارف ومصرف لبنان والمؤسسات الرسمية، وأبلغ ‏رئيس الجمهورية الى المعنيين “أنّ المَس بمصرف لبنان واستقلاليته ليس مطروحاً ‏في اي لقاء او إجراء‎”.‎

وكانت أوساط سياسية تحدثت عن محاولات لوضع اليد على موازنة مصرف لبنان ‏من خلال المادة 60 في مشروع قانون الموازنة، التي تلمّح الى إخضاع الموازنات ‏الخاصة في بعض المؤسسات العامة والهيئات المستقلة لمراقبة وزارة المال من ‏دون الإشارة الى الاستثناء الذي كان يجب ان يُشار اليه بالنسبة الى مصرف ‏لبنان، لأنه من المؤسسات التي لها نظامها وقانونها الخاص والذي يميّزه عن بقية ‏المؤسسات العامة، إذ لا يحكم العلاقة بينه وبين وزارة المال سوى قانون النقد ‏والتسليف‎.‎

بري
الى ذلك أكد رئيس المجلس النيابي نبيه بري أمام زواره، انه “لا بد من أن تسير ‏عجلة الدولة، وعدم تعطيلها بما يَرتدّ بالسلبيات على المواطنين‎”.‎
وكان بري يؤشّر بذلك الى بعض التحركات التي أدّت الى تعطيل بعض المرافق ‏الاساسية، وخصوصاً في مرفأ بيروت، وتوقّف عمليات نقل البضائع وتفريغها وتحديداً ‏مع بداية شهر رمضان، وأيضاً في مصرف لبنان الذي أدى إضراب الموظفين فيه الى ‏شَل المصارف وتعطيلها، مع ما يترتّب على ذلك من أضرار كبرى على البلد عموماً‎.‎

وحول مشروع الموازنة قال بري: “تبقى الاولوية لإقرار الموازنة في وقت قريب. ‏ومن هنا، المطلوب ان يتوقفوا عن المزايدات، وبمعزل عن كل ما يُقال من هنا ‏وهناك، فإنّ ما أعرفه هو انّ الموازنة يجب أن تُقرّ، لأنها اذا لم تقرّ في القريب ‏العاجل، فأنا اعرف الى أين سيسير البلد اذا بَقينا على هذا الوضع. في الاساس ‏كان على الحكومة أن تسرع اكثر في إقرار الموازنة ومناقشتها، هنا المشكلة في ‏الاساس، والمطلوب التسريع بلا أي إبطاء‎”.‎

ورداً على سؤال عن الوقت الذي يستغرقه إقرار الموازنة في مجلس الوزراء، قال ‏بري: “كان يفترض الاستعجال في إقرارها، ولو اقتضى الامر عقد جلسات نهارية ‏ومسائية لمجلس الوزراء. ففي المجلس النيابي، يكون لدينا أحياناً جدول أعمال ‏مُكثّفاً فنَنكبّ عليه ونُنجزه نهاراً ومساء. لذا، أقول انّ الاستعجال مطلوب، ‏والمجلس النيابي في انتظارها‎”.‎

تحركات مشبوهة
الى ذلك، قالت مصادر سياسية لـ”الجمهورية”، انه “على رغم من انّ التعبير عن ‏الرأي حق مشروع لكنّ بعض التحركات الأخيرة مشبوهة، خصوصاً تلك التي طاوَلت ‏مرافق حيوية، مثل مصرف لبنان ومرفأ بيروت، والصندوق الوطني للضمان ‏الاجتماعي. فماذا يُقال للناس هنا؟ انه تدبير ذاتي ليس فيه حد أدنى من ‏المسؤولية. فما معنى إضراب مصرف لبنان، الذي شلّ المصارف، وعطّلها؟ معناه ‏منع المواطن من أن يقبض أو ان يصرف قرشاً، وهذا معناه ايضاً الجمود السلبي ‏والذي من شأنه ان يُفاقم الأزمة اكثر‎”.‎

موقف “القوات‎”‎
الى ذلك، قالت مصادر “القوات اللبنانية” لـ”الجمهورية” انّ “المرحلة التي تجتازها ‏البلاد دقيقة جداً، وتتطلب من جميع القوى السياسية التحَلّي بالمسؤولية ‏الوطنية والابتعاد عن الشعبوية، وبَذل كل جهد ممكن من أجل إعادة التوازن الى ‏الجسم اللبناني مالياً، لأنّ الأخطار جدية وحقيقية، ولكن معالجتها مُتاحة شرط ‏الالتزام بالأجندة الإصلاحية المطلوبة‎”.‎

وأضافت: “انّ الحكومة حولّت جلساتها الى شبه يومية بغية إنجاز الموازنة وإحالتها ‏الى مجلس النواب لإقرارها، وعلى أساسها يفتح لبنان باب المشاريع التي تم ‏الاتفاق عليها في “سيدر”. ولا خيار سوى شد أحزمة التقشّف والشروع في ‏إصلاحات بنيوية للقطاعات الإنتاجية لتحقيق الإيرادات المطلوبة تَجنّباً لأيّ مساس ‏بجيوب الناس، الذين يعانون أساساً من الضائقة الاقتصادية الكبرى في البلاد‎”.‎

ودعت المصادر “القواتية” إلى “استنفار حكومي ونيابي مواكبة للموازنة وتسريعاً ‏لتطبيق خطة الكهرباء وتحويل لبنان ورشة حقيقية، والاستفادة من فصل الصيف ‏بغية تحقيق افضل الأرقام السياحية بما ينشِّط الدورة المالية والاقتصادية ويعيد ‏الحيوية الى الحسم اللبناني‎”.‎

وشدّدت على “ضرورة الالتزام بسياسة “النأي بالنفس” في لحظة إقليمية ‏ساخنة، لأنّ لبنان بالكاد يقف على “صوص ونقطة” بفِعل أوضاعه الاقتصادية، ‏وبالتالي لا يتحمّل ضرب استقراره وإقحامه في نزاعات المحاور‎”.‎

لقاء مصارحة
الى ذلك، أعرب رئيس مجلس النواب نبيه بري عن ارتياحه الى أجواء اللقاء الذي ‏رعاه في عين التينة بعد ظهر أمس بين “حزب الله” والحزب “التقدمي الاشتراكي” ‏ووصَفه بـ”الجيّد”، حيث تخللته مصارحة وبعض العتاب بين الطرفين، فيما الامور ‏سائرة في نهاية الامر نحو الأحسن‎.‎

وكان هذا اللقاء جَمع، عن “الحزب التقدمي الإشتراكي” وزير الصناعة وائل أبو ‏فاعور والوزير والنائب السابق غازي العريضي، وعن “حزب الله” المعاون السياسي ‏للأمين العام للحزب الحاج حسين خليل ومسؤول وحدة الإرتباط والتنسيق الحاج ‏وفيق صفا، وعن حركة “أمل” وزير المال علي حسن خليل وأحمد بعلبكي‎.‎
وقد تركّز البحث على تذليل التوتر في العلاقة بين “حزب الله” والحزب “التقدمي ‏الاشتراكي”، والذي تفاقم في الآونة الأخيرة على أثر اعلان رئيس الحزب وليد ‏جنبلاط انّ مزارع شبعا سورية وليست لبنانية‎.‎

وبعد اللقاء أكّد الوزير خليل أنّ “مسألة مزارع شبعا محسومة، هي لبنانية وتمّ ‏التأكيد على ذلك في شكل واضح”. وقال: “كانت جلسة نقاش صريحة وواضحة ‏وتناولت كل القضايا بين وفدي الطرفين، واتُفق أن تستكمل هذه النقاشات بروح ‏إيجابية وصولاً إلى ما يطمح إليه جميع الأطراف‎”.‎

سمسار زحلة
على خط آخر، وضمن سلسلة التوقيفات التي تطاول تباعاً سماسرة مُشتبهاً بهم ‏مرتبطين بملف الفساد القضائي، أوقفت “شعبة المعلومات” أمس السمسار ‏القضائي أ. الدغيدي الذي تربطه علاقة متينة بعدد من القضاة، وكان مسرح ‏‏”عملياته” في مجال السمسرة يتركّز أساساً في منطقة زحلة. وقد أوقفته ‏‏”المعلومات” في منطقة البقاع، بعد تواريه طوال الفترة الماضية عن الأنظار‎.‎

وأتى توقيفه بعد يومين فقط من توقيف السمسار القضائي س.عكاري الذي غادر ‏لبنان الى دبي بالتزامن مع فتح ملف مكافحة الفساد في قصور العدل، ثم وقع في ‏قبضة “المعلومات”. مع العلم أنّ عودته، وفق المعطيات، سبقتها ضمانات ‏‏”سياسية” بالعودة الآمنة الى لبنان وبعدم ملاحقته‎

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *