الرئيسية / أخبار مميزة / النهار: الشارع وتماسك الحكومة في اختبار الموازنة
flag-big

النهار: الشارع وتماسك الحكومة في اختبار الموازنة

كتبت صحيفة “النهار ” تقول : فيما تنشد الأنظار من اليوم الى انطلاق استحقاق اقرار الموازنة باعتباره اختباراً بالغ الخطورة للحكومة لاثبات قدرتها ‏واهليتها لادارة احدى أخطر الحقب التي يمر بها لبنان على الصعيدين الاقتصادي والمالي وما يستتبعهما من تداعيات ‏اجتماعية بدا من المعطيات التي سبقت انعقاد الجلسة الاولى لمجلس الوزراء المخصصة، للموازنة ان استحقاق تماسك ‏الحكومة وتجنب السقوط في الانقسامات الحادة قد يوازي بجديته وخطورته القدرة على اقرار موازنة تقشفية تخط ‏مسار احتواء الازمة القائمة‎.‎

ذلك ان استحقاق التماسك الحكومي تمليه استعدادات العسكريين المتقاعدين للنزول الى الشارع والتي فاقت التوقعات ‏من الناحية التنظيمية والاتساع والتمدد في مناطق عدة كأنها اعدت منذ زمن وانتظرت الساعة الصفر، الامر الذي رسم ‏حيالها علامات استفهام كثيرة تجاوزت في بعض نواحيها الجانب التحذيري للحكومة من المس بالرواتب والمعاشات ‏التقاعدية للمتقاعدين العسكريين. وهذه التساؤلات ارتبطت بواقع كون بنود الموازنة لم تلحظ خفوضات في الرواتب ‏والمعاشات التقاعدية بل تضمنت توجهات ستكون تحت مقصلة المناقشات الماراتونية المتوقعة للوزراء في الجلسات ‏التي سيعقدها مجلس الوزراء ابتداء من اليوم والخميس المقبل ومن ثم تباعا الى ان يفرغ من درسها واخراجها بصيغتها ‏النهائية التي يفترض ان تمر بنفق التوافق السياسي الالزامي شبه الاجماعي‎.‎

ولذا لم يكن غريبا ان تستبق جلسة اليوم بطرح التساؤلات عما اذا كانت مكونات الحكومة واركان السلطة بدءا برئيس ‏الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الوزراء سعد الحريري سيكونون على مستوى الاختبار الاشد دقة وحرجاً ‏لتماسكهم في مواجهة متطلبات صعبة للغاية للموازنة التي يراد لها ان تشكل رسالة ايجابية الى الرأي العام المحلي ‏والخارجي وكذلك في مواجهة ضغوط قوية من فئات عدة من الموظفين والمتقاعدين وسواهم حيال رزمة خفوضات ‏ينبغي اقرارها كحد ادنى ملح لتجنب الانزلاقات الاضافية في التراجعات المالية والاقتصادية‎.‎
‎ ‎
ولعل ما لا بدّ من الاشارة اليه ان الاهتمام هذه المرة باستحقاق اقرار الموازنة بلغ ذروة دلالاته الخارجية والداخلية مع ‏انعقاد اجتماعين منفصلين أمس في اطار التحضير لبدء جلسات مناقشة الموازنة بين وزير المال علي حسن خليل وكل ‏من فريق البنك الدولي برئاسة المدير الإقليمي ساروج كومار جاه ومسؤولة مكتب صندوق النقد الدولي في لبنان نجلا ‏نخلة، تخللهما بحث في أمور الموازنة العامة بخطوطها العريضة والخطوات الإصلاحية التي تتضمنها والأرقام ‏المتوقعة استناداً إلى المعطيات القائمة. كما جرى نقاش وتبادل للآراء للمساعدة في بلورة مجموعة من الأفكار التي ‏توصل إلى موازنة متوازنة تتضمن خطوات إصلاحية عملية. وأوضحت وزارة المال أن وفد البنك الدولي وصندوق ‏النقد الدولي أثنى على هذه الخطوات التي تعكس شفافية ووضوحاً ومقاربة مسؤولة لهذا الملف الحساس‎.‎
‎ ‎
تقديرات وأرقام
وعشية انعقاد مجلس الوزراء لبدء النظر في موازنة متأخرة جداً عن استحقاقها الاساسي، يقول خبراء إنها تحمل رسالة ‏ايجابية الى الخارج الذي ينتظر من لبنان انتظاماً مالياً قائماً على إصلاحات كما تخفض العجز من 50،11 في المئة الى ‏ 8،8 في المئة، اَي7،2 في المئة عن العام الماضي، استناداً الى رقم تقديري وإيجابي، ولكن تبقى العبرة في التنفيذ. ‏ويعتقد الخبراء أنفسهم ان مجلس الوزراء سيعمل على خفض إضافي في نسبة العجز بحيث لا يتجاوز 8 في المئة، ‏خصوصا أن أربعة أبواب ترك له الحسم فيها، وهي التي تحتاج الى توافق أو شبه اجماع من كل القوى السياسية، ‏وأبرزها التجميد الموقت لشطر من الرواتب المتوسطة والعالية، مع التدابير الاستثنائية وأبرزها تدبير الحجز الرقم 3 ‏للاسلاك العسكرية، اضافة الى سنوات تقاعد العسكريين، وتخصيص سيارات وهواتف ومحروقات لغير الاستخدام ‏العسكري، والتي تحتاج الى اجراءات ومراسيم وقرارات كفيلة بتحديدها‎.‎

وقال هؤلاء الخبراء القريبون من دوائر القرار الحكومي، إن وزير المال ترك ايضاً لمجلس الوزراء معالجة عدد من ‏الأمور، من أهمها خطة لخدمة الدين. وهو لم يلحظ عدداً من الواردات مثل الأملاك البحرية لعدم الوقوع في تقديرات ‏لم تتحقق أو انها جاءت دون النسبة المتوقعة كالتي وضعت لتغطية نفقات سلسلة الرتب والرواتب. حتى ان خفض ‏مخصصات الرؤساء والوزراء والنواب بنسبة 50 في المئة، على رغم لحظه في المقترحات الواردة من وزارة المال، ‏لن يعتبر متفقاً عليه او محسوماً الا بعد عبوره مجلسيْ الوزراء والنواب‎.‎
‎ ‎
وعلمت “النهار” ان رئيس الجمهورية اعدٌ ورقة خصص لدرسها اجتماعات واستمر يضع اللمسات الاخيرة عليها حتى ‏مساء أمس، وهو سيطرحها اليوم في جلسة مجلس الوزراء، مبدياً فيها عدداً من الملاحظات على مشروع الموازنة ‏لوزير المال، مثل عدم لحظ الغرامات على اشغال الأملاك العامة البحرية والنهرية، الى واردات أخرى يمكن ان تتأمن ‏ولم يؤت على ذكرها، كما سيعرض اقتراحات وافكار لزيادة واردات الدولة ومعالجة الدين العام‎.‎
‎ ‎
وفيما يتوقع الخبراء ألا يشكل تطبيق التدبير الرقم 3 ‎مشكلة مع بدء قيادة الجيش وبإجراء داخلي تطبيقه على الألوية ‏والإفراج المنتشرة في الأماكن الحدودية أو تلك التي تعتبر ساخنة، ووقفه عن الإداريين، يبدو ان المشكلة المحتملة ‏ستنتج من اقتراح في المادة 60 يقضي بإلغاء كل المكافآت والأشهر فوق ال 13 شهراً، خصوصاً أن معظم العاملين في ‏الإدارات والمؤسسات العامة يرفضونه لما له من انعكاسات سلبية. ومعلوم ان مشروع موازنة 2019 يلحظ أكثر من ‏‏52 بندًا “إصلاحيًا” على ان تستمر الخفوضات المتوقعة لسنتي 2020 و2021، فيما أعطيتا مؤسسة كهرباء لبنان ‏سلفة خزينة طويلة الاجل بقيمة 1706 مليارات ليرة لتسديد عجز شراء المحروقات وتسديد فوائد وأقساط القروض ‏لحساب مؤسسة كهرباء لبنان‎.‎
‎ ‎
ومن هذه البنود‎ :‎
‎ ‎
‎- ‎خفض رواتب ومخصصات السلطات العامة بنسبة 50 في المئة‎.‎
‎ ‎
‎- ‎خفض رواتب الوزراء والنواب المتقاعدين‎.‎
‎ ‎
‎- ‎الغاء التقاعد المبكر (قبل بلوغ السن القانونية) لمدة 3 سنوات على أن يحسب جزء من تعويضات نهاية الخدمة ‏والمعاش القاعدي للأفراد الذين يصرون على التقاعد المبكر‎.‎
‎ ‎
‎- ‎لا زيادة على سعر صفيحة البنزين‎.‎
‎ ‎
‎- ‎تحديد سقف لا يتجاوز ضعفي الحد الأدنى للأجور للمبالغ التي يتقاضاها القضاة كبدلات أتعاب عن الخدمات التي ‏يقدمونها للإدارات العامة كاستشارات‎.‎
‎ ‎
‎- ‎وقف العمل بتوزيع أنصبة الارباح والرواتب الاضافية‎.‎
‎ ‎
‎- ‎تحديد سقف لمجموع التعويضات وملحقات الراتب بما لا يتجاوز الراتب الأساسي الذي يحصل عليه الفرد‎.‎
‎ ‎
‎- ‎خفض الإجازة السنوية من 20 يوماً إلى 15 يوماً‎.‎
‎ ‎
‎- ‎وقف كل انواع التوظيف والتعاقد في الادارة العامة والمؤسسات العسكرية وتجميد التطويع لمدة 3 سنوات (باستثناء ‏الفئة الأولى ومجالس إدارات) على أن يعاد العمل بالتوظيف بعد 3 سنوات بمعدل نصف عدد المتقاعدين كحد أقصى‎.‎
‎ ‎
‎- ‎حسم 3% من رواتب ومعاشات المتقاعدين العسكريين بدل الاستفادة من الطبابة والاستشفاء والمساعدات ‏الاجتماعية‎.‎
‎ ‎
‎- ‎رفع الضريبة على فوائد الودائع المصرفية وفوائد شهادات الايداع وفوائد وواردات سندات الخزينة بالليرة اللبنانية ‏من 7% إلى 10‏‎%‎
‎ ‎
‎- ‎لا زيادة على الضريبة على القيمة المضافة ( ص 2،4‏‎ ).‎
‎ ‎
‎”‎القوات” متحفظة
على صعيد المواقف السياسية، برز عشية الجلسة موقف لرئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع الذي أبدى “بالغ ‏اسفه لكون مشروع الموازنة جاء مخيباً للآمال ولا يرتقي الى مستوى المعالجة الواجبة في مواجهة ازمة اقتصادية ‏مالية خطيرة كتلك التي تعصف بالبلاد راهناً، لا بل تقتصر المعالجات الواردة في متنه على اجراءات عادية لا يمكن ‏ان توفر الحل المنشود‎”.‎

واستغرب جعجع “كيف ان الابواب الاساسية الكثيرة التي من شأنها ان تدرّ الاموال لخزينة الدولة وتضع الامور على ‏سكة المعالجة الجدية، والتي يدركها أبسط مواطن في لبنان، أغفلها مشروع الموازنة ولم يأتِ حتى على ذكرها لا من ‏قريب ولا من بعيد. فباستثناء خطة الكهرباء التي أقرها مجلس الوزراء، وبات يمكن وصفها بالجيدة بعد التعديلات التي ‏ادخلت اليها، على امل استكمال تنفيذها بالسرعة اللازمة، ثمة معالجات بديهية غابت بالكامل” عدد الكثير منها. ‏وأضاف “أن وزراء القوات سيقاربون مشروع الموازنة من هذا المنظار غداً، فالامال المعقودة على الموازنة محلياً ‏وخارجياً لسد مزاريب الهدر وانعاش المالية العامة للدولة وخفض العجز لا يمكن ان يحققها مشروع على غرار ‏الموجود أمامنا اليوم والذي يمكن القول إنه لا يحقق نتيجة الا بنسبة 10 في المئة كحد أقصى‎”.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *