الرئيسية / سياسة / النهار: تشريع الإنفاق لمليارات إضافية خارج الموازنة!
flag-big

النهار: تشريع الإنفاق لمليارات إضافية خارج الموازنة!

كتبت صحيفة “النهار” تقول: يبدو واضحا ان لبنان لا يزال يأكل من رصيد التفهم الدولي لاوضاعه الاقتصادية والمالية المتدهورة الموروثة والمتراكمة منذ عقود والّا لما كانت الدول المانحة ضمن مؤتمر “سيدر” تتفهم مثلا كيف يمكن المضي في التشريع لانفاق مزيد من مليارات الدولارات في جلسة مجلس النواب أمس، فيما تتصاعد الدعوات المتشددة الى لملمة العجز وخفضه وتصدير صورة مسؤولة عن الالتزامات الاصلاحية نحو المجتمع الدولي؟

وقبل التطرق الى المشهد النيابي والحكومي، لا بد من التوقف عند التساؤلات الواسعة التي اثيرت أمس حول عدم حصول لقاء بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ومساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الادنى ديفيد ساترفيلد خلال زيارته التي استمرت يومين لبيروت. وتناقضت التفسيرات لهذا الأمر بما زاد “الشبهة” حول العلاقة الباردة بين الرئيس عون والادارة الاميركية وبعض رموزها الديبلوماسيين، الامر الذي سيزيد شد الانظار الى الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو لبيروت الاسبوع المقبل. ورداً على سؤال لـ”النهار” عن عدم حصول لقاء بين الرئيس عون وساترفيلد قال مصدر في السفارة الاميركية إن “زيارة ساترفيلد كانت قصيرة لكنه عقد لقاءات مثمرة مع رئيس الوزراء ووزير الخارجية “. أما الاوساط القريبة من بعبدا فاكتفت بالتلميح الى ان ساترفيلد لم يطلب موعدا.

وبالعودة الى المشهد الداخلي، برز الواقع المالي القسري الذي تمليه الحاجات المالية الضاغطة التي تفرض قوننة الانفاق خارج اطار الموازنة التي تنتظر الاقرار واعادة النظر في هيكليتها لآجال اضافية، في اليوم الاول من الجلسة التشريعية لمجلس النواب التي كانت الخلاصة الضخمة لنتائجها أن أوجز للحكومة الاستدانة بالعملات الاجنبية والاستمرار في الصرف على القاعدة الاثني العشرية الى حين اقرار الموازنة واقرار سلفة كبيرة ولو بعد خفض القيمة الاساسية التي كانت ملحوظة لمؤسسة كهرباء لبنان. كما ان مزيدا من الشكوك ارتسمت حول الواقع المالي مع السابقة التي سجلها المدير العام لوزارة المال آلان بيفاني بعقده مؤتمراً صحافياً فجر فيه مزيدا من الفضائح المتصلة بالواقع المالي وتحدث عن “ارتكابات وتلاعب بحسابات المالية العامة وتزوير مستندات في حقب سابقة تعود الى التسعينات”، مؤكداً وجود “تدخلات سياسية وهدر للمال العام وهبات صرفت بلا حسيب أو رقيب ومخالفات جمّة للقوانين”.

مجلس محاكمة الرؤساء
لكن اختراقين سُجلا في الجلسة التشريعية في ملف محاربة الفساد: انتخاب النواب الاعضاء في المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وطلب رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل تشكيل لجنة تحقيق برلمانية في التوظيف المخالف في القطاع العام.

وحاول رئيس مجلس النواب نبيه بري تأمين هيكلية المجلس الاعلى لانتخاب الرؤساء والوزراء بالتوافق، بدل الانتخاب، معدداً أسماء النواب من مختلف الكتل النيابية. إلا ان النواب، ومع اعلان النائبة بولا يعقوبيان نيتها الترشح، فضّلوا الخضوع للتصويت. وانتخب الاعضاء في المجلس الاعلى، وفاز النواب الاصيلون جورج عقيص وعلي عمار وفيصل الصايغ وجورج عطاالله وسمير الجسر والياس حنكش وأغوب بقرادونيان. ونتيجة فرز الاصوات، استطاع حنكش ان يخترق، لكنه لم يتمكن هو والنائب البر منصور من الحصول على الاكثرية المطلقة من الاصوات، فقرّر بري اعادة الانتخاب. عندها، انسحبت يعقوبيان وتلاها النائب علي درويش ومنصور. وهكذا، عبر حنكش الى المجلس الاعلى بــ63 صوتاً. أما النواب الثلاثة الاحتياطيون، ففازوا بالتزكية، وهم علي عسيران ورلى الطبش وسليم عون. وفي معلومات لـ”النهار” ان وزير العدل ألبرت سرحان إلتقى في فترة الاستراحة لجلسة مجلس النواب رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي جان فهد في شأن طلب رئيس مجلس النواب من القضاء إعادة النظر في تعيين قضاة المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء لعدم دستوريتها.

وأوضحت هذه المعلومات ان إتصالاً اجراه القاضي فهد بالرئيس بري سبق لقاءه ووزير العدل وشرح خلاله فهد الاصول المتبعة في تعيين قضاة المجلس الاعلى من الهيئة العامة لمحكمة التمييز منذ عام ????. وإتفق على ان ينقل وزير العدل كتابا يتضمن شرحاً قانونياً عن الاصول المتبعة لهذا التعيين وهذا ما حصل اذ سلّم هذا الكتاب الى الوزير سرحان الذي التقى رئيس المجلس في فترة الجلسة المسائية.

وقالت مصادر “القوات اللبنانية” لـ”النهار” إن ما حصل أمس في انتخاب الاعضاء النواب في المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء أثبت بما لا يقبل الشك ان مجلس النواب ليس مجلس “حزب الله”، كما ان الحكومة ليست بطبيعة الحال حكومة الحزب. ولاحظت انه في واقعة جديدة تضاف إلى وقائع أخرى كثيرة وضع الرئيس نبيه بري و”حزب الله” كل جهدهما لانتخاب النائب البر منصور ضمن المجلس المشار اليه، وأصرا على موقفهما على رغم كل الاتصالات والمحاولات التي جرت معهما.

وأضافت المصادر أن “القوات اللبنانية” قامت بمسعى مع الكتل النيابية يرتكز على انتخاب النائب الياس حنكش بدلا من منصور، فوافق قسم كبير من تكتل “لبنان القوي” و”المستقبل” واللقاء الديموقراطي والرئيس نجيب ميقاتي وبعض المستقلين وبطبيعة الحال “القوات” و”الكتائب”، الأمر الذي أدى إلى رجحان كفة انتخاب حنكش ودفع منصور إلى الانسحاب.

وأكدت ان ما حصل يثبت مجدداً أن كل ما يقال من ان “حزب الله” يملك الأكثرية غير صحيح، وتالياً من غير الجائز إطلاق توصيفات في غير محلها، فيما التصويت يحصل تبعاً للمواضيع المطروحة، ولا يجوز الكلام عن أكثرية تتحكم بالمسار العام في البلاد.

باريس و”سيدر”
ووسط هذه الاجواء نقل مراسل “النهار” في باريس سمير تويني امس عن مصدر مقرب من وزير الخارجية الفرنسي جان – ايف لودريان ان “فرنسا حريصة على اعادة اطلاق مقررات مؤتمر “سيدر” كي تنفذ الدول التزاماتها” التي أقرت خلال هذا المؤتمر. واوضح المصدران وزير الخارجية الفرنسي سيقوم بزيارة للبنان خلال جولة على دول شرق اوسطية الربيع المقبل، غير انه لم “يحدّد موعد لهذه الزيارة”.

ولاحظ “ان تنفيذ مقررات سيدر يواجهه فقط مشاكل سياسية قابلة للحل”. وأفاد ان السلطات اللبنانية تريد تحويل القروض الميسرة الى هبات، محذراً من انه “يعود الى السلطات اللبنانية الافادة من القروض الميسرة الموضوعة في تصرف الحكومة اللبنانية وتنفيذ مشاريع انمائية تم التوافق عليها خلال المؤتمر بسرعة خشية ان يخسر لبنان هذه الالتزامات”. كذلك حذّر من ان “اعادة التفاوض على مقررات سيدر مع الدول المانحة سيؤدي الى فقدان المكتسبات التي حصل عليها لبنان خلال المؤتمر” بل شدد أهمية العمل على تنفيذ هذه المقررات من دون العودة الى التفاوض. ”

اما في شان النازحين السوريين، فقال المصدر “إن باريس تتفهم القلق اللبناني ولكن لا يمكن عودتهم إلّا في اطار انساني وحصولهم من السلطات السورية على الضمانات الضرورية التي تخولهم العودة.” ورأى أن المشروع الروسي لعودة اللاجئين “لم يتقدم لانه مرتبط بالحل النهائي للنزاع.”

واكد المصدر ان “فرنسا تتابع عن كثب الوضع اللبناني وهي تحث ايران على المحافظة على استقرار لبنان وسيادته كما انها تدعو السعودية الى لعب دورها كاملا فيه.”

وأعلن المصدر ان رئيس الوزراء سعد الحريري سيقوم بزيارة لباريس الاسبوع المقبل كما سيصل الى العاصمة الفرنسية مساء اليوم على الارجح رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، في زيارتين خاصتين.

هولاند في بيروت
ويشار في هذا السياق الى ان جنبلاط يقيم ظهر اليوم استقبالاً تكريمياً حاشداً للرئيس الفرنسي السابق فرنسوا هولاند في المختارة حيث دعي جمع كبير الى اللقاء الذي يليه غداء. وكان هولاند وصل بعد ظهر امس الى بيروت وحل ضيفاً على طلاب قسم التاريخ والعلاقات الدولية في جامعة القديس يوسف والقى محاضرة وخاض نقاشا معهم. وفي حديث الى “النهار” على هامش المناسبة أبدى هولاند اعجابه بالنموذج اللبناني “حيث تتعايش طوائف مختلفة على رغم الاختلافات، وقد تمكن من الحفاظ على وحدته فيما كانت المنطقة كلها ملتهبة”. ولكن لم يفته توجيه رسائل مبطنة الى المسؤولين اللبنانيين، مذكراً إياهم بلباقة كبيرة بالتزاماتهم حيال مؤتمر “سيدر” الذي اضطلعت بلاده بدور محوري فيه.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *