الرئيسية / أخبار مميزة / الراعي في رسالة الصوم: لنعش زمن الصوم بالصيام والصلاة والصدقة ونسأل الله لاوطاننا الاستقرار والسلام
الراعي2

الراعي في رسالة الصوم: لنعش زمن الصوم بالصيام والصلاة والصدقة ونسأل الله لاوطاننا الاستقرار والسلام

وجه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي رسالة الصوم التاسعة بعنوان “مشاركة في سر برية يسوع”، جاء فيها:

1 – ربنا يسوع، حالا بعد معموديته في نهر الأردن واعتلان بنوته الإلهية، “قاده الروح إلى البرية، فصام أربعين يوما وأربعين ليلة حتى جاع” . وذلك استعدادا ليبدأ رسالته الخلاصية. هناك جربه إبليس ثلاثا بشهوات الحياة الثلاث، فانتصر عليها بقوة أمانته لكلام الله . في البرية، صلى يسوع وصام واستعد ليحمل للناس عطايا رحمته ومحبته. فلما عاد إلى الجليل، دخل المجمع في السبت، وقرأ على الشعب نبوءة أشعيا التي تحققت فيه: “روح الرب علي مسحني وأرسلي لأبشر المساكين، وأنادي للأسرى بالحرية، وللعميان بعودة البصر إليهم، ولأحرر المظلومين” . وهكذا، أصبح الصوم الكبير الأربعيني مشاركة في سر برية يسوع، القائمة على ركائز ثلاث: الصلاة والصوم والصدقة. ويدعوها بولس الرسول “الزمن المقبول ويوم الخلاص” . نتناول في هذه الرسالة لاهوت البرية، والزمن المقبول، وتوجيهات راعوية.

أولا: لاهوت البرية
2 – في جنة عدن أسكن الله الإنسان الأول، آدم وحواء امرأته. وكانت الجنة غناء بأشجارها الحسنة وثمارها، وبأنهرها الأربعة التي تسقيها . ولكن، بخطيئة هذا الإنسان الأول، تحولت الجنة إلى “أرض ملعونة تقتضي كد الإنسان وتعبه، وتنبت له شوكا وعوسجا، وهو يأكل خبزه بعرق جبينه” .

3 – لكن سر برية يسوع، هو أنه جاء يحول برية هذا العالم إلى ملكوت الله، “ملكوت الحقيقة والحياة، ملكوت القداسة والنعمة، ملكوت العدالة والمحبة والسلام” . وهو ملكوت يناقض برية الكذب والموت والنجاسة والخطيئة والظلم والبغض والنزاع. ولقد حولها بقوة اتحاده بالآب والطاعة لكلامه، وبانتصاره على تجارب إبليس، وبصومه الدال على تجرده وتواضعه، مستبقا به سر آلامه وموته لفداء الجنس البشري.
وعندما أرسل تلاميذه الإثني عشر بعد اختيارهم، قال لهم: “بشروا في الطريق أن ملكوت السماوات اقترب: إشفوا المرضى، أقيموا الموتى، طهِروا البرص، واطردوا الشياطين” .

4 – كذلك يوحنا المعمدان، وقد امتلأ من الروح القدس، وهو جنين في حشا أمه، جاء يبشر في برية اليهودية ويقول: “توبوا! ملكوت الله اقترب”. وعنه تنبأ أشعيا أنه “صوت صارخ: في البرية – برية الإنسان والمجتمع- قوِموا طريق الرب، واجعلوا سبله مستقيمة. كل واد يمتلئ، وكل جبل وتل ينخفض، والطرق المعوجة تستقيم، والوعرة تصير سهلا، فيرى كل بشر خلاص الله” .

هذا الكلام النبوي مجازي إذ يدعو كل إنسان إلى تهيئة قلبه لله، ويجعل مسلكه مستقيما. فيدعو الوضيع إلى الارتفاع، والمتكبر إلى التواضع، والغرقان في شؤون الدنيا إلى التحرر. إنه بذلك ينال خلاص الله. في الواقع، لما جاءت الجماهير النادمة تسأل يوحنا عما يجب فعله، كانت أجوبته للجموع: “من كان له ثوبان، فليعطِ من ليس له؛ ومن كان له طعام فليتقاسمه مع الآخرين؛ ولجباة الضرائب: لا تجمعوا أكثر مما فرِض لكم، وللجنود: لا تظلموا أحدا، ولا تشوا بأحد، واقنعوا بأجوركم” .

5 – يتضح من كل ذلك أن سر الدخول في برية يسوع يعني التغيير في مجرى حياتنا بروح الندامة ونعمة غفران الله. فالبرية بمفهومها المجازي هي برية الإنسان الداخلية بما فيها من نقائص وخطايا وعادات رديئة وأميال منحرفة، وكبرياء وأنانية وبغض وحقد وأفكار سوء. هذه قال عنها يسوع أنها تنجس باطن الإنسان، لا ما يدخل فمه .
والبرية بمعنى مجازي آخر تعني الدخول إلى عمق الذات، بوقفة وجدانية أمام الله وصوت الضمير والكلام الإلهي، من أجل اكتشاف الملتوي والعمل على تقويمه.

ثانيا: الزمن المقبول
6 – “الزمن المقبول الذي نرى فيه خلاص الله” هو بامتياز زمن الصوم الكبير القائم على الصدقة والصلاة والصوم. وقد جعلها الرب يسوع جزءا من عظة الجبل، المعروفة بدستور الحياة المسيحية، مع التركيز على الروح التي تسود ممارستها. فالصدقة لا تكون تبجحا والتماسا لمديح الناس ومكافأتهم، بل بالصمت والخفاء “وأبوك الذي يرى في الخفية يجازيك”. والصلاة لا تكون للظهور أمام الناس، بل بينك وبين الله الذي لا تراه عين “وأبوك الذي يرى في الخفية يجازيك”. ولا تكون بترداد الكلام كالوثنيِين بحيث أنهم لا يوجهونها إلى شخص حي بل إلى مجهول أصم. أما أنتم فصلوا إلى أبيكم الذي في السماء، الذي يعرف ما تحتاجون إليه قبل أن تسألوه. والصوم ولا يكون بوجه عابس كالح إظهارا للناس، بل أنت، إذا صمت، إغسل وجهك وادهن رأسك حتى لا يظهر للناس أنك صائم “وأبوك الذي يرى في الخفية يجازيك”.

بهذه الثلاثة، ننمو كأبناء وبنات ملكوت الله، وهو نمو متواصل كل يوم، ويقتضي تغييرا مستداما. ليس صدفة أن زمن الصوم الكبير يلامس جزءا من فصل الشتاء وجزءا آخر من فصل الربيع. فالأول هو في الطبيعة فصل تعريها، وفي الإنسان فصل تجرده من ذاته وأنانيته وعتيقه بوعي خطاياه والنواقص والإقرار عنها بالندامة، والثاني هو في الطبيعة فصل بروز براعم الحياة وجمال الزهور الواعدة، وفي الإنسان هو قيامته لحياة جديدة بقوة نعمة المصالحة والمقاصد الشخصية الإرادية.

7 – زمن الصوم الكبير هو زمن الانتصار على تجارب الشيطان وقد اختصرها يوحنا الرسول بشهوات العالم الثلاث: “شهوة الجسد، وشهوة العين، وكبرياء الحياة” . إن الشيطان بحيله وهو “أبو الكذب” (يو 8: 44) كما سماه يسوع، جرب الرب بهذه الثلاث من بعد أربعين يوما وليلة من الصلاة والصوم، وقد أنهكه الجوع.
جربه أولا بتحويل الحجر إلى خبز فيأكل، لأنه ابن الله. إنها “شهوة الجسد” الذي يجعل الإنسان أسير حاجاته المادية. أما يسوع فانتصر على التجربة بتحرره منها وارتباطه بالله الذي يسد كل حاجة. فأجاب بالكلام الإلهي “ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل كلمة تخرج من فم الله”.

وجربه ثانيا بالخضوع له و”عبادته” فيعطيه كل ممالك الدنيا التي جميعها في حوزته، وقد سماه يسوع “سيد هذا العالم” (يو 14: 30). إنها “شهوة العين” لكن يسوع الذي سبق و”أخلى ذاته، ولم يحسب ألوهته غنيمة” (في 2: 7) وأتى خاضعا تماما لإرادة الآب الخلاصية، وانتصر على التجربة بالكلام الإلهي: “للرب وحده تسجد، وإياه وحده تعبد”. والرب نفسه سيقول: “لا يمكنكم أن تعبدوا ربين: الله والمال…” (متى 6: 24). فليتشجع أولئك المجربون بعبادة الناس والمال، وليتحرروا من أجل كرامتهم وضميرهم.

وجربه ثالثا بإظهار عظمته إذ يرمي بذاته من على جناح الهيكل إلى الأسفل، لأن ملائكة الله سيحملونه لئلا يصطدم بحجر، كما هو مكتوب. إنها “كبرياء الحياة”. لكن الرب الذي أخفى لاهوته في ضعف ناسوته أجاب بكلام آخر من الكتاب: “لا تجرب الرب إلهك”.

8 – زمن الصوم الكبير هو زمن التغيير في العلاقات:
تغيير في العلاقة مع الذات بالصيام والإماتة كوسائل لترويض الإرادة والحواس. وتغيير في العلاقة مع الله بالصلاة والتوبة وتصحيح مجرى حياتنا، وعيش بنوتنا لله وحفظ كرامتها. وتغيير في العلاقة مع الناس بالتصدق وأعمال المحبة والرحمة تجاه الإخوة والأخوات في حاجاتهم، وبالمصالحة وطي صفحة الماضي مع من نحن على خلاف ونزاع معهم. ولنسع إلى إجراء المصالحات في العائلات والمجتمع. إننا بذلك نرمم الأخوة الشاملة.

جميع أناجيل آحاد زمن الصوم الكبير تنقل إلينا آيات التغيير في الأشياء والأشخاص الذي أجراه الرب يسوع. الماء يحوله خمرا فائق الجودة في عرس قانا الجليل؛ الأبرص يطهره؛ النازفة منذ اثنتي عشرة سنة يوقف نزيفها؛ المخلع يحييه من شلله؛ والأعمى يفتح له عينيه. كلها آيات علامات لتغيير أساسي هو تغيير الإنسان الخاطي المعبر عنه في مثل الابن الضال، الذي بعد ندامته وتوبته وعودته والإقرار بخطيئته عند أبيه، صالحه أبوه وقال عنه “كان ميتا فعاش وضالا فوجد”. وكان الفرح والعيد.

في ختام الصوم الأربعيني ندخل أسبوع فصح المسيح، وهو سر موته وقيامته الذي يصبح سر فصحنا نحن، إذ نموت عن عتيقنا ونقوم لحياة جديدة بنعمة سري المصالحة والقربان.

ثالثا: توجيهات راعوية
9 – كتب قداسة البابا فرنسيس في رسالة الصوم لهذه السنة أن “زمن الصوم الكبير هو علامة الارتداد إلى الله بالتوبة والغفران. والصوم يدعو المسيحيين إلى تجسيد السر الفصحي واقعيا وعمليا في حياتهم الشخصية والعائلية والاجتماعية، وبخاصة بواسطة الصيام والصلاة والصدقة (عدد 3). هذه الثلاثة تشكل وحدة مترابطة ومتكاملة تصدر كلها من محبتنا لله.

1 – الصوم الكبير والقطاعة والصوم القرباني
10. بالصوم، وما يتصل به من قطاعة عن أكل اللحم والبياض، ومن إماتات، نكفر عما ارتكبنا من خطايا وزلات ونقائص وإهمال لواجب، ونتشبه بصوم يسوع ونشترك في آلامه من أجل فداء العالم، ونكتسب مناعة للإرادة والسيطرة على الذات؛ وننتصر على تجارب الشيطان وشهوات العالم.

يدوم الصوم الكبير سبعة أسابيع، استعدادا لعيد الفصح. يبدأ في اثنين الرماد، وينتهي يوم سبت النور ظهرا. ويقوم على الامتناع عن الطعام من منتصف الليل حتى الساعة الثانية عشرة ظهرا، وعلى القطاعة عن اللحوم والبياض (الحليب ومشتقاته والبيض).
يفسح من الصوم والقطاعة أيام السبوت والآحاد والأعياد التالية: الأربعين شهيدا (9آذار)، مار يوسف (19 آذار)، بشارة العذراء (25 آذار) وشفيع الرعية. أما طيلة أسبوع الآلام من الاثنين إلى سبت النور فيبقى الصوم والقطاعة إلزاميين.

يعفى من الصوم والقطاعة على وجه عام المرضى والعجزة الذين يفرض عليهم واقعهم الصحي تناول الطعام ليتقووا وخصوصا أولئك الذين يتناولون الأدوية المرتبطة بأمراضهم المزمنة والذين هم في أوضاع صحية خاصة ودقيقة، بالإضافة إلى المرضى الذين يخضعون للاستشفاء المؤقت أو الدوري. ومعلوم أن الأولاد يبدأون الصوم في السنة التي تلي قربانتهم الأولى، مع اعتبار أوضاعهم في أيام الدراسة.

هؤلاء المعفيون من شريعة الصوم والقطاعة مدعوون للاكتفاء بفطور قليل كاف لتناول الدواء. ونظرا لمقتضيات الحياة وتخفيفا عن كاهل المؤمنين والمؤمنات، تبقى شريعة القطاعة إلزامية، في الأسبوع الأول من الصوم الكبير، وفي أسبوع الآلام، على أن يعوض من لا يستطيع الالتزام بالقطاعة بأعمال خير ورحمة.

11 – وتمارس الكنيسة القطاعة في مناسبات أخرى، وقد حصرنا كلا منها بأسبوع بما لنا من سلطان. وهي الآتية:
قطاعة الرسولين بطرس وبولس والرسل الاثني عشر (من 21 إلى 28 حزيران)، وقطاعة انتقال السيدة العذراء (من 7 إلى 14 آب) ، وقطاعة الميلاد (من 17 إلى 24 كانون الأول).
أما قطاعة يوم الجمعة فتبقى على مدار السنة. يستثنى منها يوم جمعة أسبوع المرفع، وأيام الجمعة الواقعة بين عيدي الفصح والعنصرة، وبين عيدي الميلاد والدنح. وتستثنى أيام الجمعة التي تقع فيها الأعياد التالية: ختانة الطفل يسوع (أول كانون الثاني)، عيد مار أنطونيوس الكبير (17 كانون الثاني)، دخول المسيح إلى الهيكل (2 شباط)، عيد مار مارون (9 شباط)، عيد مار يوحنا مارون (2 آذار)، عيد الأربعين شهيدا (9 أذار) عيد مار يوسف (19 آذار)، عيد بشارة العذراء (25 آذار)، عيد القديسين الرسولين بطرس وبولس (29 حزيران)، عيد الرسل الإثني عشر(30 حزيران)، عيد التجلي (6 آب)، عيد إنتقال العذراء (15 آب)، عيد قطع رأس يوحنا المعمدان (29 آب)، عيد ميلاد العذراء (8 أيلول) عيد إرتفاع الصليب المقدس (14 أيلول)، عيد الحبل بسيدتنا مريم العذراء بلا دنس (8 كانون الأول)، عيد ميلاد الرب يسوع (25 كانون الأول)، عيد شفيع الرعية، عيد قلب يسوع.

12 – ويبقى التذكير بالصوم القرباني، وهو الإنقطاع عن الطعام إستعدادا لتناول القربان الأقدس خلال الذبيحة الإلهية، أقله ساعة قبل بدء القداس الإلهي. هذا بالإضافة إلى المحافظة على حالة النعمة والحشمة في اللباس والخشوع، واستحضار المسيح الرب الحاضر تحت شكلي الخبز والخمر.

2 – الصلاة والتوبة والرياضات الروحية
13 – زمن الصوم الكبير كمشاركة في سر برية يسوع، هو زمن قوي من السنة الطقسية، لأنه زمن العودة إلى الله بالصلاة الفردية والجماعية، في العائلة والرعية وعبر زيارات تقوية موجهة روحيا. والعودة إليه بالتوبة عبر سر المصالحة. فنطلب من كهنة الرعايا تنظيم أوقات إضافية والاستعانة بكهنة آخرين، لسماع اعتراف المؤمنين والمؤمنات، لكي يتمكن جميع أبناء رعاياهم وبناتها من الاحتفال بفصحيتهم.

وبما أن “المشاركة في سر برية يسوع” هي الخروج من ضجيج العالم وهموم الحياة اليومية، ينبغي إعطاء بعض الوقت لسماع كلام الله سواء بالقراءة والتامل الشخصي، أم بمتابعة البرامج الروحية التي تقدمها وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي.

أما الوسيلة الفضلى لعيش العودة إلى الله فهي الرياضات الروحية في الرعايا. إننا نشدد على واجب المحافظة على هذا التقليد الروحي وتعزيزه. فلا تقتصر الرياضة الروحية في زمن الصوم الكبير على عظة يوم الجمعة، ولا على يومين أو ثلاثة في الأسبوع. فالرياضة الأسبوعية تملأ من كلام الله المؤمنين الصائمين عن الخبز، وتوفر لهم إمكانية الاعتراف بخطاياهم بندامة واعية، ونيل الغفران من رحمة الله والمصالحة معه. إنهم ببمارسة سر التوبة ينالون النعمة التي تقدسهم وتعطيهم مناعة على مقاومة تجارب الشيطان، وقوة للانتصار. هذا الواجب يثقل ضمائرنا الكهنوتية.

3 – الصدقة وأعمال المحبة والرحمة
14 – بالصدقة، عبر أفعال المحبة والرحمة تجاه الإخوة المعوزين، نعبر عن صدق محبتنا لله التي نجاهر بها قولا، على ما جاء في رسالة يوحنا الرسول: “من كانت له خيرات العالم، ورأى أخاه محتاجا فأغلق قلبه عنه، فكيف تثبت محبة الله فيه؟ لا تكن محبتنا بالكلام أو باللسان بل بالعمل والحق” (1يو3: 17-18).

الصيام يساعدنا على الصدقة، لأنه يفتح قلبنا على من هم في العوز والحاجة، ويستحثنا على التشبه بالسامري الصالح الذي انحنى لمساعدة أخيه المتألم.

15 – لذا، ندعو إلى تنظيم خدمة المحبة والرحمة في الرعايا والأبرشيات. ولأن فضيلة التضامن الإنساني تقتضي منا جميعا مساعدة إخوتنا وأخواتنا في حاجاتهم، فإنا ندعو للمشاركة التضامنية في حملة كاريتاس لبنان السنوية (2 آذار-29 نيسان) عملا بقرار مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك الذي أقر إجراء هذه الحملة خلال الصوم الكبير، بحيث يقوم بها مندوبو كاريتاس في الرعايا وأمام الكنائس، وفي المدارس والجامعات والمؤسسات والبلديات، وعلى الطرقات. إنها مناسبة لكي يستطيع كل واحد منا، بحسب إمكانيته وما يجود به قلبه، تلبية دعوة الرب يسوع: “كنت جائعا فأطعمتموني، وعطشانا فسقيتموني، وعريانا فكسوتموني، وغريبا فآويتموني، ومريضا فزرتموني، ومسجونا فعدتموني” (متى 25: 35-36).

وإنا نعبر عن تقديرنا لكل مبادرات المحبة الفردية والجماعية، ولاسيما تلك التي تقوم بها المدارس والأخويات والمنظمات الرسولية وسواها. فالله الذي يرى كل هذا هو يعرف كيف يكافئ بفيض من نعمه وعطاياه.

الخاتمة
16 – في ختام هذه الرسالة، أرفع معكم الصلاة إلى الله، بشفاعة أمنا وسيدتنا مريم العذراء، وأبينا القديس مارون، كي يجعل من هذا الصوم المقدس زمنا مقبولا لديه، إذ نعيشه بمكوناته الثلاثة: الصيام والصلاة والصدقة. ونسأله تعالى نعمة العبور، مع فصح المسيح، إلى حياة جديدة نجدد بها علاقاتنا مع الله وذواتنا ومع إخوتتنا وأخواتنا المحتاجين وجميع الناس. هذا ما نسأله أيضا لأوطاننا: للبنان وبلدان الشرق الأوسط لينعموا بالاستقرار والسلام، ولبلدان الانتشار لتستمر في تقدمها وازدهارها. مع محبتي وصلاتي وبركتي الرسولية”.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *