الرئيسية / أخبار مميزة / النهار : العهد “ينأى بنفسه” عن استفزاز هدّد القمة
قصر

النهار : العهد “ينأى بنفسه” عن استفزاز هدّد القمة

كتبت صحيفة “النهار ” تقول : ‎كأن “جموع ” المسؤولين والمعنيين والمنخرطين والمتورطين في مأزق تأليف الحكومة العالق منذ أكثر من ثمانية ‏أشهر كانوا يتوسلون ذريعة اضافية لتبرير الانسداد المتفاقم في الازمة الحكومية، فجاءتهم مع “نورما” العاصفة ‏الثلجية المطرية الهوجاء التي تضرب لبنان منذ يومين وستستمر اليوم وغداً أيضاً. جمود الحركة السياسية لا ‏يضاهيه الا صقيع العاصفة الثلجية التي افتقدها لبنان منذ زمن غير قصير، فلما جاءت بخيراتها ونعمها تحولت ‏على ارضه وفي معظم مناطقه الى نقمة لفرط ما احدثت من اضرار بفعل اهتراء البنى التحتية وتآكلها وهو الامر ‏الذي يكرس واقع لبنان دولة في مصاف الدول غير المؤهلة لمعالجة مشكلاتها الطبيعية كما الكوارث البيئية التي ‏تعانيها. واذ اتسعت اضرار العاصفة وسجلت من خلالها انهيارات في الطرق الجبلية وسيول غمرت الكثير من ‏المناطق فضلا عن تشققات حصلت في بعض السدود المائية وانقطاعات واسعة في التيار الكهربائي والمياه يتوقع ‏ان تشتد العاصفة اليوم وسط مخاوف من مزيد من الاضرار، علما ان الشلل سيعم لبنان مع تعطيل المدراس وتمديد ‏العطلة قسراً‎.‎
‎ ‎
الجمود السياسي
وسط هذه الاجواء الباردة وموجات الصقيع التي سجلت في المرتفعات والمناطق الجبلية، ازدادت برودة الحركة ‏السياسية التي بلغت حدود الشلل الكامل منذ نهاية الاسبوع الماضي منذرة بتفاقم دوامة التعطيل من جهة والعجز ‏من جهة اخرى التي تحكم ازمة تأليف الحكومة. وبدا لافتاً في هذا السياق تناوب بعض القوى والشخصيات على ‏شن حملات تحمل الرئيس المكلف سعد الحريري تبعة التمادي في تأخير تأليف الحكومة لصرف الانظار عن ‏الجهات الحقيقية التي تعرقل وتعطل أي انفراج محتمل في الازمة بما يعني ان قرار التعطيل ثابت ضمنا لدى هذه ‏القوى ولا يبدو مرشحا للتبدل في وقت وشيك. واذا كان “حزب الله” انبرى في الايام الاخيرة الى تكثيف حملاته ‏على الرئيس الحريري واتهامه بعرقلة الحل من خلال عدم تجاوبه مع اقتراحين أو أكثر لوزير الخارجية جبران ‏باسيل، فان معطيات جدية تتخوف من ان يكون موضوع توزير السني السادس المحسوب على “اللقاء التشاوري” ‏بمثابة الذريعة الداخلية الواهية لتعطيل تأليف الحكومة فيما تستبطن هذه الذريعة عقدة اقليمية أكبر لم يعد ممكناً ‏فصل الازمة الحكومية عن تداعياتها. وتتعامل جهات ديبلوماسية وسياسية معنية بمراقبة مجريات الازمة مع ‏التطورات الاخيرة للازمة من زاوية ربطها ربطاً مباشراً بمجريات تعويم النظام السوري وما برز من اتجاهات ‏من قوى 8 آذار الى فرض دعوة هذا النظام الى القمة الاقتصادية التنموية العربية التي يستعد لبنان لاستضافتها في ‏‏19 و20 من كانون الثاني الجاري‎.‎
‎ ‎
واذ بدا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون جازماً أمس في تأكيد حصول القمة في موعدها واضعاً حداً لما تردد ‏عن احتمال تأجيلها في ظل الازمة الحكومية، فان الجهات الديبلوماسية والسياسية نفسها تؤكد ان المفارقة التي ‏وجد لبنان نفسه محكوماً بها لتأمين انعقاد القمة الاقتصادية في موعدها في بيروت تمثلت في اضطرار الحكم ‏اللبناني ووزارة الخارجية الى اتباع نهج “النأي بالنفس” عن مسألة دعوة سوريا الى القمة من طرف واحد قبل ان ‏تتخذ جامعة الدول العربية القرار الحاسم بنفسها ووفق الاصول باعتبار انها صاحبة الشأن التي اتخذت قرار ‏تعليق عضوية سوريا في الجامعة. وأوضحت الجهات نفسها ان الحكم لم يرتكب خطأ اتخاذ قرار فردي بدعوة ‏النظام السوري الى القمة الاقتصادية نظراً الى عاملين أساسيين برزا في الايام الاخيرة. الاول ان الجامعة العربية ‏لا تبدو مستعجلة قط لبت موقفها من عودة دمشق الى الجامعة نظراً الى الخلافات الحادة القائمة بين دول عربية ‏مؤثرة على هذا الموضوع وهو العامل الذي تأكد من خلال الغاء اجتماع للمندوبين في مجلس الجامعة العربية كان ‏مقرراً مساء الاحد ومن ثم من خلال عدم ادراج موضوع عودة سوريا في اجتماع سيعقده مجلس الجامعة غدا ‏الاربعاء في القاهرة‎.‎

أما العامل الثاني، فهو لبناني داخلي ويتمثل في تصاعد خطير للانقسام حيال هذا الملف بين القوى الرافضة أي ‏‏”تطبيع” مع النظام السوري والتي تنضوي تحت لواء تحالف 14 آذار وتحديدا “تيار المستقبل” و”القوات ‏اللبنانية” كما الحزب التقدمي الاشتراكي من جهة، وقوى 8 آذار و”التيار الوطني الحر” من جهة أخرى وهو ‏الامر الذي كان يصعب معه على الحكم ان يغامر في دعوة النظام السوري الى القمة من غير ان يحسب لتقويض ‏كل الجهود المبذولة لانهاء الازمة الحكومية في اسرع وقت. يضاف الى ذلك ان امعان النظام السوري وبعض ‏حلفائه اللبنانيين في تحدي القوى الاخرى وتحديداً الرئيس الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد ‏جنبلاط ورئيس حزب “القوات اللبنانية ” سمير جعجع من خلال ادراجهم في ما سمي “لائحة الارهاب السورية” ‏لكونهم ضد نظام الرئيس بشار الاسد، بدا بمثابة استفزاز وقح أعاد التوجس البديهي من ممارسات الوصاية ‏السورية ابان سيطرتها على لبنان. لكن هذا الاستفزاز اثار تساؤلات عن الهدف الجدي منه حين بدا واضحا انه ‏اساء الى الحكم والرئيس عون أكثر مما أساء الى أي طرف لبناني آخر باعتبار ان لا مصلحة لرئيس الجمهورية ‏العامل على انجاح القمة الاقتصادية في بيروت كما على تأليف الحكومة في أسرع وقت في اشعال العدائيات ‏المعروفة بين دمشق وفئات لبنانية مناهضة لنظامها. وفي ظل ذلك تستبعد الجهات نفسها أي تطور ايجابي في ‏الملف الحكومي قبل القمة الاقتصادية وحتى بعدها لان الازمة باتت تنذر بسقوط لبنان في فخاخ الخطوط الحمر ‏الاقليمية التي باشر المحور الايراني – السوري اقحام لبنان فيها من خلال اختبائه وراء مطالب حلفائه وتوزع ‏الادوار بينهم في عرقلة تاليف الحكومة. وهو أمر أدى الى احداث توجس لدى دول خليجية وغربية عدة معنية ‏بانتظار ولادة الحكومة لمباشرة ترجمة مقررات “سيدر”، لكن هذه الدول بدأت تطرح تحذيرات من اختلالات ‏كبيرة قد تحملها تركيبة الحكومة ولا تلقى الاستجابة المطلوبة لدعم الحكومة‎.‎
‎ ‎
بري
‎ ‎
وفي سياق المواقف المؤيدة لدعوة دمشق الى قمة بيروت، يقول رئيس مجلس النواب نبيه بري، “ان قرار الجامعة ‏العربية كان خاطئاً في الاصل بتجميد عضوية سوريا فيها لعدم حصول اجماع على هذه النقطة”. ويؤيد بري ‏دعوة دمشق الى القمة “من دون أي لف ودوران على غرار السلوك الذي يتّبعه في مؤتمرات البرلمانات العربية. ‏وهذا ما فعله في جنيف أكثر من مرة حيث أجلس ممثلين لسوريا والدول الخليجية في قاعة واحدة ولم تحصل أي ‏مشكلة”. ويخلص الى القول ان “لا عذر أمام لبنان في عدم توجيه هذه الدعوة الى سوريا لاعتبارات جغرافية ‏وسياسية واقتصادية لا تحتاج الى مزيد من الشرح‎”.‎
‎ ‎
في المقابل، دعا “لقاء سيدة الجبل”، في ظل تصاعد “وتيرة الكلام عن إعادة تأهيل بشار الأسد عربياً”، الى ‏‏”التمسّك بمطالب عدة أبرزها: إلغاء المجلس الأعلى السوري – اللبناني وإعادة النظر في معاهدة التعاون والأخوة ‏والتنسيق، إنجاز ترسيم الحدود بدءاً بمزارع شبعا، الكشف عن مصير المفقودين في السجون السورية، والمطالبة ‏بالتعويض المادي والمعنوي عمّا لحق باللبنانيين خلال حقبة الهيمنة السورية على لبنان‎”.‎
‎ ‎
ورأى “أن هذه الشروط ضرورية لمقاربة موضوعية لمستقبل العلاقات، أمّا محاولة العودة إلى ما قبل الـ2005 ‏فستضع لبنان مجدداً على سكّة الانقسام الأكيد”، لافتاً الى “أننا في غياب تحقيق هذه المطالب، سندعو اللبنانيين الى ‏التعبير عن رفضهم بكلّ الوسائل السلميّة المتاحة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *