الرئيسية / سياسة / الجمهورية: لبنان في مهب عاصفتين… والقمة الإقتصـــادية مُهدَّدة بالتأجيل
flag-big

الجمهورية: لبنان في مهب عاصفتين… والقمة الإقتصـــادية مُهدَّدة بالتأجيل

كتبت “الجمهورية” تقول :  أول غيث 2019 إضراب عمالي عام اليوم، على وقع الفراغ الحكومي المستمر وفشل المحاولات المتكرّرة لتأليف حكومة جديدة منذ ما يربو على 7 أشهر. فيما لبنان يقع في عين عاصفة طبيعية مصحوبة بأمطار وثلوج وكتل هوائية باردة، وكذلك في عين عواصف دولية واقليمية. ويعيش في الوقت نفسه سباقاً بين المساعي الجارية لإنجاز الاستحقاق الحكومي المأزوم والحراك المطلبي في الشارع والتحضير للقمّة الاقتصادية والاجتماعية المقرّرة في 19 من الجاري والمهدّدة بالإلغاء او التأجيل.
الشارع على موعد اليوم مع إضراب عام اتخذ منحى جديداً، نتيجة دخول العامل السياسي على الخط. وبعدما كان الإنقسام في البداية محصوراً بطرفي الانتاج، (العمال وأرباب العمل)، امتدّ ليشمل الأطراف السياسية، بين مؤيّد للإضراب ومعارض له. وإذا كان موقف حزب «الكتائب» الداعم للاضراب مفهوماً من الوجهة السياسية، في اعتبار انّ الحزب خارج السلطة حالياً، فانّ موقف «اللقاء الديمقراطي» شكّل مفاجأة للبعض، في اعتبار انّ «اللقاء» مهادن للعهد، ومشارك في السلطة.
لكن المفاجأة الأكبر فجّرها حزب «الطاشناق» الذي يُعتبر نوابه ضمن تكتل «لبنان القوي»، حيث أيّد الاضراب، وحرص على إرسال وفد الى مقرّ الاتحاد العمالي العام برئاسة الوزير أواديس كيدانيان لإعلان التضامن والدعم.
بري لا يحبّذ الشارع
وفي هذا السياق، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري رداً على سؤال عن موقفه من الاضراب: «نحن دائماً الى جانب الناس ومع مطالب الناس التي يجب ان تتحقق وتراعى في شتى المجالات، انما موضوع الشارع والنزول اليه فهذا امر لا نحبذه، فلعبة الشارع خطيرة، ودائماً نخشى من انّ الشارع قد يُستعمل في اتجاهات لا تُحمد عقباها».
وفي المقابل، التزمت معظم الاطراف السياسية الصمت، في حين اعلن حزب «القوات اللبنانية» معارضته للإضراب في توقيته، مع الحرص على تأكيد تفهمّه وتضامنه مع المطلب الرئيسي للمضربين، وهو الاسراع في تشكيل الحكومة.
وفي موازاة الدخول السياسي على الخط، أظهرت البيانات التي أصدرتها النقابات والتجمعات والهيئات العمالية في مختلف القطاعات، حتى الحيوية منها، مثل الكهرباء والمستشفيات الحكومية والمياه والمطار، التزام الدعوة الى الاضراب، جزئياً او كلياً. هذه المواقف تؤكّد انّ نسبة الالتزام بالاضراب اليوم ستكون مرتفعة، وسيتم توجيه اشارة واضحة الى كل المكونات السياسية مفادها، انّ الشارع لم يعد قادراً على البقاء محايداً في معركة تحديد المصير.
واللافت في الموضوع، انّ مؤيدي الإضراب ومعارضيه يُعربون عن تضامنهم وتأييدهم للعناوين الرئيسية التي ينضوي تحتها المضربون، سواء بالنسبة الى مطلب الاسراع في تشكيل الحكومة، او بالنسبة الى المطالب الحياتية الملحّة التي تحاصر المواطنين. لكن الخلاف ينحصر في التوقيت والاسلوب، كما يقولون.
«القوات» ضد التوقيت
في غضون ذلك، ذكّرت مصادر «القوات» بأنّها «اوّل من رفع الصوت بالدعوة إلى تأليف الحكومة فوراً أو تفعيل حكومة تصريف الأعمال، لأنّه لا يجوز ترك البلاد بحالة الفراغ وعدم التصدّي للتدهور الاقتصادي والأوضاع المعيشية الصعبة».
وثمّنت دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري «الى تفعيل حكومة تصريف الأعمال من أجل إقرار الموازنة»، وذكّرت بانّها «كانت أطلقت هذه الدعوة بالذات منذ أشهر، وتمنّت الوصول إلى جلسات الضرورة للحكومة على غرار تشريع الضرورة في حال لم تتشكّل الحكومة في الأيام القليلة المقبلة، وأن لا تقتصر حصراً على الموازنة على أهميتها، إنما ان تتضمن أيضاً ملفات أخرى تندرج في سياق وقف التدهور الاقتصادي».
وقالت مصادر«القوات» لـ«الجمهورية» إنّها «تتابع الوضع السياسي والاقتصادي لحظة بلحظة، وتضع كل جهدها من أجل تشكيل الحكومة وإخراج لبنان من نفق الفراغ، وتشعر بوجع كل الناس، كونها على تماس معهم على مساحة لبنان، ولكنها لا تحبِّذ الدعوة إلى الإضراب في هذا التوقيت بالذات، أي على مسافة أيام من السنة الجديدة وفي زمن الأعياد وعيد الميلاد لدى الطائفة الأرمنية الكريمة، بل كانت تفضّل تأجيل هذه الدعوة إلى وقت لاحق. فصحيح انّ الحكومة يجب ان تُؤلّف أمس قبل اليوم، ولكن توقيت الإضراب ليس في محله على الإطلاق، فضلاً عن انّ الدعوة غير واضحة المعالم، وبعض القوى المشاركة او الداعية إلى الإضراب، وليس كلها طبعاً، ليست موضع ثقة بالنسبة إلى شريحة واسعة من اللبنانيين. كما تتخوف «القوات» من أي محاولة لاستغلال الضائقة الاقتصادية التي تعمّ البلاد من أجل الإخلال بالأمن او الاستقرار او القانون او النظام اللبناني».
«التيار»
من جهتها، اكّدت مصادر «التيار الوطني الحر» لـ«الجمهورية» انّ «التيار» خارج من رحم وجع الناس ويتحسّس آلامهم ويؤيّد مطالبهم، ويتصدّر خط الدفاع الاول في هذا المجال، لكنه يستغرب توقيت الدعوة الى هذا الاضراب الذي ترافقه علامات استفهام كثيرة حول توقيته المريب واهدافه».
ورأت، «انّ الاولوية يجب ان تنصبّ اولاً واخيراً على تشكيل الحكومة لكي تبصر النور وتعكف على معالجة المطالب الحياتية والاجتماعية والاقتصادية».
الوضع الحكومي
على جبهة تأليف الحكومة، قالت مصادر معنية لـ«الجمهورية» إنّ «الصورة لا تزال قاتمة، والافق مقفل. وإذا بقينا على هذا الوضع، سيبقى البلد امام اشهر طويلة من التعطيل، وهو بات لا يتحمّل، بل انه ينزلق شيئاً فشيئاً الى الهاوية ولا احد يساعده، وكيف للغير ان يساعده فيما هو لم يساعد نفسه. فالمطلوب من جميع الأفرقاء ان يراقبوا أنفسهم ليعرفوا الدِرك الذي وصلوا اليه، لأنهم إذا سقطوا سيتحطمون».
السلبية الشديدة
وعلمت «الجمهورية» انّ اجواء اللقاءات التي تُعقد في شأن الملف الحكومي لم تصل بعد الى اي نتيجة ايجابية، بل انّ ما تخللها من نقاش اعاد الامور الى نقطة السلبية الشديدة، الامر الذي لا يبشّر بالخير، على حد تعبير مصادر مسؤولة، أشارت الى انّه «لا يوجد حتى الآن اي طرح جدّي يفضي الى حل جدّي، بل هناك تضييع للوقت نكاد نقول انّه متعمد، ذلك انّ الحل بسيط جدًا، وهو هل سيتنازل رئيس الجمهورية عن الوزير السنّي من حصّته ام لا؟ هنا يكمن الحل إن تنازل وتكمن العقدة التي ما زالت مشدودة».
«التشاوري»
اما على صعيد «اللقاء التشاوري»، فعكست أوساطه انّه «ما زال متصلّباً في الموقف، ولن يقدّم اي اسم اضافي على الاسماء التي طرحها. ولاحظت وجود «ليونة حريرية» تجاه الاسماء التي قدّمها «اللقاء»، يقابلها تشدد في موقفي رئيس الجمهورية والوزير جبران باسيل، ويُقال انّ الحريري يرفض طرح تأليف حكومة من32 او 36 وزيراً رفضاً مطلقاً».
وقالت مصادر معنية بالتأليف، انّ هذا الطرح يُحدث حالة ارباك شديدة ضمن الطوائف والسياسيين، قد تبدأ في مكان وانما لا يُعرف كيف تنتهي، وهو اشبه بالخبيصة المتأتية من طروحات كاريكاتورية.
بري
وسُئل رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس، هل انّ ملف تأليف الحكومة المأزوم بات في صدد الحلحلة، فأجاب: «لا نقول انّها في نقطة الصفر بل «مركّبة أوناريير» الى ما قبل نقطة الصفر».
وأضاف امام زواره: «الحل كما اراه سهل جداً، ويمكن السير به فوراً ان صَدَقت النيّات والتوجهات، وسبق لي ان ابلغت الى المعنيين منذ اربعة اشهر، انّ لا حل من دونه، وهو ان هناك وزيراً سنّياً في الحصّة الرئاسية يتم التنازل عنه لـ«اللقاء التشاوري» فيمثله وينطق باسمه ويلتزم بقراره، هذا هو الحل للعقدة الراهنة، انما هو في رأيي ايضاً حل موقت لأنّ الحل الدائم في نظري هو ان نذهب الى الدولة المدنية».
وعمّا تردّد عن وجود طروحات لتأليف حكومة تضمّ 36 وزيراً او ما فوق، قال بري ممازحاً: «في هذه الحالة صار لازم تنعمل حكومة لكل نائب وزير».
«حلول باسيل»
في هذا الوقت، كثّف رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل اتصالاته السياسية ووسّع مروحة المشاورات، بما يوحي باقتراب الخروج من أزمة التأليف.
وقالت مصادر معنية بالمشاورات، انّ باسيل عرض خمس افكار تتضمن خمسة حلول، يتركز البحث على ثلاثة منها. وتوقعت ان تفضي اتصالات باسيل الى «حلّ أكيد» في الايام القليلة المقبلة.
وكشفت «انّ هذه الافكار تشمل صيغاً حكومية من 30 و 32 وزيراً لكلّ منها ظروفها وانعكاساتها. فصيغة الـ32 طُرحت ضمن مقاربة جديدة تحترم عدالة التمثيل وتفتح الباب على الحل».
واوضحت المصادر «انّ باسيل أظهر في بداية السنة الجديدة أنّه يمسك ايجابياً بملف حلحلة العِقد امام الحكومة، ما يوحي انّ الحل بات في متناول اليد». وشددت على «انّ الاتصالات السرّية ستستمر بكثافة اليوم وغداً».
الموازنة
وغداة الإقتراح الذي تقدّم به بري في شأن إجتماع الحكومة لإقرار الموازنة، زار وزير المال علي حسن خليل «بيت الوسط» ونبّه بعد لقائه الرئيس المكلّف سعد الحريري، الى انّ وزارات قد لا تتوافر لها الأموال إذا تأخّر تشكيل الحكومة شهراً زائداً، وسنكون مضطرين الى إيجاد سبل لتأمينها. واوضح انّ فكرة عقد الحكومة لإقرار الموازنة ليست تحدياً لأحد ولسنا على خلاف مع الحريري في ذلك، ولكن الأمر يحتاج الى مزيد من الدرس، رغم أننا نعتبر أنّ الأمر دستوري، فمفهوم تصريف الأعمال بالمعنى الضيّق يجوز لشهر أو شهرين، ولكن عندما تطول مهلة تشكيل الحكومة وتتأخّر، وعندما يكون الأمر يتعلق بالانتظام المالي الذي اعدناه، فعندها يصبح أمر انعقاد الحكومة ممكناً كما حصل مع حكومة رشيد كرامي».
وكان بري قال أمام زواره أمس انه لا يزال متمسكاً بالطرح الذي قدّمه وهو»ان تُقرّ الموازنة في هذا الوقت لانها اكثر من ضرورة».
القمّة الاقتصادية
الى ذلك، قالت مصادر سياسية لـ«الجمهورية» انّ هناك همساً عن انّ القمة الاقتصادية العربية المقررة في لبنان في 19 من الجاري قد تُرجأ لعدم وجود حكومة».
واضافت: «بصرف النظر عمّا اذا كان هذا الهمس جدياً او غير جدي، فنحن لا نأسف على القمة وانفراطها بمقدار ما نأسف على الـ22 مليار ليرة التي تُصرف من اجل تنظيمها».
وأسفت مصادر مراقبة «لأنّ هذه القمة أُجهضت قبل ان تبدأ»، وقالت:»علاوة عن الخلافات السياسية التقليدية بين الدول والمحاور العربية، برزت مسألة دعوة سوريا الى القمة ام عدم دعوتها، وكأن محور المؤتمر صار: هل تُدعى أم لا تُدعى، عوض ان يكون المحور المقررات الاقتصادية التي يمكن ان تصدر عنها». ولفتت الى «انه يدور في اوساط الامانة العامة للجامعة العربية حديث عن تأجيل القمة، لأن نقلها من لبنان الى مكان آخر فيه اساءة الى كرامة الدولة اللبنانية، فلذلك يدور الحديث حول تأجيلها وليس نقلها الى دولة أخرى».
وكشفت مصادر لـ«الجمهورية» انّ ردات الفعل العربية التي تواكب التحضير اللبناني للقمة حسمت الى الآن مشاركة اكثر من 16 دولة من اصل 21 دولة، وُجهّت اليها الدعوات، في انتظار تأكيد مستوى مشاركتها فيها.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *