الرئيسية / أخبار مميزة / التلوث البيئي يضرب منطقة البقاع ونهر الليطاني والمعالجة شبه غائبة والأمراض تتفشى
تلوث الليطاني

التلوث البيئي يضرب منطقة البقاع ونهر الليطاني والمعالجة شبه غائبة والأمراض تتفشى

تتحلى منطقة البقاع الأوسط والغربي بعدة مميزات وصفات أهمها الفسيفساء المهمة في تكوينها الديموغرافي والسكاني وتمتعها كذلك بحالة جيدة من الأمن والإستقرار، وتعاني كما غيرها من مناطق الأطراف والأرياف كما كل محافظة البقاع شمالا ووسطا وغربا ، من إهمال مزمن للدولة والمسؤولين ومن هجرة داخلية من الريف الى المدينة  ، بالإضافة الى هجرة تاريخية الى البرازيل وكندا وحديثة نسبيا الى الخليج العربي ، للتفتيش عن الرزق بعد أن ضاقت سبل العيش فيها منذ الحربين العالميتين الأولى والثانية ، وتعاني من تراجع الخدمات بشكل كبير وبخاصة في الكهرباء والماء والتخلص من النفايات الصلبة والسائلة ، وعدم توفر شبكة صرف صحي فعالة .

وتعتمد معظم القرى البقاعية على الحفر الصحية التي تشكل خطرا قاتلا على المياه الجوفية في كل منطقة البقاع والغربي بشكل خاص ، بينما يصيب التلوث حوض الليطاني الذي يشكل الشريان الحيوي فيها ، وتتجمع معظم مجاري الصرف الصحي ونفايات المصانع لتصب في مجرى النهر وصولا الى بحيرة القرعون التي تعاني من كارثة بيئية محدقة قتلت فيها الحياة وقضت على مهنة تربية الأسماك فيها بشكل كلي ، وكذلك قضت على جزء مهم من السياحة البيئية صيفا وشتاء .

تلوث الليطاني2 تلوث الليطاني1

154 مليار ليرة للقضاء على التلوث

وجاء تحرك المسؤولين متأخرا ولكنه يبقى أفضل من لا شيء، ورصدت الحكومة في موازنة 2018 ميزانية لتنظيف مجرى نهر الليطاني من النفايات والتلوث  بلغت  154 مليار ليرة . والليطاني شريان مياه رئيسي للبنان تلوّث مياهه النفايات السائلة والصلبة ومياه الصرف الصحي التي تصب في مجراه مباشرة بدون تكرير، وكذلك مخلفات ونفايات المؤسسات الصناعية و المستشفيات بدءا من منطقة زحلة في البقاع الأوسط  والإستخدام العشوائي للأسمدة والمبيدات في الزراعة التي تتسرب الى المياه الجوفية وكذلك الى مجرى النهر، وإعادة ري المزروعات والخضار التي يستهلكها معظم اللبنانيين ، من مجرى النهر الملوث مما أدى إلى انتشار الأمراض والسرطان في طليعتها ، وقد تحرك أهالي المنطقة في اعتصامات كبيرة بعد تفشي الروائح والحشرات وانتشار الأوبئة وموت العديد من الأهالي بمرض السرطان ، وأثار النائب الدكتور عاصم عراجي الكارثة الصحية في المجلس النيابي وطالب الحكومة قبل دخولها في مرحلة تصريف الأعمال ، بتشغيل معامل التكرير وتنظيف مجرى النهر ومنع التعديات على المجرى.

وكان مجلس الوزاء قد قرر ، في محاولة للقضاء على التلوث في نهر اليطاني ، تشكيل لجنة وزراية ، إتخذت قرارات لرفع الملوثات عنه وحمايته، والى الآن لا يزال حوض الليطاني في قلب الكارثة.

والمطلوب طبعا مباشرة العمل سريعا وقبل فوات الأوان ، على منع انتشار الأمراض أكثر وأكثر وحماية البيئة النهرية والتنوع البيئي في بحيرة القرعون ، هذا بالإضافة الى اتخاذ تدابير صارمة لمنع التعديّات من البناء العشوائي ورمي الردميات في حوض النهر، وحل أزمة النازحين السوريين الذين بنيت لهم مخيمات عشوائية على ضفاف النهر، وتم تحويل مياه الصرف الصحي لمخيماتهم الى مجرى النهر أيضا . كما أن المطلوب أيضا وضع حد للعديد من الإنتهاكات البيئية الأخرى، بدءاً من رمي المخلفات الصناعية في نهر البردوني الملوث ، لتصب في بحيرة القرعون ، وصولاً إلى منع وتقنين استخدام الأسمدة الكيماوية في الزراعة ، وهي الملوث الأكبر للمياه الجوفية .

وكذلك تشغيل محطات التكرير في بلدة جب جنين والقرعون ، وتشغيل معامل فرز النفايات بشكل جدي وفعال .

وزارة البيئة : المطلوب القضاء على مصادر التلوث

وتقول مصادر وزارة البيئة أن قيمة المشاريع المرصودة لمكافحة التلوث تقدّر بحوالي 1,100 مليار ل.ل.، ثلثها تقريباً للحوض الأعلى والباقي للحوض الأدنى ، ومبلغ ال 1100 مليار ليرة ليس لتنظيف النهر بمعنى التنظيف ، بل لوقف مصادر التلوث التي ترمى في مجرى النهر. وتضيف المصادرعينها أن الإعتمادات اللازمة لتغطية مشاريع الصرف الصحّي مؤمّنة بنسبة 85% وتنتهي الأعمال الخاصّة بها على الأرض بشكل كامل قبل عام 2020 .

أما الإعتمادات الخاصّة بمشاريع النفايات الصلبة فهي مؤمّنة، ومن المرتقب أن تنجز بشكل كامل قبل نهاية العام 2018، يمكن بعدها الإنتقال إلى إغلاق المكبّات العشوائية في البقاع وتأهيلها والمقدّرة بحوالي 160 مكبا في محافظتي البقاع وبعلبك –الهرمل .

أما الشقّ المتعلّق بالنفايات الصناعية فيتطلّب تعاون أصحاب المؤسسات الصناعية للإستفادة من التسهيلات المالية التي تؤمّنها وزارة البيئة بالتعاون مع مصرف لبنان والبنك الدولي والحكومة الإيطالية للإلتزام بالمعايير البيئية ضمن المهل المحدّدة .

حوض النهر يعاني من الجفاف

ونهرالليطاني الذي صار مجراه يجف صيفا من ندرة المتساقطات وتراجع تغذيته بمياه الثلوج وكذلك من عمليات الضخ الجائر للماء الملوث منه لري المزروعات يعد الأطول والأكبر في لبنان حيث يبلغ طوله 170 كلم، وقدرته المائية تبلغ تقريباً 750 مليون م3 سنوياً وقد أقيمت عليه المشاريع لتوليد الطاقة الكهربائية الرخيصة من سد القرعون مطلع الستينيات ، وتأمين مياه الريّ والشرب للبقاع والجنوب والساحل بهدف تنمية القطاع الزراعي والكهربائي والحدّ من النزوح والهجرة.

كما تقرر جر مياه الليطاني لري مناطق جنوبية بالجاذبية لمستوى  800 مترالتي تمتد من بحيرة القرعون في البقاع الغربي، حاصبيا، مرجعيون، وصولاً الى قضاء بنت جبيل بطول 58 كلم ، وإذا لم تتم عملية تنظيف المجرى فليس من الممكن نقل المياه الملوثة بإتجاه الجنوب فذلك يوسع الكارثة البيئية أكثر فأكثر .

اعداد: عاطف البعلبكي

مديرية الدراسات والمنشورات اللبنانية – وزارة الإعلام

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *