الرئيسية / نشاطات / الراعي ودريان من فيينا: للتمسك بالحوار والاستقرار والدولة القوية
raei eh derian

الراعي ودريان من فيينا: للتمسك بالحوار والاستقرار والدولة القوية

أقامت السفارة اللبنانية في فيينا، بعد اختتام أعمال المؤتمر السنوي الذي نظمه مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الديانات والثقافات في العاصمة النمساوية، حفل استقبال على شرف الوفد اللبناني، الذي ضم عددا من رؤساء الطوائف وممثلين عنهم، في منزل مقر إقامة السفير اللبناني في فيينا ابراهيم عساف، وشارك فيه حشد من أبناء الجالية اللبنانية.

عساف
وألقى ابراهيم عساف كلمة وصف فيها “زيارة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي بالتاريخية كونها الأولى لبطريرك ماروني إلى النمسا”، مستشهدا ب”أقوال وردت في مداخلات رؤساء الطوائف اللبنانية خلال المؤتمر أكدت حياتية ونموذجية العيش معا في لبنان”.

أضاف: “إن الوفد اللبناني، الذي شارك في مؤتمر فيينا هو من أكبر الوفود، وكيف لا؟ فحوار الأديان عندنا ليس مجرد مجموعة مبادىء، بل هو حالة معاشة كل يوم، فالحوار في عالمنا أصبح حاجة لا مفر منها، وهو مبادلة العنف بالغفران، وليس وسيلة لفرض أوجه الشبه، إنما لتكريس أوجه الاختلاف باحترام. والحوار لا يعني الانصهار والذوبان، بل تكريس وقبول الاختلاف والفرادة”.

وتابع: “إن موضوع الحوار في لبنان شيء مختلف وفريد، فنحن لسنا فقط مجموعة أقليات تعيش في وطن، بل ما يجمعنا هو إرادة العيش سويا والتشارك في الحكم وتقاسم السلطة على قاعدة المناصفة. وفي هذا المجال، يقول المفكر ميشال شيحا إن اللغة المشتركة ووحدة الايمان لا تصنعان أمة، بل الرغبة والارادة بالعيش سويا”.

الراعي
وألقى الراعي كلمة قال فيها: “أحيي سفير لبنان وعقيلته وأشكرهما. ومن هذا البيت اللبناني، نحيي فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والسلطات الدستورية اللبنانية وكل الشعب اللبناني، والجالية اللبنانية هنا مع الجاليات العربية الاخرى. كما نحيي السلطات النمساوية التي استقبلت جالياتنا. أود أن أحيي أيضا الامين العام لمركز الملك عبدالله للحوار وأسرة المركز، وقد تميزت أعمال مؤتمر حوار الديانات من أجل السلام وتعزيز العيش المشترك السلمي والمواطنة المشتركة بالغنى وتبادل الاراء البناءة، وشعرنا بأن هناك عاصفة روحية تهب في عالمنا لتقرب الشعوب إلى بعضها”.

أضاف: “عندما نقول حوار بين الديانات، فهذا لا يعني بين رجال الدين، إنما بين أبناء كل هذه الديانات، بدءا من السياسيين، فالمشكلة ليست من الشعب، بل من السياسيين عندما يسيسون الدين ويفرقون الشعب، ولكن للشعب دور كبير في المحافظة على قيمه، وكثير من سفراء الدول والاجانب الذين يزورون لبنان يلاحظون أن في لبنان مجتمعا مدنيا يختلف عن المجتمع السياسي. إن المجتمع المدني مجتمع منفتح ومحب، ولا يفرق بين الاديان، فيما المجتمع السياسي مختلف تماما. ولذلك، نأمل أن نتوحد في مجتمع لبناني واحد غني بكل مكوناته الاسلامية والمسيحية وبكل قياداته وشعبه”.

وختم الراعي: “لو لم تكن هذه الروح الجديدة الراغبة في السلام والحوار والاخوة، فاعلة في هذا العالم لما رأينا مثل هذا المركز الذي أسسته المملكة العربية السعودية مع النمسا واسبانيا والفاتيكان. ونتمنى لبلداننا الشرق اوسطية نهاية الحرب والاستقرار والسلام العادل والشامل والدائم لكي يعود اليها اهلها، على تنوع اديانهم، وهم يحق لهم العيش بكرامة والحفاظ على ثقافتهم وحضاراتهم من اجل مواصلة تاريخهم ورسالتهم على ارضهم، وهكذا نقف في وجه كل المخططات الهدامة التي تقتل ثقافتنا وحضارتنا”.

دريان
من جهته، ألقى مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان كلمة قال فيها: “عندما كنت أسمع كلمة صاحب الغبطة شعرت بأنه تحدث باسم لبنان والأديان والثقافات المتعددة، واننا جميعا أسرة واحدة. إن الحوار في لبنان هو اختيارنا بأن نتحاور في ما بيننا كأديان أنزلت من عند الله للمحافظة على كرامة الإنسان وحقوقه وحريته، ونعتبر أن العيش المشترك نعمة كبيرة يعيشها اللبنانيون. ومن جهتنا، كرؤساء طوائف نعبر من خلال القمم الروحية التي تجمعنا باستمرار عن وحدتنا كلبنانيين، فصحيح أن هناك مسلمين ومسيحيين، ولكن في النهاية نحن أبناء وطن نحبه كثيرا اسمه لبنان، وحمايته أمانة في أعناقنا جميعا، ونحن أول من شرحنا وأنشأنا وأطلقنا مفهوم العيش المشترك في الشرق الأوسط، لا بل في العالم”.

أضاف: “من ناحيتي سأبقى يدا بيد مع صاحب الغبطة وسائر المرجعيات الإسلامية والمسيحية لنحافظ على عيشنا المشترك لنقول للعالم كله إننا نعيش تجربة فريدة، ولا يمكن أن يكون الاختلاف الديني سببا لتفرقنا كمواطنين لبنانيين. علينا أن نحمي وطننا برموش أعيننا، ولن نسمح لأحد بأن يعبث بالأمن والاستقرار في لبنان، طالما ان هناك جيشا لبنانيا نثق فيه كل الثقة، ولدينا أجهزة أمنية فعالة في كشف الخلايا الإرهابية. نحن مع الدولة الوطنية العادلة القادرة القوية التي تحمي هذا التنوع الايماني والروحي، دولة الحق والحقوق والمساواة والواجبات، هكذا نريد الدولة، لا نريد دولة المزارع، بل نريد لبنان الدولة الوطنية القوية التي تحتضن كل اللبنانيين على اختلاف أديانهم وطوائفهم ومذاهبهم، وعلى اختلاف انتماءاتهم السياسية”.

وشكر دريان ل”عساف وزوجته هذا الحفل في البيت اللبناني في جمهورية النمسا”، داعيا أبناء الجالية اللبنانية في فيينا إلى “المحافظة على التماسك والتآلف والمحبة”.

لقاءات الراعي
وكان الراعي قد التقى، بعد ظهر أمس، رئيس مجلس النواب النمساوي فولفغانغ سوبوتكا، وعرض معه الاوضاع في المنطقة ودور النمسا في المساهمة بإرساء السلام فيها، الى جانب دعم لبنان في قضاياه ومساعدته على تحمل أعباء النزوح اليه.

كذلك، التقى الراعي رئيس اساقفة فيينا الكاردينال كريستوف شونبورن، وعرض معه قضايا كنسية وراعوية تتعلق بالمؤمنين الشرقيين في النمسا، اضافة الى موضوع مساعدة اللاجئين الى فيينا.

وأثنى الكاردينال شونبورن على “جهود البطريرك الراعي في موضوع الحوار والانفتاح بين الاديان”، واصفا زيارته ل”المملكة العربية السعودية بالتاريخية والمميزة، والتي فتحت صفحة جديدة ولافتة في هذا الاطار”.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *