الرئيسية / سياسة / الحريري التقى دريان على رأس وفد من المفتين وقضاة الشرع: التريث يتيح الفرصة للجميع للتأكد من أن النأي بالنفس يحمي لبنان
الحريري

الحريري التقى دريان على رأس وفد من المفتين وقضاة الشرع: التريث يتيح الفرصة للجميع للتأكد من أن النأي بالنفس يحمي لبنان

شدد رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري على أن “خيار التريث يتيح في مكان ما فرصة لجميع الأفرقاء السياسيين للتأكد من أن النأي بالنفس عن كل ما يحصل من حولنا هو السياسة الأساسية التي تحمي لبنان من أي مشاكل في المنطقة”، مؤكدا أن “هذا الخيار هو لمصلحة البلد”.

وقال: “علينا أن نتحاور جميعا لكي نصل إلى بر الأمان ونحافظ على سلامة هذا البلد وسلامة اللبنانيين، وعلى علاقاتنا مع كل الدول العربية الشقيقة التي لديها الحق أيضا في أن تحافظ على أمنها. ونحن نريد أفضل العلاقات مع المملكة العربية السعودية”.

كلام الرئيس الحريري جاء خلال استقباله مساء أمس في “بيت الوسط” مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان على رأس وفد كبير من مفتي المناطق والمحافظات ورئيس المحاكم الشرعية السنية العليا القاضي الشيخ محمد عساف والمستشارين وقضاة الشرع ورؤساء دوائر الأوقاف في كافة المناطق ومدراء المرافق في دار الفتوى وأئمة وخطباء المساجد والمشايخ.

دريان
بداية، تحدث المفتي دريان فقال: “جئنا اليوم إلى بيت الوفاء ورجل الوفاء الشيخ سعد الحريري. وهو ابن رفيق الحريري، تولى راية المسيرة بعد استشهاد والده، وهو المؤتمن على هذه المسيرة وعلى مصالح الوطن العليا وعلى عروبة لبنان والعلاقات الطيبة مع أشقائه العرب. هذه العمائم البيضاء هي إلى جانبكم، هؤلاء هم مشايخ الاعتدال والوسطية والكلمة الطيبة الذين يعبرون فيها عن سماحة واعتدال ووسطية الإسلام، في الوقت الذي تشوه فيه سماحة هذا الدين العظيم”.

أضاف: “أتينا لنقول لك نحن معك في مواقفك الوطنية، وقد تفهمنا جيدا أمر الاستقالة وأسبابها. وهذه الاستقالة أتت أثناء اجتماع المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى في دار الفتوى، فأكدنا على الفور أن المجلس فوجئ بالاستقالة، وهذا أمر يدعو إلى القلق ودعونا جميع اللبنانيين بأن يحافظوا على وحدتهم الوطنية والسلم الأهلي. ومنذ ذلك التاريخ وحتى مجيئك يا دولة الرئيس ودار الفتوى لم تهدأ، بل فتحت أبوابها للجميع من كل الأطياف السياسية والدينية، وكلهم أجمعوا على أمر واحد وهو ضرورة عودة رئيس مجلس وزراء لبنان سعد الحريري إلى بلده. هذا إجماع وطني عارم على شخصك الكريم ولأدائك المتميز، فقد قدمت الكثير من المبادرات الوطنية التي لم تكن في يوم من الأيام لمصلحة شخصية، وإنما كانت لحماية لبنان ولأجل مصالح لبنان”.

وتابع: “نحن معك يا دولة الرئيس، ونحن في بلد عربي الهوية والانتماء، ونريد أطيب العلاقات مع الدول العربية الشقيقة التي وقفت مع لبنان في أيام أزماته ومحنه، ونحن الأوفياء لهذه العلاقات الطيبة، وبالأخص مع المملكة العربية السعودية، مملكة الخير التي تحدثت عنها مرارا والتي وقفت دائما إلى جانب لبنان واستقراره السياسي والأمني. نحن مع مصلحة لبنان أولا وسياسة النأي بالنفس وعدم إدخال الوطن في المحاور الإقليمية. فمن حق الآخرين أن يحافظوا على أمن بلدانهم، ومن حقنا نحن أيضا أن نحافظ على أمن بلدنا”.

وختم قائلا: “نحن معك أيضا بالتريث بالاستقالة لإعطاء فرصة لجميع الأفرقاء أن يتشاوروا ويتحاوروا في أسباب الاستقالة وفي أي أمر يمكن أن يؤدي إلى حماية أمن واستقرار لبنان”.

الحريري
ثم تحدث الرئيس الحريري فرحب بالمفتي والوفد المرافق، وقال: “دار الفتوى هي صمام الأمان لهذا البلد، ورفيق الحريري رحمه الله كان مؤمنا بهذا الدور وهو لطالما حمى هذه الدار من كل التدخلات السياسية التي كانت تحصل أيامها. قد يكون ما حصل من صدمة إيجابية بالاستقالة واليوم بالتريث، يتيح في مكان ما فرصة لجميع الأفرقاء السياسيين للتأكد من أن النأي بالنفس عن كل ما يحصل حولنا هو السياسة الأساسية التي تحمي لبنان من أي مشاكل في المنطقة”.

وأضاف: “رفيق الحريري في حياته كانت لديه إنجازات ولكن كان هناك الكثير ضده، وحينما استشهد عرف الجميع قيمته كشخص وكفكر وكاقتصاد وكصمام أمان للبنان. وقد يكون غيابي عن لبنان واستقالتي وعدم عودتي بسرعة لفتت نظر البعض لما لهذا البيت من مكانة وأننا أم الصبي وندعو للحفاظ على البلد وعلى الاستقرار وكنا سائرين بسياسة التحاور مع الجميع، في حين كان البعض ضد هذا الحوار، وليت كان موقفه هذا لمصلحة البلد بل كان لمصلحة شخصية وسياسية كما ظهر للجميع. وقد تكون بعض المنابر في بعض المساجد استعملت ضدي أنا، وليست لدي مشكلة في ذلك، لكن سياستي كانت قائمة على أمر واحد وهو حماية لبنان واللبنانيين وأهل السنة بالذات”.

وتابع: “فحين نرى ما الذي حل في سوريا أو العراق من حرائق وحروب ودمار علينا أن نجنب بلدنا لبنان كل المخاطر المحدقة به، وهذا ما نقوم به. لأهل السنة في لبنان حقوق يجب أن يحصلوا عليها كباقي الطوائف والمذاهب وكل الشركاء في الوطن، وهذا حقنا الدستوري الذي يجب أن نحصل عليه. ولكني أرفض المزايدة علي بمنطق المناطقية أو غيرها. وتأكدوا جيدا أن سعد الحريري لن يفرط بحقوق أهل السنة، وهذا واجبي الدستوري أصلا، وهو ما أقوم به وسأقوم به. ولكن من جهة أخرى، نحن لا نعيش وحدنا في البلد ولذلك علينا أن نتحاور جميعا لكي نصل إلى بر الأمان بعد كل ما يحصل حولنا من أمور خطيرة، ويجب علينا أن نحافظ على سلامة هذا البلد وسلامة أهلنا وسلامة دار الفتوى وسلامة وحدتنا كطائفة. رفيق الحريري نجح باستشهاده أن يوحد اللبنانيين وأهل السنة حول شخصه. وهو أعاد رونق بيروت العاصمة وعمّر البلد، ولم يشن أي حروب، بل أتحدى أي شخص أن يأتني بخطاب لرفيق الحريري يتهجم على أي فريق سياسي في البلد. أنا لا أخاف المواجهة، وأنتم تعرفون نهجي منذ العام 2005 وحتى 2016، ولكن اليوم علينا أن نحافظ على البلد ونتحاور لأن الجميع يرغب في الاستقرار والأمان”.

وتابع: “صحيح أن استقالتي كانت واضحة لكن اليوم هناك تريث لمصلحة البلد وليس لمصلحتي السياسية والشعبوية، أنا أرى أن واجبي السياسي في هذا البلد أن أوصل الناس إلى بر الأمان، ليس خوفا من المواجهة، وأنتم تعرفون أني لم أحد يوما عن المواجهة. نحن لدينا مشوار طويل، ولا بد في هذه المسيرة أن نحافظ على علاقتنا مع كل الدول العربية، التي لديها الحق أن تحافظ على أمنها ونحن لدينا الحق أن نحافظ على استقرارنا وأمننا أيضا. نحن نريد أفضل العلاقات مع المملكة العربية السعودية، خاصة وأنكم تعلمون ما قدمته وتقدمه للبنان، وهذا المشروع سنكمل به إن شاء الله”.

وقال: “ما يهمني هو وحدتنا وأن يبقى أهل السنة موحدين، ليس من أجل سعد الحريري بل من أجلنا جميعا وأجل البلد، فحين نكون موحدين تكون لنا كلمة في البلد، أما إذا كنا مشتتين فلن تكون لنا كلمة. من هنا التحديات كبيرة ولكنها غير مستحيلة. من هناك ندعو الله تعالى أن يبقى هذا البلد ينعم بالأمن والاستقرار لأننا كبلد مستهدف، وعلينا أن نعمل سويا لكي يعود البلد إلى ما كان يحلم به رفيق الحريري، ينعم بعيش مشترك بين كل اللبنانيين الذين يعيشون سواسية، وليس لطائفة حقوق على حساب طوائف أخرى”.

وختم قائلا: “بالعودة إلى موضوع التريث في تقديم الاستقالة، فقد اتخذت هذا القرار نظرا إلى إصرار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ولأني كنت دائما واضحا وأطالب بأن تكون سياسة النأي بالنفس بالفعل وليس بالكلام فقط ويجب ألا تكون هذه السياسة على حساب أشقائنا العرب، وإلا فإنه سيكون لنا موقف آخر”.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *