الرئيسية / سياسة / اللواء: مرحلة ما بعد «النُصرة» وداعش: سباق بين التفاهمات الوطنية والقرارات العقابية
1

اللواء: مرحلة ما بعد «النُصرة» وداعش: سباق بين التفاهمات الوطنية والقرارات العقابية

انتهى ملف «النصرة» عسكرياً في لبنان، ونفذ الاتفاق الخاص بالتبادل والانسحاب، فعاد اسرى حزب الله الخمسة إلى لبنان، ووصل نحو 8 آلاف مقاتل من «جبهة فتح الشام» (النصرة سابقاً) ولاجئ سوري إلى شمال سوريا باتجاه ادلب، وهي منطقة تخضع للفصائل السورية المسلحة.
ومع عودة اسرى الحزب عبر احتفالية مركزية في بلدة القاع البقاعية، إلى أسرهم وقراهم، لم يحضر الحدث الجرودي والعرسالي بملابساته بقوة في مجلس الوزراء، باستثناء ما تقرر مالياً لجهة الموافقة على تأمين اعتماد بقيمة 15 مليون دولار لتنفيذ عدد من المشاريع الانمائية في مدينة عرسال، تشمل القطاعات الآتية: الطرق، التربية، الكهرباء، الترسيم، صيانة منشآت عامة وتعويضات للأهالي، والموافقة أيضاً «على تخصيص اعتماد بقيمة 15 مليون دولار لتنفيذ مشاريع تنموية في عدد من القرى المجاورة لعرسال، كالقاع ورأس بعلبك واللبوة.
وفي الوقت الذي كان فيه مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم يعلن من القاع البقاعية ان الجيش اللبناني يعد لهجومه لاستعادة جرود رأس بعلبك والقاع من مسلحي «تنظيم داعش» الا انه في الوقت نفسه على استعداد للتفاوض على إخراج هؤلاء من الاراضي اللبنانية، مشيراً إلى ان الجماعة المسلحة الوحيدة المتبقية في منطقة الحدود الجبلية هي «سرايا أهل الشام» وتسيطر على منطقة صغيرة من الحدود، كانت مدفعية الجيش اللبناني تطلق القذائف الأولى على مواقع مسلحي داعش في جرود رأس بعلبك، بعد ان كان دمر خنادق ومراكز قيادته وسجل اصابات في صفوف مسلحي داعش، وبدأ عملية اتشار جديدة في جرود عرسال على السلسلة الشرقية.
على ان الأوساط السياسية توقفت بإهتمام عند ما أعلنه وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق عن «اننا مقبلون على تغييرات كبيرة في المنطقة، وقد نكون امام حصار سياسي عربي وغربي كبير على لبنان بسبب «حزب الله» وهناك جو عربي لا يريد هذا الوضع القائم في لبنان، لا سيما دور حزب الله، متخوفاً من أن يكون لبنان، قبل مرور سنة على طاولة مجلس الأمن الدولي.
واعتبر الوزير المشنوق ان «الطريقة الوحيدة لحسم مسألة السلاح هي الاستراتيجية الدفاعية»، مشيراً إلى ان «الرئيس سعد الحريري سيزور موسكو وباريس وغيرها من العواصم من أجل المفاوضات وتحسين موقف لبنان».
وتزامن هذا الموقف مع ما أعلنته محطة «O.T.V» الناطقة بلسان التيار الوطني الحر، من ان «اشارات خارجية وصلت إلى بيروت، توحي بأن شيئاً ما يتحضر لمرحلة ما بعد الانتصار في الجرود» وذلك عبر سلسلة قرارات وعقوبات تستهدف فئة لبنانية، ومحاولة استدراج لبنان إلى مستويات أو ربط نزاع أو فك اشتباك عبر «صنارة القرار 1701».
خلية العبدلي
وفي هذا الإطار، توقف مجلس الوزراء في جلسته أمس عند العلاقات اللبنانية – الكويتية.
وفي المعلومات ان وزير التربية مروان حمادة اثار موضوع المذكرة الكويتية حول «خلية العبدلي» الارهابية من دون ان يتناول «حزب الله» او اي تفاصيل بالقضية، لكنه تمنى الرد بشيء من اللياقة على الكويت «التي لم تترك لبنان منذ الستينيات وقدمت له كل ما يحتاجه من مساعدات، عدا عن دورها في التقارب بين كل الدول العربية من دون التدخل في شؤون اي منها، وبخاصة في شؤون لبنان»، وعرض لائحة ببعض هذه المساعدات، ودعا الى تضمين القرارات الرسمية نصاً يتضمن تقديراً للكويت. وهنا اوضح وزير الخارجية جبران باسيل ان الوزارة لم تتجاهل الرسالة الكويتية بل تنتظر بعض التفاصيل حول القضية، فيما نفى وزير «حزب الله» محمد فنيش الاتهامات الكويتية بحق حزب الله، لكن حمادة كرر ان المطلوب موقف من مجلس الوزراء يتضمن تقديرا للكويت ويؤكد حسن العلاقة معها وهكذا كان. إذ أكّد المجلس على متانة العلاقات اللبنانية – الكويتية والدور الذي لعبته الكويت اميراً وحكومة وشعباً في مساعدة لبنان واللبنانيين وتقديم كل أنواع الدعم لا سيما في الظروف الصعبة التي كان يمر فيها لبنان، وشدّد على معالجة مضمون المذكرة وجلاء ملابساتها وكافة المعطيات المتعلقة بها، وذلك انطلاقاً من الحرص على مصلحة البلدين والشعبين الشقيقين.
مغادرة الحريري ومجلس الوزراء
وغادر الرئيس الحريري بيروت في زيارة خاصة تستغرق بضعة أيام، وذلك بعد جلسة مجلس الوزراء.
واستحوذ الملف الاقتصادي على حيز واسع من النقاش من باب ما يمكن ان يلجأ إليه الرئيس ميشال عون من تصرف حيال سلسلة الرتب والرواتب سواء لجهة توقيع القانون المحال إليه من رئاسة المجلس النيابي مع قانون الموارد لها أو رده ضمن المهلة المتاحة له، مع ان الوزراء لم يسمعوا من الرئيس عون انه سيردها، لكنه أصر على دراسة الموارد لتغطيتها بدقة حرصا على توازن المالية العامة، وهو كان لفت في مداخلته في مستهل الجلسة الى ضرورة التقيد بالنصوص الدستورية التي ترعى اقرار الموازنة العامة، لاسيما المادة 84 من الدستور، مركزا على شمولية الموازنة ووحدتها، بعدما ابلغ الوزراء بالمراجعات التي تلقاها من اكثر من جهة حول السلسلة، داعيا الى تقييم ملاحظاتها بموضوعية.
وطابق في خلاصة النقاش الاقتصادي اعداد خطة عمل متكافئة وزارية للوصول الى الخطة الاقتصادية، وتقرر على هذا الصعيد اعادة تفعيل دور اللجنة الوزارية التي كانت تشكلت سابقا لوضع خطة اقتصادية شاملة.
على ان اللافت في هذا الجزء من النقاش المالي، بروز تباين في وجهات النظر، من موضوع السلسلة بين الرئيسين عون والحريري، وفي موضوع الارقام المالية للمعطيات الاقتصادية بين الرئيس عون ووزير المال علي حسن خليل.
فالرئيس الحريري، لفت في مداخلته في موضوع السلسلة الى وجود اعتماد بقيمة 1200 مليار ليرة لتغطية السلسلة في الموازنة، وان ملاحظات الهيئات والمرجعيات التي راجعت الرئيس عون زارته ايضا، ويمكن التفاعل معها، دون الحاجة الى اعادة فتح النقاش حول السلسلة وتوابعها من جديد، علما ان الاستقرار السياسي والامني يقلل حتما من الصعوبات المالية، خاتماً: «صحيح ان الوضع صعب لكنه ليس مستحيلا ويمكن النهوض به».
واوضحت مصادر وزارية ان النقاش في الارقام بين عون والوزير خليل تخلله شيء من الحدة، اذ اعتبر وزير المال ان الارقام التي اوردها رئيس الجمهورية في ورقته الاقتصادية التي وزعها على الوزراء غير دقيقة، فرد عليه عون بأنها مدروسة، وانها تتعلق بالسنوات المقبلة، لافتا الى ان الدراسة اعدها صندوق النقد الدولي.
وبحسب المصادر نفسها، فإن التوضيح الرئاسي ازال الالتباس بعد التشنج، خاصة وان الوزير خليل اعتقد بأن الرئيس عون يتحدث عن ارقام حالية مع انه اوضح انه المعني بالملف المالي، ولا يجوز ابعاده عنه.
وخلال عرض بند التعيينات الادارية في بعض المراكز في التفتيش المركزي و«اوجيرو» وغيرها طلب وزير الداخلية نهاد المشنوق سحب بند تعيين محافظين لجبل لبنان المطروح له القاضي محمّد مكاوي، ولمحافظة البقاع المطروح له القاضي رولان شرتوني، «لمزيد من الدرس»، بعدما تبين ان ملف احدهما بحاجة لمزيد من التقييم.
واعترض الوزيران حمادة ويوسف فنيانوس على تغيير رئيس مجلس شورى الدولة القاضي شكري صادر واستبداله بالقاضي هنري الخوري، لان امام صادر اكثر من سنة ليحال الى التقاعد، بينما القاضي المعين بدلا منه لديه نحو سنة. وطلبا شرحا وتفسيرا للقرار ولكن لم يحصلا عليه.
وهو ما اثار حفيظة الوزير فنيانوس فقال لدى مغادرته مجلس الوزراء : «كل وحد ما بيمشي مع هالعهد بيطير على بيتو»، وهو كان تقصد قبل انعقاد المجلس بالسؤال: «ليش عم يعملوا هيك بشكري صادر». كذلك اعترض حمادة ووزير «القوات اللبنانية» غسان حاصباني على التعيينات في «اوجيرو»، لما اسمياه «الازدواج الوظيفي»، والمقصود هنا تعيين المهندس هادي بو فرحات عضوا في هيبة «اوجيرو»، رغم انه كان لدى «القوات» مرشحا لم يؤخذ به.
تجدر الاشارة الى ان مجلس الورزاء، عين القاضي صادر رئيس غرفة في محكمة التمييز، والقاضي هنري خوري رئيسا لمجلس شورى الدولة، ومصطفى بيرم مفتشا عاما ووائل خداج مفتشا ماليا والسيدة هوري ليون دير سركيسيان مفتشة عامة والسيدة وطفى لورنس مخلوف مفتشة عامة صحية وزراعية، وتعيين المهندس بوفرحات عضوا في هيئة ؛اوجيرو» وتجديد تعيين غسان ضاهر عضوا في نفس الهيئة.
وبالنسبة للانتخابات الفرعية في طرابلس وكسروان، علم ان وزير الداخلية طلب البت بالموضوع خلال الجلسة المقبلة، لانه لم يعد امام الداخلية مهلة قانونية لدعوة الهيئات الناخبة سوى مدة اسبوعين تنتهي في 17 آب، لاجراء هذه الانتخابات في الاسبوع الاخير من ايلول.
تحرير الاسرى
في هذا الوقت ، ارجأ الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، اطلالته التلفزيونية التي كانت مقررة في الثامنة والنصف من مساء امس، الى مساء اليوم بالتوقيت نفسه، لافساح المجال امام التغطية الاعلامية لعملية تحرير اسرى المقاومة، بحسب ما اعلنت العلاقات الاعلامية في الحزب، في بيان اذيع عصر امس، في وقت كانت تجري فيه عملية التبادل عند معبر «سعف» في ريف حماه، بدلا من الراشد في حلب، نظرا لقرب هذا المعبر من الحدود اللبنانية الشمالية، بين مسلحي جبهة النصر وعائلاتهم ونازحين سوريين، واسرى حزب الله الخمسة.
وتمت هذه العملية، على خمس دفعات، بحيث تم ادخال عدد من الحافلات التي تجمعت عند المعبر قرابة العصر، في مقابل تحرير الاسرى الخمسة تباعا، بدءا من الاسير احمد مزهر (من برعشيت)، وتلاه وصول موسى كوراني (من ياطر)، وحسن نزيه طه (من الهرمل)، فمحمد مهدي هاني شعيب (من الشرقية)، وكان الاخير محمّد جواد علي ياسين (من مجدل سلم).
وقرابة الحادية عشرة والنصف ليلا، وصل الاسرى المحررون الخمسة الى بلدة القاع، حيث اعد لهم استقبال شعبي حافل، شارك فيه المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا، وجمهور غفير من الأهالي.
وكان إبراهيم زار أمس بلدتي رأس بعلبك والقاع، ثم تفقد مركز أمن عام الجيوسية، وأكّد امام كنيسة مار الياس في القاع ان الدولة عازفة على تحرير جرودهم من المسلحين، كما فعلت في جرود عرسال، موضحاً ان الجيش يحضر لعملية واسعة ضد «داعش»، مشيراً إلى انه «اذا فضل «داعش» التفاوض فنحن جاهزون، وإذا أراد القوة فهي موجودة ايضاً».
ولفت إلى ان «سرايا أهل الشام» سينسحبون خلال أيام قليلة من الجرود، وسنراهم خارج الحدود اللبنانية في الأيام المقبلة.
وفي حين، بدأت عملية تفكيك مخميات النازحين في وادي حميد بعد ان أخلاها ساكنوها تمهيداً لانتشار الجيش فيها، افادت معلومات «ان عمّال بلدية عرسال عثروا على خمس عبوات ناسفة واحدة منها معدّة للتفجير إلى جانب الطريق داخل البلدة، وان الجيش عمل على تفجير اثنتين وتفكيك ثلاث على الفور»، موضحة «ان منطقة الكسارات كانت مركزاً لعمليات «النصرة» وتتضمّن مصنعاً للعبوات وتم العثور فيها على اوراق تتحدّث عن هيكلية المجلس العسكري للنصرة.
وبالفعل، ذكرت معلومات ان وحدات من اللواء التاسع في الجيش انتشرت في مرتفعات شميس وتلة بدر لاحكام السيطرة عليها، من أجل سد الثغرات المحاذية لحدود مناطق سيطرة «داعش» في جرود عرسال المتصلة بجرود رأس بعلبك والقاع، ولمنع تسلل المسلحين إلى مناطق قريبة من انتشار الجيش أو عرسال أو القرى الأخرى، بحسب ما أوضحت مصادر أمنية لـ«اللواء» التي اشارت إلى ان هناك مواقع أخرى سيتسلمها الجيش تباعاً، فيما تبقى العين الأمنية على داخل عرسال لمتابعة الخلايا الإرهابية إذا كانت لا تزال موجودة في البلدة.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *