الرئيسية / أخبار مميزة / خضر ماجد عن “العلاقة التكاملية بين الإعلام والثقافة” لمجلة “شؤون ثقافية”: لا ثقافة دون تواصل وإبلاغ وتعبير، ولا إعلام بمضمون جيد دون ثقافة تؤازره
%d8%ae%d8%b6%d8%b1-%d9%85%d8%a7%d8%ac%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%ab%d9%82%d8%a7%d9%81%d8%a9

خضر ماجد عن “العلاقة التكاملية بين الإعلام والثقافة” لمجلة “شؤون ثقافية”: لا ثقافة دون تواصل وإبلاغ وتعبير، ولا إعلام بمضمون جيد دون ثقافة تؤازره

الثقافة والاعلام كلاهما موهبة يثقلهما علم… لبنان مركز اعلامي متقدم ومرموق في العالم صاحب ارث ثقافي..

للثقافة مهام ومعنى أوسع من الاعلام بالرغم من تكاملهما في محجالات ومحطات كثيرة، غير أن للإعلام والثقافة هدف واحد هو تأمين التواصل ما بين الناس والاتصال بهم بهدف ايصال المعلومة، فالثقافة تعني التفاعل والاتصال بين اعضاء المجتمع والاعلام الثقافي يعني انتقال المعلومات او الافكار او الاتجاهات او العواطف من شخص او جماعة او وسيلة الى شخص او جماعة اخرى من خلال الرموز. ويعتبر الاعلام ثقافي عندما يقدم مضمونا أو رسالة ثقافية معينة، عبر نقل المضمون الثقافي عن طريق الرموز في وسائل الاتصال والاعلام.

هذه العلاقة بين الاعلام والثقافة لا بد لها من نتائج تكاملية من أجل النهوض بالمجتمع، فالمنتج الثقافي مهما تنوعت اشكاله يحتاج الى تسويق يرقى بمضمونه وترويجه وانتشاره بشكل فاعل لتحقيق الهدف المرسوم له.

لذلك فإن العلاقة بين الثقافة والاعلام متداخلة ومتكاملة بالرغم من بعض الخصوصية لكل منهما ازدادت مع التطور الهائل في وسائل الاعلام ولاسيما التواصل الاجتماعي منها.

وإن كانت الثقافة اوسع مضمونا من الاعلام الا ان الاخير هو السباق في الوجود مع جاجة الانسان الى التعبير والتواصل قبل خلق الثقافة الخاصة به الناتجة عن العادات والتقاليد وتراكماتها، اضافة الى ان اي ثقافة لا يسعها البقاء والاستمرار دون اعلام يروج لها وينشرها ويثبت مكانتها ان لم نقل وجود استحالة لاي معادلة ثقافية دون ان يكون للاعلام حضور قوي ومتداخل معها لما له من ثقل وتأثير وتفاعل.

العامل الاساس للعلاقة هو المعرفة فلا ثقافة دون تواصل وابلاغ وتعبير ولا اعلام ذات مضمون جيد دون ثقافة تؤازره. اضافة الى ان الدور الاول هو لوسائل الاعلام في تلاقح الثقافات وتداخلها لاسيما في عصر الانترنت والفضائيات.

ما نريد قوله هنا ان لا بد ان يكون للثقافة اعلام والعكس هو الصحيح فالمعرفة ترتبط بالتاريخ والاجتماع البشري وهي علاقة يجب ان تكون حتمية في تكوين العلاقات المختلفة بين الدول والافراد والمجتمعات، فمع بداية التاريخ كان الاعلام المعرفي او الثقافي هو الصوت ودق الطبول في محاولة للتحذير او الاعلان عن امر ما من حرب او غيره، ثم كانت الرسوم والنقوش على الجدران او ورق البردى وكانت نخبوية تختص بالكهنة االملوك والامراء والتجار ثم تحولت مع الوقت الى معرفة وثقافة الشعوب.

الثقافة والاعلام كلاهما موهبة يثقلهما علم بما يعنيه من معارف وتوارث ثقافات تتناول كل اوجه الحياة البشرية، اقتصاديا واجتماعيا وتربويا زعلوما وفنونا على اختلافها.

وهنا تجدر الاشارة الى ان منظمة الونيسكو في دورتها عام 1948 أقرت في تقريرها انه ليس مهنة تتطلب ثقافة متنوعة، وذهناً منفتحاً كالصحافة، كما اقرت انه من الضروري اعطاء تثقيف كاف للذين يمارسون مهنة الصحافة، اما الصحافيون العاملون فقد رأت ان يكتفى بصقلهم في دورات تدريبية وحلقات دراسية . وكان الرأي والمثال والتعليق روافد الفكرة والثقافة والمعرفة الخاصة والعامة والإبداع التي من دونها يبقى عرش صاحبة الجلالة عرشاً كرتونياً، وسلطانها سلطاناً زائفاً قائماً على الجهل والإرتجال، ومحكوماً عليه عاجلاً ام آجلاً بالزوال.

لذلك، يحتاج الاعلامي مع الموهبة والميل الفطري الى قدر كاف من الثقافة العامة المتعددة النواحي الى دراسة جامعية تستمر حتى بعد التخرج بالمطالعة والدرس، وبالرجوع الى المصادر والكتب، والموضوعات وبذلك يتخذ الفضول الذي يعد من اهم الصفات التي يجب ان يتحلى بها الصحفي معناه الحق المجدي للنفس وللغير، كذلك الأمر بالنسبة الى الموهبة والرغبة.

من البديهات ان الاعلامي المثقف المسؤول عن تنوير الرأي العام، وتغذيته، بصورة دائمة بالأخبار والأراء عن كل ما يجري حوله، وفي العالم من احداث وتغيرات واكتشافات، وتيارات، ونزاعات، والمسؤول عن اشراك قارئه اوسامعه او مشاهده، بحركة الحياة العامة، على الصعيدين الوطني والعام اشتراكاً حياً متفاعلاً بقدر ما تتيح وسائل الإعلام المتطورة من اتصال دائم وسريع وفاعل، تتقلص معه الأبعاد وتتوحد الأفكار والعواطف والتطلعات في عالم تحول بفضل هذه الوسائل الى قرية كونية صغيرة .

من البديهيات، ان الصحفي المسؤول عن كل ذلك، والطامح عبر ذلك الى الإضطلاع باعباء دور قيادي ورسولي لا يصح ان يكون دون مستوى قارئه العادي، ثقافة وعلماً وخبرة في ما يتولى معالجته من شؤون .

وليس اصدق من القول المأثور: ان الطبيب اذا اخطأ قتل مريضاً، اما الاعلامي الذي يخطئ يقتل شعباً او يعرّض حياة امة للموت.

ان هامش الثقافة في الاعلام ليس كما هو عليه اليوم، فللاعلام اهتمامات اخرى غير الثقافة، ان تطور التكنولوجيا جعل الاعلام متاحا لكل فرد، وفتح الباب واسعا للثقافات المتعددة لغزو كل منزل، فبلحظات تنتشر “تغريدة” او جملة او معلومة في كل بقاع الارض، لذلك اصبحت الثقافة متاحة للجميع دون حصرها بالنخب، لذلك لا بد من ايجاد مفهوم للشراكة بين المؤسسات الثقافية والاعلامية لردم الهوة بين ما يقدمه الطرفات وكيفية ايصالها للناس، ضمن شراكة الوعي. فالثقافة هي ما تبقى من ذاكرة وما يتجلى من اثر حضاري لدى المجتمع وهو ما يعكس الهوية الوطنية والقومية في بعدها الانساني والحضاري، اما الاعلام فهو الميدان رحب لازدهار سائر صنوف الثقافة والفنون والفكر ومرتع خصب لنمو أشكالها وتطورها وهي ايضا ساحة سجال فكري وأدبي يقود الى عملية تنشيط في تركيبة المجتمع وعقلة ووعيه ووجدانه.

الاعلام الجديد والثقافة

            يقودنا الكلام عن العلاقة بين الاعلام والثقافة الى التطور الهائل في وسائل الاتصال وتاثيرها على الثقافة لاسيما مع تطور استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، فمقدمة ابن خلدون أكدت على ان الانسان كائن اجتماعي، التواصل حلقة اساسية في حياته اليومية وفي علاقته بمحيطه، وقد ساهم ظهور الاعلام الجديد من فضائيات وفيسبوك وتويتر وفايبر وواتساب الى بروز استخدامات جديدة ومعارف حديثة وبالتالي تداخل ثقافات وانتاج اخرى جديدة. مما طرح ما عرف بالاعلام البديل وفرضية ان هذا الاعلام البديل هل يتطلب ثقافة بديلة؟، ليأتي الجواب من الكثيرين بالايجاب الفوري باعتبار ان الاستخدامات والسياقات التي تعمل بها مواقع التواصل الاجتماعي خلق ثقافة جديدة وبالتالي كان لهذا التوظيف والدور التاثير السلبي والايجابي لهذه الوسائل على الثقافة وحوّلها من ثقافة حضارات وشعوب الى ثقافة معولمة عابرة لكل المفاهيم التي قامت عليها سايقاً.

            وقد عرًف العلماء مواقع التواصل الاجتماعي بأنها “منظومة من الشبكات الالكترونية التي تسمح للمشترك فيها بانشاء موقع خاص به ومن ثم ربطه من خلال نظام اجتماعي الكتروني مع أعضاء آخرين بهذا الموقع، ويشترك هؤلاء الافراد في الاهتمامات والهوايات”. وهذه الشراكة تخلق لديهم مفاهيم وثقافات مندمجة وجديدة وفق قواعد حددها ستيف وولغار بخمس هي:

–          ارتباط التكنولوجيا من جهة بالسياقات الاجتماعية المخصوصة وقبولها وتبنيها واستخدامها.

–          التوزيع الاجتماعي المتفاوت للمخاطر المتصلة بالتكنولوجيا.

–          تكاملية العلاقة بين التكنولوجيا والنشاطات الاجتماعية.

–          تغذية النشاطات الافتراضية للنشاطات الاجتماعية.

–          قدرة الانخراط في الفضاء الملائم على تعزيز الاندماج في السياقات المحلية.

ومن التأثيرات السلبية أكد كل من هوركيمر وتيودور أدورنو أن عصر التكنولوجيا هو عصر الهيمنة وتصنيع الثقافة واخضاعها لقانون المنفعة، كما يرى آخرون أن وسائل التواصل الاجتماعي خلقت سلبيات اجتماعية وثقافية أبرزها تهديد القيم الاجتماعية والهوية الوطنية عبر القضاء على العلاقات الاسرية بعد ان صار أغلب الافراد يفضلون الجلوس امام شاشات الحاسوب أو الهاتف المحمول في بقدر ما ازالت المسافات الجغرافية عبر العالم فإنها ابعدت المسافات بين أفراد الاسرة الواحدة. كذلك فإن استخدامات هذه الوسائل قد أثرت على استخدام اللغة الام عبر ابتداع لغات خاصة. كما أن من سلبيات وسائل التواصل الاجتماعي او الاعلام الجديد على الثقافات هو التوظيف السيء عبر البدع وتسويق الافكار الارهابية والتكفيرية اضافة الى ترويج الاشاعات والمفاهيم الخاطئة والكاذبة.

لكن وسائل التواصل الاجتماعي – الاعلام الجديد، سلاح ذو حدين فبالمقابل أثبتت نظرية الاستخدامات والاشباعات ان التقنية قد تكون مفيدة لانها تلبي حاجيات الافراد. وهي تساهم في تسهيل حياتنا اليومية عبر الخدمات التي تقدمها واختزال المسافات والوقت.

لبنان بلد الثقافة والاعلام

بالرغم من الهوة الكبيرة بين المنطقة العربية والعالم في صناعة التكنولوجيا وثورة المعلومات برع اللبنانيون في قطاع الاتصالات والتكنولوجيا والاعلام. ويبقى لبنان ركيزة نمو ومنافسة استثنائية في المنطقة، بسبب موقعه وجامعاته وشبابه المتعلم والمبتكر. وهو ملتقى هام لتلقى وتصدير التكنولوجيا وصناعة البرامج ووسائل الاتصال الحديثة ويشكل موقعاً استثمارياً ناجحاً ومتقدماً في هذا المجال.

ويعتبر لبنان مركزاً اعلامياً متقدماً ومرموقاً في العالم حيث اكدت الدراسات العالمية بانه يأتي في طليعة دول العالم العربي في هذا المجال، ويشكل محور استقطاب للعديد من محطات التلفزة والاذاعة والصحف والمجلات والكتب العربية والعالمية  بالإضافة الى المحلية المتنوعة والمتخصصة اضافة الى الفضائيات والمواقع الالكترونية، ويتميز بحرية الرأي والفكر والمعتقد وبتوفر الكفاءات والخبرات ووجود كليات لتدريس اختصاص الإعلام بفروعه المرئي والمسموع والمكتوب والاعلان والعلاقات العامة والتوثيق والفنون والاخراج والمسرح والتمثيل …

مما يوفر أرضية خصبة لهذا العالم الواسع من الانتاج والابتكار والابداع عبر طاقات اعلامية تبرز جلياً على شاشات ومحطات الاعلام المحلية والعالمية المختلفة.

تزدهر صناعة الاعلام في لبنان وتتعدد المهن الاعلامية فيه، مع وجود ثماني محطات تلفزيونية محلية وفضائية لبنانية بالإضافة الى عدد كبير من المحطات العربية والاجنبية التي تتخذ من لبنان لها مقراً او مركزاً تطل عبره على العالم. مع مكاتب لمختلف وكالات الانباء والصحف والمجلات العالمية والمحلية، والمطابع ودور النشر…

هذا الاعلام يأتي مع تمايز الشعب اللبناني بمواكبته لاحدث العلوم والاختراعات والثقافات ويشكل ثروة بشرية مبتكرة ومتخصصة حيث يسجل التعليم بمختلف مراحله حتى الدراسات العليا اعلى الارقام نسبة الى الدول العربية ومنطقة الشرق الاوسط، مما وفر عمالة وطنية متخصصة وكفوءه. اضافة الى أن نسبة المتعلمين في لبنان تبلغ حولي 90 بالمئة وهي نسبة مرتفعة بالمقارنة مع دول المنطقة بشكل عام.

كما ان للبنان ارث ثقافي توارثه عبر الدهور لكثرة الحضارات والثقافات التي مرت عليه بحكم موقعه الجغرافي المميز، وما تسمية بيروت عاصمة عالمية للكتاب عام 2009 والعاصمة الثقافية للعام 1999، الا دليل ساطع على تمتع لبنان بمركز مهم، على صعيد التفاعل الثقافي والحضاري في العالم . فالمؤسسات التعليمية والتربوية، على تنوع ثقافتها ومستوياتها متوفرة بشكل قوي وراسخ، وكذلك دور النشر والطباعة والمسارح والمتاحف والمؤسسات الاعلامية… وهذا ما جعل من لبنان مقراً رئيسياً للتفاعل بين مختلف الحضارات الشرق اوسطية لا بل العالمية، وقد شجع على ذلك ما يتمتع به لبنان من نظام سياسي يضمن حرية القول والفكر والمعتقد ويصون حقوق الملكية الفكرية.

وأخبرا لا بد من الاشارة الى دور الاعلام في لبنان لاسيما العام منه عبر استراتيجية تقوم بها وزارتا الاعلام والثقافة بمساندة ومؤازرة الاعلام الرسمي والمؤسسات الثقافية وهذا لا يعني التوجيه الاعلامي والثقافي بقدر ما هو تثبيت الوعي وحفظ الهوية الوطنية والثقافية في ظل العولمة القائمة في عصرنا الحديث. ولذلك تقوم مديرية الدراسات والمنشورات اللبنانية في وزارة الاعلام بمجموعة من النشاطات والمؤتمرات والندوات والنشر تقليدي والحديث لمواكبة التكنولوجيا العالمية،  فعملنا علة التسويق والشر عبر مختلف الوسائط وبلغات متعددة لتعميم الوجه الاعلامي والثقافي المشع للبنان وكذلك السياحي والاقتصادي والسياسي والاجتماعي ومشاركة الرأي العام والتفاعل معه بواسطة العديد من صفحات التويتر والفيسبوك والانستغرام اضافة الى الموقع الالكتروني المتعدد اللغات حيث يحاكي المغترب اللبناني في الخارج من جهة ويخاطب المستثمر والسائح الاجنبي من جهة اخرى.

Facebook Twitter DZone It! Digg It! StumbleUpon Technorati Del.icio.us NewsVine Reddit Blinklist Add diigo bookmark

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *