الرئيسية / أخبار مميزة / كيف يُستخدم الذكاء الاصطناعي في تعليم الأطفال؟
artificial-intelligenceAA

كيف يُستخدم الذكاء الاصطناعي في تعليم الأطفال؟

لا شك أن الذكاء الاصطناعي لم يعد حكرا على شريحة مجتمعية معينة بل أصبح في متناول الجميع وقد تسلل فعليا للعديد من مجالات حياتنا اليومية. المدرسة بدورها لم تسلم من هذا الغزو التكنولوجي السريع الذي بدأ في خلق طفرة نوعية مهمة في سلوكيات كافة المتدخلين في العملية التعليمية-التعلمية، وفي طريقة تعاملهم مع التكنولوجيات الحديثة، لدرجة ازداد معها التخوف من حلول الذكاء الاصطناعي محل المعلم(ة) و البرامج الرقمية محل المقررات الحالية. ماذا يقصد إذن بالذكاء الاصطناعي؟ و كيف أصبح يؤثر على التعليم؟

ربما لن تُدرس الروبوتات للطلاب في المدارس قريباً، لكن التقدم الذي يحرزه الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية يتسارع. فهل سيُحدث الذكاء الاصطناعي ثورة في كفاءة العملية التعليمية أم سيشكل خطورة على تعليم الأطفال؟ وهل يمكن فعلاً تحديد معايير مشاركة البيانات وضمان الخصوصية والشفافية في استخدامها؟ تثير هذه الأسئلة دوماً الجدلَ حول الدور الذي ستلعبه أنظمة الذكاء الاصطناعي في مجال تعليم الأطفال، لكن الحقيقة الثابتة هي أن برامج الذكاء الاصطناعي تتحول ببطء إلى ركن أساسي في كل تصوراتنا عن مستقبل التعليم.

مساعدة مبكرة

تتنوع البرامج الذكية الموجهة للأطفال باختلاف مستويات التعليم؛ حيث يركز معظمها على بدايات مراحل التعليم الأساسي أو مرحلة ما قبل التعليم الجامعي. ومع ذلك، فإن هناك العديد من أنظمة الذكاء الاصطناعي المخصصة للأطفال في المراحل المبكرة من حياتهم، من ضمنها أداة Kidsense. وهذه الأداة المخصصة للتعرّف على اللغة المنطوقة وترجمتها إلى نص -باستخدام تقنية التعرّف التلقائي على الكلام (ASR)- تهدف إلى المساعدة في تدوين الملاحظات أو التدريب على استخدام المفردات أو إجراء الاختبارات، كما تحدد أيضاً مواضع النطق الخاطئ لدى الأطفال.

وتستخدم الأداة -التي طورتها الشركة التي تحمل نفس الاسم- محركاً مخصصاً للتعرف على الكلام، يعتمد على علم الأعصاب، ومبنياً على دمج عدد من النماذج اللغوية والسمعية، ولديه قدرة على فهم اللغة الطبيعية. ونظراً لصعوبة فهم حديث الأطفال، تستخدم الشركة خوارزميات مخصصة للترجمة الدقيقة.

تحسين عملية التقييم

تظهر الإمكانات الهائلة للذكاء الاصطناعي في جانب تعليمي آخر، ألا وهو عملية تقييم الطلاب. وفي ورقة بحثية نشرتها في دورية نيتشر عام 2017، تشير روز لوكن، الأستاذة المتخصصة في أبحاث الذكاء الاصطناعي والتعلم في كلية لندن الجامعية، إلى أنه يعد أداة قوية لفتح “الصندوق الأسود للتعلم”، فهو يقدم فهماً عميقاً لمتى وكيف يحدث التعلم بالفعل.

وتوضح لوكن أن أنظمة التقييم المعتمدة على الذكاء الاصطناعي -مثل برنامج AIAssess الذي صمّمه باحثون في معمل المعرفة بكلية لندن الجامعية والمُخصص لطلاب العلوم والرياضيات- تستخدم المعلومات المتعلقة بالأنشطة الدراسية لكل طالب، والخطوات التي يتخذها الطالب أثناء ممارستها، والنتائج التي يمكن اعتبارها نجاحاً في هذه الأنشطة. وباستخدام تقنيات مثل النمذجة الحاسوبية والتعلم الآلي على هذه المعلومات، يمكن تقييم تقدُّم كل طالب على مدار فترة زمنية طويلة قد تمتد إلى شهور أو حتى سنوات، وهو تقييم أكثر واقعية بكثير من التقييم المعتمد فقط على امتحان يستمر لمدة 90 دقيقة، كما أنه قادر على قياس ما وراء المستوى المعرفي لدى الطالب؛ إذ يقيس أيضاً مهارات مثل التعاون والمثابرة ومقدار الثقة بالنفس.

التغلب على صعوبات التعلم

أحد المجالات الأخرى التي قد يلعب فيها الذكاء الاصطناعي دوراً هاماً، هو دمج الأطفال الذين يعانون من صعوبات في التعلم، مثل عسر القراءة أو الكتابة واضطرابات فرط الحركة. فمع زيادة صعوبة المواد الدراسية وتقدم المستوى بمرور الوقت، تتضح الفروقات بين الطلاب، فيضطر المعلمون إما إلى التباطؤ من أجل الأطفال ذوي القدرات الأضعف أو الاستمرار بوتيرة تناسب غالبية الطلاب، بغض النظر عن اختلافاتهم.

هنا تتدخل برامج الذكاء الاصطناعي لملء هذه الفجوة، حيث يمكنها تحديد البرامج المناسبة للطلاب بشكل فردي، واختيار السرعة المثالية لكل طالب.

وإحدى التجارب السبّاقة في هذا المجال هو “كاشف صعوبات التعلم القائم على التصور الحسي (PLEDDOR)”، وهو شبكة عصبية اصطناعية (ANN) طورتها عالمة الأحياء التطورية كافيتا جاين عام 2009، وهي قادرة على تحديد الصعوبات في القراءة والكتابة والرياضيات (عسر الحساب)، باستخدام اختبار يضم 11 وحدة تناظر أقسام مختلفة من الاختبار التقليدي، وتمت تجربة هذا النظام على 240 طفلاً في الهند، وأظهر نتائج مبشرة.

وفي الوقت الحالي، تعمل أنظمة مثل “دراجون“، الذي طورته شركة ناونس كوميونيكشنز الأميركية على مساعدة الطلاب الذين يعانون من مشاكل في التعلم نتيجة صعوبة الحركة أو حتى أولئك المصابين بإعاقات مثل الشلل الدماغي، على تحسين أساليب تعليمهم؛ فالنظام قادر على التعرف على الصوت أثناء الإملاء وتحويل الكلام إلى نص مكتوب، والتعرف على الأوامر الموجهة له، بالإضافة إلى تحويل النص المكتوب إلى كلام منطوق باللغة الطبيعية.

تجربة عربية

إحدى الشركات الرائدة في مجال استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم، في المنطقة العربية، هي شركة “ألف للتعليم”، التي يقع مقرها الرئيسي في أبوظبي بالإمارات العربية المتحدة.

وتعمل الشركة على تعزيز مفاهيم الذكاء الاصطناعي في مجال التعليم؛ حيث أطلقت ما تُشير إليه باسم “المدرسة المصغّرة” التي تحاكي مدارس المستقبل، مع تزويدها بمنصة تعليمية تركز على المهارات التي تزيد من كفاءة الطلاب ومستواهم التعليمي، مشيرة إلى أن حوالي 50 ألف طالب في 151 مدرسة بأبوظبي، و3 مدارس بالولايات المتحدة الأميركية يستفيدون حالياً من منصتها.

وتوضح الشركة أنها تقدم المحتوى من خلال نظام Bite-Size لتعزيز أهداف التعلم، الذي يشجع الطلاب على تصميم خطط التعلم الخاصة بهم، مشيرة إلى أن نظام “الوقت الحقيقي” الذي تستخدمه يسمح للمدرسين بتحديد نقاط الضعف عند الطلاب والتدخل لمساعدتهم في الوقت المناسب، كما أن برامج الذكاء الاصطناعي المستخدمة تتكيف مع مستوى التعلم عند كل طالب.

وكانت الشركة قد أبرمت، في شهر شباط الماضي، شراكة إستراتيجية مع خدمة غوغل للتعليم، تتضمن “تطوير منتجات تعليمية تكنولوجية تعزز من تجربة التعليم للطلاب والمدرسين إقليمياً وعالمياً”. كما وقعت مذكرة تفاهم مع شركة مايكروسوفت في سبتمبر الماضي، تتضمن دمج منصة ألف للتعليم مع كلٍ من منصة Teams وأوفيس 365، بالإضافة إلى العمل على أبحاث مشتركة في مجالات معالجة اللغة الطبيعية وتحليل البيانات.

 

تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم

توفر الطبيعة الرقمية والديناميكية للذكاء الاصطناعي مجالا مختلفا لا يمكن العثور عليه في البيئة التقليدية النمطية للمدرسة في وقتنا الحالي. فتطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم ستمكن من اكتشاف حدود تعلم جديدة وتسرّع إنشاء تقنيات مبتكرة. و من بين تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم نجد:

المحتوى الذكي

تهتم مجموعة من الشركات والمنصات الرقمية حاليا بإنشاء “محتوى ذكي” و ذلك من خلال تحويل الكتب التعليمية التقليدية إلى كتب ذكية وثيقة الصلة بالغاية التعليمية، وفي هذا السياق فقد ابتكرت شركة Content Technologies Inc. –وهي شركة تطوير ذكاء اصطناعي متخصصة في أتمتة العمليات التجارية وتصميم التعليم الذكي، مجموعة من خدمات المحتوى الذكي للتعليم.

Cram101 على سبيل المثال، يستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي للمساعدة في نشر محتوى الكتب المدرسية عبر دليل الدراسة الذكي الذي يتضمن ملخصات الفصول واختبارات الممارسة الصحيحة والاختيارات المتعددة. كما يمكن   JustTheFacts101 من  إبراز ملخصات نصية محددة لكل فصل، يتم أرشفتها بعد ذلك إلى مجموعة رقمية وإتاحتها على موقع أمازون.

تقوم شركات أخرى أيضا بإنشاء منصات محتوى ذكية متكاملة مع دمج المحتوى بتمارين الممارسة والتقييم مثل برنامج Netex Learning الذي يتيح للمعلمين تصميم مناهج رقمية ودمجها مع وسائط الصوت و الصورة، بالإضافة إلى إمكانية التقييم الذاتي.

 أنظمة التعليم الذكي

أنظمة التعليم الذكية (intelligent tutoring systems) المعروفة اختصارا ب ITS  هي أنظمة كمبيوتر مصممة لدعم وتحسين عملية التعلم والتدريس في مجال المعرفة،  وهي تقوم بتوفير دروس فورية دون الحاجة إلى تدخل من مدرس بشري، و تهدف ITS إلى تيسير التعلم بطريقة مجدية وفعالة باستخدام مجموعة متنوعة من تقنيات الحوسبة و الذكاء الاصطناعي.

و حسب تعريف كاتي هافنر (Katie Hafner ) فالتعليم  الذكي هو نظام يضم برامج تعليمية تحتوي على عنصر الذكاء الاصطناعي حيث يقوم النظام بتتبع أعمال الطلاب وإرشادهم كلما تطلب الأمر و ذلك من خلال جمع معلومات عن أداء كل طالب على حدة، كما يمكن أن يبرز نقاط القوة والضعف لدى كل متعلم، وتقديم الدعم اللازم له في الوقت المناسب.

ومن بين هذه الأنظمة نذكر على سبيل المثال لا الحصر:

[12]Bayesian Knowledge Tracing

CIRCSlM-Tutor

ZOSMAT

AutoTutor

ونقل موقع ( (DW  الالماني في ان تعود الأطفال والشبيبة على التعامل مع الألعاب الالكترونية، لدرجة تجعلهم يدركون بعد فترة قصيرة كيف يتغلبون على الآلة التي تكرر خططها وتكتيكاتها في اللعب، وهو ما يجعلهم يملون من اللعب سريعاً. ومن ناحية أخرى ما تزال الصور المعروضة على شاشة الكمبيوتر غير واقعية وهو ما يفقد اللاعب متعته أحياناً. لكن شركات الكمبيوتر بالتعاون مع مراكز الأبحاث في ألمانيا تسعى إلى جعل الألعاب أكثر جاذبية وأكثر واقعية اعتماداً على تقنية تتبع الأشعة أو Ray Tracing. وهذه التقنية تعتمد على حساب انعكاسات أشعة الضوء على الأشياء لتحويلها إلى خطوط تنطلق من نقطة تخيلية تمثل عين المشاهد، وبالتالي التمكن من رسمها بشكل ثلاثي الأبعاد وقريب من الواقعية.

و أكدت فريدريكه ماير تسو تيتنجدورف، المتحدثة عن مركز أبحاث الكمبيوتر بجامعة سارلاند، وأضافت في حديث لنفس الموقع (DW  )  ان “رؤيتنا المستقبلية أن نتمكن من دمج هذه التقنية في المستقبل في أجهزة الكمبيوتر الشخصية، حتى يمكن استخدامها في ألعاب الكمبيوتر لتصبح بالفعل مثلها مثل الأفلام الواقعية”. منذ عدة سنوات كان تطبيق هذه التقنية على الحاسب الآلي الشخصي مستحيل، إذ كان يحتاج إلى تقنيات متطورة، لكن مع تطور الحواسب الشخصية أصبح الأمر اليوم مجرد مسألة وقت، كما تؤكد تسو تيتنجدورف.

 

تقنية الواقع الافتراضي(VR)  و الواقع المعزز (AR)

تقنية الواقع الافتراضي عبارة عن محاكاة تفاعلية تتيح للمستخدم فرصة خوض تجارب مختلفة كالمشاركة في مباراة لكرة القدم أو زيارة أماكن معينة وهو جالس في منزله. يمكن للمستخدم إذن أن يكون جزءا من هذه التجربة، كما يمكنه التنقل داخلها، والتفاعل أيضا من خلال أجهزة خاصة تساعده في الاندماج بشكل كلي، وهي في الغالب عبارة عن نظارات للواقع الافتراضي أو وحدات تحكم مع استشعار للحركة.

تساعد هذه التقنية المتعلم على تنمية قدراته من خلال القيام بجولات افتراضية في أماكن تاريخية كسور الصين العظيم أو تصور وفهم وإدراك بعض البيانات العلمية المعقدة والتي لا تتيح دراستها بالأبعاد الثنائية الفهم المطلوب كمعاينة نظام المجموعة الشمسية عن قرب مثلا .

أما بالنسبة لتقنية الواقع المعزز (AR) فهي تختلف مع سابقتها في كونها تنقل المشاهد بعرض ثنائي أو ثلاثي الأبعاد في محيط المستخدم، حيث يتم دمج هذه المشاهد أمامه، لخلق واقع عرض مركب.

ختاماً لقد وجد الذكاء الاصطناعي طريقه إلى مناطق أكثر وأكثر في حياتنا اليومية، وتزايد الاهتمام بالموضوع بشكل مستمر.

وأصبح من الضروري الإقدام على هذه الخطوة من أجل تكوين جيل أفضل على مستوى التعامل مع هذه التقنيات إضافة إلى الاستعداد بشكل أفضل لوظائف المستقبل التي ستكون متاحة بشكل أكبر مقارنة مع الوظائف التقليدية.

خصوصاً وان الكثير من الوظائف ستختفي مستقبلا وستظهر أخرى مرتبطة بهذه التقنيات وأفضل استعداد لهذا التحول هو تكوين أجيال جديدة مستعدة لذلك.

 

 

 

 

المصادر: إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية

جسرلابز https://jisrlabs.com/

https://www.dw.com/ar /علوم و تكنولوجيا

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *