الرئيسية / صحف ومقالات / “الديَار”: الحرب الشاملة على سوريا لن تقع والحلول بين لجنة تحقيق وربما ضربة محدودة
flag-big

“الديَار”: الحرب الشاملة على سوريا لن تقع والحلول بين لجنة تحقيق وربما ضربة محدودة

ليس بالامر الجديد، اثارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب، موضوع استخدام النظام السوري لسلاح كيميائي في حربها ضد الجماعات الارهابية التكفيرية، التي تتخذ من المدنيين دروعا بشرية، يكونون هم الضحية، اذ يتحدث عن انه جرى استخدامه في دوما، ولا بد من معاقبة هذا النظام ورئيسه بشار الاسد.
ولقد سبق لترامب ان وجه اتهاماً للنظام السوري، باستخدام غاز «السارين»، على مدينة خان شيخون في ريف ادلب، ورد على ذلك بقصف مطار الشعيرات بصواريخ «التوماهوك» من بارجة حربية في 7 نيسان 2017، اي قبل عام، من توجيه اتهام جديد للنظام باستخدام سلاح كيميائي في دوما
التي كان يسيطر عليها الارهابيون من «جيش الاسلام» ومتفرعاته، حيث توعد الرئيس الاميركي بالرد، من خلال ضربة محددة المكان والاهداف.

ولم تتخذ الادارة الاميركية قرارها بعد، حول حجم العمل العسكري واهدافه ومكانه، اضافة الى توقيته ومدته الزمنية، وما اذا كان ترامب سيتراجع عن تهديده، كما حصل مع الرئيس الاميركي السابق باراك اوباما، الذي كان موقفه نفسه الذي يتخذه الرئيس الحالي، فوقفت روسيا ضد اي عمل عسكري اميركي، وتشكلت لجنة من الامم المتحدة للتحقيق بالحادث، وحصل اتفاق اميركي – روسي على تدمير سوريا لترسانتها الكيميائية، باشراف ومراقبة الامم المتحدة وهذا ما حصل في نهاية عام 2013.
فهل يتم التوصل الى اعادة تشكيل لجنة تحقيق دولية، كما تقترح روسيا، بعد ان تم وقف العمل بلجنة التحقيق المشتركة نهاية عام 2017، ولم يتم التجديد لها؟
فالسباق قائم بين حل دبلوماسي، او عمل عسكري لا يعرف حجمه قد تلجأ اليه الادارة الاميركية التي دخل اليها جون بولتون كمستشار للامن القومي، وهو من جماعة «المحافظون الجدد» ودعاة الحرب الذي انتقد الرئيس اوباما، لكنه قصر في مهامه بالقضاء على النظام السوري، وتساهل معه، ولم ينفذ وعده بضربة اذا استخدم السلاح الكيميائي، كما ان بولتون من اشد المعارضين للاتفاق النووي بين الدول الست وايران.

فالرئيس ترامب اكثر من انه يهدد، ولن يلجأ الى الحرب، كما يقول الخبير العسكري العميد المتقاعد الياس فرحات لـ«الديار»، اذ هو قبل شهر كان دعا الى سحب القوات الاميركية من سوريا بعد ان ادت مهامها في اجتثاث تنظيم داعش او ضرب وجوده العسكري، فكيف سيتجه الى الحرب، التي ما زالت في ذاكرة الاميركيين، كيف شنها الرئيس الاميركي جورج بوش الابن على العراق بناء لمعلومات كاذبة، عن وجود اسلحة دمار شامل لدى النظام العراقي، ويأوي على ارضه تنظيم «القاعدة» المتهم بهجوم 11 ايلول 2001 بالطائرات على برجي نيويورك ومقر وزارة الدفاع، ليتبين بعد الاحتلال الاميركي للعراق، بان لا وجود لاسلحة الدمار الشامل ولا لتنظيم «القاعدة» الذي ظهر مع احتلال العراق، وسقوط النظام، حيث اعترف وزير الخارجية الاميركي كولن باول، بان ما قدم من ذرائع كانت كاذبة، وهو يحمل عاراً في تاريخه.

فعند اعلان ترامب عن سحب القوات الاميركية من سوريا، تحركت «الدولة العميقة» في اميركا والمؤلفة من وزارة الدفاع ووزارة الخارجية والمخابرات الاميركية، ومراكز المال في «الوول ستريت»، اضافة الى بعض النخب الاميركية، التي تدعو الى البقاء الاميركي في سوريا، في حين يرى ترامب انه مكلف مالياً وعسكرياً، وفق الخبير العسكري العميد فرحات، الذي يعتبر ان لجوء الرئيس الاميركي الى الخيار العسكري وتصعيده، انما له علاقة بالخلافات معه داخل الادارة الاميركية التي قام بتغيير العديد من الافراد فيها.

ومع اعلان ترامب النفير الحربي، والاعلاف عن ارسال حاملة طائرات و5 بوارز وطرادات الى البحر الابيض المتوسط، حتى تحرك الكونغرس يسأله الى اين ذاهب، فالى الحرب؟ وبدأ الحديث في واشنطن عن رفض اي عمل عسكري الذي قد يتطور الى صدام مع روسيا في سوريا، قبل اجراء التحقيق في صحة ما يشاع عن استخدام سلاح كيميائي في دوما، حيث يتزامن الحديث عن الحرب مع ما قام به المحقق روبرت موللر الذي يحقق بتكليف من وزارة العدل في قضية تتعلق بتدخل روسي في الانتخابات الرئاسية الاميركية لصالح ترامب الذي يعتبره تحقيق غير عادل، وان اعضاءه 13 هم من الديموقراطيين المتشددين، ومن بعض كبار مناصري منافسته هيلاري كلينتون.

وفي الوقت الذي يحقق فيه موللر، بالتدخل الروسي، يتصل الرئيس ترامب بنظيره الروسي فلاديمير بوتين ويهنئه بتجديد ولايته الرئاسية، مما اثار عليه غضباً من خصومه، حيث رفع وتيرة التهديد بالحرب والسجال مع بوتين، للتأكيد على ان تحقيق موللر كاذب، وفق ما جاء في احدى تغريداته، وهو مضطر لخطاب الحرب لاسباب داخلية، كما يرى العميد فرحات في قراءته لمواقف ترامب والذي لن تقع كما يؤكد، لان حصولها سيضر بحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، وهذا ما لا ترغب به، اذ ان المشاورات ما زالت مستمرة بشأن ايجاد مخرج يقوم على تشكيل لجنة تحقيق، او ضربة محدودة بالمكان والزمان، كما حصل في مرات سابقة، الا ان الحرب الشاملة والواسعة لن تحصل، لان العالم لا يقبلها.
الديار

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *