الرئيسية / بحوث ودراسات / السوق الإعلامية والخريجين
flag-big

السوق الإعلامية والخريجين

د. أنطوان متّى

الربط بين سوق العمل والجامعة تحديداً، كليات ومعاهد، ليس جديداً أو غريباً عن التعليم العالي عموماً، بمختلف اختصاصاته ومناهجه. وهذا الربط معمول به في جامعات العالم الى درجة أنه بات جزءاً من “العولمة” الأكاديمية والوظيفية، إذا جاز التعبير، بحكم العلاقة “التزاوجية” والديالكتيكية بينهما، والتفاعلية والمردودية المشتركة الناتجة عنه.

والكلام عن “الحاجة” الجامعية بينهما، أصبح اليوم، في مفهوم التطور والسباق فيه وعليه كلاسيكياً تقليدياً في عصر التكنولوجيات والتقنيات الحديثة. وتحديداً في المجال الاعلامي، الصحافي والمرئي والمسموع، الارضي والفضائي، المحلي والاقليمي والعالمي.

وبالتالي لم يعد مسموحاً، اليوم، أن تبقى الجامعة أو المعاهد المتخصصة، أقله في اختصاصاتها وبرامجها وفي مختبراتها وتجهيزاتها، كجسم جامد مهمش عن محيطها الطبيعي، الا وهو سوق العمل.

وكذلك، فإنه من غير الطبيعي حتى على أرباب هذا السوق، مؤسسات ورساميل وكادرات بشرية، اهمال الجامعة او الابتعاد عنها، كونها الرافد الاساسي والطبيعي لهم، على مستوى المهارات والكفاءات العلمية الشابة، والمهيئة لتولي زمام المسؤوليات عندهم.

البرامج والمناهج والمؤسسات الاعلامية

          هنالك واقع مهني معيوش وملموس لدى القيمين على المؤسسات الاعلامية من جهة، ومن الطلاب أو الخريجين من جهة أخرى، يكشف عن “خلل” DYSFONCTIONNEMENT  في البرامج الدراسية والمقررات التعليمية ومتطلبات المهنة وحاجاتها، أو مستلزماتها. وهذا الواقع يطرح اشكالية PROBLEMATIQUE ، في أكثر من جانب، ويفرض بالتالي ايجاد “أجوبة” عملية لها، ويوجب مزيداً من التعاون بين الجامعة والمؤسسات. استطراداً يشكوا المهنيون “عموماً” أن الخريج يصل اليهم وفي حقيبته “شهادة” في الاعلام فيها الكثير من المواد “النظرية”، على الرغم من أهميتها، إنما فيها شح على المستوى المهني، العلمي والتطبيقي.

          الواقع أن هذه “الاشكالية” مردّها الى التوجه الاكاديمي العام والمتأرجح تارة بين اعتبار كلية الاعلام، كلية نظرية، وطوراً بين اعتبارها معهداً تطبيقياً مهنياً. في حين ان متطلبات المهنة تفرض حتمية التوفيق أو الجمع بين الاعتبارين أو النظريتين. بحيث يجمع الخريج الى ثقافته الجامعية الضرورية، ثقافة مهنية ملزمة. وهذا الوضع لا تعاني منه فقط كلياتنا الوطنية عموماً، بل هو مطروح أيضاً في الكليات الاجنبية الأخرى.

          كذلك، ومن جوانب هذه “الاشكالية” أيضا، ما يطرح من أن البرامج والمناهج في كليات الاعلام وتحديداً اللبنانية منها، هي مجرد “نسخ” منقحة عن البرامج والمناهج الاجنبية المدرسة في المؤسسات التعليمية الفرنسية والأنكلو-ساكسونية. أي أنها لا تأخذ في الاعتبار ما يناسب كامل حاجات الطالب أو الخريج وواقعه التربوي، فضلاً عن مستلزمات سوق العمل المحلي، والاقليمي أيضاً.

          قد يكون هذا الطرح فيه شيء من البالغة، وإن أعترف الجميع بصحته أو بواقعيته. لكن اللجوء الى ما هو متبع من منهجيات وبرامج في الجامعات الاجنبية لا يمكن وصفه “بالخطأ” الكلي. طالما أن مواكبته تربط كلياتنا بما هو معمول به في الجامعات العالمية المتقدمة في هذا الميدان، خصوصاً الخريجين الذين يودون متابعة دراساتهم العالية في الخارج.

          على صعيد آخر، واستكمالاً بالبحث عن “مخارج” أو أجوبة لهذه ” الأشكالية”، طرحنا في أكثر من مناسبة، سيما أثناء اجتماعات  لجان تعديل البرامج والمناهج، أو تطويرها وتحديثها، ضرورة أشراك القيمين المهنيين في المؤسسات الاعلامية، المكتوبة والمرئية والمسموعة، من رؤساء مجالس ادارة وتحرير للاستماع الى آرائهم أو لتقديم طروحاتهم ورؤيتهم لحاجات السوق الاعلامية، وللعناصر الاعلامية المؤسسة للخريج، نظرياً ومهنياً، بحكم التزامهم العضوي بالتطور التكنولوجي المستديم الذي تشهده وسائلهم. أي، بتعبير آخر، كيفية اغناء “حقيبة” الخريج ليبقى على مسافة تطور واحدة مع وسائل الاعلأم.

اضغط هنا لقراءة المزيد

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *