الرئيسية / صحف ومقالات / الجمهورية: جلسة الأربعاء مناورة بالذخيرة السياسية الحيّة قد لا تنتهي بانتخاب رئيس
الجمهورية

الجمهورية: جلسة الأربعاء مناورة بالذخيرة السياسية الحيّة قد لا تنتهي بانتخاب رئيس

كتبت صحيفة “الجمهورية”: قبل 72 ساعة على موعد الجلسة الانتخابية الرئاسية بعد غد الاربعاء، تلاحقت التطورات والمواقف في كل الاتجاهات لتولّد انطباعاً أولياً مفاده انّ هذه الجلسة حاملة الرقم 12 في عداد الجلسات التي عقدت حتى الان قبل يكون مصيرها كسابقاتها، إلا اذا حصل ما ليس في الحسبان… على رغم من انّ استعدادات الافرقاء السياسيين والكتل النيابية تشير الى انّ طبخة انتخاب الرئيس العتيد لم تنضج بعد، ولكنها قد تكون مقدمة لجلسة لاحقة ربما تكون هي الناجزة.
خلال عطلة الاسبوع وفيما الجميع ينتظر وصول الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الى لبنان، توجهت الانظار الى الرياض التي زارها وزير الخارجية السوري فيصل المقداد فيما توجه اليها السفير السعودي في لبنان وليد البخاري، وذلك بعد ان كانت زارتها وزيرة الخارجية الفرنسية كولونا، ما دلّ الى ان الملف اللبناني حاضر بقوة في هذه اللقاءات السعودية الفرنسية والسعودية ـ السورية، وكذلك السعودية ـ الايرانية، حيث سيكون هناك لقاء قريب بين وزيري خارجية البلدين بعد ان تم افتتاح السفارة الالايرانية في العاصمة السعودية، وربما تكون لهذا اللقاء ايضا علاقة بالزيارة التي سيقوم بها الرئيس الايراني السيد ابراهم رئيسي الى الرياض ملبية الدعوة التي كان قد وجهها اليه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز غداة توقيع الاتفاق السعودي ـ الايراني في بكين في العاشر من آذار الماضي.

وبدا واضحاً ان الفريق المعارض لترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية يعيش حالة من الارتباك الشديد، اول نتيجة عدم فهمه لطبيعة مواقف العواصم العربية والاجنبية المتعاطية في الاستحقاق الرئاسي خصوصا والوضع اللبناني عموما، فضلاً عن عجزه عن تأمين البوانتاج المطلوب لفوز مرشحه “المتقاطع عليه، لا المتوافق، الوزير السابق جهاد ازعور، في الوقت الذي يرشح ان “التيار الوطني الحر” يضمر تأييد الوزير السابق زياد بارود، وكل ذلك لهدف إسقاط ترشيح فرنجية ليس إلا، خصوصا ان ما يقوم به التيار والفريق المعارض ينقض تماماً شعاراتهما التي صمّا بها اذان اللبنانيين حول “الرئيس السيادي” ورفض مرشح “الممانعة” و”المنظومة” وسوى ذلك من التسميات والشعارات التي تبخرت بعد “التقاطع” على ازعور الوزير السابق لمالية المنظومة المرذولة لديهما.

فرنجية يرد على معارضيه
في هذه الاجواء أكد رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية في كلمة له في ذكرى مجزرة اهدن أن لديه رؤية واضحة لجميع الأمور الدستورية والإقتصادية وغيرها، مؤكدا أنه ملتزم بالإصلاحات وإتفاق الطائف وبالمركزية الإدارية الموجوده فيه. وقال: “في قاموسي لا تعطيل في الحياة السياسية، وفي قاموسهم “ما خلونا”، مؤكدا أن “الرئيس هو من يأخذ الموقف في عهده وليس بعد عهده”، ومشيرا الى أنه “سيكون رئيسا لكل اللبنانيين وليس لفريق معين، إذا وصل الى سدة الرئاسة”، مشددا على “المسؤولية الوطنية الكاملة الواقعة على عاتق الجميع”.
وقال فرنجية : “الظروف التي نمر فيها الآن تشبه كثيرا ظروف مجزرة اهدن، التي دفع ثمنها الميسحيون وكل لبنان”. وأضاف: “إن المصالحة ضربت كل مشاريع الالغاء”. وأكد أن “لا أحد يستطيع أن يُزايد علينا في مسيحيتنا ووطنيتنا وعروبتنا”. وشدد على أنه “يجب أن نطمئن المسيحيين أن الشريك في الوطن لا يريد الغاءنا بل نحن نلغي بعضنا”.
وقال: “كان المطلوب أن يتم تصويري بأنني مرشح لفريق قبل أن يعلن الرئيس نبيه بري والسيد حسن نصر الله ترشيحي”. وأضاف: “أنا سأكون منفتحاً على كل العالم”.
وسأل فرنجية رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع: “أنتم ضد مرشح الممانعة وهذا حقكم. ولكنني أريد التذكير انه في العام 2016 كانت الممانعة ضدي، وتم تعطيل النصاب الذي كان لمصلحتي مرارا. المشكلة ليست مع “حزب الله” بل مع أي مسيحي منفتح يمكن أن يأخذ البلد الى الاعتدال”.
ودعا فرنجية الى ان “نضع الاسماء كلها على طاولة حوار واحدة ومن دون شروط مسبقة من أحد”، مؤكدا “انني لا افرض نفسي على احد وعندما يتفق على مرشح وطني يكون عليه اجماع لا مشكلة عندي”. وحذر من “هذه العقلية الالغائية التي افتعلت مجزرة اهدن”. وشدد على ان “علاقتنا مع البطريرك مار بشارة بطرس الراعي ممتازة من اول يوم”. وقال: “جعجع يقول انه ضد مرشح الممانعة وهذا حقه، لكنه سبق ان تحالف مع مرشح حزب الله”. وختم: “تقاطعوا عليّ فقط ولا شيء يجمعهم”، معتبرا ان “التيار الوطني الحر” لا يريد مرشحا من المنظومة، لكنه جاء بأزعور من صلب المنظومة والابراء المستحيل”.

كل الاحتمالات واردة
وأكدت مصادر نيابية لـ”الجمهورية” ان كل الاحتمالات واردة في جلسة 14 حزيران، الا انتخاب رئيس الجمهورية الذي لم تتوافر بعد ظروف ولادته. وأشارت إلى أن هذه الجلسة ستسلك على الارجح أحد مسارين، فإما ان لا يكتمل نصابها أساسا، وإما تعطيله في الدورة الثانية.
واعتبرت هذه المصادر “ان الجلسة ستكون أقرب إلى مناورة انتخابية بالذخيرة السياسية الحية، لتظهير موازين القوى وتموضعات الكتل، أي انها ستنتج “الداتا” السياسية التي يمكن البناء عليها في مرحلة ما بعد 14 حزيران”.
ولفتت المصادر إلى ان النواب الرماديين والمتريثين باتَ لهم وزن في المعادلة الحالية، وسيجري “الشغل” عليهم من جانب معسكري سليمان فرنجية وجهاد أزعور خلال الأيام القليلة الفاصلة عن الجلسة لتحسين ارقام كل منهما في اعتبار ان الحسم مؤجل.

اجتماعات نيابية
وقبل يومين على جلسة الأربعاء الإنتخابية تتكثف الاجتماعات لمجموعة من الكتل النيابية التي لم تحسم قرارها بعد. فإلى الاجتماع الدوري الأسبوعي المقرر اليوم للمكتب السياسي الكتائبي يعقد اجتماع موسع عند الثالثة عصر اليوم لمجموعة نيابية ستضم ما بين 20 و22 نائبا مازالوا على لائحة المترددين، وهم من نواب “كتلة الاعتدال الوطني” ونواب بيروت وعدد من التغييريين ونواب كتلة صيدا – جزين في مكتب النائب عماد الحوت في بيروت بهدف توحيد الموقف من عملية التصويت في الجلسة الانتخابية تزامناً مع اجتماع آخر لنواب بيروت المستقلين السنة في دارة النائب نبيل بدر.
وعلى جدول الاجتماعات الاستثنائية واحدة لكتلة “التنمية والتحرير” برئاسة الرئيس نبيه بري بعد ظهر غد كما تعقد كتلة نواب الطاشناق اجتماعا مشتركا مع المكتب السياسي للحزب في الساعات المقبلة لتحديد الموقف.
وفي المواقف شدّد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، في عظة الاحد من بازيليك سيدة لبنان في حريصا، على أنّ “اللّبنانيّين في لبنان وخارجه، كما سواهم من الدّول المُحبّة للبنان، ينظرون إلى الأربعاء المقبل 14 حزيران الحالي، وهو يوم يدخل فيه النّواب مجلسهم لانتخاب رئيس للجمهوريّة، بعد فراغ 8 أشهر في سدّة الرّئاسة، فيما أوصال الدّولة تتفكّك، والشّعب يجوع، وقوانا الحيّة تهاجر، والعالم يستهجن هذه الممارسة الغريبة للسّياسة في لبنان”. ولفت الرّاعي إلى أنّ “الشّعب ينتظر انتخاب رئيس للجمهوريّة، ويصلّي لهذه الغاية، فيما الحديث الرّسمي بكلّ أسف، يدور حول تعطيل النّصاب في الجلسة، الأمر الّذي يلغي الحركة الدّيمقراطيّة، ويزيد الشّرخ في البلد، ويسقط الدّولة في أزمات أعمق”. وأوضح: “سَعينا في البطريركة المارونيّة لدى كلّ الأفرقاء، يهدف إلى انتزاع روح التحدّي والعداوة وأسلوب الفرض على الآخرين، ونحرص على أن يبقى الاستحقاق الرّئاسي محطّة في مسار العمليّة الدّيمقراطيّة، المطبوعة بروح الوفاق الوطني والأخوة الوطنيّة”، مشيرًا إلى أنّ “ما يعزّز هذه الحرص عندنا، هو أنّ كلّ الأفرقاء السّياسيّين والمرشّحين للرّئاسة، يعتمدون لغة التّوافق والحوار، بعيدًا عن كلّ أشكال التّحدّيات والانقسامات الطّائفيّة”.

جعجع والمترددين
وقال رئيس حزب “القوّات اللّبنانيّة” سمير جعجع، خلال عشاء لمنسقيّة البقاع الشّمالي في “القوات”: “من يسمع كلام “حركة أمل” و”حزب الله” عن الحوار مع بداية الفراغ الرّئاسي، يصدّق أنّهما يريدان الوصول إلى نتيجة، ولكن تبيّن أنّهما لن يقبلا أيّ اسم نطرحه، ولا يرغبان إلّا برئيس “تيّار المردة” سليمان فرنجية؛ ما لن نقبل به”. وشدّد على أنّ “من يجب التّوقّف عند أدائهم هُم المستقلّون ونوّاب التّغيير المحسوبون على المعارضة، إذ بعد تفاهمنا على أزعور لتسهيل الأمور، طالَعنا بعضهم بطروحات “عجيبة غريبة” ومنها رفض الاصطفافات الطّائفيّة والمذهبيّة”. وقال انّ “محور الممانعة عطّل وسيتابع هذا المسار، إلّا أنّنا لا ندري إذا هؤلاء النّواب يدركون أنّهم في تصرّفاتهم هذه يساهمون في ذلك أيضًا”. وأكّد أنّ “تاريخ 14 حزيران 2023 مفصليّ، ومن سيلجأ فيه إلى الأوراق البيضاء أو الأسماء الّتي لا أمل لديها أو الشّعارات، سيساهم مع محور الممانعة في التّعطيل”، معتبرًا أنّ “على كلّ نائب تحمّل مسؤوليّاته”. وتوّجه إلى جماهير “17 تشرين”، ودعاهم إلى “مطالبة النّواب الّذين انتخبوهم بضرورة الإسراع في الاختيار بين المرشّحَين، وعدم المساهمة مع “الممانعة” في التّعطيل الحاصل”.

“اوعا يوصل سليمان”
واعتبر النائب فيصل كرامي، في حديث متلفز أن لا رئيس للجمهورية بعد غد الأربعاء، “والبلد ما بيركب بهيدا الشكل”، وما يحصل بين القوى المسيحية اتفاق وَهم وعابر والاتفاق الحقيقي ليس اتفاق “اوعا خيّك” بل “اوعا يوصل سليمان فرنجية”. واضاف “أعلنتُ موقفي منذ 2013 أنني سأنتخب فرنجية، وهناك زيارات ستحصل وعلى ضوئها نتخذ قرارنا في التكتّل وسنزور المفتي ونستمع الى رأيه ثمّ نتخذ القرار بالإجماع وما تصوّت له الاكثرية نسير به”.
وأضاف: “لا أرى ان هناك غير سليمان فرنجية قادر على الوصول لاستراتيجية دفاعية ولا قادر على إيجاد الحل في موضوع النازحين السوريين”.

ثلاثة خيارات
وأكّد عضو تكتل الاعتدال الوطني النائب سجيع عطية في حديث متلفز أنّ نواب “الاعتدال الوطني” وكتلة صيدا بالاضافة الى بعض النواب التغييريين، أي حوالى العشرين أو إثنين وعشرين نائبًا، يحاولون أن يكونوا الوسط الوازن واختيار شخصية وسطية. وشدد على أنّ الاسم الثالث مستبعد في النقاش لتاريخ اللحضة، مشيرًا الى ثلاث خيارات منها التصويت بورقة بيضاء للابتعاد عن اصطفاف أو اختيار أحد المرشحين في موقف وازن”. وقال: “لن نقاطع ولن ننسحب ونتمنى على الجميع أن لا ينسحب”. وشدد على أن كلّ الاحتمالات مفتوحة أمامهم، مشيرًا الى أنّه اذا بقي النصاب قائمًا في الدورة الثانية سيتشاورون في الخطة”.
وامل ميتروبوليت بيروت للروم الارثوذكس المطران الياس عودة في عظة الاحد أمس “أن يعود النواب إلى ضميرهم ويتأملون في دقة المرحلة، وحاجة البلد القصوى إلى الإنقاذ، وأن يتوصلوا في الجلسة المقبلة إلى انتخاب رئيس للبلاد يكون فاتحة الطريق إلى الإنقاذ. أملنا أن تجري الجلسة في هدوء وديموقراطية ومسؤولية، بحسب ما يمليه دستور بلادنا وحراجة المرحلة، وبلا أي تحد أو انتهازية أو تعطيل أو تهديد. فلتجر العملية الإنتخابية بحرية وديموقراطية، ولنهنئ جميعنا الفائز ونبدأ مرحلة جديدة عنوانها العمل والإنقاذ.

هجمة ديبلوماسية
وفي هذه الاجواء كشفت مصادر ديبلوماسية لبنانية لـ”الجمهورية”، قبل يومين على مؤتمر بروكسيل للنازحين وقبل 48 ساعة على جلسة مجلس الوزراء، عن “هجمة ديبلوماسية” أوروبية في اتجاه وزارة الخارجية حيث من المقرر ان يلتقي وزير الخارجية عبدالله بوحبيب قبل ظهر اليوم سفيرة فرنسا آن غريو وبعدها سفير روسيا ألكسندر روداكوف فالسفيرة السويسرية ماريون وايخلت، وهي لقاءات مخصصة للبحث في أكثر من ملف ديبلوماسي ولا سيما تلك المتصلة بملف النازحين السوريين وعناوين اخرى مدرجة على جدول اعمال المؤتمر في بروكسيل.

مجلس الوزراء
وفي الوقت الذي تتوجه الانظار الى جلسة الأربعاء النيابية المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية يعقد مجلس الوزراء جلسة له الثالثة عصر غد للبحث في جدول اعمال من بندين لا ثالث لهما: الأول يتصل بملف النازحين السوريين عشية مؤتمر بروكسل المخصص لهذا الملف والذي سيشارك فيه لبنان بوفد يرأسه وزير الخارجية عبدالله بوحبيب حاملاً ورقة لبنان اليه مترجماُ بخطة سيبت بها المجلس غدا.
أما الملف الثاني فهو يتعلق بطلب وزارة العدل الموافقة على عقد اتفاق بالتراضي مع محامين فرنسيين للمعاونة في الدعوى المقدمة من الدولة الفرنسية في ملف كوساكوفا ورفاقها. واللافت أن الجلسة ستناقش طلب الوزارة في غياب وزير العدل هنري خوري الذي يقاطع جلسات مجلس الوزراء رفضاً منه لآلية العمل الحكومي في اعتبارها حكومة تصريف اعمال.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *