الرئيسية / أخبار مميزة / المكاري في تكريم منتدى القلم الذهبي لصلاح سلام: مثال ساطع ودليل قاطع على عراقة الصحافة اللبنانية وفخر أصالتها
صلاح سلام

المكاري في تكريم منتدى القلم الذهبي لصلاح سلام: مثال ساطع ودليل قاطع على عراقة الصحافة اللبنانية وفخر أصالتها

كرم “منتدى القلم الذهبي” رئيس تحرير جريدة “اللواء”  صلاح سلام  وقلده درع القلم الذهبي التذكاري لعام 2022 ، في فندق موفنبيك – بيروت، في  حضور النائب محمد خواجة ممثلا رئيس مجلس النواب نبيه بري ، وزير الاعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد المكاري ممثلا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ، الرئيس ميشال سليمان، الوزير السابق محمد المشنوق ممثلا  الرئيس تمام سلام ، الوزير السابق حسن منيمنة ممثلا الرئيس فؤاد السنيورة ، النواب: مروان حمادة، عدنان طرابلسي، فيصل الصايغ، عبد الرحمن البزري، قاسم هاشم، أسامة سعد ورضوان سلام ممثلا النائب نبيل بدر، القاضي  الشيخ خلدون عريمط ممثلا مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان القاضي الشيخ خلدون عريمط، رئيس المركز الكاثوليكي للاعلام الأب عبدو بو كسم  ممثلا البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الأب عبدو بو كسم، الوزراء والنواب السابقين: وليد الداعوق، محمد شقير، اليس شبطيني، إميل رحمة، خالد قباني، عمار حوري، نزيه منصور، وديع الخازن، الياس حنا، محمد أمين عيتاني،  محافظ بيروت مروان عبود، الرائد انطوان يمين ممثلا المدير العام للأمن العام بالوكالة الياس البيسري، العقيد جوزيف مسلم ممثلا المدير العام للأمن الداخلي اللواء عماد عثمان ، المقدم جوزيف نخلة ممثلا المدير العام لأمن الدولة طوني صليبا ، نائب السفير السعودي وليد البخاري فارس عمودي، المستشار احمد الحلبي ممثلا السفير الفلسطيني أشرف دبور، مفتي طرابلس السابق الدكتور الشيخ مالك الشعار، المدير العام للأمن العام السابق اللواء عباس ابراهيم،  الامين العام لوزارة الخارجية هاني الشميطلي  نقيب الصحافة عوني الكعكي، نقيب المحررين جوزيف القصيفي، أمين سر فصائل منظمة التحرير في لبنان فتحي أبو العرادات وفاعليات.

فواز

بداية، تحدث مؤسس المنتدى جميل ضاهر ، تلته الكاتبة جوريا فواز قائلة: “رغم كل ما ينتابنا من شقاء وأسى وألم، ورغم كل ما نتخبط به من ضوائق معيشية واجتماعية وسياسية، ورغم كل هذا التردي والتقهقر والفوضى، تبقى الكلمة هي العنوان والميزان الذي تكال به شخصية ولسان ناطقها لأن الكلمة إما أن تكون بناءة وإما أن تكون هدامة .  في هذه الظروف العصيبة المأزومة حيث يغضى عن الإبداع ويورب عن التميز، يبقى هناك من تعنيهم الكلمة ومن يعنيهم المداد، و هم من النخب الثقافية الذين يترجمون الإعجاب تكريما وينصفون أصحاب الكلمة بكلمة حق.  ومن أجدر من أصحاب الأقلام الذهبية بخط كلمات مذهبة في الذهب نفسه ليأتي تكريمه اليوم صحيحا وبديها وبعيدا من المحاباة والزلفى حيث المكرم جديرا به وأهلا له ولا تنقصه منابر الشهرة. ففي تاريخه سجلات احتشدت بها النجاحات من أوصاف وألقاب” .

وتابعت:”ليس سهلا الإنشغال والتطوع والتفرغ للعمل الصحفي في لبنان في ظل هذه المكونات المتناقضة والمختلفة والمتباينة ، وهي أشبه ما تكون بحقول من ألغام تنفجر عند خطأ بكلمة أو تعبير، ولا سيما أن صحيفة اللواء التي شارفت على الستين من عمرها حملت منذ تأسيسها رسالة الصدق والنطق بالحق ، وكشف الفساد والخطأ، ولأنها هي اللواء  فكنت لها العماد الذي رعاها بكل اهتمام وعناية، فلم يكتب الحرف فيها إلا بعد تفحص وتمحص ولم تكن إلا الناطقة دائما بصوت الحقيقة التي يتجنبها كثيرون في وطننا،  ورغم ما انتاب الصحافة المكتوبة من كلمات وعثرات وتراجع بسبب طغيان الصحافة الإلكترونية مع غيرها من الأسباب، الا أنكم جهدتم على استمرار النسخة الورقية   ليقينكم وهو صحيح بأن القراءة على الورق لا يلغيها الإلكترون وهذا هو التحدي الذي واجهتموه وكانت لديكم القدرة على تجاوز كل الصعاب والعراقيل”.

واضافت:”يا أهل الصحافة أنتم الناطقون بالحق وبألسنة الناس ، وأنتم سلطة من السلطات الفاعلة ، وإذا كان لبنان اليوم تعصف به أنواء عاتية ورياح هوجاء تركت تداعياتها في كل بيت ومواطن، فإن عملكم اليوم مضاعف لأنكم تحملون الحس الوطني والإنساني والأخلاقي، فبقدر ما تواجهون بقدر ما ترتفعون وبخاصة أصحاب الأقلام الحرة التي تجافي الرياء والتملق والكسب. بوركت أقلامكم ودعواتكم وصرخاتكم وأخيرا، مهما تشعبت الحياة وانعطفت مساراتها   يبقى الصدى دائما لمضمون الكلمة”.

وختمت:”هنيئا لك أستاذ صلاح سلام بهذا الرصيد من المحبين الذي جنيته وجمعته في تاريخك، الشكر لصحافتنا الصادقة والشكر أيضا لمنتدى القلم الذهبي الذي جعل عنوانه يكشف عن غايته”.

القصيفي

ثم تحدث القصيفي وقال:”عندما تكرم شبعا الجنوبية بدعوة من منتدى القلم الذهبي، البيروتي صلاح سلام، إنما تكرم كل لبنان إنطلاقا من عاصمته الكوزموبوليتية المفتوحة كبحرها على الحضارات التي توالت على أرض الوطن، حاملة معها التنوع الذي يستودع غنى الانسانية النوعي في مساحة جغرافية ضيقة تناقض رحابتها وقلبها الذي يتسع لكل التيارات الفكرية والثقافية والفنية . بيروت رئة العرب ومتنفسهم في زمن الديكتاتوريات، والاحاديات، والتوتاليتاريات. فإذا سألت عن الصحافة كانت هي صحافتهم، وعن المطبعة كانت هي مطبعتهم، وعن المسرح كانت هي مسرحهم. كانت موالهم الصادح، وعودهم الرنان، والاجراس المتصادية تفض هدأة السكون،على تكبير لله الواحد الأحد خلال المآذن التي تعانق الجوزاء، في مشهدية رائعة  ندر أن شهدنا مثيلا لها على امتداد العالم. وكأن لبنان ، اختصر إنطلاقا من درته المتوسطية ، كل قيم الخير والحق والجمال، في عناقه الابدي مع كل ما ترمز اليه ديانات السماء من سماح، وسلام وانفتاح”.

تابع:”إن صلاح سلام هو ابن هذه البيئة ونتاجها، منها تشرب كل الخصائص التي ميزتها، فكان وما فتيء عنوان العنفوان، والاعتدال، والحوار الدائم ، الضنين بوحدة العيش، والتفاعل الارادي بين مكونات الوطن لبناء ثقافة الحياة ، القائمة على إحترام آلاخر، والحق في الاختلاف ،لأنه رأى في التعددية وجها من أوجه الجمال، وعلامة فارقة في بلد هو اضمومة من زهر تعددت ألوانه وأشكاله وتناغمت بانسجام، حتى لتخالها قوس قزح يستظل سماء واحدة، تشدها اليه خيوط مذهبة من سحر الوصال الذي يتخطى حدود الزمان والمكان، ليستقر في العقول والقلوب، بل يقتحمها دون استئذان ليجسد عظمة التلاقي . صلاح سلام من ارومة إئتزرت الشفافية ، واتخذتها مسلكا في الحياة الدنيا. متصالح مع نفسه، ومع آلاخر، ساع إلى الخير، يجاهر بنبذ العنف، يجتنب خطاب الكراهية، يحمل لواء الاصلاح، يكرز بمكارم الاخلاق، يؤثر الهدؤ. به يضرب المثل في التهذيب الذي تهادى اليه من عائلة لها مكانتها في بيروت التي بادلتها الحب والوفاء. ومن منا ينسى عبد الغني سلام عميد  اللواء الذي كان مرجعا يفزع اليه في الملمات. وإن ننسى لا ننسى محاولات لم الشمل التي احتضنها بسخاء في داره ودارته ، وكنت شاهدا على بعضها، معجبا بدبلوماسيته ولياقته. في هذا الجو نشأ صلاح الذي حمل المشعل، وكان خير مؤتمن على الرسالة التي تناهت اليه، وكانت له النبراس في المشوار الذي أكمله بجدارة المتمكن من ملفاته. ونادرا ما كنا نرتاد مجلسا لحكماء، إلا وكان مكرمنا يتقدم صفوفه، بهمة عالية، وجبين شامخ ومنطق سديد، واحاطة شاملة، ورأي راجح”.

اضاف:”انه رجل المبادرات والمهمات الصعبة، لأنه يؤمن بفاعلية اللسان ، لا ببطش السنان. لوحدة البيارتة هو، دونما انتظار منة او شكورا. وللحوار الإسلامي- الإسلامي هو، وغايته وحدة الصف بديلا من الشرذمة. وللقاء الإسلامي- المسيحي هو ، لايمانه بأن وطنا مهيض الجناح لا يحلق نحو الذرى العاليات. إنه قامة وطنية متفردة في حركتها الدؤوب ، وهامة صحافية أرست قواعد مدرسة كم نحن في حاجة إلى مثيلاتها لنعيد المهنة إلى مداراتها السليمة. وهو الذي جمع تحت لواء صحيفته كوكبة من كرام الزميلات والزملاء الذين تحصنوا بالنزاهة والاحتراف والاخلاص للمهنة، فتقطرت الموضوعية من شفا اقلامهم، وما كانوا يوما إلا دعاة لكلمة سواء، من دونها لا قيامة للاوطان والمجتمعات”.

وختم:”هذا هو صلاح سلام الذي عرفته منذ سبعينيات القرن الغابر، وامتدت بيننا اواصر صداقة لم ينصرم حبلها يوما، وقد ازدادت رسوخا مع تقادم الزمن. إن شبعا التي تربض بثبات في مواجهة عدو عات، تنتظر اليوم الذي تضم إلى صدرها المزارع المسلوخة عنها قسرا، عساه لا يطول، تكرم مناضلا، مقاوما بالوقفة والموقف ، مؤمنا أن صولة الحق ستصرع البطل ، وتهزم الضلالة بقوة الالتزام بقدسية القضية التي حملها على منكبيه سائرا على درب الجلجلة ،غير عابيء بالاثمان التي يؤدي. فالشكر كل الشكر لمنتدى القلم الذهبي الذي دعا ، وكرم، ونظم، واوفى لصلاح سلام بعضا من حقه علينا جميعا. صلاح سلام ، من مقلع السلامية التي تركت بصمات على جبين لبنان وبيروت، وظلت وفية للعروبة المتنورة، فنعم ما انت عليه من مواهب، يا صديقي. وتهنئة نزجيها اليك موشاة بسكيب عطر، يطيب شميمه، يا لواء الكلمة الحرة”.

الكعكي

اما الكعكي فقال:”صلاح سلام، صديق وأخ ورفيق درب طويل، إذ أنني تعرفت عليه في بداية عملي بالصحافة، أعني أن المعرفة كانت في بداية 1970 ، أي في سبعينيات القرن الماضي، وكنا سويا في مجلس نقابة الصحافة. هذا المسار الطويل من العلاقات الأخوية تميزت بالاحترام المتبادل. صحيح أن شخصية الأستاذ صلاح هادئة ورصينة وهو يعطي رأيه بكل صراحة، ولكن بدون ضجيج، حتى في أصعب الأوقات تراه يتحدث بهدوء ومنطق حتى وإن كان رأيه مخالفا لرأي الشخص الآخر. يتميز أيضا بأنه يحاول أن يكون حياديا موضوعيا، إذ أنه بعيد جدا عن التطرف، ولكنه متمسك بخطه السياسي الهادىء وبمبادئه. وهو الذي يفتخر بإسلامه. الصحافة بالنسبة للأستاذ صلاح مهمة لا تجارة، ومن أجل ذلك لا يزال بجاهد ويناضل لإصدار جريدة اللواء في هذه الظروف الصعبة اقتصاديا وماليا. والأهم من كل هذا أن المساعدات التي كان يحصل عليها، مثله مثل كل صحافي ملتزم بخط سياسي وطني، كانت تأتيه من بعض الدول العربية الغنية. وأعني هنا دول النفط، وتوقفت كلها. ولكن الاستاذ صلاح سلام لم يتوقف وظل يصدر اللواء، وحسب معرفتي أنه يصرف من ماله الخاص على إصدارها، وفي بعض الأحيان يضطر إلى بيع ممتلكاته كي يدفع أجور المحررين والمطبعة والورق وغيرها من المصاريف”.

تابع:”إن المولود الجديد الذي دمر الصحافة الورقية، أعني الصحافة الإلكترونية، لم تحد من عزيمة وإصرار الأستاذ صلاح، وثابر على إصدار اللواء. وكأن المولود الجديد، لا يكفي، بل جاءت كارثة الكورونا، التي دمرت الصحافة الورقية أيضا، ويكفي أن جميع الطائرات تمنع أن تضع على متنها أي جريدة أو مجلة. وكأن تلك الكوارث  لا تكفي، حتى جاء الانهيار المالي، الذي دمر الحجر والبشر. مؤسسات كبيرة توقفت عن الصدور مثل دار الصياد ودار ألف ليلة وليلة وأخيرا جريدة “السفير”.

ختم:”في هذه المناسبة لا بد من شكر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لأنه قدم إلى عشر صحف منها اللواء والشرق والنهار والأخبار ونداء الوطن والديار والجمهورية مبلغا بقيمة 100 ألف دولار لمرة واحدة لكل جريدة، دعما لشراء الورق بعد موافقة الحكومة. كما أشكر الزميل والأخ صلاح سلام على دعوته الكريمة”.

المكاري

 وتحدث الوزير المكاري قائلا:”شرفني دولة رئيس مجلس الوزراء وكلفني أن أمثله في هذا الاحتفال الكريم. مبادرة عظيمة أن يقوم منتدى القلم الذهبي بتكريم قامة إعلامية رفيعة، فصلاح سلام هو صاحب الباع الطويل في الصحافة والسياسة والشأن العام، وسليل أسرة بيروتية عريقة، لطالما أعطت لبنان في ميادين الفكر والقلم والوطنية. عندما تجتمع العراقة مع الكلمة المسؤولة، يصبح التكريم متبادلا، فالقلم الذي يشهد للحق وينطق بالحقيقة هو الزمن الذهبي في الصحافة، وصلاح برصانته المعهودة مثال ساطع ودليل قاطع على عراقة الصحافة اللبنانية وفخر أصالتها. إن التقدم المهني والحداثة لا يعني التخلي عن قيم الصحافة الرصينة والكلمة المسؤولة، بل هو ممر ينبغي الإستناد عليه لأداء إعلامي متميز. ليس صحيحا بالمطلق، أن الحداثة تتعارض مع قيم التاريخ والعكس، فهنا يكمن مبدأ التكامل، والمفارقة أن المكرم يجمع بشخصه أجيال صحفية صنعت تجربة مهنية متميزة”.

وتابع:”اما بيروت، سيدة العواصم التي نحتفل بها عاصمة للإعلام العربي للعام 2023، فستبقى أمل اللبنانيين تنطلق كطائر الفينيق، فهي من علمتنا أن الانكسار ليس قدرا محتوما، لأن الانتصار قدر الأحرار أيضا. وانظروا كذلك إلى تمثال الشهداء في وسط بيروت بما يجسده من معاني التضحية والوطنية وحرية الفكر التي تبقى أغلى ما لدينا من قيم.”

وختم:”أغتنم وجودي على هذا المنبر لأدعو جميع الأفرقاء إلى تغليب مصلحة لبنان العليا والسعي لانتخاب رئيس للجمهورية توصلا إلى انتظام عمل المؤسسات تحت راية رمز وحدتها، والساهر على حسن عملها. أكرر شكري وامتناني إلى أصحاب هذه المبادرة منتدى القلم الذهبي كما أبارك للأستاذ الكبير المكرم صلاح سلام”.

سلام

وفي الختام تحدث المحتفى به وقال: “اسمحوا لي أولا أن أتوجه بالشكر إلى أعضاء منتدى القلم الذهبي في شبعا الأبية، وفي مقدمتهم رئيس المنتدى الأستاذ جميل ضاهر على هذا التكريم الحافل، وأود أن أعبر عن تقديري وإمتناني لمشاركتم بهذه المناسبة العزيزة على قلبي، وأخص بالتقدير معالي وزير الإعلام الصديق زياد مكاري والنقيبين العزيزين عوني الكعكي وجوزيف  القصيفي، ورئيس المجلس الوطني للإعلام رفيق الدرب الطويل الزميل عبدالهادي محفوظ، والصديق الصدوق معالي الدكتور خالد قباني، وطبعا لن أنسى توجيه تحية خاصة للإعلامية الناشطة لور سليمان على حضورها المميز.  الواقع أن هذه المناسبة مؤجلة منذ عام ٢٠١٩، حيث إندلعت الإنتفاضة  الشعبية المباركة في ١٩ تشرين الأول، قبل إسبوعين من التاريخ المحدد للاحتفال في شبعا، ثم جاءت جائحة كورونا، لتعطل الحياة ليس في لبنان وحسب، بل في الكوكب كله.   شبعا وما أدراك ما شبعا، تلك القلعة الصامدة أمام جبروت العدو الصهيوني، الخط الأمامي للمقاومة منذ أيام فتح لاند، معقل الوطنية وحصن القومية، على تلالها وفي مزارعها تسقط خطوط الحدود الوهمية لترسم حبات التراب اللبنانية والفلسطينية والسورية معالم مثلث الصمود ضد الإعتداءات الإسرئيلية.   مزارع شبعا تحتل مكانة خاصة  في تاريخنا الوطني لأنها مازالت تحت نير الإحتلال الصهيوني، وهي جزء لا يتجزأ من الأرض اللبنانية،  ولن تكتمل فرحة التحرير قبل إستعادة مزارع شبعا إلى حضن الوطن”.

وتابع:” لن أطيل عليكم بعدما سمعنا من الكرام ما أرجو أن أكون أستحقه، ولكن لا بد لي من القول أن هذا التكريم يتجاوز شخصي المتواضع، ليشمل پمبادرته كل الزملاء الأعزاء في أسرة اللواء ، الذين يتحملون الضغوطات النفسية والمهنية والمادية ويتابعون قيامهم بأعمالهم بمسؤولية وطنية وأخلاقية بعيدا عن أساليب الإغراء والإفتراء.   أيها الأصدقاء ، حضوركم اليوم يشهد على نهج الإعتدال والإنفتاح الذي تعتمده اللواء منذ عقود من الزمن، في معالجة القضايا والملفات الخلافية في لبنان، وهو تأكيد في الوقت نفسه أن الحوار وإحترام الخلاف مع الرأي الآخر، بل والقبول بالآخر شريكا في الوطن، هو السبيل الأول والوحيد للحفاظ على نقاوة الصيغة اللبنانية، وصون وطننا الحبيب لبنان، ودوره الحضاري والإنساني  الذي إعتبره البابا يوحنا الثاني عشر بأنه وطن الرسالة، لأننا نؤمن أن الحوار هو النهج الأسلم  لمعالجة الخلافات، وأن العنف لا يحل مشكلة بل يزيدها تعقيدا، وأن الحفاظ على التوازنات الداخلية،  هو الذي يصون المعادلات الوطنية من سرطان الخلل، الذي يضرب مقومات الدولة، ويعطل فعالية السلطة”.

اضاف:” لا أخفاكم، بل معظمكم يعلم، أن مسيرة اللواء الممتدة على نصف قرن ونيف من الزمن، كانت نموذجا للمعاناة والمصاعب التي تعترض مهنة المتاعب، بخاصة في الظروف الإستثنائية التي يعيشها لبنان منذ عام ١٩٧٥، والتطورات الدرامية المتلاحقة التي تنهش بإستقرار المنطقة.  تعرضنا لكثير من المخاطر ، وأنا شخصيا بقيت لأيام الشهيد الحي  إثر أول غارة إسرائيلية بعد حرب حزيران، على قاعدة فتحاوية في وادي الأردن، بعد عملية فدائية ليلية موفقة أسفرت عن مقتل جندي إسرائيلي وجرح إثنين من رفاقه. كنت بين المصابين مع المناضل الشيخ فهد الصباح ” أبو الفهود” الذي شارك في العملية الفدائية المشهودة.    لم تنفع أساليب الترهيب والترغيب في التأثير على ثوابت اللواء الوطنية والقومية. في ليلة ظلماء من شتاء عام ١٩٨٠ تم نسف مكاتب اللواء لأنها رفضت الدخول في المعركة التي كانت محتدمة في دمشق بين الرئيس حافظ الأسد وشقيقه رفعت ، قائد سرايا الدفاع عن النظام في تلك المرحلة، الذي حاول تطويق مراكز القرار في العاصمة السورية للسيطرة على السلطة، فيما شقيقه الرئيس على فراش المرض إثر وعكة صحية مفاجئة”.

وقال:”كذلك كان الحال مع  الميليشيات المسلحة في سنوات الحرب السوداء، حيث بقي إنقاذ الوطن من جاهلية الإقتتال هو الهاجس الأساس، وحيث لم نتأخر عن التصدي للتصرفات القمعية، والتعديات الميليشاوية على حقوق وممتلكات المواطنين العزل، رغم كل ما تعرضنا له من ضغوط وتهديدات بشعة.   كما صمدت اللواء على المستوى القومي في موقعها العروبي، لأننا نؤمن بأن العروبة قادرة على إستيعاب التباينات القطرية والثقافية والدينية،  وكنا ندعو دوما إلى التضامن ووحدة الموقف بين الدول العربية، رغم كل ما يسود من تناقضات وصراعات بين الأنظمة العربية، لا سيما بين دمشق وبغداد. حيث كنا، ومازلنا نعتبر أن سوريا والعراق هما جسر الصمود العربي أمام ما يحاك لهذه الأمة من مؤامرات ودسائس.   ولطالما أكدت اللواء بأن مصر والسعودية هما الجناحان الأساسيان للأمة العربية، وأن التنسيق السياسي والأمني بينهما يشكل ضمانة لفعالية الموقف العربي في المحافل الدولية، وهو المدخل الأساس لتعزيز فرص التضامن العربي. وحماية الإستقرار في العالم العربي .    وبقيت اللواء، رغم كل التحديات، المنبر الأول للوحدة الإسلامية، نابذة لغة التفرقة والمزايدات الشعبوية، ومتمسكة بعرى الدين الحنيف، الذي يبقى فوق مستوى الخلافات المفتعلة، وأسمى من المصالح الدنيوية الرخيصة”.

 وختم:” لا يسعني إلا أن أعترف بفضل شريكة حياتي نجوى وبناتي نادين ونسرين وسيرين على ما ساعدوني وتحملوني في هذه المسيرة الشاقة، وأن أوجه تحية من القلب إلى رفيق الدرب ورائد هذه المسيرة المرحوم عبد الغني سلام الذي إنتقل إلى رحمة ربه قبل أن يهوى البلد إلى قعر جهنم وبئس هذا المصير .حفظ الله لبنان، وأبعد عنكم كل مكروه”.

بعدها سلم  المكاري وضاهر الكاتب صلاح سلام درعه التكريمية.

قباني

ثم ألقى قباني كلمة اصدقاء المحتفى به وقال:”قد لا تكفي اللواء وما تخط الأقلام فيها، فكيف بالكلمات في تكريم من كانت حياته وسيرته ومسيرته،سجلا حافلا بالنضالات والمواجهات والتحديات، أضف إليها المكرمات.  هو، من عاصر التاريخ، تاريخ لبنان الحديث، تاريخ بلد كان دائما محط الاهتمام، هو صلاح سلام، جزء من تاريخ لبنان، مشاركا وقياديا، وصحيفة اللواء لواءه المرفوع، كالنجم الساطع المتطلع الى الحرية والديمقراطية، والوطنية والحماس، والاندفاع نحو بناء مرتكزات دولة تجمع بين اللبنانيين من كل الطوائف ومكونات الوطن، تكون مثالا يحتذى في مشرقنا العربي للديمقراطية والحرية والانفتاح والاعتدال. وفلسطين، فلسطين همه الكبير، ماضيا وحاضرا، وشاغلة حياته النضالية. يحمل في عقله وقلبه فيم الحق والمساواة والرحمة،وينادي بمفاهيم العروبة الصافية، ولا تتغير مفاهيمه بتغير الزمان ولا المكان”.

وتابع:”هكذا ايها الاخوة، نرى أنفسنا مع صلاح، بين أهلنا وفي مجتمعنا، وفي وطننا، وفي محيطنا العربي، وفي العالم، نحن وطنيون واخلاقيون ومؤمنون ونخلص لبلدنا ونحب لغيرنا ما نحب لأنفسنا، ولا نعمل إلا لما يعزز ويغني وحدتنا الوطنية والعيش المشترك، نعمل للحق ومن أجل الحق. كلمات صلاح سلام، نبتة خير مثمرة، شجرة زيتون متجذرة، هو كأديم الأرض عطاؤه دائم ولواؤه أبدا مرفوع. كلماته تطرق أبوابنا عبر اللواء، كل صباح، تنبه ونستصرخ الضمائر، والهمم، ان استفيقوا، فالتحديات والمخاطر تحيط بكم وببلدكم المعرض للتبعثر والتفتت والانحلال، وأنتم عنه لاهون، بخلافاتكم ومطامعكم. أضعتم الطريق، سلكتم طريق الاستقواء والغلبة والعصبية، وهي ليست آمنة، وكل سعي إلى إضعاف الآخر بدل ان تجمعكم المخاطر على التعاون ووحدة الكلمة والتضامن، فخسرتم مهابتكم وتجرأ عليكم من تجرأ، وأخدتم النشوة بالانتصار، أوليس الانتصار للدولة وللوطن أحق من الانتصار على بعضنا البعض. نزرع الشك والرهبة والخوف في قلوب المواطنين، التي لا تنشىء وفاقا ولا أمانا ولا تبني وطنا، ونجري التسويات ونعقد الصفقات، ولا نقيم حسابا او وزنا للبنان وشعبه. لبنان أولا، لبنان الدولة القوية والعادلة، قبل الأقربين والأبعدين، قبل أشخاصنا وقبل طوائفنا ومذاهبناوطموحاتنا”.

واضاف:”لم يعد مقبولا أن نختبىء وراء طوائفنا أو نحتمي بمذاهبنا، بادعاء تمثيلنا لهذه الطوائف والمذاهب ونحن لا ندافع إلا عن مصالحنا الشخصية ومكاسبنا المادية. تريدون وضع أيديكم على كل شيء حتى إيمان الناس، وتعفون أنفسكم من المساءلة والمحاسبة، وأقحمتم الدين في السياسة. لا تقحموه، دعوا الناس يعيشون إيمانهم الذي يجمعهم ولا يفرقهم. يجب أن نعتاد العيش في كنف الدولة، أن نتقبل فكرة الدولة، وأن نحترم قوانينها ودستورها، وأن نخضع لسلطانها، لأننا خارجها نكون جماعات وطوائف وقبائل متناحرة. لقد بات اللبنانيون بحاجة إلى دولة تحميهم، وتوفر لهم الأمان، في وقت لم تنجح فيه الأحزاب اللبنانية في تقديم نموذج مقنع للديمقراطية او النزاهة او الحكم الرشيد”.

وختم:” أعلم أيها المكرم، وقلمك يشهد، أنك غير راض عما يجري، في ساحاتنا الوطنية، من تكاذب ونفاق وتعديات، من فساد وضرب للقيم والمبادىء، واغتيال للدولة، وغياب للحرية والديمقراطية وأنت غير ساكت عن حالة التشرذم والضياع، وانت قطعا لن تسكت عن غياب المشاركة والمساءلة وتداول السلطة.لكم الفضل أنتم، منتدى القلم الذهبي في تكريم من تكرمون، صلاح سلام، بتقديمكم اليه درع القلم الذهبي التذكاري، فأغنيتم منتداكم بقيمة مضافة وازنة، بما حمله قلمه على مدى سنوات عمره النضالية، من قيم وطنية وفكرية وإنسانية، خاضتها جريدة اللواء ما يزيد عن النصف قرن، وشكلت الجزء المنير من ذاكرة بيروت العاصمة وتراثها وتاريخها اللبناني العربي العريق. صلاح سلام، لواؤه صرح تاريخي من صروح الإعلام والحرية والديمقراطية، بني على الحق وكلمة الحق، ارتقت اللواء بنجاحاتها إلى مستوى المؤسسة الراقية، نصف قرن من الزمن أو يزيد، شعارها الإيمان والانفتاح والاعتدال، وسلاحها الصدق والكلمة الحرة، رمزا أصبحت في النضال والبناء والنجاح، صلاح سلام، للأصالة الوطنية والعروبة الحضارية والإنماء المستدام، والسلام والإصلاح والصلاح. فطوبى، طوبى لمن كان لواؤه سلام، طوبى لمن كان لواؤه صلاح”.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *