لم تبدد محاولة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي التخفيف من وطأة السجالات الحامية جدا بين قصر بعبدا والمراجع السنية، وهو في مقدمها، على خلفية انفجار مسألة “استهداف” موقع رئاسة الحكومة من خلال رئيس حكومة تصريف الاعمال اذ طغى هذا التطور على المشهد السياسي الداخلي راسما مزيد من الشكوك حول الاتجاهات المتفائلة بإمكان لملمة التداعيات وعدم تأثيرها على عملية تاليف الحكومة المصابة أصلا بإعطاب العرقلة والتعثر .
وجاء الموقف “السني” العام، اذا صح التعبير، من الاجراء الذي اتخذه المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار بإصداره مذكرة احضار في حق الرئيس دياب ليلهب المشهد خصوصا ان ملامح التسخين كانت بدات تتصاعد اول من امس مع البيان الحاد الذي أصدره رؤساء الوزراء السابقون الأربعة بمن فيهم الرئيس المكلف ولفتوا فيه الى مسؤولية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في اعترافه بمعرفته بوجود نيترات الامونيوم في مرفأ بيروت الامر الذي اشعل ردا ناريا مقابلا امس من بعبدا ومن ثم صدور موقف اتسم بوتيرة مرتفعة للغاية عن مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان توجه فيه مباشرة الى العهد محذرا من بلوغ لبنان في عهده قعر الجحيم.
وترجم هذا الاحتدام في عدم انعقاد اللقاء الرابع عشر امس بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي . واذ افيد ان ثمة اتصالات تدور بعيدا من الاضواء لتذليل بعض العقد،أرخى المناخ الشديد التوتر الذي نشأ على خلفية المواقف من “استهداف” رئيس الحكومة مزيدا من الشكوك في امكان تجاوز التعقيدات القائمة أساسا والناشئة بعد هذا التوتر بما لا يدفع على التفاؤل ب#التأليف في وقت قريب ولو ان ميقاتي اعلن انه لا يضع الاعتذار الان على اجندته .
ففي خطبة نارية القاها في افتتاح مسجد محمد البساتنة في مستديرة شاتيلا وجَه جانبا أساسيا منها الى رئيس الجمهورية وعلى مسامع الرئيس ميقاتي ورئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب قال مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان امس “الوقت الذي هو من عمر اللبنانيين يُضيَّع بين مشاورات ولقاءات فيها ويشوبها الكثير من التعنّت والتصلّب ومحاولة إلغاء الآخر”، وأضاف “التصويب على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب أمرٌ مرفوض وغريب عن أصول التعامل مع رئاسة الحكومة والإصرار على هذا النهج من قبل البعض في السلطة القضائيّة التي لا نتدخّل في عملها يُسيء إلى أصول مفهوم التعامل مع الرئاسة الثالثة في قضيّة انفجار مرفأ بيروت”، وتابع : فلتُرفع كلّ الحصانات عبر إصدار قانون من مجلس النواب ولتأخذ العدالة مجراها بعيداً من الانتقائيّة والاستنسابيّة والكيديّة المقيتة فالعدالة الانتقائيّة ليست عدالة”. واعتبر ان “ما جرى من انفجار مرفأ بيروت وانفجار التليل في عكار والاشتباكات المتنقّلة في بعض المناطق سببه الأساس هو الترقيع فلنقلع عمّا نحن فيه من تخبّط وإلا فإنّنا ذاهبون فعلاً إلى الأسوأ والانهيار الشامل”. وتوجه إلى رئيس الجمهورية قائلاً “حاول أن تنقذ ما تبقّى من عهدك وإلا فنحن ذاهبون إلى الأسوأ وإلى أبعد من جهنّم إلى قعر جهنّم كما بشّرتنا”.
رد بعبدا
وفي المقابل، ردّ مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية على بيان رؤساء الحكومة السابقين بالقول ” من المؤسف حقا اتهام رئيس الجمهورية في موضوع تفجير المرفأ في حين انه وضع نفسه بتصرف المحقق العدلي لسماع شهادته”. واضاف “ان العدالة لا تنال من أي موقع دستوري اذا مورست من المرجع المختص ولبنان عانى ولا يزال من الخطوط الحمر الطائفية لدى كل مساءلة”. وتابع “رئيس الجمهورية لم يبادر يوما الى استنهاض الحسابات المذهبية والطائفية في معرض الملاحقات القضائية”. واشار الى ان “الكلام الخطير في البيان عن “العدالة المقنعة” و”القضاء المسيس” فيه إهانة واستضعاف مرفوض ومشين للسلطة القضائية”. ورأى ان “توقيت البيان مريب فيما رئيس الجمهورية يبذل جهدا لتأليف الحكومة للتصدي للمعاناة القاسية التي ينوء شعب لبنان تحت اثقالها”.
ميقاتي والأمتار الثلاثة
وفي حديث مساء امس الى محطة ” الحدث ” أعلن الرئيس ميقاتي أن هناك عراقيل كبيرة تواجه تشكيل الحكومة، مشيرًا إلى أن “الأمتار الثلاثة الأخيرة مليئة بالوديان والمطبات”، آملًا أن يتجاوزها لكنّه لا يضمن ذلك. وقال “الاعتذار ليس على مفكرتي وغير وارد في ذهني لأن البلد يحتاج إلى حكومة للإنقاذ”.
وأضاف : “يجب أن يعي من يفاوض أن الدستور اليوم هو دستور الطائف ورئيس الحكومة هو المسؤول الأول عن الحكومة وتأليفها أمام المجلس النيابي”. واعترف “أننا في كل إجتماع نبدأ وكأننا في المربع الأول لكنني لا أقول كل شيء على الإعلام كي لا أنشر الإحباط”، مضيفًا: “لدي بعض الاسئلة عن الحكومة لم أتلقَّ أجوبتها بعد وآمل أن تكون زيارتي المقبلة لبعبدا حاسمة”. وأوضح أن مدة التكليف “تضيق” وقال: “لا أسمح لنفسي بإمساك التكليف في جيبي، وعلى الجميع أن يفهم أننا في كل يوم تأخير نمدد أمد الأزمة”.
وحول السفن الإيرانية قال: “لن نسمح لأحد بأن يؤدي بنا لأي عقوبات جديدة وأي موضوع يضر بمصلحة لبنان نحن ضده، دوري أن ينأى لبنان بنفسه عن أي اضطرابات”. وأشار الى أننا قررنا النأي بالنفس عن المشاكل في المنطقة ولكن ما حصل هو ان العالم العربي اعتمد النأي بالنفس عن لبنان، متوجها الى المنتقدين ولجامعة الدولة العربية بالقول: “أعطونا شمعة، فنحن لا نقدر ان نقول لا للباخرة من دون أن نملك بديلاً ولبنان سيظل في الحاضنة العربية”.
اما في جديد التحقيقات في قضية المرفأ، فقد أرسل الأمين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر كتاباً إلى النيابة العامة التمييزية ردا على اجراء المحقق العدلي بإصدار ورقة احضار في حق الرئيس دياب جاء فيه: “لما كان قد ابلغنا دولة رئيس الحكومة الدكتور حسان دياب أن المحقق العدلي السيد طارق بيطار قد أبلغه ورقة إحضار امامه بتاريخ ٢٦ – ٨- ٢٠٢١، ولما كان هذا الإجراء لا يعود إختصاصه الى القضاء العدلي وفقاً للمواد ٧٠ – ٧١- ٨٠ من الدستور وفقا للقانون ١٣/٩٠ وهذا الامر موضوع ملاحقة امام المجلس النيابي تمهيداً للسير بالإجراءات اللازمة. ووفقا لما سبق نعلمكم لإتخاذ الإجراء المقتضى”. وقد افادت معلومات عن إتجاه لدى النيابة العامة التمييزية لرد مذكرة إحضار دياب التي أصدرها القاضي طارق البيطار لإستحالة تنفيذها كونه رئيس حكومة فاعلا وليس سابقاً ولأن كل الأجهزة الأمنية تابعة له.
نصرالله
في غضون ذلك وقبل ان تتضح فعلا وجهة ومصير باخرتي المحروقات اللتين تحدث الأمين العام ل” حزب الله ” السيد حسن نصرالله سابقا عن توجههما الى لبنان عاد نصرالله امس ليعلن عن باخرة ثالثة قائلا “اننا اتفقنا مع شركائنا في ايران على الحصول على باخرة ثالثة لان الحاجة كبيرة في لبنان وعلينا مساعدة الشعب” واعتبر انه لولا المنع والفيتو الاميركيان لكنا تمكنا من احياء قطاع الكهرباء والغاز في لبنان وانتقد من ينفون وجود حصار على لبنان وهم الأشخاص انفسهم الذين نفوا وجود داعش . وقال نصرالله الذي كان يتحدث في الذكرى الرابعة لمعركة فجر الجرود ان “مذكرة الجلب التي صدرت بحق الرئيس حسان دياب تؤكد كل الهواجس والثوابت التي تحدثنا عنها من قبل وما قام به المحقق العدلي هو استضعاف لرئيس الحكومة وهذه التصرفات مرفوضة وغير مقبولة ونطالب الجهات القانونية ان تتدخل لوقف ما يقوم به المحقق العدلي واذا كان القاضي بيطار يريد التحقيق مع رئيس الحكومة فلنعدل الدستور . وفي الملف الحكومي قال “للأسف لم تستطع كل الدماء والآلام ان تدفع المسؤولين الى انجاز تأليف الحكومة وكل ما يتردد عن ربط الحكومة بمعطيات خارجية كمحادثات فيينا هو مجرد حكي” وأصر على تشكيل الحكومة بأسرع وقت من اجل البدء في حل الازمات سائلا “اما آن للنقاش في الحقائب ان ينتهي” ؟
انفراج دوائي
الى ذلك أعلن المكتب الإعلامي لوزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن الذي واصل مداهتمه المستودعات امس بمؤازرة مخابرات الجيش ،أنه “بعد متابعة حثيثة، بالتزامن مع عمليات الدهم التي يقوم بها التفتيش الوزاري، إنفرجت الأمور مركزيا، وتبلغ الوزير حسن أمس بدء مصرف لبنان منح الأذونات المتراكمة والمصادقة من الوزارة منذ فترة وعددها 1800 فاتورة، وعليه تطلب الوزارة من الشركات المستوردة البدء بصرف الدواء المحجوب وشحن المقطوع بدءا من اليوم وستكون مستودعات الوكلاء المستوردين، بالاضافة إلى مستودعات الأدوية العامة تحت الرقابة والتتبع الإلكتروني والميداني بمؤازرة من التفتيش الوزاري والأجهزة الرقابية المختصة”