الرئيسية / صحف ومقالات / النهار: الصفعة الحكومية تمهيد لمقايضة بين العهد والثنائي؟
النهار

النهار: الصفعة الحكومية تمهيد لمقايضة بين العهد والثنائي؟

كتبت صحيفة النهار تقول: اذا كانت عطلة نهاية الأسبوع أقفلت على تطور إيجابي واحد تمثل في اعلان نقابة الصيارفة انهاء إضرابها وعودة الصيارفة الى العمل بدءا من صباح الاربعاء فان ذلك لن يكفي وحده لتلمس مدى تأثير التوافق الذي حصل بين النقابة ورئيس الحكومة حسان دياب وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة على إعادة تخفيض سعر الدولار المحلق في مقابل الليرة اللبنانية . والواقع ان هذا التطور بدا بمثابة تفصيل امام عودة تفاقم السخونة التصاعدية في التحركات الاحتجاجية في الشارع في الأيام الأخيرة منذرة باحتدام واسع على خلفية استفحال الازمات المالية والاقتصادية والاجتماعية وخصوصا في ما يتصل بمصير القطاعات الإنتاجية والخدماتية والسياحية المهددة بالإقفال الجماعي وبالتسبب باخطر ازمة بطالة عرفها لبنان في تاريخه . هذا الخطر التصاعدي الذي يواكب اتساع التحركات الاحتجاجية في الشارع يبدو واضحا انه شكل وسيشكل ألاستحقاق الأشد وطأة على الحكومة التي تتخبط بارباكاتها المتعاقبة بما يثقلها بمزيد من الشكوك حول قدرتها على احتواء السخونة الصاعدة في الشارع باعتبار ان الاهتزازات الأخيرة داخل البيت الحكومي والسلطوي شكلت علامات بالغة السلبية حول الإدارة الحكومية للازمات . وما ساهم في رسم علامات الشكوك ان الصفعة القاسية التي تلقتها الحكومة على يد العهد نفسه في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء في ملف معامل الإنتاج الكهربائي وإرغام الحكومة على التسليم بتسوية شكلية لا تحجب تراجعها امام ضغط العهد طرحت الدلالات الابعد من معمل سلعاتا الذي كان نموذجا بالغ السلبية للسلوكيات التي تطبع العلاقة بين العهد والحكومة من جهة والشركاء في السلطة من جهة أخرى . واذا كانت الأوساط السياسية المستقلة استهجنت استهتار العهد باضعاف الحكومة وهي لا تزال في التقليعة التي تعقب مرور المئة يوم الأولى على انطلاقتها بكل ما اثارته مباهاة رئيسها بنسبة ال97 في المئة من الإنجازات المزعومة فكيف ستكون عليه العلاقة لاحقا وباي معايير ستبقى تدار أمور البلد ؟ لا تخفي هذه الأوساط ان البعثات الديبلوماسية الغربية خصوصا التي تعنى بلدانها برصد الأوضاع الداخلية الاقتصادية والاجتماعية بدقة لم تخف عليها الدلالات البالغة السلبية لرضوخ الحكومة امام نفوذات القوى السياسية المتحكمة بقراراتها خصوصا ان لهذا التطور صلة مباشرة بالمفاوضات التي يجريها لبنان راهنا مع صندوق النقد الدولي . ذلك ان اخضاع القرارات الحكومية لمساومات القوى السياسية مرات والتنافس على اقحام مصالحهم الخاصة مرات أخرى لا يبقي أي صدقية لتعهدات الإصلاح التي تتكرر ببغائيا وكلاميا على السنة المسؤولين فيما تناقض الممارسات الجارية داخل المؤسسات تناقضا هائلا كل هذه التعهدات .ولذا استوقفت الاوساط نفسها مسالة لافتة في مجريات الضغط الذي مارسه العهد على الحكومة في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء والتي اضطرت فيها الى التراجع وإدراج معمل سلعاتا على قدم المساواة من الأولوية مع معملي الزهراني ودير عمار وهي مسألة مواقف الشركاء الآخرين الذين لعبوا قبل أسبوعين دورا قويا في التصويت لغير مصلحة اعتماد معمل سلعاتا ونجحوا في التصويت ضده ولكنهم في الجلسة الأخيرة لم يكونوا على مستوى الموقف السلبي نفسه قبل أسبوعين . وتكشف الأوساط في هذا السياق معطيات ترجح ان يكون الافرقاء الذين تحفظوا او رفضوا ادراج معمل سلعاتا أولوية وصوتوا لحصر انشاء المعامل بالزهراني ودير عمار ولا سيما منهم الثنائي “امل” و”حزب الله” آثروا عدم الانخراط كثيرا في المحاججات السياسية الاخيرة في مجلس الوزراء على خلفية مقايضة يجري العمل عليها لاعادة تعويم اقتراح قانون العفو أي ان السكوت عن سلعاتا مجددا يقايض لاحقا بتمرير اقتراح العفو . واما البعد السلبي الآخر المواكب لتداعيات الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء فبرز مع ما تكشفه جولات التفاوض بين الوفد اللبناني وفريق صندوق النقد الدولي خصوصا لجهة موضوع الأرقام غير الموحدة من جهة الجانب اللبناني . وثمة خشية من ان يؤدي توظيف هذا الموضوع في المعارك السياسية الداخلية الى زيادة العقبات والحواجز التي تقلل فرص لبنان في الحصول على ما سيطلبه من صندوق النقد الدولي خصوصا بعدما انكشفت قبل يومين جوانب سلبية جديدة في موضوع التفاوض . ذلك ان الرد الذي أصدره المصرف المركزي على معلومات اعتبرت غير صحيحة تبعه كلام ومعطيات عن تسريبات مضللة من داخل الوفد اللبناني بما يوحي بان ثمة استهدافا لحاكم مصرف لبنان من داخل الوفد المفاوض نفسه . وهذا امر شديد الخطورة سواء صح الاتهام ام لم يصح لانه يشكل مؤشرا الى احتمال تعرض المفاوضات لخضات من قلب البيت اللبناني من شأنها ان تقلص او تقضي على فرصة لبنان في توفير الحد الأدنى من الدعم الذي يطمح اليه .

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *