الرئيسية / صحف ومقالات / النهار: حرب التعطيل تفجّر حرب الرئاسات
النهار

النهار: حرب التعطيل تفجّر حرب الرئاسات

كما لم يحصل سابقاً منذ بداية عهد الرئيس ميشال عون، انفجرت #حرب الرئاسات شكلاً ومضمونًا في ترجمة دراماتيكية لذروة حرب تعطيل تشكيل الحكومة الجديدة التي يتولاها العهد وفريقه وتياره السياسي. هي واقعياً النتيجة الحتمية التي أدى اليها فشل الفريق الرئاسي وتياره السياسي في دفع الرئيس المكلف سعد الحريري الى الاعتذار خصوصاً مع تلقي الأخير إسناداً ثقيلاً وثابتاً من رئيس مجلس النواب نبيه بري، الامر الذي أغاظ بعبدا الى حدود تحول فوهات البيانات النارية لمكتبها الإعلامي الذي دأب على مهاجمة الحريري نحو عين التينة.

بيد انه بدا واضحاً ان ما صدم بعبدا بقوة وفاجأها هو رد بري أمس الصاع صاعين وبالثقيل إياه من الانتقادات المباشرة لتخطي رئاسة الجمهورية الحدود الدستورية بل وتذكيرها بان من غير الدستوري حصول الرئيس على وزير واحد. اشتعال هذه الحرب بذرواتها مع تبادل غير مسبوق للبيانات والردود والردود على الردود نقل ازمة تشكيل الحكومة الى مرحلة بالغة التعقيد بعد ثمانية اشهر من تكليف الرئيس الحريري، وبدا بما لا يقبل الشك ان بعبدا صارت في موقع هو الأشد سلبية حيال رئاسة الجمهورية التي تخوض معارك كلامية وسجالات حادة وتتحول الى غرفة عمليات للردود والحملات، فيما لا تجد أي قوة سياسية وازنة الى جانبها حتى حليفها الوحيد”حزب الله” الذي بدأت تتصاعد معالم التباينات بينه وبين العهد وتياره حول مبادرة الرئيس بري. واما الكلام عن استمرار المبادرة فبات مشكوكا فيه باعتباره الشعرة الأخيرة التي تستعمل كلامياً لعدم تحمل بعبدا التبعة الحاسمة النهائية في اسقاط كل المبادرات تباعاً علماً ان مستوى الحدة في السجال بين بعبدا وعين التينة كشف عمق الاعتمال الذي اختزنته بعبدا حيال التحالف القوي القائم بين بري والحريري. ومع تفجر هذه الحرب السجالية واعتبار بعبدا ان بري سقطت عنه صفة الوسيط، فيما ذكر بري بان لا حق لرئيس الجمهورية بوزير واحد، لم يعد ثمة شك في سقوط اخر الرهانات على تعويم جهود تشكيل الحكومة. هذه الحرب نقلت الصراع الى مرحلة اشد سوءا وبات من المرجح اكثر فاكثر تمادي الازمة الى امد مفتوح مع كل التداعيات المخيفة التي ستنجم عن ذلك.

 

بعبدا – عين التينة ..نارياً

اشتعلت هذه الحرب مع صدور بيان عالي السقف عن الرئيس بري لفت فيه الى ان:”قرار تكليف رئيس حكومة خارج عن ارادة رئيس الجمهورية بل هو ناشئ عن قرار النواب أي  السلطة التشريعية…  وكان القاضي راضي: طالما ارتفع عدد الوزراء الى 24 وطالما حل موضوع الداخلية الى ان اصررتم  على 8 وزراء + 2  يسميهم رئيس الجمهورية الذي ليس له حق دستوري بوزير واحد فهو لا يشارك بالتصويت فكيف يكون له أصوات بطريقة غير مباشرة “. وقال” تعطل كل شيء… والبلد ينهار… والمؤسسات تتآكل… وجدار القسطنطينية ينهار مع رفض مبادرة وافق عليها الغرب والشرق وكل الاطراف اللبنانية الا طرفكم الكريم: فأقدمتم على البيان البارحة صراحة تقولون: لا نريد سعد الحريري رئيساً للحكومة. هذا ليس من حقكم، وقرار تكليفه ليس منكم”.

 

وسارعت  رئاسة الجمهورية الى الرد على “الأسلوب غير المألوف لدى دولته في التخاطب السياسي شكلاً ومضموناً “. واعتبرت ان  البيان الصادر عن الرئيس بري “أراد ان يؤكد ما بات مؤكداً بأن الهدف الحقيقي للحملات التي يتعرض لها رئيس الجمهورية هو تعطيل دوره في تكوين السلطة التنفيذية ومراقبة عملها مع السلطة التشريعية، واقصاؤه بالفعل حيناً، وبالقول احياناً، عن تحمل المسؤوليات التي القاها الدستور على عاتقه”. وقالت “لم يطالب رئيس الجمهورية بتسمية وزيرين اثنين زيادة على الوزراء الثمانية، كما لم يطالب بالثلث الضامن على رغم عدم وجود ما يمنع ذلك… رئيس الجمهورية تعاطى ايجاباً مع مسعى الرئيس بري بدليل انه ارجأ الحوار الذي كان ينوي الدعوة اليه افساحاً في المجال امام دولته في النجاح بمسعاه وطالب مراراً الرئيس المكلف بأن يقدم تشكيلة تتمتع بالميثاقية وتحصّن الشراكة .. ولم تكن هناك حاجة لبيان الرئيس بري للادراك بأن ثمة من لم يغفر بعد لاستعادة الحضور والدور بعد سنين التنكيل والاقصاء منذ العام 1990 حتى العام 2005. ” واعتبرت ان بيان بري “اسقط عن دولته صفة “الوسيط” الساعي الى حلول “.

اما رد بري على الرد الرئاسي فأبدى “الرغبة ان نصدق ما ذهبتم اليه اذا كنتم انتم تصدقونه، مذكرين اياكم بأن فخامة رئيس الجمهورية ميشال عون هو صاحب القول: “بعدم أحقية الرئيس ميشال سليمان بأية حقيبة وزارية او وزارة”. فلنذهب الى الحل “.

وسارعت بعبدا لترد بان “الرئيس ميشال سليمان لم يكن لديه عند انتخابه أي تمثيل نيابي ولم يحظ بدعم اكبر كتلة نيابية في مجلس النواب كما هو حال الرئيس عون حاليا “. فرد بري سائلا ” طالما الامر كذلك لماذا اعلن “التكتل” انه لن يشارك ولن يعطي الثقة “.

 

الاضراب

وفي اطار توزيع الأدوار بين العهد وتياره اعلن رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل بعد حضوره جلسة اللجان المشتركة جلسة لمناقشة قانون البطاقة التمويلية: “نحن مع تأليف حكومة بسرعة برئاسة الحريري ونتمنى أن تكون هناك مبادرة سريعة واتخاذ الخطوات المطلوبة على هذا الصعيد والمجلس النيابي قادر أن يقوم بعمل كبير لمساعدة الشعب اللبناني كالبطاقة التموينية”. واضاف “هناك بوادر ثورة اجتماعية جديدة محقة بسبب الذل الذي يعيشه اللبنانيون وهناك مسؤولية كبيرة ملقاة على مجلس النواب في موضوع ترشيد الدعم والبطاقة التمويلية. القضية طارئة جدا ولا يجوز بقاء الدعم استنسابيا فيما الصهاريج تمر عبر الحدود تحت اعين القوى الامنية وبمشاركتها احيانا وفقط مجلس النواب بإقراره للقانون يحل جزئيا موضوع الدعم ويبعد النقمة الكبيرة الآتية”.

وتأتي مناقشة البطاقة التمويلية، عشية الاضراب الذي دعا اليه الاتحاد العمالي العام اليوم احتجاجا على الاوضاع المعيشية القاتلة ومطالبة بتشكيل حكومة انقاذ سريعا، وقد سجّلت دعوات واستجابة واسعة من كل القطاعات والنقابات للمشاركة، من المصارف الى الضمان وموظفي الدولة مرورا بعمال المطار والممرضين ثم أعلنت مساء الهيئات الاقتصادية تأييدها للإضراب . كما أعلنت أحزاب عديدة تأييدها الإضراب.

 

مؤتمر دعم الجيش

في غضون ذلك يعقد بعد ظهر اليوم مؤتمر بواسطة تقنية “الفيديو كونفيرانس” لمساعدة القوات المسلحة والجيش اللبناني على مجابهة الازمة الاجتماعية التي يمر بها لبنان. وافاد مراسل “النهار” في باريس سمير تويني انه سيشارك في هذا المؤتمر الذي تنظمه باريس بالتعاون مع ايطاليا والامم المتحدة حوالي 25 دولة تضم مجموعة الدعم الدولية للبنان ودول اوروبية وعربية منها الامارات العربية المتحدة ودولة قطر ومنظمات دولية كالامم المتحدة والمجموعة الاوروبية.

واشارت مصادر في وزارة الدفاع الفرنسية الى ان فرنسا التزمت مساعدة الجيش اللبناني لمجابهة المصاعب البنيوية التي يواجههاالاقتصاد اللبناني، منذ مدة طويلة ولكن هذا الاجتماع ليس لتقديم مساعدات بنيوية كما حصل خلال مؤتمري روما- 1 وروما- 2 بل ستقدم باريس والدول المانحة مساعدات طارئة غذائية وصحية وقطع غيار للجيش.

ونوهت المصادر بان المساعدات التي ستبلغ عشرات ملايين اليورو تشكل الحاجات الانسانية التي حددتها قيادة الجيش وسيتم تامينها خلال الاسابيع والاشهر المقبلة اي على الاجل القريب. اما الحاجات الهيكلية للجيش فهي بالطبع تحتاج الى تشكيل حكومة.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *