الرئيسية / صحف ومقالات / الجمهورية: لبنان بين كورونا والإقفال.. والأزمة متفاقمة بين بعبدا وبيت الوسط
الجمهورية

الجمهورية: لبنان بين كورونا والإقفال.. والأزمة متفاقمة بين بعبدا وبيت الوسط

كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول: يبدو انّ عدوى كورونية سياسية أصابت الاستحقاق الحكومي وأقعدته في العناية الفائقة مُحتاجاً الى “جهاز تنفس خارجي” لا يبدو انه متوافر حتى الآن، على حد قول مرجع سياسي لـ”الجمهورية”، معلّقاً على مصير تأليف الحكومة في ضوء الازمة المتفاقمة على خط قصر بعبدا ـ بيت الوسط؛ حيث تبدو العوارض قاسية، ولم يبادر اي طرف بعد الى معالجتها، فيما وباء كورونا يقضّ مضاجع اللبنانيين وهم يستعدون لـ”الاقفال العشري” الذي يبدأ غداً على وقع ما يَكتوون به من أزمات معيشية وحياتية…

عنوانان لا ثالث لهما في هذه المرحلة: كورونا والإغلاق التام في محاولة لتطويق انتشار الوباء في انتظار وصول اللقاح، وعنوان الحكومة الذي يتأزم فصولاً وآخر فصوله فيديو الدردشة التي دارت بين الرئيس ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب وموضوعها الرئيس المكلف سعد الحريري، والذي أثار موجة من الردود والردود المضادة، وأشعل مواقع التواصل الاجتماعي، ولكنه لم يقطع الخيط الرفيع المتبقّي بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف الذي ما زال يتمسّك بتكليفه في مواجهة سياسة الإحراج للإخراج.

وقد أكد الفيديو المسرّب انعدام الثقة بين الرجلين، وهو ما كان قد عبّر عنه رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل في مؤتمره الصحافي. لكنّ مجرّد تمسك الحريري بتكليفه يعني انّ فرص التشكيل ما زالت قائمة على رغم الخلاف والسجال، والأهم عدم رغبة فريق العهد في التعاون مع الرئيس المكلف. ويكفي في هذا السياق مراجعة العلاقة بين الطرفين منذ لحظة إعلان رئيس تيار “المستقبل” رغبته في التكليف، بدءاً من تأخير استشارات التكليف، مروراً برسالته إلى مجلس النواب ليتحمّل مسؤوليته في حال أراد تكليف شخصية مُجرّبة، وصولاً إلى لقائه الحريري على مدى 14 جلسة لم يتم التوصّل فيها إلى نتيجة، بل كانت مسرحاً لسجال مفتوح بين القصر الجمهوري و”بيت الوسط” من جهة، ومواجهة مفتوحة بين الحريري وباسيل من جهة أخرى.

وأحد جوانب الخلاف الأساسية، والذي تَنَبّهَ إليه الجانب الفرنسي باكراً، يكمن في العلاقة المأزومة بين الحريري وباسيل، ورفض الأول ان يلتقي الثاني على رغم السّعي الفرنسي ومطالبات رئيس الجمهورية بذلك. ويبدو انّ الحكومة لن تبصر النور سوى في حال تم ترتيب العلاقة بينهما، لأنّ رفض الحريري لباسيل يُستَتبع برفض عون للحريري، ولا يبدو انّ وساطة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي قادرة على الجمع بين الرجلين وإعادة الثقة المفقودة بينهما، فيما لا مؤشرات إلى انّ “حزب الله” سيدخل على الخط في ظل كلام يتردّد عن عتب باسيل على البطريرك و”حزب الله” بسبب وقوفهما على مسافة واحدة في الخلاف بينه وبين الحريري.

ولقد وازَن “حزب الله” في موقفه لجهة دعمه خيار الحريري في التكليف باعتباره رجل المرحلة ربطاً بعلاقاته وتجنّباً للحساسية مع الشارع السني، وخيار عون في التأليف كونه لن يتخلى عن حليفه الذي نال نصيبه من العقوبات بسبب التحالف معه، ولكن في حال استمرت الأمور على هذا المنوال، أي تَمَسّك كل من عون والحريري بشروطه، فيعني استمرار حكومة تصريف الأعمال لأشهر عدة، وإلّا يفترض ان يتنازل أحدهما للآخر، فمن الذي سيتنازل؟ وهل يراهن العهد على تنازل الحريري ربطاً بتجارب سابقة؟ وماذا لو لم يتنازل؟ وهل يتحمّل البلد المأزوم أساساً استمرار الفراغ؟ وكيف لطرفين أساساً يتبادلان الإتهامات أن يجلسا الى طاولة واحدة في حال اتفقا على تأليف الحكومة؟!

كلام غير مباح
وفي الوقت الذي ارتفع منسوب التراشق الاعلامي بلغة لم يألفها الوسط السياسي، قالت مصادر مطلعة لـ”الجمهورية” انّ كل هذه المعطيات لم تحجب المساعي التي ستنطلق قريباً من اجل تسوية ذات البَين بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، رغم حجم المصاعب المتوقعة في ظل اجواء الاحتقان التي أحياها الهجوم المنظّم الذي قاده رئيس “التيار الوطني الحر”، قبل ان يتسرّب الفيلم المَنقول بالصوت والصورة عن رئيس الجمهورية، ورأيه في مهمّة الرئيس المكلف.

ولفتت المصادر، عبر “الجمهورية”، الى انّ التردد الذي عبّرت عنه أوساط “حزب الله” لجهة الاقدام على مبادرةٍ ما كانت مَدار بحث على المستوى القيادي في الحزب، فإنها تأخذ في الاعتبار التطورات الأخيرة، وتحديداً ما بلغته المبادرة التي أطلقها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي قبل فترة واصطدمت بسلسلة من الانتقادات المبنية على سيناريوهات وهمية، هَدف مُطلقيها التشويش والسعي الى تحوير اهدافها ومراميها، ومنها تلك التي قالت انّ الراعي اقترح بكركي موقعاً للمصالحة بين عون والحريري، وهو امر لم يَرد في اي لحظة من ضمن المبادرة التي لم تخرج من بكركي سوى بمراميها واهدافها الوطنية العامة.

وعلى وقع هذه المعطيات التي لم يظهر أي شيء بعد حول إمكان انطلاقها او تزخيمها مجدداً، غابت كل أشكال الاتصالات بين عون والحريري، ولم يسجل اي منهما اي خطوة ايجابية في اتجاه الآخر، حتى انّ المناسبات الكبرى التي رافقت عيدي الميلاد ورأس السنة لم تشهد تبادلاً للتهاني بالمناسبتين.

“الحزب” والوساطة
تزامناً، نَفت مصادر الطرفين، عبر “الجمهورية”، ان يكون “حزب الله” قد دخل على خط الوساطة بينهما، ما خَلا اذا حصل اي اتصال شخصي عبر الهواتف الخلوية على مستوى عالٍ، فيما ربطَ البعض الاستعدادات لمثل هذه الاتصالات بالزيارة التي قام بها الرئيس السابق للحكومة فؤاد السنيورة الى عين التينة قبل ايام للتشاور في التشكيلة الحكومية المطلوبة في المرحلة الراهنة، وتحديداً ما يتصل بشكلها ومهمتها وتركيبتها كما أوحى السنيورة بعد اللقاء، وإشارته الى تصنيف الحكومات المنتجة وتلك التي لن يغيّر تشكيلها شيئاً.

عون لن يتراجع
في غضون ذلك، أفادت مصادر مطلعة على واقع العلاقة بين عون والحريري انها “ازدادت تعقيداً وتأزماً”، بعد تسريب الفيديو الذي يتضمن اتهام رئيس الجمهورية الرئيس المكلف بالكذب.

وأكدت هذه المصادر لـ”الجمهورية” اّن عون “ليس في وارد التراجع عن مبدأ المعايير الواحدة التي سبق أن طرحها على الحريري لتشكيل حكومة منتجة مهما اشتدت الضغوط عليه، ومهما حاول البعض تحوير الحقائق لتحميله مسؤولية التأخير”. وشددت على “انّ عون لن يصرخ أولاً في معركة عض الأصابع”، مؤكدة “أنّ المسألة بالنسبة إليه ليست مسألة حسابات شخصية بل تتعلق بقواعد عامة من شأنها حماية التوازنات والحقوق”.

ولفتت المصادر إلى أنّ غالبية الاسماء التي اقترحها الحريري في التشكيلة التي رفعها الى عون “غير معروفة، وليست مناسبة لمواجهة التحديات الضخمة التي تنتظر الحكومة الجديدة”. وكشفت انّ عون أكد للحريري انه لا يجوز أن تكون وزارتا العدل والداخلية معاً في حوزته، ولا يجوز أن تكون وزارة المالية والنيابة العامة المالية مع طرف واحد كذلك، داعياً إيّاه الى اعتماد معايير ثابتة في عملية تشكيل الحكومة.

وفي هذه الاثناء، قال تكتل “لبنان القوي”، بعد اجتماعه الالكتروني أمس، انه “ينتظر أن يبادر رئيس الحكومة المكلف الى التواصل مع رئيس الجمهورية لتشكيل حكومة تحترم وحدة المعايير، وتكون إصلاحية ومنتجة بوزرائها وبرنامجها”. كذلك حَضّه على “ان يستأنف في أسرع وقت عمله بعيداً من اي تأثيرات والتزاماً للقرار السيادي اللبناني، والحاجة القصوى لقيام حكومة إنقاذ”.

لاءات الحريري
في المقابل، وفيما لم يصدر عن الحريري اي موقف مباشر، أشار عضو كتلة “المستقبل” النائب محمد الحجار إلى أنّ “الحريري يقوم بما يُمليه عليه الدستور، وهناك 3 لاءات يستلزمها الموقف اليوم وضرورة إنقاذ البلد، هي أنه لن يكون هناك ثلث معطّل بحكومة اختصاصيين نُزهاء مهمتهم الإصلاح والإنقاذ وإعادة إعمار ما خَلّفه التفجير الكارثي للمرفأ في بيروت، ولا استسلام لمشيئة التعطيل التي يريد فريق العهد فرضها، ولا اعتذار”.

واعتبر الحجار “أّن مصلحة البلد هي في حكومة تتلاقى مع دفتر شروط المجتمع الدولي والمبادرة الفرنسية، أي حكومة من اختصاصيين مستقلين عن الأحزاب السياسية، تنسجم مع ما كان قد أعلنه البطريرك الماروني في عظته يوم الأحد، وتأكيده أنّ حكومة الاختصاصيين هي الوحيدة التي تنقذ البلد”. واعتبر أنّ “كل الحملات على الحريري هدفها العودة إلى حكومة تَحاصصية سياسية لا تتماشى قطعاً مع مصلحة لبنان، لأنّ مصلحة لبنان اليوم هي في حكومة لا حزبيين أكفياء نزهاء ومن دون ثلث معطّل”.

وعلّق الحجار على “الفيديو الذي انتشر أمس لرئيس الجمهورية، فوصَفه بـ”المعيب”، مؤكداً انه “لا يليق بموقع الرئاسة الأولى”.

حنبلاط يرفض ويستنكر
واتصل رئيس “الحزب التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط بالحريري، مؤكداً “رفضه المطلق للحملة التي يتعرض لها موقع الرئاسة الثالثة، واستنكاره وشَجبه للإهانات الشخصية التي طاوَلت شخص الرئيس الحريري، على رغم من بعض التباينات السياسية العرضية”، على حدّ بيانٍ اشتراكي وُزّع بعد هذا الاتصال.

ملف الطلعات الجوية والدعوى اللبنانية الجديدة
وفي الوقت الذي قالت مصادر “بيت الوسط” انّ الاجتماعات الرسمية او العادية السياسية خصوصاً، غابت عن مواعيد الرئيس المكلف، لم تُشِر مصادر بعبدا سوى الى الاهتمامات الرسمية أمس بحجم الخروقات الجوية الاسرائيلية المتمادية منذ ايام لأجواء بيروت والمناطق المختلفة، وما يتخللها من غارات وهمية على علو منخفض بمعدلات يومية غير مسبوقة. وهو ما دفعَ برئيس الجمهورية الى تكليف وزارة الخارجية تقديم شكوى الى مجلس الامن الدولي، تزامناً مع تدخل قائد القوات الدولية العاملة في الجنوب لوقف هذه الخروقات، لما تشكّله من خرق للقرار 1701 والقرارات الدولية ذات الصلة.

وقالت مصادر دبلوماسية لـ”الجمهورية” انّ لبنان ليس لديه اي تفسير لهذه الطلعات سوى تفسير واحد يكمن في استمرار اسرائيل في خرق القرارات الدولية من دون اي رادع، فهي لم تعترف يوماً بالتزاماتها والواجبات التي قطعتها تجاه عمل القوات الدولية، والقرارات التي تحدد مهمتها ودورها على الاراضي اللبنانية.

وفي ضوء ذلك، تقدّم لبنان أمس بشكوى إلى مجلس الامن الدولي ضد اسرائيل عبر مندوبته الدائمة لدى الأمم المتحدة السفيرة أمل مدللي، مشيراً الى “الاعتداءات الإسرائيلية على السيادة اللبنانية، عبر الخروق الجوية المستمرة والخطيرة منذ بضعة أيام”، وأكد انّ “هذه الممارسات تعتبر خرقاً فاضحاً للقرار 1701، ما يستوجِب من مجلس الأمن الدولي إدانة إسرائيل على هذه الاعتداءات، ووضع حد لها فوراً حفاظاً على الاستقرار والأمن والسلم في المنطقة”.

كورونا
وعلى الصعيد الصحي، أعلنت وزارة الصحة أمس، في تقريرها اليومي حول مستجدات “كورونا”، تسجيل4557 إصابة جديدة (4544 محلية و13 وافدة)، ليرتفع العدد الإجمالي للإصابات الى 226948. كذلك تم تسجيل 32 حالة وفاة جديدة، ليصبح العدد الإجمالي للوفيات 1705، وذلك منذ تفشي الوباء في شباط 2020.

وأبدت منظمة “أنقذوا الأطفال” (سايف ذي تشيلدرن)، في بيان لها أمس، قلقها “العميق” من أن يؤثر الإغلاق الكامل الذي يبدأ سريانه غداً سلباً في العائلات والأطفال الذين يعانون أوضاعاً اقتصادية هشّة، ما لم يتم دعمهم فورياً، ونبّهت إلى أنّ من شأن “إغلاق محلات السوبرماركت أن يزيد من أزمة الغذاء التي تفاقمت بإعلان منفصل يوم الاثنين عن زيادة أسعار الخبز”.

وقالت مديرة المنظمة في لبنان جينيفر مورهاد: “ندرك بالطبع أهمية اتخاذ تدابير شاملة لوقف انتشار الفيروس، لكننا قلقون للغاية من أنّ العائلات الضعيفة وأطفالها سيتركون للتعامل مع الكارثة بأنفسهم”. وأشارت الى انّ “نحو نصف السكان يعجزون عن تحمّل كلفة شراء طعام يكفيهم خلال إغلاق السوبر ماركت”، وأبدَت خشية المنظّمة من أن يعاني هؤلاء “الجوع”. وأضافت: “نعلم أنه سيكون هناك عدد أقل من الوجبات وخبز أقل على العديد من الموائد ما لم يُصَر إلى اتخاذ إجراء عاجل”. وحَضّت الحكومة اللبنانية على تقديم “رزم مساعدات اجتماعية عادلة وشفافة للمجتمعات الأكثر ضعفاً”، مؤكدة استعدادها لمواصلة تنفيذ برامج تساهم في مساعدة الذين يكافحون للتعامل مع الأزمة، على الصمود.

المرفأ والانتربول
وعلى صعيد قضية انفجار مرفأ بيروت، أصدر الانتربول (منظمة الشرطة الجنائية الدولية) النشرة الحمراء لصاحب وقبطان سفينة “روسوس” التي نقلت شحنة نيترات الأمونيوم الى مرفأ بيروت، ولتاجر النيترات (برتغالي الجنسية) الذي كشفَ عليها في العنبر الرقم 12 عام 2014، وذلك بناء على طلب المحامي العام التمييزي القاضي غسان الخوري الذي حصل على نسخة من النشرة.

وهذه النشرة الحمراء هي بمثابة طلب الى الأجهزة الأمنية لإنفاذ القانون في كل أنحاء العالم، وذلك لتحديد مكان المتهم واعتقاله موقتاً، في انتظار تسليمه أو اتخاذ إجراء قانوني مُماثِل من قبل السلطة المحلية في أي دولة من الدول الأعضاء في المنظمة.

ونقلت وكالة “فرانس برس”، عن مصدر قضائي، انّ خوري تبلّغ من الانتربول الدولي الرَد على طلبه حول مذكرات التوقيف التي أصدرها المحقق العدلي اللبناني بحقّ مالك سفينة “روسوس” إيغور غريشوسكين وقبطانها بوريس يوري بروكوشيف والتاجر البرتغالي الجنسية جورج موريرا “الذي اشترى نيترات الأمونيوم”. وبناء عليه، وفق المصدر، عَمّم الانتربول “النشرة الحمراء على كلّ الدول الأعضاء”.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *