الرئيسية / صحف ومقالات / الأنباء : حكومياً لا مؤشرات تطابق بعد.. وصحياً الضرورة قصوى لإجراءات التباعد والوقاية
الانباء

الأنباء : حكومياً لا مؤشرات تطابق بعد.. وصحياً الضرورة قصوى لإجراءات التباعد والوقاية

اليوم ينقشع بعض من أجواء الملف الحكومي مع وصول الموفد الأميركي، دايفيد هيل، ‏إلى لبنان حاملاً معه “التعليمة” الأميركية، والتي في حال تطابقها مع الدور الفرنسي تذهب ‏الأمور إلى تباشير استشاراتٍ نيابية لتسمية رئيس جديد للحكومة، وإلّا ستكون مراوحة ‏طويلة، بل وقاتلة، في ظل كل ما يمرّ به لبنان واللبنانيون من أزمات ومصائب‎.‎

البيان الأميركي الرسمي حمّال أوجه: “تشكيل حكومة تحظى بقبول الشعب اللبناني، وتُجري ‏عمليات الإصلاح الجدّية والحقيقية”. لكن معلومات لجريدة “الأنباء” تتحدث عن أن الولايات ‏المتحدة الأميركية تصرّ على طرح حكومة حيادية ومستقلة، ولا يشارك فيها أي من القوى ‏السياسية. وتكشف المعلومات أن اتصالاً أميركياً- فرنسياً حصل في الساعات الماضية أكّد ‏خلاله الأميركيون تمسّكهم برفض تشكيل حكومة وحدة وطنية‎.‎
‎ ‎
وبحسب المعلومات، فإن واشنطن ترفض بشكلٍ قاطع مشاركة حزب اللّه في الحكومة، ‏وقد استبقت هذا الموقف بالتلويح بفرض عقوبات على الحزب، وبعض المتحالفين معه ‏قبل نهاية الشهر، وربما بالتزامن مع صدور حكم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان. ما يعني ‏أن التصعيد الأميركي مستمر، لغاية تحقيق الشروط المفروضة أميركياً، والتي أصبحت ‏معروفة، وهي ترسيم الحدود، وتوسيع صلاحيات اليونيفيل، وتفكيك صواريخ حزب اللّه، ‏وضبط معابر التهريب بين لبنان وسوريا، بالإضافة إلى الإشراف على عملية إعادة إعمار ‏المرفأ، والدخول في إصلاحات جذرية وجدّية اقتصادياً ومالياً من خلال صندوق النقد ‏الدولي‎.‎
‎ ‎
ومما لا شك فيه أن الساعات القليلة المقبلة ستكشف المستور في حقيقة الموقف ‏الأميركي مع بدء هيل لقاءاته مع مختلف الأفرقاء المحليين. والمفارقة أنه بالتزامن مع ‏الزيارة الأميركية حطّ في بيروت وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف. ولا بد من مراقبة ‏هذا التحرك لمعرفة إذا ما كان سيحصل تبادل للرسائل غير المباشرة بين ظريف وهايل ‏حول الوضع في لبنان‎.‎
‎ ‎
أما في مسار التحقيقات في جريمة انفجار مرفأ بيروت، فقد برزت تطورات عدة أمس، حيث ‏أطلق اللقاء الديمقراطي عريضةً طالب فيها بالتحقيق الدولي، في حين أعلن هايل من ‏الجمّيزة، بعد جولة لمعاينة الأضرار، انخراط المكتب الفيدرالي الأميركي‎ “FBI” ‎في التحقيق ‏من أجل الوصول إلى ملابسات الانفجار‎.‎

في السياق، وبعد الأخذ والرد الذي حصل بين وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال، ‏ماري كلود نجم، ومجلس القضاء الأعلى بشأن تعيين محقق عدلي في الجريمة، ومحاولة ‏الوزيرة إسقاط أسماء رفضَها المجلس، قبل الاتفاق على تعيين القاضي فادي صوّان محققاً ‏عدلياً، فإن ذلك ترك انطباعاً سيّئاً حول مسار التحقيق، وفقدان الثقة بالتحقيق المحلي، وما ‏يمكن أن تؤول إليه التحقيقات‎.‎

وفي الشق القانوني، أشار الخبير القانوني، أنطوان صفير، في حديثٍ لجريدة “الأنباء” ‏الإلكترونية، إلى أن، “القانون يعطي سلطة تقديرية واسعة لمجلس القضاء الأعلى للبت ‏بتعيين القاضي العدلي بعد الاتفاق مع وزيرة العدل. إلّا أن التخبّط الذي حصل بين الجهتين ‏ليس بدليل صحّة في الحياة الدستورية، فكان على الوزيرة مشاورة المجلس والاتفاق على ‏اسم دون الاشتباك في ما بينهما، خصوصاً في ظل الوضع الاستئنائي”. إلّا أن صفير رأى ‏في الكباش، “كأنه استمرارٌ لأزمة التشكيلات القضائية التي حصلت سابقاً بين الطرفين، ‏وهو ما يعكس انعدام التآلف والإنسجام”. لكنه استبعد أن يكون للأزمة التي استجدت بينهما ‏أي أثر على مسار القضية‎.‎

ورداً على سؤال، لفت صفير إلى أن وجود الأخصائيين الدوليين المشاركين في التحقيق، ‏‏”أمر مشجّع، إنما لا يزال وجودهم خجولاً، وللخبرات الدولية دورٌ كبير وفعّال، خصوصاّ إذا ما ‏أخذ التحقيق المحلّي مساراً غير صحيح‎”.‎

من جهته، رأى عضو تكتّل الجمهورية القوية النائب جورج عقيص أن “الكباش الذي حصل ‏بين الوزيرة ومجلس القضاء الأعلى كان من المفضّل تفاديه”، متمنياً أن، “لا يكون هناك أي ‏تداعيات له على مسار التحقيق، أو الثقة به”، مستبعداً حصول ذلك لتخطّي الأمر بسرعة في ‏غضون 24 ساعة وتعيين قاضٍ للمركز‎.‎

وفي اتصالٍ له مع جريدة “الأنباء” الإلكترونية، أشار عقيص إلى التعيين المذكور معتبراً إيّاه ‏‏”مريحاً ومطمئناً”، إلّا أنه أبدى خشيته من “الضغوط على المحقّق، أو الضابطة العدلية، أو ‏المحكمة لتسيير الأمور في اتّجاهٍ معيّن، أو لجهة إجراء تعديلات على مسرح الجريمة”، ‏مشدداً على “وجوب أن تطال المحاسبة كل شخصٍ يُظهره التحقيق مسؤولاً عن الانفجار، إذ ‏أن الجريمة كبيرة، وتستحق وصول التحقيقات والمحاكمات إلى خواتيمها‎”.‎

ولأجل كل ذلك فضّل عقيص التحقيق الدولي على التحقيق المحلي، “لتضارب المصالح بين ‏الجهات التي تتحمل مسؤولية الانفجار، والأجهزة الأمنية المسؤولة عن التحقيقات”. وفي ‏هذا المسار، جدّد “الدعوة من أجل الركون إلى تحقيقٍ دوليٍ عادلٍ وشفاف”، كاشفاً أن ‏‏”التكتل في صدد التحرّك من أجل الذهاب نحوه عبر لجنة تقصّي الحقائق الدولية في ‏المجلس النيابي، كما أننا ندرس طرح اللقاء الديمقراطي في ما يتعلّق بالعريضة‎”.‎

عضو تكتّل لبنان القوي، النائب روجيه عازار، شاطر عقيص الاعتبارات نفسها لجهة الأخذ ‏والرد الذي حصل بين نجم ومجلس القضاء الأعلى، محبّذاً عدم حصول إشكالات بين ‏الجهتين. إلّا أنه رأى في حديث لـ”الأنباء” أن “التعيين أتى بالتوافق بين الفريقين، والأهم ‏اليوم التوجّه مباشرةً نحو التحقيق لمعرفة حقيقة ما حصل في الجريمة الأكبر التي هزّت ‏لبنان، ومحاسبة جميع المسؤولين، أيا كانت المسؤولية التي تقع عليهم‎”. ‎

وعن القاضي المعيّن، رأى عازار أنه “رغم الضغوط الحاصلة في هذا الملف، فإن التحقيق ‏الداخلي ناشط والنتائج جيّدة حتى اليوم، كما أن الأخصائيين الدوليين الذين يساعدون في ‏التحقيقات سيساهمون في تقديم نتائج جيدة، من دون الحاجة إلى أن نتّجه إلى تدويل ‏القضية، وتفادياً لشد الحبال الحاصل في السياسة اليوم‎”.‎

وتعليقاً على مبادرة “اللقاء الديمقراطي” بعريضة نيابية تطالب بالتحقيق الدولي، أشار ‏عضو كتلة التنمية والتحرير، قاسم هاشم، إلى أن “العريضة تعكس رأي الجهة المقدّمة، ‏ومن حقّها الديمقراطي ككتلة مشارِكة في البرلمان طرح العريضة. كما أن الرئيس نبيه بري ‏يقاربها من المنظار القانوني والدستوري لا غير. إذ أن أي اقتراح، أو مبادرة، أو عريضة، ‏تُطلق من البرلمان يجب أن تراعي الأسس الدستورية، والرئيس بري يعمل ضمن الإطار ‏المؤسّساتي‎”.‎

في سياقٍ آخر، ما زالت أرقام كورونا تتوجه صعوداً، مع تسجيل وزارة الصحة يوم أمس 298 ‏إصابة جديدة، و3 حالات وفاة. إلّا أن إعلان وزير الصحة امتلاء ما نسبته 50% من الأسرّة ‏المخصصة لكورونا في لبنان هو بمثابة مؤشر خطرٍ جداً لما ستؤول إليه الأيام المقبلة، في ‏ظل المنحى التصاعدي للأرقام، وهنا لا بد من إعادة التشديد على ضرورة التزام الإجراءات ‏الوقائية، كارتداء الكمامة، والإبقاء على مسافة بين الأشخاص لتفادي السيناريو الإيطالي، ‏حينما امتلأت المستشفيات، ولم يعد هناك أسرّة خالية لمرضى جدد، ما رفع وتيرة الوفيات، ‏والمشاهد المرعبة التي تم التدول بها حينها خير دليل‎.‎

كما أن الإصابات المسجلة موزّعة على مختلف المناطق اللبنانية، ما يعني الانتشار ‏المجتمعي للفيروس، وعدم حصر الوباء في محلّة معينة، وهو مؤشرٌ إضافي يعكس خطورة ‏الأزمة‎. ‎

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *