الرئيسية / أخبار مميزة / المكاري رعى أحياء “أرارات” ذكرى الإبادة الأرمنية وشهداء الصحافة اللبنانية: نحن واحد في النضال من أجل قضية ووطن
أرارات المكاري

المكاري رعى أحياء “أرارات” ذكرى الإبادة الأرمنية وشهداء الصحافة اللبنانية: نحن واحد في النضال من أجل قضية ووطن

أحيت جريدة “أرارات” ذكرى 24 نيسان “الابادة الأرمنية” و6 أيار “شهداء الصحافة اللبنانية” في احتفال بعنوان “معاً بالقدر”، برعاية وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد المكاري، في صالة كنيسة مار الياس- انطلياس.

بعد النشيدين الوطني والأرميني وتقديم من داليدا سالبشيان، كانت كلمة للمخرجة كارمن لبكي التي رأت ان “الصحافة هي البحث عن حقائق وبراهين، من أجل إثبات وقائع موجودة على الأرض، وبما فيه قضية الإبادة الأرمنية، ولا شك في أن الصورة والصوت، هما شهادة حية“.
وأكدت ان “الأفلام الوثائقية ليست فقط إخراجا وإنتاجا، إنما هي عمل صحافي محض ولا يمكن تفريقهما . لذلك ، إذا كان الموضوع حساسا، تصبح الصحافة كراهية من الفئة المتجه نحوها إصبع الاتهام“.
تحدثت لبكي عن تجربتها والمغامرة اثناء تصوير فيلمي” ارمن لبنان” عام 2004 وMy name is Aram  في ال 2006 “اللذين جسدا عمق المأساة الأرمنية“.

وأعربت عن رفضها “التراخي أمام مصالح دوليّة تريد طي صفحة أليمة من التاريخ كي لا  تواجه الحقيقة”، واعتبرت ان”الحق مكبوت اليوم، والحقيقة ظالمة”، آملة ان “يصل صوت آرام يوما ما“.

عون
ثم تحدثت الباحثة في المعهد العالي للدكتوراه في الجامعة اللبنانية وعضو الرابطة العربية لعلوم الإعلام والاتّصال حياة عون فاعتبرت ان “ما يجمع هاتين الذكريين هو الترهيب الثقافي”، قائلة: “إلى جانب التهجير والتعذيب النفسي والجسدي خلال الإبادة الأرمنية، كان هناك تدمير متعمّد للتراث الثقافي والديني والتاريخي والطائفي للأرمن. وفي قتل الصحافيين هناك اغتيال لأصحاب الفكر وقادة الرأي الحرّ“.

ورأت أنه “منذ الاستقلال تخوض الصحافة اللبنانية تجارب صعبة لتثبيت معنى لبنان ومقومات الكيان في وجه الاحتلالات والنزاعات الأهلية فكانت دومًا في قلب المعركة ودفعت أرواحاً وأثماناً باهظة دفاعاً عن سيادة لبنان وحق شعبه في دولة طبيعية“.

وقالت: “دورنا  نحن الأكاديميين والباحثين أن نلقي الضوء على الإعلام والإعلاميين رافعي لواء الحقيقة والكلمة الحرة كي تبقى الصحافة اللبنانية أمينة للتضحيات التي بذلت على مذبحها“.

وأشارت الى ان” الرابطة اليوم في طور إعداد مشروع كتابين جديدين الأوّل عن التربية الإعلامية في العالم العربي والثاني عن مصطلحات الإتصال في الزمن الرقمي”. وقالت: “أمّا كتاب الصحافة الورقية اليومية في الدول العربية” الذي شاركت شخصيًّا في تحريره عبر تناول جريدة آرارات الأرمنية، وصحيفة  L’Orient-Le Jour فرنسية اللغة، الذي هو سبب حضوري اليوم معكمفقد حاولنا في هذا الكتاب مع مجموعة من فرق العمل المشاركة في إعداده، رصد واقع الصحافة الورقية اليومية في العالم العربي، من خلال طرح تجارب دول عربية هي، بالإضافة إلى لبنان: الأردن، الإمارات، البحرين، الجزائر، سوريا، فلسطين، مصر، المغرب واليمن، وقد اخترنا جريدة آرارات بناءً على تاريخها العريق و استمرارها وصمودها ورقيًّا في ظل الأزمات الاقتصاديّة والأمنيّة التي يمرّ بها وطننا لبنان. وأيضًا بناءً على التزامها الدفاع عن قضايا إجتماعيّة ووطنية محقة”.

ورأت ان” أهمية الصحيفة تكمن ليس فقط بالأخبار اليوميّة التي تنشرها، إذ إن القارئ اليوم في عصر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي يملك إمكان الوصول اللامحدود والمتفلّت إلى المعلومات المتاحة سريعًا ومجّانًاولكن على الصحيفة أن توفّر ما لا يجده القارئ في المعمعة الإلكترونيّة من تقارير وتحليلات سياسيّة وثقافيّة. وعليها أن تضطلع بمسؤولية إجتماعية توعويّة تجاه قرّائها. وهذا ما استطاعت جريدة آرارات أن تؤمّنه إلى الآن“.

وختمت قائلة:”إنّ شعبًا يتذكّر هو شعب لا يموت“.

القصيفي
ثم كانت كلمة نقيب محرري الصحافة جوزف القصيفي، قال فيها: “التحية للذين ضرجوا رداء الانسانية الناصع بزاكي الدم، قبل أن يشقوا رحم الأرض التي ضمتهم بحنو الام الثكلى، لينبتوا من جديد كشقائق النعمان، ويهمسوا في أذن الريح، ويغامزوا عين الشمس، بأن الشهادة هي سُلّمُ الحياة الذي نرتقيه بعزم وثبات“.

أضاف: “هذه الأمسية نهديها اليهم، ونناجي فيها أرواحهم، ونقول لهم إن وطن هؤلاء هو قبل أي شيء: الحرية. فسلام عليهم، والسلام لمن دعا لإحياء ذكراهم، ونظم وجمع هذه النخبة المختارة“.

ورأى القصيفي أن” تلازم ذكرى المجازر التي حلت بالشعب الارميني مع ذكرى شهداء الصحافة اللبنانية، ليس مصادفة. فمن حيث التوقيت، الفاصل الزمني ليس بعيدا، ومن حيث النتائج، فهي متشابهة وتتلخص بعنوانين رئيسين: وأد الحرية  والقضاء على التنوع“.

وقال: “في العنوان الأول كان معظم الذين علقوا على حبل المشنقة من الصحافييّن وحملة الاقلام، الذين جاهروا بمواقفهم الرافضة للاستعمار، والمظالم المرتكبة في حق العباد، والتضيّيق على حريتهم في التعبير، ونزعتهم الاستقلالية، ورغبة الشعوب في التحرر. لكن الأحكام جاءت في منتهى الظلم وبعيدا من منطق العدالة، لأن الكلمة الفصل كانت للمشنقة، وليس للقانون. وما حصل في السادس من أيار 1916، كان وصمة عار على جبين من أصدروا تلك الأحكام وقد لاحقتهم لعنة الشهداء إلى قبورهم. واندثر ذكرهم، فيما ظِّلُ من سقط غيلة، في ليلة غاب عنها الضمير، بقي ماثلا في الذواكر، ومنتصبا في الساحة التي حملت اسمهم، تمثالا مادته الشموخ والعنفوان، يزهو بالشعلة التي لا تنطفىء نارها، ولا يخبو اوارها. انه نداء اليراع الذي خط  بندي حبره الاحمر: سجل وسجل يا قلم وانشر على هذي القمم صحافتي حريتي كرامتي هويتي كتبتها سطرتها حبرا ودم ولى الطغاة وبقي ذكر الأحرار مخلداً“.

أضاف: “في العنوان الثاني، إن المجازر التي طاولت الأرمن قتلاً وتهجيراً، كادت أن تنجح في إبادة شعب بكامله، لولا نجاة البعض ممن تمكنوا بفضل ثبات الكنيسة الارمينية ومن تبقى من النخب، من إعادة هيكلة حضوره وأحياء قضيته بالحفاظ على لغته وايمانه الديني، وتراثه القومي، وتقاليده الشعبية المتوارثة كابرا عن كابر“.

واعتبر أن” المجازر التي حلت بالأرمن هي من أكثر الاحداث هولا في التاريخ، ولا يستطيع أي مؤرخ موضوعي ومنصف أن ينكر حدوثها، وإن من يتنكر لها هو كحطاب ليل تخبط فأسه خبط عشواء”. وقال: “نعم يجب ألا نخجل او نساير في الدل إلى فداحة المأساة المتمثلة بتعليق احرار لبنان على اعواد المشانق في ساحة البرج بقلب بيروت، التي عمدّت على اسم شهداء السادس من ايار.
نعم يجب ألا ندفن رؤوسنا في الرمال، شأن النعامة، بإنكار حصول المجازر في حق الارمن. إنها حقائق أثبتتها وقوعات التاريخ، وسطرتها معالم الجغرافيا“.

وتابع: “الإنكار لا يجدي. الإقرار هو الذي يجدي، لأنه يفتح الباب أمام مقاربة نقدية، موضوعية، هي الشرط الرئيس لصفحة جديدة، لمصالحة وجدانية تبدأ بالندامة والتوبة،  تطوي ما قبل، لا على أساس عفا الله عما مضى، وما جرى قد جرى، بل تؤسس لمرحلة جديدة تسودها العدالة وإعادة تشكيل العلاقة على قواعد جديدة، لا تمحو الحق في الاختلاف، وتؤكد الرغبة في بناء نمط مميز من الإخاء الانساني“.

وأردف: “من حق الأرمن ألا ينسوا، طالما أن إنكار ما حل بهم لا يزال قائما. فأيا تكن الذرائع والأسباب من حقهم اذا غفروا، ألا ينزعوا من قلوبهم وذاكرتهم صورة المآسي والفواجع. وإن الشرط الأساس لتجاوزها يكون بالاعتراف بالمجازر والعمل على نهج جديد يقلص الفجوة ويردمها“.

وشدد على ان” تطور العلاقات الدولية والاقليمية في أي اتجاه، لا يلغي المحطات المغرقة في دمويتها من ذاكرة الشعوب، ولا المحطات المضيئة على ندرتها. فالمصارحة، هي الخطوة الأولى نحو المصالحة. ولا مصارحة من دون الاعتراف بالحقائق أيا تكن مرارتها، كي لا تكون المصالحة كلام ليل يمحوه النهار. فالدم وإن جففته أشعة الشمس، والرياح العاصفة على أديم الارض، فإن صورته لا تبرح العقول والقلوب“.

وختم القصيفي: “إن شهداء الصحافة اللبنانية والشهداء الارمن الذين سقطوا في مدى زمني متقارب نسبيا، سقطوا مكللين بالحرية والكرامة. فالمجد لهم وللتراب الذي ضمهم، أنهم مسك فت فيه، وعطر شهادتهم ينبعث منعشا مع كل اشراقة شمس، واطلالة قمر، وهينمة نسيم، وفوح زهرة وشدو طير. انهم الذخر والذخيرة. فليكن ذكرهم مؤبداً“.

يبرميان
ثم كانت كلمة شكر لمديرة جريدة “أرارات” آني يبرميان قالت فيها: “معًا بالقدر، عنوان اخترناه في جريدة أرارات اليومية السياسية لفعالية اليوم لأنه هوية جريدتنا، التي تأسست قبل استقلال لبنان بست سنوات، وتجمع بين شهداء الإبادة الأرمنية الأبرياء الأبطال وشهداء الصحافة اللبنانية الذين جبينهم لا يطال“.

أضافت: “ذكرى 24 نيسان 1915 جرح بطول الجلجلة الأرمنية على دروب الشرق، وذكرى 6 إيار 1916 وجع أوسع من ساحة البرج في بيروت وساحة المرجة في الشام“.

وتابعت: “24 نيسان ذكرى إبادة استشهد فيها مليون ونصف المليون أرمني من بين 4 ملايين شهيد في كل المنطقة قبل الحرب العالمية الأولى وخلالها وبعدها. هذه الأرقام تؤكد أن ما حصل هو أول عملية تطهير عرقي في التاريخ الحديث وأكبرها، وليست الثانية بعد الهولوكوست كما يدعي الغرب ليكفر عن ذنوبه بحقّ اليهود الأوروبيين“.

وأردفت: “اليوم، في هذه الجمعة، نجمع معا بين مسارات الشرف وساحات الشرف في تلك الأيام جمعها بالشهادة مجرم واحد ومفضوح: العثماني الذي حصل آنذاك على دعم الجشع الغربي. معظم الأرمن والعرب غشّتهم براءة الذئب الغربي. معظم الأكراد استدرجهم العثماني ليشاركوا في مجازره ثم انقلب عليهم“.

وقالت: “العالم الذي لا يشبع ما زال يدعم أحفاد العثمانيين بقضم أراضي أرمينيا التاريخية وارتكاب الجرائم بحق الإنسانية، وما تقوم به  أذربيجان بدعم تركي وغربي خير دليل.  العالم الذي لا يشبع ما زال يبحث عن مصالحه ناسيا القول الجوهري “ما نفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه”. العالم الذي لا يشبع يدعي الحضارة  ولكنه مهما فعل يبقى وحشا تفصله عن الحضارة مسافات إنسانية إسمها الإعتراف بالإبادة الأرمنية والتعويض عن المصائب التي تسبب بها، وإعادة الحق لأصحابه“.

وتابعت: “لو مهما نكر أحفاد هذا المجرم فعلته الشنيعة، ولو مهما الدول التي غشّت الأرمن والعرب والتي ساعدته بفعلته نافقت وادعت البراءة، ولو مهما أغلب المجتمع الدولي مستمر في تحميل ضميره، سيبقى دم الأبطال ولعنة الأجيال لاحقين بهم لآخر الدنيا“.

وقالت: “ويل لأمة ضميرها في غيبوبة،  تعرف ماذا فعلت من دون ان يرف لها جفن. المطلوب اليوم قبل الغد إعتذار وليس إنكار ولا أعذار، ومهما طال الليل، فجر أرمينيا التاريخية عائد، وشمس الحق عائدة تشرق فوق تلال أرتساخ“.

وختمت معربة عن فخرها ب”حمل الهوية اللبنانية“.

المكاري
وقال الوزير المكاري في كلمته:” 24 نيسان ذكرى الإبادةِ الأرمنية، و6 أيار ذكرى شهداء الصحافة. في هذين التاريخين اختلط الدم بالحبر وارتفعت أعواد المشانق وانكسرت أقلام، وأبيد شعب وامتهنت حرية فكر، ولكن سرعان ما زهرت الدماء إرادة وتحول الحبر الى أسطورة بقاء لا يطويها موت ولا يتجرأ عليها ظالم. شكراً لجريدة “أرارات” لأنها تضيء اليوم على تاريخ مشترك لبلدين وشعبين لطالما كانا واحداً، دفاعاً عن الأرض والهوية وصونا للكلمة الحرة.   منذ أكثر من مئة عام نحن واحد، سواء كنا لبنانيين أبا عن جد أو لبنانيين من أصل أرمني. نحن واحد في النضال من أجل قضية، وفي بذل الذات من أجل وطن، والاستشهاد في محراب الكلمة، وفوق كل ذلك نحن شعب لا يعرف اليأس اليه سبيلا. نعم، شعب لا شعبان. اللبنانيون اللبنانيون واللبنانيون الأرمن ملأوا الدنيا هجرة وعملا وفكرا، وشغلوا الناس نجاحات وإبداعات وإشعاعا، حتى نكاد نقول إن لبنان يصدر الى أصقاع العالم أدمغة لبنانية وأرمنية ترفع لها القبعة أينما حلت”.

وتابع: “في المعاناة واحد وفي الحَرْف واحد وفي الحِرَف واحد وفي إرادة العيش ولا أصلب. وإذا كانت بيروت عاصمة للإعلام العربي لسنة 2023، فإن لبنان وأرمينيا معا هما عاصمة للعالم من حيث التضحية والعمل والثبات على المبادىء السامية. عاشا تاريخا مشتركا ونشآ على حب الوطن وتقديس قضايا شعبه المحقة. وما اجتماعنا هنا إلا تحت مظلة فعاليات بيروت العاصمة المشعة حرية وفكرا وإعلاما. هناك من حاول عبر التاريخ إبادة شعب فاصطدم بعنفوانه الذي لا يموت، وهناك من حاول إسكات وطن بإعدام مفكريه، فتأكد له أن أسطورة طائر الفينيق تجسد خير تجسيد هذا الوطن الذي يحيا من رماده كل يوم ويغالب الموت مهما بدا عاتيا”.

أضاف: “اللبنانيون والأرمن لا يجتمعون اليوم هنا لاستذكار جرائم الإبادة وتعليق المشانق، بل للاحتفال بالانتصار على كل من ظن لوهلة أنه قادر على طمس تاريخ ومحو حضارة واستئصال شعب يفكر، إذا هو موجود وسيبقى أبد الدهرهذه علّة وجودنا: الفكر. ومن يخيل له أنه أقوى من الفكر فهو أضعف الضعفاء. نحن ماضون في النضال والدفاع والعمل، حتى آخر نقطة دم في أقلامنا وآخر نقطة حبر في عروقنا. نعم، إنه الدم يسيل من أقلامنا نكتب به مصائرنا، والحبر يتدفق في عروقنا ويحيينا“.

ختم: “نجدد الشكر لجريدة “أرارات” على تذكيرنا اليوم بأننا شعب حيّ ومنتصر هزم الموت والظلم وقام للفكر والحياة الحرة الكريمة“.

تخلل الاحتفال مقطوعات موسيقية للعازفين أرين وألك دونريان واغان أدّاها هوفيك طفرانيان من وحي المناسبة، واختتم بنشيد “سارتاراباد”.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *