الرئيسية / صحف ومقالات / البناء: بريطانيا تفتتح زمن الاضطراب السياسي الأوروبي تحت تأثير أزمة الطاقة وتداعياتها الاقتصادية جلسة الانتخاب تكسر الجرة بين القوات والنواب الـ 13… والإثنين جلسة جديدة بلا رئيس المسار الحكومي مفتوح على التأليف رغم عض الأصابع… والولادة قبل نهاية الولاية
البناء

البناء: بريطانيا تفتتح زمن الاضطراب السياسي الأوروبي تحت تأثير أزمة الطاقة وتداعياتها الاقتصادية جلسة الانتخاب تكسر الجرة بين القوات والنواب الـ 13… والإثنين جلسة جديدة بلا رئيس المسار الحكومي مفتوح على التأليف رغم عض الأصابع… والولادة قبل نهاية الولاية

 انفجرت الأزمة الحكومية في بريطانيا وطارت حكومة ليز تراس خلال شهر ونيف من ولادتها، تحت ضغط الفشل الاقتصادي والمالي، والحلقة المفرغة التي دخلتها أوروبا بين الآثار المترتبة على أزمة الطاقة، حيث ترك الأمور على حالها تحمل انفجاراً اجتماعياً تحت عنوان المطالبة بتخفيض الأسعار وزيادة الأجور، والاستجابة للحركة المطلبية تعني مزيداً من التضخم والركود وإفلاس الشركات، والحلول التقنية التقليدية مثل رفع سعر الفائدة توقف حركة الاستثمار، وتخفيض الضرائب على الشركات يجفف موارد الموازنة ويرفع قيمة الديون وتكلفتها على خزينة الدولة، وزيادة الضرائب لتمويل الخزينة وأكلافها المتنامية لتخفيض الأزمة الاجتماعية يؤدي الى إفلاس الشركات وتجمد مجتمع الأعمال.

سقطت تراس ومعها فتح الباب لأزمة سياسية اقتصادية مالية، لا تحلّها خيارات تقليدية بتعيين بديل ولا بذهاب الى انتخابات مبكرة، فالكل عالق في الدائرة المغلقة ولحس المبرد، ما لم تعُد الثقة الى سوق الطاقة، ومدخلها تسوية مع روسيا بشروط تناسبها حول أوكرانيا وحول ملف الغاز الأوروبي، وليس بعد في أوروبا مجتمع جاهز للتخلّي عن العنصرية، ولا نخب سياسية تملك شجاعة الإقدام.

في لبنان حلقة مفرغة لا تبدو آفاق القدرة على كسرها في المدى الفاصل عن موعد نهاية ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الواقعة على مسافة عشرة أيام، فعلى الضفتين متاعب ومصاعب لوحدة الموقف، في ضفة ما سُمّي بتحالف المعارضة انقسام بين حزب القوات اللبنانية والنواب الـ13 تحوّل سجالاً علنيا وتبادلاً للاتهامات، ما يوحي بأن الجرّة انكسرت بين الفريقين اللذين بشرا بتحالف سيادي يشكل جبهة نيابية تملك الأغلبية بوجه المقاومة وحلفائها. وإذا استثنينا نواب اللقاء الديمقراطي الذين يقيمون في خيمة انتخاب النائب ميشال معوض بانتظار التوصل الى بحث جدّي بالتوافق على مرشح لا يصل الذين يمنحون تصويتهم لمعوض الى 35 نائباً. وإذا أخذنا بالاعتبار الموقف السعودي الداعم لترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون بعد حلول موعد 31 تشرين الأول، فهذا يعني أن معوّض يحجز مقعد الترشيح لحساب فرضية واستبداله بقائد الجيش عندما يحين الوقت. وعلى الضفة المقابلة لا تبدو التفاهمات المطلوبة بين المرشح سليمان فرنجية والناخب المسيحي الأكبر التيار الوطني الحر قد نجحت بتذليل العقبات دون تبني التيار لترشيح فرنجية، مع مصاعب تصل حد الاستحالة تحول دون قبول فرنجية بالتوافق على مرشح سواه، ما جعل القدرة على بدء التفاوض مع الكتل الأخرى على فكرة التوافق التي ينادي بها ثلاثي حركة أمل وحزب الله والتيار الوطني الحر تفتقد الى المقترح العملي، حيث لا تزال العجلة معطلة عند استعصاء التوافق على فرنجية.

حلقة مفرغة أخرى تبدو قابلة للكسر، لكن عض الأصابع لا يزال متاحاً حتى اقتراب ساعة الحسم، وهي حلقة الحكومة الجديدة، التي تؤكد مصادر معنية بالملف أن الفريقين المعنيين بها وهما الرئيس نجيب ميقاتي ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، يعلمان حتمية عبورهما لممر تشكيل حكومة جديدة قبل نهاية ولاية رئيس الجمهورية لكنهما يواصلان التجاذب أملاً بتحسين الشروط، وهو ما سيستمرّ حتى ربع الساعة الأخير، لكن مع توقعات شبه أكيدة بولادة الحكومة.

لم يتمكن مجلس النواب في الجلسة الثالثة له من انتخاب رئيس للجمهورية، وكما كان متوقعاً فقد انعقدت الجلسة برئاسة رئيس المجلس نبيه بري في دورتها الأولى وفقد النصاب في الدورة الثانية ورفع بري الجلسة وحدّد الاثنين المقبل موعداً لجلسة رابعة.

وإذ لم تأتِ الجلسة بأي جديد يغير مشهد الجلسة الأولى، فسجل تراجع عدد الأوراق البيضاء من 61 الى 55 بسبب غياب عدد من نواب كتل التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة والحلفاء، مقابل ارتفاع عدد الأصوات التي نالها النائب المرشح ميشال معوّض في مقابل تراجع النواب التغييريين خطوة الى الوراء، فلم يسموا أحداً بل دوّنوا عبارة «لبنان الجديد» على أوراقهم، ما يعني التقدم خطوة الى التوافق مع القوى الأخرى، وقد سجل في هذا الصدد اجتماع بين قوى التغيير ونواب من التيار الوطني الحر في أحد مكاتب المجلس بعد انتهاء الجلسة، وخرج بعدها نواب من الطرفين للتصريح بعدما اتفقوا على ذلك، وكان لافتاً التقارب بين نواب التغيير والتيار بعد الجلسة رغم بعض السجالات داخل الجلسة، مقابل الابتعاد في المواقف أكثر بين قوى التغيير وكل من أحزاب القوات اللبنانية والكتائب والاشتراكي الذين وجّهوا انتقادات لاذعة لقوى التغيير الذين رفضوا عروضاً عدة للتوافق على أسماء لرئاسة الجمهورية وفق معلومات «البناء». كما حمّل النائب معوض كتلة التغيير مسؤولية عدم التوافق عليه وتأمين الأكثرية لانتخابه.

وأشارت معلومات «البناء» الى أن «القوات اللبنانية حاولت مفاوضة قوى التغيير «من تحت الطاولة» على اسم بديل عن معوض من دون علمه، لكن لم يتم التوافق على مرشح موحد. كما تواصل نواب من حزب الكتائب مع زملاء لهم في كتلة التنمية والتحرير للنقاش في بعض أسماء المرشحين المطروحين التي يمكن التوافق حولها، وقد أبدوا استعداداً للحوار وعدم الرفض المطلق للأسماء.

وبعد توزيع الأوراق والاقتراع في الجولة الاولى، تم فرز الاصوات فنال النائب ميشال معوض 42 صوتا، وكان يفترض أن تكون 44 لولا غياب النائبين شوقي الدكاش وايهاب مطر، و»لبنان الجديد» 17 صوتاً هم أصوات تكتل التغييريين وبعض المستقلين ونواب من الكتائب، و»صوت واحد لميلاد أبو ملهب»، 55 ورقة بيضاء وأربع أوراق ملغاة باسم «سيادي» «إصلاحي»، (النائب ميشال الدويهي) «لا أحد» (النائب أسامة سعد)، «ديكتاتور عادل»، (النائب جميل السيد) «لأجل لبنان»، (أحد النواب المستقلين).

وعلمت «البناء» أن الأصوات الأربعة الإضافية التي نالها معوض هي من تكتل «الاعتدال الوطني»، إلا أن كتل الكتائب والقوات والاشتراكي أخفقوا مجدداً بتأمين الأكثرية النيابية لمعوّض الأمر الذي سيدفع الاشتراكي للتوافق مع فريق الثنائي والتيار الوطني الحر والحلفاء على مرشح، وقد أسرّ نواب أحد الأحزاب الداعمة لمعوض لأحد زملائه بأن الذين يصوّتون لمعوض يعلمون مسبقاً بأنه لن يحصد الأكثرية وفقط لملء الوقت الضائع بمناورات سياسية، بانتظار التسوية وتحصيل أكبر قدر من المكاسب فيها رئاسياً وحكومياً.

وعلمت «البناء» أن مداولات ونقاشات جانبية حصلت في أروقة المجلس بين نواب من المعارضة والموالاة وقوى التغيير، لجوجلة بعض الأسماء من بينها قائد الجيش العماد جوزاف عون والنائب السابق صلاح حنين والوزير السابق زياد بارود.

وأشارت مصادر نيابية في كتلة التنمية والتحرير لـ»البناء» الى أن «الجلسات الثلاث أظهرت بشكل لا يرقى الى الشك بأن لا فريق يملك نصاب الانعقاد والأكثرية للانتخاب وبالتالي لا رئيس للجمهورية من دون الحوار والتوافق»، موضحة أن «فريق الثنائي لم يطرح أي مرشح لتفادي التحدي والمواجهة مع الطرف الذي يدعم معوض، ونقفل بذلك أبواب الحوار والوفاق، ولذلك سننتظر بأن يقتنع الفريق الآخر بأنه لا يستطيع فرض مرشحه على الآخرين وحينها نجلس إلى طاولة الحوار ونتوافق على رئيس مسبق ونذهب لانتخابه ونؤمن النصاب».

وعن اتهام القوات والكتائب للثنائي والتيار بتطيير النصاب، تساءلت المصادر: هل ينتظرون منا تأمين النصاب والأكثرية لكي ينتخبوا مرشحهم؟ فالخروج من الجلسة حق ديمقراطي لأي نائب أو كتلة. وهل تم انتخاب رؤساء الجمهورية في لبنان لا سيما بعد الطائف من دون التوافق؟

وقبيل انطلاق الجولة الثانية، تبين فقدان النصاب بسبب خروج نواب تكتل لبنان القوي ونواب حزب الله وحركة أمل والاعتدال الوطني من القاعة، فدعا بري الى جلسة جديدة في الحادية عشرة من قبل ظهر الاثنين المقبل في 24 الحالي ورفع الجلسة.

وتناوب النواب على التصريح وإطلاق المواقف وشرح مجريات الجلسة وأبعادها من على منصة المجلس، لكن وعلى عكس الجلسة الماضية غابت مطالبات قوى التغيير والكتائب للرئيس بري بعرض تفاهم ترسيم الحدود على مجلس النواب لمناقشته وإقراره!، إذ لم يسجل أي موقف أو دعوة من هذا القبيل، ما حدا بنواب للتساؤل: «هل تلقت هذه القوى رسالة خارجية بصرف النظر عن هذا الأمر قبيل أيام من زيارة الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين الى بيروت لتوقيع الرسائل وإرسالها الى الأمم المتحدة؟».

وإذ حصل تبادل اتهامات بالمسؤولية عن فشل التوافق بين مؤيدي معوض من الاشتراكي والقوات وبين قوى التغيير. علمت «البناء» أن أحد نواب الكتائب لم يصوّت لمعوض، بل صوّت مع تكتل التغيير بـ»لبنان الجديد» وإلا من أين جاءت الخمسة أصوات الإضافية على نواب التغيير الـ12 الذين صوتوا بهذه الكلمة؟

أما قوى التغيير فقد حاولوا التقاط الأنفاس في قاعة المجلس وخارجها وتمرير الجلسة بأقل خسائر ممكنة، والظهور بأقصى قدر من التماسك، لكن لوحظ خروجهم فرادى من المجلس مع تصريحات متعددة ومختلفة نوعاً ما، فقد خرجت النائبة بولا يعقوبيان برفقة النائب إبراهيم منيمنة، وقالت: «أحزاب السلطة «صاروا مضحكين» لتحميلها المسؤولية للنواب التغييريين والبلد في انهيار ولا نزال نعيش مسرحية «سمجة» وقمنا بمبادرة وضحّينا فيها من رصيدنا لنحذّر من الفراغ ولنطالبهم بعدم الوصول إليه». فيما صرّح النائب وضاح الصادق بمفرده وكذلك النائب ملحم خلف، فيما خرج النائب فراس حمدان وحيداً، وغابت النائبة سينتيا زرازير.

في المقابل، أوضح عضو كتلة «الوفاء للمقاومة« علي فياض أن «ما حصل اليوم أمر طبيعي فالمطلوب أن يتمّ تزخيم اللقاءات في أجل التوافق على رئيس للجمهورية، مشيراً إلى أن «التوافق على رئيس لا يعني الإجماع، ولكن تأمين الأغلبية مع النصاب».

وإذ تشير أوساط نيابية وسياسية لـ»البناء» الى أن السيناريو سيتكرر في جلسة الاثنين وفي الجلسات المقبلة حتى تنضج الظروف الخارجية لإنتاج تسوية خارجية تظهر داخلياً بين القوى السياسية الرئيسية، وأن قوى الكتائب والاشتراكي والقوات والتغييريين ينتظرون كلمات السر من قوى دولية وإقليمية متعددة، كشف النّائب حسن فضل الله أنّ «هناك ضغوطًا من بعض السّفارات، سنرى نتائجها أحيانًا من خلال رفع نسبة التّصويت لهذا أو ذاك، وندعو في مسألة انتخاب الرّئيس إلى أن يكون القرار لبنانيًّا»، مبيّنًا «أنّنا نعرف من زملائنا أنّ بعض السّفارات تتّصل بهم، وتطلب منهم التّصويت لهذا أو ذاك، ونتمنّى من الجميع ألّا يستجيب أحد لأيّ طلب خارجي». وجدّد فضل الله الدّعوة إلى «الحوار والتّلاقي والتّفاهم. سنمارس حقّنا الدّستوري بالحضور إلى القاعة العامّة أو عدمه، وبالتّصويت بالورقة البيضاء أو غيرها، ونحن ملتزمون بالدستور واتفاق الطائف».

وفي السياق نفسه، قال عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق «إن ما يحصل في جلسات المجلس النيابي لانتخاب رئيس للجمهورية، يثبت أن تدخلات السفارتين الأميركية والسعودية قد عطّلت وتعطّل انتخاب الرئيس في المهل الدستورية، لأنهما وأتباعهما يريدون فرض مرشّح رئاسي للتحدّي والمواجهة وجر البلد للصدام».

على صعيد آخر، وعشية نهاية ولاية رئيس الجمهورية وتكثيف الرئيس بري جلسات انتخاب الرئيس حتى 31 الحالي، أعلن رئيس المجلس الدستوري القاضي طنّوس مشلب عن ردّ المجلس 5 طعون نيابيّة بالإجماع وهي بول حامض على الياس الخوري (طرابلس) ومحمد شفيق حمود على بلال الحشيمي (زحلة) وإبراهيم عازار على سعيد الأسمر (جزين) وطانيوس محفوظ على جميل عبود (طرابلس) و»الأمل والوفاء» على فراس حمدان (حاصبيا مرجعيون). ولفت مشلب الى أن «التكهنات لم تكن في مكانها ولم يسألني شخص عن أي ملف أو يُمارس أي ضغط عليّ». وقد أكدت نتائج الدفعة الأولى من الطعون سقوط الاتهامات بحق كتلتي الوفاء للمقاومة والتنمية والتحرير بممارسة الضغوط على المجلس الدستوري لكي تأتي النتائج وفق مصلحتهما، إذ أشاد النواب المطعون بهم بقرار المجلس ونزاهته.

في غضون ذلك، وعلى مسافة أسبوع ونيّف من نهاية ولاية رئيس الجمهورية، تراجع الزخم الحكومي لاستيلاد رئيس للجمهورية في ربع الساعة الأخير، مع سقوط الاقتراح الذي نقله اللواء عباس إبراهيم والحاج وفيق صفا للنائب جبران باسيل والذي قضى بتغيير 3 وزراء مسلمين مقابل 3 وزراء مسيحيين بسبب إصرار باسيل على إبقاء وزير الطاقة وليد فياض مقابل إصرار الرئيس المكلف نجيب ميقاتي على استبداله، ولم يشهد يوم أمس أي لقاءات لاستكمال البحث بهذه العقدة التي تُضاف اليها عقدة الأسماء وفق معلومات «البناء» التي لا زالت محل تباين بين الرئيسين ميشال عون وميقاتي، ما يعني تراجع موجة التفاؤل بولادة حكومة قبل 31 الحالي، إلا إذا حصلت مفاجأة في الأيام الأخيرة مع توقع مصادر مطلعة لـ»البناء» أن يستأنف الوسطاء حراكهم بجولة جديدة من الاتصالات واللقاءات والاقتراحات على خط الطرفين نهاية الأسبوع الحالي على أن يكون مطلع الأسبوع المقبل آخر مهلة لولادة الحكومة وإلا سنكون مع فراغ مزدوج رئاسي وحكومي يفتح الباب أمام فوضى دستورية واجتماعية وأمنية ومزيد من الانهيار المالي وأزمة سياسية لن تنتهي إلا بتسوية خارجية.

لكن يجري الهمس في الكواليس السياسية أنه عندما تنتهي ولاية عون سيجري خفض سعر صرف الدولار وتحسين التغذية الكهربائية للإيحاء بأن العهد يتحمل مسؤولية تردي الأوضاع الاقتصادية والانهيارات والأزمات القائمة منذ سنوات.

وقال مصدر نيابي لـ»البناء» إن نسبة تأليف حكومة خلال الأيام القليلة المقبلة 40 في المئة مقابل 60 في المئة لا تأليف، مشيراً الى أن الرهان معقود على مدى تنازل ميقاتي وباسيل في اللحظات الأخيرة.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *