الرئيسية / صحف ومقالات / النهار : من الحكومة إلى القضاء: عودة التعطيل تصاعدياً‎!‎
النهار

النهار : من الحكومة إلى القضاء: عودة التعطيل تصاعدياً‎!‎

كتبت صحيفة ” النهار ” : ‎هل يضطلع مجلس القضاء الأعلى في الساعات المقبلة بمسؤوليته الواجبة والحتمية ‏لوضع حدّ سريع لما يمكن ان يشكّل أخطر عبث بالجسم القضائي كامتداد للهجوم السياسي ‏الذي يشنه الثنائي الشيعي تحديداً، على المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت ‏القاضي طارق البيطار؟
‎ ‎
السؤال بخطورته العالية أملته أسوأ بلبلة، والبعض وصفها بالفضيحة، منذ يوم الجمعة ‏الماضي في ظل تسجيل مخالفة – سابقة تضج بها الأوساط القضائية والقانونية بعدما أثار ‏طلب رئيس الغرفة 15 في محكمة الاستئناف القاضي حبيب مزهر، من القاضي طارق ‏البيطار، تجميد التحقيق في القضية وإيداعه الملف كاملاً، متجاوزاً صلاحيته وموسعاً مهمّته ‏المحصورة في النظر بالملف المتعلق بالدعوى المقدمة من وكلاء الوزير السابق يوسف ‏فنيانوس، لرد رئيس محكمة الاستئناف القاضي نسيب إيليا، عن النظر بدعوى تنحية القاضي ‏البيطار‎.‎
‎ ‎
وقد اشتعلت الضجة حول النزاع القانوني الذي تسبب به مزهرعلى خلفية ربط اجرائه ‏بمخاوف من الارتباط بالتدخل السياسي للثنائي الشيعي بقصد تعطيل التحقيق العدلي ‏وربما الإجهاز عليه. والاسوأ هو تزامن هذا الاجراء المهدد لتعطيل التحقيق العدلي إذا ‏تفاقمت الفضيحة ولم يسارع مجلس القضاء الأعلى إلى حسمها خصوصا ان مزهر هو من ‏أعضائه أيضا، مع تصاعد تعطيل الحكومة من خلال منع انعقاد جلسات مجلس الوزراء الامر ‏الذي ينذر بعودة نمط التعطيل الذي ساد طوال سنة وشهرين قبل ولادة حكومة الرئيس ‏نجيب ميقاتي‎.‎
‎ ‎
وأبدت أوساط سياسية معنية بمتابعة الاتصالات والمداولات الجارية في شأن إيجاد مخرج ‏لأزمة الانقسامات داخل الحكومة حول الازمة الخليجية تشاؤمها حيال المنحى الذي تتجه اليه ‏الأمور في ظل ما بات مكشوفاً من ربط مساري الازمة الحكومية والازمة القضائية، إذا صح ‏التعبير، وذلك في ظل معادلة يفرضها معطلو الحكومة على نحو هجومي، وهي “لا” ‏لاستقالة وزير الاعلام جورج قرداحي التي يطالب بها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ومعظم ‏الافرقاء الداخليين، و”لا” للقبول باكمال القاضي البيطار في مهمته مهما كلف الامر. وإذ ‏برزت في الأيام الثلاثة الأخيرة معالم انسداد كامل في إيجاد مخرج لازمة تعطيل الحكومة ‏امام تداعيات ازمة #لبنان مع الدول الخليجية، شككت مصادر معنية في ان تنجح مهمة ‏بعثة جامعة الدول العربية التي تزور بيروت اليوم حيث فشلت الوساطات السابقة‎.‎
‎ ‎
فوسط هذا التخبط تصل اليوم بعثة الجامعة برئاسة الأمين العام المساعد لجامعة الدول ‏العربية حسام زكي في زيارة تجول خلالها على الرؤساء الثلاثة وتهدف إلى تدخل الجامعة ‏للبحث فيما يمكن فعله لتهدئة الازمة بين لبنان والسعودية وعدد من الدول الخليجية. يشار ‏في هذا السياق إلى ان “صوت بيروت انترناشونال” تحدثت أمس عن اتجاه لدى دول ‏خليجية لترحيل فئات معينة من اللبنانيين العاملين فيها بعد تصنيفهم تبعاً لانتماءاتهم ‏الحزبية انطلاقاً من اجتماع قالت انه عقد بين ممثلي وزارات الداخلية في مجلس التعاون ‏الخليجي. لكن هذه المعطيات لم تتأكد رسميا‎.‎
‎ ‎
‎ ‎
بين الراعي وعودة
‎ ‎
وبدا ان منحى التعطيل قد بدأ يفاقم ردود الفعل الداخلية خصوصا لدى المرجعيات الدينية ‏الأساسية. اذ ان البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أطلق مواقف ‏حادة لهذه الجهة واعتبر في عظة الاحد أمس انه مع” تعطيل الحكومة، يتعطّل من ناحية ‏أخرى نشاط القضاء المنزّه والحياديّ والجريء. وهذا يقلق للغاية. فإنّ بعض القضاةِ يُعزّزون ‏الشكَ بالقضاءِ من خِلال مشاركتِهم في تعطيلِ التحقيقِ في تفجيرِ المرفأِ أو تعليقِه أو ‏تجميدِه أو زرعِ الشكِّ في عملِ المحقِّق العدلي. فقبلَ أن يَطلُبَ القضاءُ من الشعبِ أن يَثقَ ‏به، حريٌّ بالقضاةِ أن يثقوا بعضُهم بالبعضِ الآخَر. جريمةٌ أن يحوّلَ بعضُ القضاةِ القضاءَ ‏مربّعاتٍ حزبيّةً وطائفيّةً ومذهبيّة، لاسيّما في قضيتَي المرفأِ وعين الرمّانة”. وقال “أمام ما ‏نرى من تجاوزات قانونيّة نتساءل: هل أصبح بعضُ القضاةِ غبّ الطلَب لدى بعض ‏المسؤولين والأحزاب والمذاهب؟ ..ما نقول عن تحقيق المرفأ نقوله ايضًا عن أحداث ‏الطيونة ـ عين الرمانة. وإذ نجدّدُ أسَفنا العميقَ على سقوط الضحايا والجرحى، نؤكد أنَّ عين ‏الرمانة ليست عنوانَ حربٍ وتقاتل، بل عنوانَ تعايشٍ مع محيطِها على أساسِ من الشراكةِ ‏والسلامِ والكرامة وحسنِ الجوار. وإذ نترك للقضاء المستقل أن يأخذ مجراه في هذه ‏الأحداثُ، ندعوه إلى أن يكون حياديًّا تجاه الجميع، ويراعي حقوقَ الموقوفين فيَتوفّر لهم حقُّ ‏الاجتماعِ بمحاميهم ولقاءِ أهاليهم، وندعوه للإسراعِ في التحقيقِ والإفراجِ عن كلِّ من تثبتُ ‏براءته. لا يجوزُ أنْ تَحصُلَ توقيفاتٌ وتُـمَدّدَ من دون مُسوّغٍ قانونيٍّ وقرينةٍ، إنّما فقط كُرمى ‏لهذا الطرفِ أو ذاك. لا يوجد في القضاء إكراميّات بل توجد عدالةٌ‎ “.‎
‎ ‎
وبدوره تساءل متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة: “هل ‏يعقل لوطن غسان تويني وفؤاد بطرس وشارل مالك وفيليب تقلا وشارل حلو وجان عبيد، ‏وغيرهم من رجالات المدرسة الديبلوماسية اللبنانية العريقة، أن يمسي وطنا معزولاً عربياً ‏ودولياً بسبب تصريحات وأفعال لا تعرف المحبة ولا تضع المصلحة الوطنية أولوية؟” وقال ‏‏”إن الكلام مسؤولية، ومن واجب الإنسان، والمسؤول بخاصة، أن يزن كلامه احتراماً لنفسه ‏ولكرامته وكرامة وطنه. ألا تكفينا المشاكل والأزمات؟ هل نحن في حاجة إلى مزيد؟ لبناننا ‏الحبيب ينازع على أيدي هواة، وقد يلفظ أنفاسه الأخيرة ولم نشهد أي معالجة جدية‎”.‎
كما سأل “ماذا نجني من التعطيل إلا المزيد من الانهيار؟ وهل يميز الانهيار بين فئة وأخرى ‏وطائفة وأخرى؟ في الأزمات، على مجلس الوزراء أن يكون في انعقاد دائم، أما عندنا فيتم ‏تعطيله ووقف عمله بسبب صراعات مدمرة، عوض التضحية من أجل لبنان‎”.‎
‎ ‎
‎ ‎
دعم ميقاتي
‎ ‎
وكان برز السبت موقف للمجلس الإسلامي الشرعي الأعلى الذي انعقد برئاسة مفتي ‏الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان وفي حضور الرئيس فؤاد السنيورة واعلن ‏تمسكه بالرئيس ميقاتي ودعمه له، في مقابل ادانته من يسيئون إلى علاقات لبنان العربية ‏ويعطّلون المؤسسات. ودعا إلى التعاون مع رئيس الحكومة لاحتواء تداعيات هذه العاصفة ‏للخروج من الأزمة التي ينبغي ان تحل لبنانيا “أولا بعدم اطلاق المواقف غير المسؤولة تجاه ‏السعودية وسائر دول الخليج العربي والتي لا تشبه اللبنانيين الحريصين على أصالتهم ‏العربية وعلاقاتهم مع أشقائهم العرب ، فان التعنت والاستمرار بالمكابرة والتشبث باي ‏موقع وزاري لأسباب سياسية وكيدية يتناقض مع المصلحة اللبنانية ومؤذ للبنانيين داخليا ‏وخارجيا، فلتتقدم المصلحة الوطنية على أي اعتبار اخر تجاه المملكة العربية السعودية ‏والخليج العربي، ولا يمكن لأي فريق لبناني أن يبني لبنان على مقاس مصالحه الخاصة‎”.‎
‎ ‎
اما “#حزب الله” فمضى في تصعيد مواقفه من السعودية ورفضه استقالة الوزير قرداحي ‏والغمز من مواقف الرئيس ميقاتي. وفي هذا السياق قال امس نائب الأمين العام للحزب ‏الشيخ نعيم قاسم: “نقول لبعض المسؤولين في لبنان، خففوا من الانبطاح أمام المتجبرين، ‏لأن هؤلاء لا يرضيهم شيئ، وإذا أعطيتموهم بذلّ، سيطلبون الأكثر، وهم ليسوا على حق، ‏من هنا ندعو إلى معالجة موضوعية، والمسؤولية تقع على السعودية، وعلى كل حال فإن ‏السعودية ليست راضية على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ولا على كل الحكومة، ولم تكن ‏راضية على تشكيل الحكومة السابقة من الرئيس سعد الحريري، وبالتالي لا يرضيها شيء ‏من كل هذا التشكيل القائم، لأن لديها رئيسا للحكومة كانت تريده في لبنان، ولم يتمكن من ‏أن يصل‎”.‎

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *