الرئيسية / صحف ومقالات / النهار: ملامح حلحلة حكومية أم احتواء للضغوط؟
النهار

النهار: ملامح حلحلة حكومية أم احتواء للضغوط؟

على رغم الخشية المبررة والمباغتة التي اثارتها المواجهة الحدودية المريبة في الجنوب في الساعات الثماني والأربعين الماضية وشكلت مؤشرا خطرا لجهة خرق قواعد الاشتباك السائدة منذ نهاية حرب تموز 2006، ليس من المغالاة القول ان خطر الإغراق في التلاعب بمصير الملف الحكومي لا يزال يتقدم الاخطار والمحاذير والمحظورات ويتجاوزها بأشواط لجهة الاخطار والتداعيات التي يرتبها على لبنان.
فلقد ساد لدى بعض الجهات ظن او لعله كان رهانا جديدا، في ان انعقاد مؤتمر الدعم الدولي الثالث للشعب اللبناني بمبادرة متكررة من فرنسا ونجاحه المعقول في جمع “موازنة” للحاجات الأكثر الحاحا من الأغذية والأدوية والحاجات التربوية بقيمة تناهز ال370 مليون دولار لسنة مقبلة سيشكل الحافز الكافي لتحريك استثنائي لعملية تشكيل الحكومة خصوصا بعدما سدد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ضربات قاسية جديدة للطبقة السياسية متهما إياها بالرهان على اهتراء لبنان . وتزامنت عراضة الدعم الدولي الذي نجحت عبره فرنسا في جمع زعماء وممثلي اكثر من أربعين دولة ومنظمة دولية مع تجاوز “يوم الغضب” في 4 آب كل التوقعات وتحوله الى يوم مشهود من أيام التعبير الاحتجاجي الثائر العارم في ذكرى انفجار مرفأ بيروت الامر الذي اطلق رسائل مدوية في اتجاه سلطة وسياسيين استعصت عليهم كل أنواع الضغوط الخارجية والداخلية منذ سنة . كل ذلك سلط الضؤ على نحو غير مسبوق على مسؤولية بعبدا الأساسية في مبارحة سياسة التعطيل واسقاط الشروط الاستعصائية امام اهوال ما يكابده اللبنانيون .
وما فضح واقع السلطة والسياسيين في لبنان امام المجتمع الدولي ان ذكرى انفجار المرفأ استقطبت للبنان تعاطفا قويا وواسعا وانعقد من اجل شعبه مؤتمر دولي شاركت فيه نحو أربعون دولة ومنظمة الدولية كما استبق البابا فرنسيس المؤتمر ووجه نداء مؤثرا للبنان مؤكدا رغبته في زيارته، في حين كان المشهد السياسي الداخلي يجرجر ذيول الإخفاق والمبررات الساقطة وغير المقنعة للمضي في تعطيل تشكيل الحكومة العتيدة . واعتبر المشاركون ان هذا الدعم لا يشكل حلا دائما علما ان العديد من الدول أعلنت انه لا يمكنها الاستمرار في الدعم في ظل عدم تجاوب السلطات اللبنانية لاي من متطلباتها الاصلاحية.
ورحب المشاركون بتكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل حكومة مهمتها انقاذ لبنان وانهاء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي والتحضير للانتخابات النيابية وحدد البيان التدابير المطلوبة وان رفع الدعم يجب ان يحصل بالتزامن مع انشاء شبكة امان اجتماعية، من ضمنها التطبيق الفوري لقرض البنك الدولي وان يكون استعمال السحب الخاص لصندوق النقد الدولي لمعالجة الركود والازمات وفق طريقة شفافة تخضع للمراقبة .

اللقاء الخامس
وغداة يوم احياء ذكرى 4 آب وانعقاد مؤتمر الدعم الدولي الثالث لم يخرج اللقاء الخامس بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي بعد اجتماعهما الخامس بالحد الأدنى المنتظر من رفع منسوب الامل باختراق إستثنائي لكنه على ذمة التسريبات المتفائلة التي أعقبته بدا باجوائه ومداولاته افضل من الاجتماع السابق .
ووفق هذه المعلومات انه خلافاً لاجتماع الاثنين الماضي الذي حصل فيه تباين حول نقاط عدة سجّل في اجتماع امس تقدم بصيغة توزيع الحقائب غير السيادية على نحو قد يكون له انعكاسات ايجابية على توزيع الحقائب السيادية .
وعلم ان اتصالات ستجرى خلال الـ24ساعة المقبلة الفاصلة عن اجتماع اليوم الجمعة للبحث بصيغة تسوية حول الحقائب السيادية وسط اجماع سياسي على ضرورة الاسراع في تذليل العقبات الحكومية. وصيغة التسوية المطروحة والتي لم تحسم بعد هي بإبقاء الحقائب السيادية على توزيعها الطائفي الحالي على ان يكون اختيار اسماء المرشحين لها بالتفاهم بمن فيهم وزير المال المفترض الا يكون على ارتباط بمصرف لبنان وان يكون قادراً على اجراء التدقيق الجنائي المطلوب داخلياً ومن المجتمع الدولي كأحد أبرز الاصلاحات .
بعبدا كما ميقاتي عكسا الاجواء الايجابية بعد الاجتماع . وميقاتي استبعد خيار الاعتذار ونفى رداً على سؤال لدى مغادرته ان يكون رئيس الجمهورية متمسكاً بالمالية او بالداخلية.
ووفق المصادر المطلعة ان ثمة اجماعاً اليوم اكثر من اي وقت مضى على ضرورة الاسراع في تأليف الحكومة والذهاب الى تسوية وتنازلات متبادلة تسهل ولادتها. واليومان المقبلان كفيلان بترجمة ذلك والا فإنها العودة مجدداً الى سيناريو المراوحة والتعطيل.
ونوه ميقاتي بعد اللقاء بان أن “اللقاء كانت له أهمية وخصوصاً بعد ما حصل أمس وأخذنا عبراً منه”، شاكراً “فرنسا والدول على مؤتمر الدعم الدولي، وقال” شددت للرئيس على ضرورة تشكيل حكومة، ونكون نرتكب إثماً كبيراً إذا لم نسرع في ذلك، وتقدّمنا اليوم في المشاورات، ولو كان التقدم بطيئاً لكننا مثابرون ومصرّون على تشكيل الحكومة”. وقال: “أنا أسمع للجميع، ولا انقلابات في لبنان ويجب أن نمرّ بالمراحل الدستورية حتّى الوصول إلى الانتخابات التي ستقرّر المستقبل في البلد، وألتزم نزاهة الانتخابات التي ستحصل”. وأشار الى أن “أيّ كلمة أقولها ستزيد من العراقيل، ولن أقول أي شيء لتفادي “القال والقيل” والعراقيل الإضافية، ولا حقيبة مرتبطة بطائفة أو مذهب دستورياً”.
وأوضح أنّه “لا مهلة دستورياً لرئيس الوزراء المكلف، ولكن قلتُ ما قلتُه سابقاً من حسّي الوطني الذي يقضي بأنه “إذا في حدا غيري بيحب يحمل هيدا الحمل يتفضل”، ولا ألتزم مهلة بل أسعى الى أن تكون هناك حكومة. وقبلتُ التكليف كي أؤلّف و”ما جبت سيرة الاعتذار”، ولكن إذا أصبح الطريق مسدوداً أمامي لإيجاد فريق عمل متجانس للنهضة، فسأخاطب اللبنانيين ولكن لم أرَ أي مشكلة حتى الآن”.
مشيراً الى لقاء آخر اليوم مع الرئيس عون”.

التصعيد جنوبا
وسط هذه الاجواء، احتل التصعيد المفاجئ على الحدود الجنوبية صدارة الاهتمام الرسمي والعسكري والدبلوماسي بعد التطور الخطير الذي تمثل في اطلاق زخة صواريخ على مستوطنة كريات شمونه ورد إسرائيل بقصف مدفعي كثيف ثم باستعمال سلاح الطيران بشن غارة على منطقة ملاصقة للعيشية للمرة الأولى منذ عام 2006 . وبحسب قيادة الجيش تعرضت وادي حامول والسدانة وسهل الماري وخراج راشيا الفخار وسهل الخيام اضافة إلى سهل بلاط إلى قصف بمدفعية الجيش الإسرائيلي وأحصي عدد القذائف بحوالى 92 وذلك بعد اطلاق صواريخ من احدى المناطق الجنوبية باتجاه الاراضي الفلسطينية المحتلة، مما أدى إلى نشوب حريق في بلدة راشيا الفخار. وسيّر الجيش دوريات في المنطقة وأقام عدداً من الحواجز، كما باشر التحقيقات لكشف هوية مطلقي الصواريخ.
وتتم متابعة الوضع مع قوات الامم المتحدة الموقتة في لبنان”. وترأس رئيس بعثة “اليونيفيل” وقائدها العام الحنرال ستيفانو دل كول، أمس، اجتماعا ثلاثيا مع ضباط القوات المسلحة اللبنانية الكبار والجيش الإسرائيلي، في موقع للأمم المتحدة في رأس الناقورة. وافاد بيان لـ”اليونيفيل” انه “في ضوء الصواريخ التي جرى إطلاقها من لبنان ورد إسرائيل بعشرات القذائف والغارات الجوية الإسرائيلية دعا الجنرال دل كول الجانبين إلى “استخدام هذا المنتدى الثلاثي على أكمل وجه، لاستكشاف سبل تعزيز الأمن والاستقرار على طول الخط الأزرق”. وقال: “في هذه الفترة التي تشهد تقلبات إقليمية، يجب أن يحترم جميع الأطراف دور “اليونيفيل” في الارتباط والتنسيق أكثر من أي وقت مضى، ففي أكثر الأوقات صعوبة، عملت هذه الآلية بشكل جيد، والآن حان الوقت لإعادة التزامها وعدم السماح للعابثين بانتهاز الفرص”. وأوضح البيان ان “المناقشات ركزت على الوضع على طول الخط الأزرق، والانتهاكات الجوية والبرية، إضافة إلى قضايا أخرى تدخل في نطاق ولاية “اليونيفيل” بموجب قرار مجلس الأمن الدولي 1701 والقرارات الأخرى ذات الصلة”.
كذلك دعا دل كول الأطراف إلى “العمل على وجه السرعة” لتهدئة التوترات ومنع الانتهاكات ووقف الأعمال العدائية. كما دعا إلى التعاون “الكامل وفي الوقت المناسب” مع “اليونيفيل”، لضمان نجاح جميع التحقيقات الجارية في الحوادث الأخيرة”.
وفيما حذرت الجامعة العربية من مغبة التصعيد في جنوب لبنان، اعتبر رئيس الجمهورية ان “تقديم الشكوى الى الأمم المتحدة خطوة لا بد منها لردع اسرائيل عن استمرار اعتداءاتها على لبنان”.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *