الرئيسية / صحف ومقالات / الشرق الأوسط : اجتماع عون والحريري اليوم يحسم تشكيل الحكومة أو ‏عدمه
الشرق الاوسط

الشرق الأوسط : اجتماع عون والحريري اليوم يحسم تشكيل الحكومة أو ‏عدمه

كتبت صحيفة ” الشرق الأوسط ” تقول : ترفض مصادر سياسية مطلعة الدخول طرفاً في الاجتهادات والتأويلات التي ‏رافقت الاجتماع الذي عُقد بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف ‏بتشكيل الحكومة سعد الحريري والذي خُصّص للتشاور في عملية التأليف بعد ‏انقطاع بينهما استمر ثلاثة أسابيع، وتؤكد لـ”الشرق الأوسط” بأن كل ما قيل ‏حول الأجواء التي سادته لا يمت بصلة إلى المداولات وتبادل الآراء، كاشفة أنه ‏بقي في حدود التمهيد للاجتماع الحاسم الذي يُعقد اليوم بينهما وعلى جدول ‏أعماله بند وحيد يتعلق بالتشاور حول التشكيلة الوزارية التي أعدها الحريري ‏والتي تضم 18 وزيراً، ويتطابق اختيار الوزراء مع المواصفات التي طرحها ‏الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإنقاذ لبنان‎.

ونفت المصادر السياسية كل ما أُشيع فور انتهاء الاجتماع بينهما حول أنهما ‏تبادلا الرأي في أسماء الوزراء المرشحين لدخول الحكومة، وعزت السبب إلى ‏أن عون طلب التمهُّل لإجراء مزيد من المشاورات تمهيداً للاجتماع الحاسم اليوم ‏الذي يتعامل معه الحريري على أنه يُفترض أن يحقق نقلة نوعية باتجاه تسريع ‏ولادة الحكومة لأنه لم يعد من مبرر للانتظار في ظل الظروف الاقتصادية ‏والمالية الخانقة التي يعاني منها السواد الأعظم من اللبنانيين‎.

ويأمل الحريري – كما تقول المصادر نفسها – أن يؤدي التشاور مع عون إلى ‏تفاهم للبدء بعملية الإنقاذ من خلال تشكيل حكومة مهمة من اختصاصيين ‏ومستقلين، خصوصا أنه أعد تشكيلة وزارية يُعتقد بأنها ستُحدث صدمة إيجابية ‏بين اللبنانيين تفتح الباب أمام الاستجابة لمتطلبات الحراك الشعبي وتلتقي مع ما ‏يطرحه ماكرون في هذا الخصوص‎.

كما يأمل في حال توافقه مع عون على التشكيلة الوزارية التي لا يُشتمّ منها ‏رائحة المحاصصة واقتسام الغنائم من خلال التوزيع المتوازن للحقائب على ‏الطوائف اللبنانية أن تمهّد لإخراج لبنان من التأزُّم السياسي وأن تلاقي المجتمع ‏الدولي الداعم لخريطة الطريق الفرنسية لتوفير المساعدات المالية والاقتصادية ‏التي تؤهّل لبنان للدخول في مرحلة التعافي المشروطة بتطبيق رزمة من ‏الإصلاحات‎.‎

وتلفت المصادر السياسية إلى تحرّك الحريري باتجاه عون بأنه يتلازم مع تحرُّك ‏ماكرون الذي لم ينفك عن ملاحقة الأطراف المعنية بتشكيل الحكومة وحشرها ‏في الزاوية لدفعها إلى ترجمة التزاماتها بخطوات عملية تقود إلى تحقيق انفراج ‏يخفف من وطأة الأزمات قبل أن تحل الكارثة، وتقول إن الرئيس الفرنسي لم ‏يترك لحظة إلا ويضغط فيها مستفسراً عن أسباب التلكؤ في تشكيل الحكومة‎.

وتتجنّب استباق الأحكام وتفضّل التريُّث إلى ما بعد انعقاد اللقاء الحاسم اليوم ‏لتقرير مصير مشاورات التأليف التي لم تعد تحتمل التأجيل بذريعة أن هناك ‏ضرورة لتمديدها، خصوصا أن “حزب الله” لن يغيب عنها ويحضر باستمرار ‏من خلال حليفه عون، وكذلك الحال بالنسبة إلى رئيس “التيار الوطني الحر” ‏جبران باسيل‎.

فهل سيلاقي عون الحريري في منتصف الطريق ويتصاعد الدخان الأبيض من ‏مدخنة قاعة الاجتماعات بالإعلان عن التحضير العملي لولادة الحكومة لأن لا ‏مجال للتأخير في ظل تراكم الأزمات التي تحاصر المنظومة السياسية، أم أن هذا ‏اللقاء سينتهي إلى أخذ البلد للمجهول، مع أن الحريري يراهن على أن لا مجال ‏لرفض التشكيلة الوزارية باعتبار أن لا غبار على المرشحين لدخولها ويمكن أن ‏تؤسس للتصالح مع اللبنانيين المنتفضين على تردّي الأوضاع؟‎

وفي هذا السياق، يبقى السؤال عن رد فعل عون ومن خلاله باسيل، خصوصاً ‏إذا ما أصر على أن يكون له الثلث الضامن أو بالأحرى المعطل كما لمح في ‏لقائه التمهيدي مع الحريري أول من أمس وفي ظل ما يتردد بأنه لن يعدّل موقفه ‏ولن يتخلى عن مراعاته لأقصى الحدود لصهره تقيُّداً بما توصّل إليه الفريق ‏السياسي المؤيد له لجهة أن المهمة الأولى لرئيس الجمهورية تكمن في توريثه ‏الزعامة السياسية بعد أن تراجعت حظوظه السياسية، ليس بسبب العقوبات ‏الأميركية المفروضة عليه وإنما لإقحام نفسه في مسلسل من الاشتباكات طالت ‏من حين لآخر حليفه “حزب الله‎”.

لذلك فإنه لا مشكلة تعيق تشكيل الحكومة إذا قرر عون عدم التقيُّد بجدول أعمال ‏باسيل وشروطه السياسية المرفوضة سلفاً من الحريري من جهة، وبالتالي بادر ‏إلى تنعيم موقف “حزب الله” الذي يتبادل وإياه المواقف وبعلم باسيل، مع أن ‏المصادر تعتبر أن الحزب لن يسلّم ما لديه من أوراق بسهولة ويربط موقفه ‏بقرار حليفه النظام الإيراني الذي يفضّل التريُّث في حسم موقفه إلى ما بعد تسلُّم ‏الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن زمام السلطة في 20 يناير (كانون الثاني) ‏المقبل‎.

وعليه، فهل تضيع اليوم الفرصة التي قد تكون الأخيرة لتشكيل الحكومة، أم أن ‏عون سيعيد النظر في حساباته ويقرر ملاقاة الحريري الذي لا يربط تأليفها ‏بزيارة ماكرون الثالثة للبنان أو بتسلُّم بايدن لمقاليد السلطة في البيت الأبيض، ‏علما بأن الحريري ليس في وارد الاعتذار‎.

وأخيراً لا بد من الإشارة إلى أن رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب قرر أن ‏يأخذ وقته قبل أن يحسم أمره بالنسبة إلى ترشيق الدعم لعل تريُّثه يعفيه من اتخاذ ‏قرارات صعبة في حال أن الاتصالات تسارعت لتشكيل الحكومة، إضافة إلى ‏أنه ليس في وارد التوسُّع قليلاً في تصريف الأعمال كما طالب عون في ‏الاجتماع الأخير للمجلس الأعلى للدفاع أو في دعوة مجلس الوزراء للاجتماع ‏في محاولة لتعويم حكومته وذلك استجابة لنصائح أُسديت له بضرورة الخروج ‏من السلطة بأقل قدر من الأضرار السياسية‎.‎

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *